الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(33) بَابٌ: كَيْفَ غَسْلُ الْمَيِّتِ
؟
3143 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وأَبُو كَامِلٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ زُرَيْعٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ: نَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ حَفْصَةَ أُخْتِهِ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:"مَشَّطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ". [خ 1254، م 939، ت 990، جه 1459، ن 1883، حم 6/ 407]
3144 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، نَا عَبْدُ الأَعْلَى، نَا هِشَامٌ، عن حَفْصةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ:"وَضَفَرْنَا رَأسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا: مُقَدَّمَ رَأْسِهَا وَقَرْنَيْهَا". [خ 1262، م 938]
===
3143 -
(حدثنا أحمد بن عبدة وأبو كامل، أن يزيد بن زريع حدثهم قال: نا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن حفصة أخته) أي أخت محمد بن سيرين، (عن أم عطية قالت: مشطناها) أي فرقنا شعر رأسها بالمشط (ثلاثة قرون).
3144 -
(حدثنا محمد بن المثنى، نا عبد الأعلى، نا هشام، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية قالت: وضفرنا رأسها) أي رأس بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة قرون) أي ثلاث ضفائر، جعلنا قرنيها ضفيرتين وناصيتها ضفيرة (ثم ألقيناها) أي القرون الثلاثة (خلفها) أي على ظهر (مقدم رأسها) بيان للقرون الثلاثة، أي أحد القرون مقدم رأسها وهو ناصيتها (وقرنيها) أي الضفيرتين من جانبي رأسها.
قلت (1): وعندنا (2) الحنفية: يُسْدَلُ شعرُها بين ثدييها من الجانبين جميعًا تحت الخمار، ولا يُسْدَل شعرها خلف ظهرها، وعند الشافعي: يسدل خلف ظهرها، ولنا أن ضفرها ومشطها وإلقاءها خلف ظهرها من باب الزينة،
(1) قال الأُبي في "شرح مسلم"(3/ 341): فيه مشط الرأس وضفره، وبه قال الشافعي وأحمد وابن حبيب، ولم يعرف ابن القاسم الضفر، وقال الأوزاعي والكوفيون: لا يجب مشطه بل يرسل
…
إلخ. [انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 8)]. (ش).
(2)
انظر: "بدائع الصنائع"(2/ 41).
3145 -
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ، نَا خَالِدٌ، عن حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُنَّ في غُسْلِ ابْنَتِهِ: "إِبْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا". [خ 1255، م 938، ت 990، جه 1459، ن 1884]
===
وهذه ليست بحال الزينة، ولا حجة في حديث أم عطية لأن ذلك كان فعلها، وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم علم ذلك.
3145 -
(حدثنا أبو كامل، نا إسماعيل، نا خالد، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهن) أي للنساء الغاسلات (في غسل ابنته: ابدأْنَ بميامنها) أي بغسل ميامنها يعني أعضاء اليمين منها قبل المياسر، (ومواضع الوضوء منها)، أي وابدأن بغسل مواضع الوضوء قبل غسل باقي الأعضاء.
قال الحافظ (1): ليس بين الأمرين تناف لإمكان البداءة بمواضع الوضوء وبالميامن معًا، قال الزين بن المنير: قوله: "ابدأن بميامنها" أي في الغسلات التي لَا وُضوء (2) فيها، انتهى. قلت: لا حاجة إلى تفسير قوله: "بميامنها" بقوله: "التي لا وضوء فيها"، بل ظاهر الكلام معناه: ابدأن بميامنها في غسل أعضاء الوضوء، والأعضاء التي لا وضوء فيها.
ثم قال الحافظ: "ومواضع الوضوء منها"، أي في الغسلة المتصلة بالوضوء، فكأن المصنف أشار بذلك إلى مخالفة أبي قلابة في قوله:"يبدأ بالرأس ثم باللحية"، قال: والحكمة في الأمر بالوضوء تجديد أثر سمة المؤمنين في ظهور أثر الغرة والتحجيل، انتهى.
والمراد بأعضاء الوضوء في غسلها هي الأعضاء التي ذُكِرَت في كتاب الله تعالى، فلهذا لم يدخل المضمضة والاستنشاق ولا مسح الرأس؛ لأنه ليس
(1)"فتح الباري"(3/ 131).
(2)
في الأصل: "التي للوضوء"، وهو تحريف.
3146 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبيْدٍ، نَا حَمَّادٌ، عن أَيُّوبَ، عن مُحَمَّدٍ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ. [خ 1255، م 939، ن 2008، جه 1458، حم 5/ 85]
===
يُغْسَل كما هو مذهب الحنفية، والعجب من صاحب "العون" (1) فإنه قال: وفي هذا رد على من لم يقل باستحباب البداءة بالميامن وهم الحنفية.
وتبع صاحبُ العون في هذا الشوكانيَّ فإنه قال في "النيل"(2) قبل ذلك: وفي هذا رد على من لم يقل باستحباب البداءة بالميامن، وهم الحنفية. وهذا غلط منهما وافتراء على الحنفية ووقاحة عظيمة، فإن الكتب المعتبرة للحنفية كـ "الهداية" و"البدائع" وغيرهما متفقة طافحة بهذه المسألة، ومتفقة على استحباب البداءة بالميامن.
قال في "البدائع"(3): ثم يُوَضَّأُ وضوءَه للصلاة؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للاتي غسلن ابنته: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها"، ولأن هذا سنة الاغتسال في حالة الحياة، فكذا بعد الممات، ثم يضجعه على شقه الأيسر لتحصل البداءة بجانبه الأيمن، إذ السنَّة هي البداءة بالميامن على ما مر، انتهى.
وقال في "الهداية"(4): ثم يضجع على شقه الأيسر، فيغسل بالماء والسدر، حتى يرى أن الماء قد وصل إلى ما يلي التخت منه، ثم يضجع على شقه الأيمن فيغسل، حتى يرى أن الماء قد وصل إلى ما يلي التخت منه، لأن السنَّة هو البداءة بالميامن.
3146 -
(حدثنا محمد بن عبيد، نا حماد، عن أيوب، عن محمد) بن سيرين، (عن أم عطية بمعنى حديث مالك)، وهذا الكلام ذكره توطئة وتمهيدًا
(1)"عون المعبود"(8/ 420).
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 682).
(3)
"بدائع الصنائع"(2/ 26، 27).
(4)
"الهداية"(1/ 88، 89).
(1)
زَادَ في حَدِيثِ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِنَحْوِ هَذَا، وَزَادَتْ فِيهِ:"أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكِ إِنَّ رَأَيْتُنَّ (2) ذَلِكَ".
===
لما بعده، وإلا فقد تقدم في أول الباب من حديث مالك: وقال حماد بن زيد، وقال فيه: المعنى، فلو لم يُحْمَلْ على التوطئة لكان تكرارًا محضًا.
(وزاد) أي أيوب (في حديث حفصة عن أم عطية بنحو هذا) أي بنحو هذا الكلام الذي ذكره في حديث محمد بن سيرين عن أم عطية (وزادت) أي قال أيوب: زادت حفصة (فيه) أي في هذا الحديث: (أو سبعًا أو كثر من ذلك إن رأيتن ذلك).
حاصل هذا الكلام أن غرض المصنف بهذا الكلام بيان الفرق بين حديث أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، وبين حديث أيوب عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية بأن حديث أيوب عن ابن سيرين:"اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك"، فذكر الإكثار فيه قبل الخمس (3)، ولم يذكر السبع.
وأما في حديث حفصة بنت سيرين، عن أم عطية فذكر بعد الخمس سبعًا، ثم ذكر: أو أكثر من ذلك.
ويدل عليه صنيع النسائي في "المجتبى"(4)، فإنه عقد "غسل الميت أكثر من سبعة"، وأخرج فيه أولًا حديث أيوب، عن محمد، عن أم عطية، قال: أخبرنا قتيبة، حدثنا حماد، ثنا أيوب، [عن محمد](5)، عن أم عطية، وفيه فقال:"اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك".
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود".
(2)
في نسخة بدله: "رأيتنه".
(3)
الصواب بدله: بعد الخمس. (ش).
(4)
"سنن النسائي"(1887، 1888، 1889).
(5)
ما بين المعكوفين ساقط في الأصل فزدناه من "سنن النسائي".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثم أخرج حديث أيوب، عن حفصة، عن أم عطية، قال: أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية نحوه، غير أنه قال:"ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك"، ثم قوى حديث حفصة بسند آخر، فقال: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا بشر، عن سلمة بن علقمة، عن محمد، عن بعض إخوته، عن أم عطية قالت:"توفيت ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرنا بغسلها، فقال: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك".
والعجب من الحافظ فإنه مع سعة نظره قال في "الفتح"(1): ولم أرَ في شيء من الروايات بعد قوله: "سبعًا" التعبيرَ بـ "أكثر من ذلك" إلا في رواية لأبي داود، وأما ما في سواها (2) فإما "أو سبعًا" وإما "أو أكثر من ذلك"، فإن الحديث (3) الذي أخرجه النسائي من حديث إسماعيل بن مسعود فيه التعبير "بأكثر من ذلك" بعد قوله:"أو سبعًا"، فلعله غفل عن هذا الحديث.
ثم أقول: إن ما قال صاحب "العون" في شرح هذا الكلام فهو خبط فيه خبط عشواء وركب متن عمياء.
(1)"فتح الباري"(3/ 129).
(2)
ولذا قال الإِمام أحمد: إن قوله "سبعًا" تفسير لقوله: أو أكثر، فكره الزيادة على السبع، قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا قال بأكثر من سبع. [انظر: "فتح الباري" (3/ 129)]، وتوضيح مسالكهم كما في فروعهم عن الحنابلة: يكره الاقتصار على مرة واحدة وإن لم يخرج منه شيء، ويغسل حتى ينقى وترًا ندبًا، ولو جاوز السبع، ويجب إلى السبع لو خرج منه شيء، فلو خرج بعد السبع لا يعاد الغسل. [انظر:"الروض المربع"(1/ 110)]، وفي "روضة المحتاجين": أقله مرة واحدة، والسنة ثلاث، فإن لم ينظف زيد، فإن حصل التنظيف بشفع سن الإيتار، وفي "الشرح الكبير"(1/ 647، 659): سن الإيتار إلى السبع لا بعده، فالتنظيف ولو حصل بشفع، وفي "الشامي" (3/ 89): الواجب مرة، والمسنون ثلاث، وإن نقص أو زاد جاز، وينبغي أن يكون وترًا، كذا في "الأوجز"(4/ 395). (ش).
(3)
قلت: بل هو موجود في رواية البخاري رقم (1259) أيضًا، "الأوجز"(4/ 397). (ش).