الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله في ذلك وجيه.
2 -
ولاحظ السرخسي ملاحظة أخرى. وهي أن ما كان واجباً على غيره صلى الله عليه وسلم من أقوال معينة في مواقع معينة، فلا يجوز أن يختص بعدم إيجابه، قال:"فإن معنى الخصوصية هو التخفيف والتوسعة ......... وقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس، وما كان يلحقه حرج في استعمال اللفظ (الواجب) (1) ورد بهذا الأصل قول الشافعي إن انعقاد النكاح بلفظ الهبة خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم".
ونحن نتوسّع في هذه القاعدة، فنقول: كل ما لم يكن فيه حرج على النبي صلى الله عليه وسلم في اختيار من قول أو فعل، فلا يكون خاصاً به، بل هو مشترك.
ويمكن الاستفادة من ذلك أيضاً في رد قول من زعم أن استدباره صلى الله عليه وسلم للكعبة في قضاء الحاجة خاص به، إذ التوجّه إلى الجهات المختلفة سواء من حيث الخفة والثقل. والله أعلم.
عدد الخصائص:
ذكر صاحب كشف الظنون أن السيوطي ذكر في (الخصائص الكبرى) أنه تتبع الخصائص عشرين سنة حتى زادت عنده على الألف. وهو قد قصد أن يكون كتابه: "مستوعباً لما تناقلته أئمة الحديث بأسانيدها المعتبرة،
…
أورد فيه كل ما ورد" (2).
غير أنه لم يلتزم الصحة، إنما التزم أن لا يذكر خبراً في ذلك موضوعاً.
ويفهم من ذلك أنه لم يلتزم ترك الضعيف من الأخبار، فورد في كتابه أخبار ضعيفة كثيرة. بل ادّعى محقق الكتاب (3) أن السيوطي لم يلتزم بشرطه في تنزيه كتابه عن الأخبار الموضوعة (4).
(1) أصول السرخسي 1/ 180
(2)
الخصائص الكبرى 1/ 8
(3)
الشيخ محمد خليل هراس، رحمه الله.
(4)
انظر الخصائص الكبرى 3/ 652 التعليق رقم (2)
وما صحّ الخبر فيه مما أورده، كثيراً ما لا يكون دالاًّ على الاختصاص، كإجابة الدعاء (1)، فالله تعالى يستجيب لمن دعاه من نبي وغيره.
وبعض ما ذكره من الاختصاص دعوى لا سند لها (2).
فلو أن ما جعله من الخصائص عُرِض على ميزان النقد لما ثبت منه في تقديري أكثر من ثلث الألف أو ربعه.
وهذا في الخصائص بصفتها العامة.
أما ما اختصّ به صلى الله عليه وسلم في أحكام أفعاله، فإن بعض فقهاء الشافعية والمالكية ذكروها في مؤلفاتهم في أوائل كتاب النكاح (3)، لما كان كثير من خصائصه صلى الله عليه وسلم هي في باب النكاح.
وأول من استطرد إليها المزني صاحب الشافعي رضي الله عنهما.
وقد ذكرها القرطبي المالكي بالتفصيل، وحصرها في 37 خاصة، قال: إن منها المتفق عليه، والمختلف فيه (4). وذكرها السيوطي، فجعلها 65 خاصة. وذكرها الرملي الشافعي في شرح المنهاج فجعلها 47 خاصة.
ولعلّ ما يصح دليله من كل ما ذكر قريب من خمس عشرة خاصة لا أكثر. منها في الواجبات: التهجد بالليل، وتخيير نسائه.
ومنها في المحرمات تحريم الزكاة عليه وعلى آله، وتحريم أكل الأطعمة الكريهة الرائحة، وتحريم التبدل بأزواجه.
(1) الخصائص الكبرى 1/ 366 - 371
(2)
مثلاً: أنه كلف من العلم ما كلفه الناس بأجمعهم (3/ 264) ولا تجب عليه الزكاة (3/ 287).
(3)
انظر مثلاً من كتب الشافعية: روضة الطالبين للنووي. ونهاية المحتاج، للرملي، على المنهاج، ط الحلبي 1357 هـ 6/ 175 ومن كتب المالكية: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير- كتاب النكاح.
(4)
تفسير القرطبي 14/ 212