الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخوة الإِسلام: هذه هى حقوق نسائكم عليكم، فالواجب عليكم أن تجتهدوا في أداء هذه الحقوق لهن، وأن لا تألوا جهدًا في ذلك، فإن قيامكم بهذه الحقوق من أسباب سعادتكم في حياتكم الزوجية، ومن أسباب استقرار البيوت وسلامتها وخلوها من المشاكل التي تؤرقكم وتفقدكم الراحة والسكون والمودة والرحمة.
ونذكر النساء بضرورة غض طرفهن عن تقصير أزواجهن في حقهن وأن يقابلن تقصير الرجال بالاجتهاد في خدمتهم، وبذلك تدوم الحياة الزوجية سعيدة.
حق الرجل على المرأة:
إن حق الرجل على المرأة عظيم، بيّن النبي صلى الله عليه وسلم عظمته بقوله: فيما رواه الحاكم وغيره من حديث أبى سعيد "حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدَّت حقه"(1). والمرأة الكيسة الفطنة هى التي تعظّم ما عظم الله ورسوله، وهي التي تقدر زوجها حق قدره: فتجتهد في طاعته لأنّ طاعته من موجبات الجنة، قال صلى الله عليه وسلم:"إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلى الجنة من أي أبوابها شئت"(2) فتأملى أيتها المسلمة كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم -طاعة الزوج من موجبات الجنة كالصلاة والصيام، فالزمى طاعته، واجتنبى معصيته، فإن في معصيته غضب الربّ سبحانه وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسى بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها"(3).
فالواجب عليك أيتها المسلمة أن تدينى لزوجك بالسمع والطاعة في كل ما يأمرك به مما لا يخالف الشرع، واحذرى كل الحذر من الإفراط في الطاعة حتى
(1) صحيح: [ص. ج 3148]، أ (247/ 227/ 16).
(2)
صحيح: [ص. ج 660]، أ (250/ 228/ 16).
(3)
صحيح: [ص. ج 7080]، م (1436 - 121 - /1060/ 2).
تطيعيه في المعصية، فإنك إن فعلت كنت آثمة.
ومن ذلك مثلا: أن تطيعيه في إزالة شعر وجهك تجملًا له، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة (1).
ومن ذلك: أن تطيعيه في ترك الخمار عند الخروج من البيت لأنه يحبّ أن يتباهى بجمالك أمام الناس، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهنّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"(2).
ومن ذلك أن تطيعيه في الوطء في المحيض أو في غير ما أحل الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"من أتى حائضا، أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمَّد"(3). ومن ذلك أن تطيعيه في الظهوِر على الرجال والاختلاط بهم ومصافحتهم، فقد قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدخول على النساء" قيل: يا رسول الله: أفرأيت الحمو (وهو قريب الزوج كأخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه ونحوهم) قال: "الحمو الموت"(5) وقيسى على ذلك كل ما يخالف شرع ربك، فلا تغترى بما يلزمك من الطاعة لزوجك حتى تطيعيه في المعصية، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
2 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تصون عرضه، وتحافظ على شرفها، وأن ترعى ماله وولده وسائر شئون منزله، لقوله تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ ِللْغَيْبِ بِمَا
(1) متفق عليه: خ (4886/ 630/ 8)، م (2125/ 1678/3)، د (4151/ 225/11)، نس (146/ 8)، ت (2932/ 193/ 4)، جه (1989/ 640/ 1).
(2)
صحيح: [ص. ج 3799]، [مختصر م 1388]، م (2128/ 1680/ 3).
(3)
صحيح: [آداب الزفاف 31]، جه (639/ 209/ 1)، ت (135/ 90/ 1) وليس عنده جملة:"فصدقه بما يقول".
(4)
الأحزاب: 53.
(5)
متفق عليه: خ (5232/ 330/9)، م (2172/ 1711/4)، ت (1181/ 318/2).
حَفِظَ اللَّهُ} (1) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والمرأة رأعيه في بيت زوجها ومسؤلة عن رعيتها"(2).
3 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تتزين له وتتجمل، وأن تبتسم في وجهه دائما ولا تعبس، ولا تبدو في صورة يكرهها، فقد أخرج الطبراني من حديث عبد الله ابن سلام قال صلى الله عليه وسلم:"خير النساء من تسرّك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك"(3).
والعجب كل العجب من إهمال المرأة لنفسها في بيتها بحضرة زوجها، وإفراطها في الاهتمام بنفسها وإبداء زينتها عند الخروج من بيتها، حتى صدق فيها قول من قال: قردٌ في البيت وغزال في الشارع فاتق الله يا أمة الله في نفسك وزوجك، فإنه أحق الناس بزينتك وتجملك، وإياك وإبداء الزينة لمن لا يجوز له رؤيتها، فإن هذا من السفور المحرّم.
4 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تلزم بيته فلا تخرج منه ولو إلى المسجد إلا بإذنه، لقوله تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (4).
5 -
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تأذن في بيته إلا بإذنه، لقوله صلى الله عليه وسلم "فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون"(5).
6 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تحفظ ماله، وأن لا تنفق منه إلا بإذنه، لقوله صلى الله عليه وسلم "ولا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها" قيل: ولا الطعام؟ قال: "ذلك أفضل أموالنا"(6).
بل من حق الزوج على زوجته أن لا تنفق من مالها إن كان لها إلا بإذن
(1) النساء: 34.
(2)
جزء من حديث: "الرجل راع
…
" وقد سبق.
(3)
صحيح: [ص. خ 3299].
(4)
الأحزاب: 33.
(5)
هو جزء من حديث سابق، طرفه: "ألا إن لكم على نسائكم حقا
…
".
(6)
حسن: [ص. جه 1859]، ت (2203/ 293/3)، د (3548/ 478/ 9)، جه (2295/ 770/ 2).
زوجها لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس للمرأة أن تنتهك شيئًا من مالها إلابإذن زوجها"(1).
7 -
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعًا وهو شاهد إلا بإذنه، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه"(2).
8 -
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تمنّ عليه، بما أنفقت من مالها في بيتها وعلى عيالها، فإن المنّ يبطل الأجر والثواب، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} (3).
10 -
ومن حق الزوج على زوجته أن ترضى باليسير، وأن تقنع بالموجود، وأن لا تكلفه من النفقة ما لا يطيق، فقد قال تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} (4).
11 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تحسن القيام على تربية أولادها منه في صبر فلا تغضب على أولادها أمامه، ولا تدعو عليهم، ولا تسبّهم، فإن ذلك قد يؤذيه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تؤذى امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا"(5).
12 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تحسن معاملة والديه وأقاربه، فما أحسنت إلى زوجها من أساءت إلى والديه وأقاربه.
13 -
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تمنع منه نفسها متى طلبها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها
(1) أخرجه الألباني في "الصحيحة"(775) وقال: أخرجه تمام في "الفوائد"(10/ 182/ 2) من طريق عنبسة بن سعيد، عن حماد مولى بني أمية عن جناح مولى الوليد عن واثلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
قال: وهذا إسناد ضعيف، لكن للحديث شواهد تدل على أنه ثابت أهـ.
(2)
متفق عليه: خ (5195/ 295/ 9)، م (1026) وشاهد: أي حاضر ..
(3)
البقرة: 264.
(4)
الطلاق: 7.
(5)
ت (1184/ 320/ 2).
الملائكة حتى تصبح" (1) وقال -صلي الله عليه وسلم- "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور" (2).
14 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تكتم سرّه وسرّ بيته، ولا تفشى من ذلك شيئًا، ومن أخطر الأسرار التي تتهاون النساء بإذاعتها أسرار الفراش وما يكون بين الزوجين فيه، وقد نهى النبي -صلي الله عليه وسلم- عن ذلك: فعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها كانت عند النبي -صلي الله علي وسلم- والرجال والنساء قعود، فقال -صلي الله عليه وسلم- "لعل رجلًا يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها" فأرمّ القوم. فقلت: إى والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون. فقال -صلي الله عليه وسلم- "فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك كمثل شيطان لقى شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون"(3).
15 -
ومن حق الزوج على زوجته أن تحرص عليه وتحافظ على الحياة معه، ولا تسأله الطلاق من غير سبب، عن ثوبان رضي الله عنه قال -صلي الله عليه وسلم-:"أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة"(4). وقال صلي الله عليه وسلم: "المختلعات (*) هن المنافقات"(5).
هذه أيتها المسلمة حقوق زوجك عليك، فعليك أن تجتهدى في القيام بها حق القيام، وأن تغضّى الطرف عن تقصير زوجك في حقك، فإنه بذلك تدوم المودة والرحمة، وتصلح البيوت، ويصلح المجتمع بصلاحها.
وعلى الأمهات أن يَعلَمن أن من الواجب عليهن أن يبصّرن بناتهن بحقوق أزواجهن وأن تذكّر كل أم بنتها بهذه الحقوق قبل زفافها، سنة نساء السلف رضي
(1) متفق عليه: خ (5194/ 294/ 9)، م (1436/ 1060 / 2) ، د (2127/ 179 /6).
(2)
صحيح: [ص. ج 534]، ت (1160/ 314/ 2). والتنور: الفرن يخبز فيه.
(3)
صحيح: [آداب الزفاف 72]، أ (237/ 223/ 16).
(4)
صحيح: [الإرواء 2035] ، ت (1199/ 329 /2)، د (2209/ 308/ 6) ، جه (2055/ 662/ 1).
(*) المختلفة: أي التي تطلب أن يطلقها زوجها بفدية من مالها.
(5)
صحيح: [ص. ج 6681] ، [الصحيحة 632] ،ت (1198/ 329/2).
الله عنهن فقد خطب عمرو بن حجر ملك كندة أم إياس بنت عوف الشيبانى، فلما حان زفافها إليه خلت بها أمها أمامة بنت الحارث فأوصتها وصيّة بينت فيها أسس الحياة الزوجية السعيدة وما يجب عليها لزوجها، فقالت:
أى بنيّة: إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، لكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خُلقن ولهن خُلق الرجال.
أي بنيّة: إنك فارقت الجوّ الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا فكونى له أمة يكن لك عبدًا وشيكا. واحفظى له خصالًا عشرًا يكن لك ذخرًا:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرًا، ولا تفشين له سرًا، فإنك إن خالفت أمره أوْغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمنى غدره. ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهمومًا، والكآبة بين يديه إن كان مسرورًا (1).
(ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
(1) فقه السنة (200/ 2).