الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عن الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَمَى النَّقِيعَ وَقَالَ:"لَا حِمَى إِلَّا للهِ عز وجل". [حم 4/ 71، ك 2/ 61]
(40) بَابُ مَا جَاءَ في الرِّكَازِ وَمَا فِيهِ
3085 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«فِى الرِّكَازِ الْخُمُسُ» (1)[خ 1499، م 1710، ت 1377، ن 2495، جه 2509، حم 2/ 239]
===
عن عبد الله بن عباس، عن الصعب بن جثامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع وقال: لا حمى إلا لله عز وجل وإنما أعاد الحديث بهذا السند؛ لأن في هذا الحديث قوله: "إن النبي صلى الله عليه وسلم" موصول، وبالسند الأول منقطع.
(40)
(بَابُ مَا جَاءَ في الرِّكَازِ وَمَا فِيهِ) من المال، والركاز بكسر الراء قيل: هو الكنز الجاهلي المدفون في الأرض، وقيل يشمل المعدن أيضًا
3085 -
(حدثنا مسدد، نا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة سمعا أبا هريرة يحدث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الركاز الخمس)(2)،
(1) زاد في نسخة:
3086 -
حَدّثَنَا يَحْيَى بنُ أيوبَ، نا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن:"مَالُ الرِّكَازِ الكَنْزُ الْعَادِي"[ق 4/ 155]. قلت: ذكر المزي هذا الحديث في "الأطراف"(18555) ونسبه إلى: يحيى بن معين، عن عباد، عن عشام، عن الحسن، ثم قال: هو في رواية ابن داسة. وقال في الحاشية: "في نسخة: يحيى بن يحيى، وهو خطأ".
(2)
ها هنا خمسة أبحاث ذكرت في "الأوجز"(5/ 570). الأول: في الخمس إجماع، إلا ما روي عن الحسن: أنه في أرض الحرب، وفي الإِسلام الزكاة. الثاني: الفرق بين المعدن والركاز، فعندنا الركاز يشمل المعدن أي المخلوق لله تعالى، والكنز أي المدفون، وعند الجمهور الركاز خاص بمعنى الكنز. الثالث: ثم لم يشترط النصاب =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا قطعة من حديث طويل، ولفظه:"العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس".
واختلفوا في معنى الركاز، فقال مالك والشافعي: الركاز دفن الجاهلية، وقال أبو حنيفة والثوري وغيرهما: إن المعدن ركاز أيضًا، واحتج الأولون بما وقع في الحديث من التفرقة بينهما بالعطف، فإنه جعل المعدن جبارًا، وجعل في الركاز الخمس، فدل هذا العطف بأن الركاز غير المعدن.
قلت: هذا الاحتجاج غير صحيح، فإن المراد بالمعدن حفرته، فإنه إذا وقع فيها إنسان فلا ضمان فيه، والمراد بالركاز المال الذي في المعدن بأن المال المستخرج منها فيه الخمس، فعلى هذا دلالة العطف صحيحة، لأن مدلول أحدهما غير مدلول الآخر، فلا حجة فيه لأحد.
قال في "البدائع"(1): أما المستخرج من الأرض نوعان: أحدهما يسمى كنزًا، وهو المال الذي دفنه بنو آدم في الأرض، والثاني يسمى معدنًا، وهو المال الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم خلق الأرض، والركاز اسم يقع على كل واحد منهما إلا أن حقيقته للمعدن واستعماله للكنز مجازًا.
قال الزيلعي (2): واستدل لنا الشيخ في "الإمام" بحديث أخرجه البيهقي في "المعرفة"(3): عن حبان بن علي، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الركاز الذهب الذي ينبت بالأرض".
= إلا في قول جديد للشافعي. الرابع: ولا عبرة بالحول إجماعًا، وما حكى ابن العربي خلاف الشافعي شاذُّ. الخامس: والمراد منه النقدان عندهما، وكل شيء عند أحمد وإسحاق، والجامد المنطبع عندنا، خمسة أبحاث كما في "الأوجز". (ش).
(1)
"بدائع الصنائع"(2/ 190).
(2)
"نصب الراية"(2/ 380).
(3)
"معرفة السنن والآثار"(3/ 308) رقم (2379).
3087 -
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ، نَا ابْنُ أَبِي فُدَيكٍ، نا الزَّمْعِيُّ، عن عَمَّتِهِ قُرَيْبَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عن أُمِّهَا كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ، عن ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِب بْنِ هَاشِمٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا قَالَتْ: ذَهَبَ الْمِقْدَادُ لِحَاجَتِهِ بِبَقِيعِ (1) الْخَبْجَبةِ
===
قال البيهقي: وروي عن أبي يوسف رحمه الله عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في الركاز الخمس"، وما الركاز يا رسول الله؟ قال:"الذي خلقه في الأرض يوم خلقت". وسكت الشيخ عن علة الحديث، وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال ابن حبان في "كتاب الضعفاء": كان يقلب الأخبار ويهم في الآثار.
3087 -
(حدثنا جعفر بن مسافر، نا ابن أبي فديك، نا الزمعي) هو موسى بن يعقوب بن عبد الله الزمعي، (عن عمته قريبة بنت عبد الله بن وهب) بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى الأسدية، قال في "التقريب": مقبول، (عن أمها كريمة بنت المقداد) بن الأسود الكندية، روت عن أمها ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، وعنها زوجها عبد الله بن وهب بن زمعة، وابنتها قريبة بنت عبد الله، ذكرها ابن حبان في "الثقات".
(عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم أنها أخبرتها) أي روت ضباعة كريمة (قالت) ضباعة: (ذهب المقداد) أي زوجها (لحاجته) أي لقضائها (ببقيع (2) الخبجبة) بفتح أوله وسكون ثانيه، ثم جيم، ثم باء أخرى، بقيع الخبجبة: موضع جاء ذكره في "سنن أبي داود"، والخبجبة: شجر يعرف بها، هكذا في "معجم البلدان"(3). وقال في "القاموس" في مادة
(1) في نسخة: "بقيع".
(2)
وقع في متن الأصل وشرحه: "نقيع"، وهو تحريف، والصواب:"بقيع".
(3)
(1/ 474).
فَإِذَا جُرَذٌ يُخْرِجُ مِنْ جُحْرٍ دِينَارًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُخْرِجُ دِينَارًا دِينَارًا، حَتَّى أَخْرَجَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، ثُمَّ أَخْرَجَ خِرْقَةً حَمْرَاءَ - يَعْنِي فِيهَا دِينَارٌ- فَكَانَتْ (1) ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَهُ، وَقَالَ لَهُ: خُذْ صَدَقَتَهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ هَوَيْتَ إِلَى الْجُحْرِ؟ "، قَالَ (2): لَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بَارَكَ اللهُ لَكَ فَيهَا". [جه 2508]
===
الخبب: الخَبْخَبَةُ: شجر، ومنه بقيع الخبخبة؛ لأنه كان مَنْبِتَها، أو هو بجيمين. وقال في "مجمع البحار" (3): بقيع الخبخبة بفتح خاءين وسكون باء أولى: موضع بناحية المدينة.
(فإذا جرذ) وهو الفأر الذكر الكبير (يخرج من جحر) بالجيم والحاء (دينارًا، ثم لم يزل يخرج دينارًا دينارًا) أي دينارًا واحدًا بعد آخر (حتى أخرج سبعة عشر ينارًا، ثم أخرج خرقة حمراء - يعني فيها دينار- فكانت ثمانية عشر دينارًا، فذهب) أي المقداد (بها) أي بالدنانير (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره) بالقصة (وقال له: خذ صدقتها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل هويت) أي ملت (إلى الجحر) فأخذت منها الدينار؟ قال الخطابي: يدل على أنه لو أخذها من الجحر لكان ركازًا يجب فيها الخمس (قال: لا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيها).
قال في "الدرجات"(4): لا يدل على أنه جعلها له في الحال، ولكنه محمول على بيان الأمر في اللقطة التي إذا عرّفت سنة، ولم تُعرف كانت لآخذها (5).
(1) في نسخة: "فصارت".
(2)
في نسخة: "فقال".
(3)
(2/ 5).
(4)
"درجات مرقاة الصعود"(ص 131).
(5)
كذا في الأصل، وفي "الدرجات": ولم تعرف أنها لمن أخذها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه - رحمه الله تعالى-: قوله: "بارك الله فيها
…
إلخ"، وكان ذلك لقطة إلَّا أن تعريفها كان قريبًا من المتعذر، فإن الفأرة لا يعلم من أين أخذت، والتعريف يتعذر في الأمكنة كلها، فكان الإنفاق على المقداد كإنفاق الفقير لقطة على نفسه بعد تعريفها، وكان المقداد محتاجًا إليها، فرخصه فيها، وإنما برّكه لما علم من قناعته حيث اكتفى بما تيسر، ولم يتبع حرصه في تفتيش المزيد عليه وأما المقداد فإنما لم يهو إلى الجحر لما علم أن إخراج الفأرة هذه الخرقة قال على أنه لم يبق من ماله بقية.
بقي ها هنا شيء، وهو أن بعض الناظرين وجه السؤال عن الإهواء إلى الجحر بأنه لو هوى إلى الأرض لكان ذلك ركازًا، ولوجب فيه الخمس (1)، ولا يفهم لذلك التوجيه وجه، فإن الأمر لم يكن إلى إهوائه إلى الأرض مع أنه قد بين ما وقع من القضية، مع أن المقداد لو أخذه من الجحر لكان في وجود الخرقة دليل على أنه ليس بقديم، إذ لو كان كذلك لما بقيت الخرقة ساعة، ولا يجب الخمس إلا في العادي الذي لا يعرف صاحبه، أو في ما هو مخلوق خلقة، فلم يكن ذلك السؤال إلا لما قلنا من أنه سبر بذلك غور قناعته.
ولعل الوجه فيه: أن الكنز ما يخرجه الإنسان مما كان مدفونًا، واللقطة ما وجده منبوذًا على وجه الأرض، ولكل منهما أحكام خاصة، فلو أنه أخرجه بيده لكان ذلك كنزًا بخلاف ما إذا أخرجته الفأرة، انتهى كلامه.
(1) قلت: فقد قال بذلك ابن العربي في "العارضة"(3/ 140) إذ قال: وهذا الحديث يحتمل تأويلين: أحدهما أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه الكل؛ لأنه ركاز، فالأربعة الأخماس حقه والخمس الواجب فلأنه مصرف له لفقره. والثاني: أنه عليه الصلاة والسلام قال له: هل هويت؟ المعنى أنه لو حاوله بعمد يقضى إليه لكان ركازًا، وإذا لم يعتمد به كانت لقطة قد علم عدم مالكها شرعًا. انتهى. (ش).