الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
أن ابن عمر سئل عن رجل طاف بالبيت في عمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة، أيأتي امرأته؟ فقال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً، وصلّى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصفا والمروة سبعاً، وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (1).
7 -
حديث ابن عمر أيضاً: أن أحد أصحابه نزل عن راحلته فأوتر ثم أدركه، فقال له ابن عمر: أين كنت؟ قال: خشيت الفجر، فنزلت فأوترت. فقال ابن عمر: أليس لك في رسول الله أسوة حسنة؟ قال: بلى والله. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير (2).
8 -
عن أنس أنه صلّى على حماره لغير القبلة، فلما أنكروا عليه قال:"لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ما فعلته"(3).
فهذه آثار مختلفة، يحتج فيها الصحابة، بأن لنا "في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة" على أن الحكم الشرعي يؤخذ من فعله صلى الله عليه وسلم.
والنوع الثاني:
ما ورد مما لا يكاد يحصى كثرة، من بيان الصحابة للأحكام بنقلهم ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، في طهاراته وصلاته وصيامه وحجه، وفي بيعه وشرائه، ومعاشرته لزوجاته، ومعاملته لأهل الحرب وغيرهم. ويرون ذلك ديناً، وأنه تقوم به الحجة على الناس إذا علموا به. ونحن في غنى عن التمثيل لهذا النوع لكونه لا يخفى على أحد ممن له صلة بفقه السنة النبوية.
هذا وقد ردّ الرازيّ (4) والغزالي (5) الاستدلال بالسنة والإجماع في هذه
(1) حديث ابن عمر في العمرة: رواه البخاري (فتح الباري 3/ 615)
(2)
حديث ابن عمر في الوتر على الراحلة: رواه مسلم 1/ 487 وهو في الموطأ أيضاً في باب صلاة الليل.
(3)
مسلم 1/ 488
(4)
المحصول ق 50 أ.
(5)
المستصفى2/ 51
المسألة. قال الرازي: "هذه أخبار آحاد لا تفيد العلم". وأيضاً: أكثر هذه الأخبار واردة في الصلاة والحج، فلعله صلى الله عليه وسلم كان قد بيّن لهم أن شرعه وشرعهم سواء في هذه الصور. قال صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما تروني (كذا) أصلي". وقال: "خذوا عني مناسككم". اهـ.
والشبهة الأولى التي ذكرها، مردودة بأنّ الأخبار الواردة في ذلك وإن كان كل منها بذاته خبر آحاد، إلا أنها متواترة معنويّاً، لاتفاقها على ذلك المعنى.
والشبهة الثانية مردودة أيضاً، إذ هي دعوى مخالفة للواقع، وخيال لا حقيقة له، فإن أهل العلم والفقه منذ عصر الصحابة، ما زالوا يعتبرون الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في أفعاله ديناً وشرعاً. ولا يخلو كتاب من كتب الفقه المدللة من الاحتجاج بأفعاله صلى الله عليه وسلم في غير الصلاة والحج، كالطهارة، والبيع، والنكاح، والحرب، وغير ذلك. ونُقِل ذلك عن الصحابة فمن بعدهم. وإنكار ذلك مكابرة.
وقد أحسن الآمدي بالإعراض عن هاتين الشبهتين وإغفال ذكرهما.