الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خير لها وأكرم من طلاقها "وإن أمرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا" وهذا هو الصلح الذي أشرنا إليه.
ثم يعقب على الحكم بأن الصلح إطلاقا خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (1) أهـ.
ثم يحث الرجل على الإحسان إلى هذه المرأة الراغبة فيه ولذا تنازلت عن بعض حقوقها لتبقى في عصمته ويبين أن الله عليم بإحسانه وسيجازيه به فيقول {وَأُحضرِتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنوا وَتَتَّقُوا فَإنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} .
وسبب نزول الآية ذكره أبو داود من حديث هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت عائشة: يا ابن أختى، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفَرِقَت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله، يومى لعائشة، فقبل ذلك صلى الله عليه وسلم منها. قالت: تقول في ذلك أنزل الله عز وجل وفي أشباهها" أراه قال {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} (2)[النساء: 128].
كيف الأمر إذا اشتد الخلاف بين الزوجين
؟
"ذلك- الذي ذكرناه لعلاج نشوز المرأة والرجل- حين لا يستعلن النشوز، وإنما تتقى بوادره فاما إذا كان قد استعلن، فلا تتخذ تلك الإجراءات التي سلفت، إذ لا قيمة لها إذن ولا ثمرة وإنما هى إذن صراع وحرب بين خصمين، ليحطم أحدهما رأس الآخر، وهذا ليس المقصود، ولا المطلوب، وكذلك إذا رئى أن استخدام هذه
(1) الظلال (539/ 2).
(2)
حسن صحيح: [ص. د 1868] ، د (2121/ 172/ 6).
(3)
النساء: 35.
الإجراءات قد لا يجدى، بل سيزيد الشقة بعدا والنشوز استعلانا، ويمزق بقية الخيوط التي لا تزال مربوطة. أو إذا أدى استخدام تلك الوسائل بالفعل إلى غير نتيجة. في هذه الحالات كلها يشير المنهج الإِسلامى الحكيم بإجراء أخير لإنقاذ المؤسسة العظيمة من الانهيار قبل أن ينفض يديه منها ويدعها تنهار:{وَإنْ خِفْتمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا} الآية.
وهكذا لا يدعو المنهج الإِسلامى إلى الاستسلام لبوادر النشوز والكراهية، ولا إلى المسارعة بفصم عقدة النكاح، وتحطيم مؤسسة الأسرة على رؤوس من فيها من الكبار والصغار- الذين لا ذنب لهم ولايد ولا حيلة -فمؤسسة الأسرة عزيزة على الإِسلام، بقدر خطورتها في بناء المجتمع، وفي إمداده باللبنات الجديدة اللازمة لنموه ورقيه وامتداده.
إنه يلجا إلى هذه الوسيلة الأخيرة -عند خوف الشقاق- فيبادر قبل وقوع الشقاق فعلا، ببعث حكم من أهلها ترتضيه، وحكم من أهله يرتضيه، يجتمعان في هدوء، بعيدين عن الانفعالات النفسية، والرواسب الشعورية، والملابسات المعيشية، التي كدرت صفو العلاقات بين الزوجين. طليقين من هذه المؤثرات التي تفسد جو الحياة، وتعقد الأمور، وتبدو -لقربها من نفس الزوجين- كبيرة تغطى كل العوامل الطيبة الأخرى في حياتهما، حريصين على سمعة الأسرتين الأصليتين. مشفقين على الأطفال الصغار بريئين من الرغبة في غلبة أحدهما علي
الآخر -كما قد يكون الحال مع الزوجين في هذه الظروف- راغبين في خيرالزوجين وأطفالهما ومؤسستهما المهددة بالدمار. وفي الوقت ذاته هما مؤتمنان على أسرار الزوجين؛ لأنهما من أهلهما، لا خوف من تشهيرهما بهذه الأسرار، إذ لا مصلحة لهما في التشهير بها، بل مصلحتهما في دفنها ومداراتها.
يجتمع الحكمان لمحاولة الإصلاح، فإن كان في نفس الزوجين رغبة حقيقية في الإصلاح، وكان الغضب فقط هو الذي يحجب هذه الرغبة، فإنه بمساعدة الرغبة القوية في نفس الحكمين يقدر الله الصلاح بينهما والتوفيق: {إِنْ يُرِيدَا