الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر" (1).
وجوب الوليمة:
ولابد من عمل وليمة بعد الدخول، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم -عبد الرحمن بن عوف بها، كما تقدم،
ولحديث بريدة بن الحصيب قال: "لما خطب علىُّ فاطمة رضي الله عنها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنه لا بد للعرس من وليمة" (2).
وينبغى أن يلاحظ فيها أمورًا:
الأول: أن تكون ثلاثة أيام عقب الدخول، لأنه هو المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس قال:"تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية، وجعل عتقها صداقها، وجعل الوليمة ثلاثة أيام"(3).
الثاني: أن يدعو الصالحين إليها فقراء كانوا أو أغنياء، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقى (4).
الثالث: أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف:"أولم ولو بشاة"(5).
وعن أنس قال: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة من نسائه ما أولم
(1) صحيح: [ص. ج 2588]، م (1006/ 697/ 2).
(2)
صحيح: [ص. ج 2419]،أ (175/ 205/ 16).
(3)
سنده صحيح: [آداب الزفاف 74]، أخرجه أبو يعلى بسند حسن كما في الفتح (199/ 9)، وهو في صحيح البخاري بمعناه (1559/ 224/ 9). ذكره الألباني.
(4)
حسن: [ص. ج 7341](4811/ 178/13)؛ ت (2506/ 27/ 4).
(5)
سبق.
على زينب، فإنه ذبح شاة" (1).
ويجوز أن تؤدى الوليمة بأي طعام تيسر، ولو لم يكن فيه لحم، لحديث أنس قال:
"أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثًا يبنى عليه بصفية بنت حيي، فدعوت المسلمين إلى وليمته، فما كان فيها من خبز ولا لحم، أمر بالأنطاع (*) فألقى يها من التمر والأقط والسمن، فكانت وليمته"(2).
ولا يجوز أن يخص بالدعوة الأغنياء دون الفقراء، لقوله صلى الله عليه وسلم. "شر الطعام طعام الوليمة، يُمنعها من يأتيها، ويُدعى إليها من يأباها، ومن لم يُجب الدعوة فقد عصى الله ورسولَه"(3).
ويجب على من دُعى إليها أن يحضرها: للحديث السابق، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا دُعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها"(4).
وينبغى أن يجيب ولو كان صائما، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليصلّ. يعني الدعاء"(5).
وله أن يفطر إذا كان متطوعا في صيامه لا سيما إذا ألّح عليه الداعى، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك"(6).
ويستحب لمن حضر الدعوة أمران:
(1) متفق عليه: م (1428 - 90 - / 1049/ 2) وهذا لفظه، خ (5171/ 237 /9)، جه (1908/ 615/ 1).
(2)
متفق عليه: خ (5159/ 224 /9)، وهذا لفظه، م (1365/ 1043/2)، نس (134/ 6).
(3)
متفق عليه: م (1432 - 110/ 1055/ 2)، وهو عند البخاري ومسلم أيضًا عن أبي هريرة موقوفًا عليه: خ (5177/ 244/ 9).
(*) جمع نطع وهو بساط من الجلد، والاقط: لبن مُحَمَّص يُجمد حتى يستحجر ويُطبخ، أو يطبخ به
(4)
متفق عليه: خ (5173/ 240/ 9)، م (1429/ 1052/ 2)، د (3718/ 202/10).
(5)
صحيح: [ص. ج 539]، هق (263/ 7) وهذا لفظه، م (1431/ 1054/ 2)، د (18، 3719/ 203/ 10).
(6)
صحيح: [الإرواء 1955]، م (1430/ 1054/ 2)، د (3722/ 204/ 10).
الأول: أن يدعو لصاحبها بعد الفراغ بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، وهو أنواع:
أ- "اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وبارك لهم فيما رزقتهم"(1).
ب- "اللهم أطعم من أطعمنى، واسق من سقانى"(2).
ج- "أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون"(3).
الأمر الثاني: الدعاء له ولزوجه بالخير والبركة. كما سبق في التهنئة بالنكاح.
ولا يجوز حضور الدعوة إذا اشتملت على معصية، إلا أن يقصد إنكارها ومحاولة إزالتها فإن أزيلت وإلا وجب الرجوع: وفيه أحاديث، منها:
عن عليّ قال: "صنعت طعاما فدعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع [فقلت: يا رسول الله، ما أرجعك بابى أنتَ وأمى؟ قال: إن في البيت سترا فيه تصاوير، وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير"(4)].
وعلى ذلك جرى عمل السلف الصالح رضي الله عنهم:
عن أبي مسعود- عقبة بن عمرو: "أن رجلًا صنع له طعاما، فدعاه، فقال: أفى البيت صورة؟ قال: نعم فأبى أن يدخل حتى كسر الصورة، ثم دخل"(5).
(1) صحيح: [مختصر م 1316]، م (2042/ 1615/ 3)، د (3711/ 951/ 10).
(2)
صحيح: م (2055/ 1625/3).
(3)
صحيح: [ص. ج 1226]، د (3836/ 333/ 10).
(4)
صحيح: [2708]، جه (3359/ 2114/ 2)، وأبو يعلى في مسنده (ق 31/ و 37/ 1 أو 39/ 2) والزيادة له.
(5)
سنده صحيح: [آداب الزفاف 93]، هق (268/ 7).
وقال البخاري (1):"ودعا ابن عمر أبا أيوب، فرأى في البيت سترًا على الجدار. فقال ابن عمر: غلبنا عليه النساء. فقال من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك، فوالله لا أطعم لكم طعاما، فرجع".
ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط، وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور، وفي ذلك أحاديث، منها:
قوله صلى الله عليه وسلم:"أعلنوا النكاح"(2). وقوله صلى الله عليه وسلم: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح"(3).
وعن خالد بن ذكوان قال: قالت: الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء: "جاء النبي صلى الله عليه وسلم يدخل حين بُنى عليّ، فجلس على فراش كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قُتل من آبائى يوم بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال: دعى هذه، وقولى بالذى كنت تقولين"(4).
والسنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا، وقسم، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثًا ثم قسم. هكذا رواه أبو قلابة عن أنس، وقال أبو قلابة: ولو شئت لقلت: إن أنسا رفعه إلى النبي-صلى الله عليه وسلم" (5).
ويجب عليه أن يحسن عشرتها، ويسايرها فيما أحل الله لها، لا سيما إذا كانت حديثة السنّ، وفي ذلك أحاديث، منها:
قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى"(6).
(1)(249/ 9).
(2)
حسن: [ص. جه 1537]، حب (1285/ 313).
(3)
حسن: [ص. جه 1538]، نس (127/ 6)، جه (1896/ 611/ 1)، ت (1094/ 275/ 2) بدون "في النكاح".
(4)
صحيح: [الزفاف 108]، خ (5147/ 202/ 9)، د (4901/ 264/ 13)، ت (1096/ 276/ 2).
(5)
متفق عليه: خ (5214/ 314 /9)، م (1461/ 1084/ 2)، د (2110/ 160/6)، ت (1148/ 303/ 2).
(6)
صحيح: [ص. ج 3266]، ت (3985/ 369/ 5).
وقوله صلى الله عليه وسلم:"أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم"(1).
وقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر"(2).
وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: "ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبّرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، ألا إن لكم على نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن"(3).
ويجب على الرجل العدل بين نسائه في الطعام والسكن والكسوة والمبيت، وسائر ما هو مادّى، فإن مال إلى إحداهن دون الأخرى شمله الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم:"من كانت له امرأتان، يميل مع إحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة واحد شقيه ساقط"(4).
ولا جناح عليه في الميل القلبى؛ لأنه لا يملكه، ولذا قال تعالى:
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه فيما هو مادى، لا يفرق بينهن، ومع ذلك كانت عائشة أحبّهن إليه:
عن عمرو بن العاص "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته
(1) صحيح: [ص. ج 3265]، ت (1172/ 315/2)
(2)
صحيح: [ص. ج 7741]، م (1469/ 1091/ 2). وقوله "لا يفرك": بفتح الياء والراء وإسكان الفاء بينهما، قال أهل اللغة: فركه بكسر الراء يفركه بفتحها إذا أبغضه، والفرك بفتح الفاء وإسكان الراء البغض. (ص. مسلم بشرح النووي ج 10 ص 85 ط. قرطبه).
(3)
حسن: [ص. جه 1501]، ت (1173/ 315/ 2). عوان أي أسيرات.
(4)
صحيح: [ص. جه 1603]، جه (1969/ 633/ 1) وهذا لفظه، د (2119/ 171/6)، ت (1150/ 304/ 2) نس (63/ 7).
(5)
النساء: 129.