الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(35) بابٌ: في الإمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِين
3055 -
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، نَا مُعَاوِيَةُ - يَعْنِى ابْنَ سَلَّامٍ -، عَنْ زَيْدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سلَّام قَالَ: حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ الْهَوْزَنِىُّ قَالَ: لَقِيتُ بِلَالًا مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَلَبَ، فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ حَدِّثْنِى كَيْفَ كَانَتْ نَفَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَىْءٌ، كُنْتُ أَنَا الَّذِى أَلِى ذَلِكَ (1)
===
الكفر، ولهذا تسمى جزيةً، وهي والجزاء واحدٌ، وعقوبة الكفر تسقط بالإِسلام، ولا تقام بعد الموت، ولأن شرع العقوبة في الدنيا لا يكون إلَّا لدفع الشر، وقد اندفع بالموت والإِسلام، ولأنها وجبت بدلًا عن النصرة في حقنا، وقد قدر عليها بنفسه بعد الإِسلام، والعصمة تثبت بكونه آدميًا، والذمي يسكن ملك نفسه، فلا معنى لإيجاب بدل العصمة والسكنى، وإن مات عند تمام السنَّة لم يؤخذ منه في قولهم جميعًا، وكذلك إن مات في بعض السنة، والله أعلم.
(35)
(بابٌ: في الإمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ)(2)
3055 -
(حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، نا معاوية - يعني ابن سلام- عن) أخيه (زيد) بن سلام بن أبي سلام ممطور الحبشي الدمشقي، قال النسائي وأبو زرعة والدارقطني: ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: شامي لا بأس به.
(أنه سمع) جده (أبا سلام قال: حدثني عبد الله) بن لحي (الهوزني قال: لقيت بلالًا مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلب) كورة بالشام (فقلت: يا بلال، حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال) بلال: (ما كان له) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (شيء) من المال، كنت أنا الذي أَلِي) من الولاية، أي أتولى (ذلك) أي النفقة
(1) في نسخة: "ذاك".
(2)
بسط ابن عبد البر في "التمهيد"(10/ 123) الكلام على هذا الباب. (ش).
مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ تعالى حتى (1) تُوُفِّىَ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ (2) مُسْلِمًا (3) فَرَآهُ عَارِيًا، يَأْمُرُنِى فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَقْرِضُ فَأَشْتَرِى لَهُ الْبُرْدَةَ فَأَكْسُوهُ وَأُطْعِمُهُ، حَتَّى اعْتَرَضَنِي (4) رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: يَا بِلَالُ، إِنَّ عِنْدِى سَعَةً فَلَا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا مِنِّي، فَفَعَلْتُ.
فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأْتُ ثُمَّ قُمْتُ لأُؤَذِّنَ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ قَدْ أَقْبَلَ فِى عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ، فَلَمَّا أَنْ رَآنِي، قَالَ: يَا حَبَشِىُّ! قُلْتُ: يَا لَبَّاهُ، فَتَجَهَّمَنِى وَقَالَ لِى قَوْلًا غَلِيظًا، وَقَالَ لِي: أَتَدْرِى كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَرِيبٌ، قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ،
===
(مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ تعالى حتى تُوُفِّىَ) بصيغة المجهول (صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أتاه) أي رجل (مسلمًا فرآه عاريًا) ليس عليه ثوب (يأمرني، فأنطلق فأستقرض، فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه، حتى اعترضني) أي عَرَضَ لي (رجل من المشركين فقال: يا بلال، إن عندي سعة) أي في المال (فلا تستقرض من أحد إلَّا مني، ففعلت) أي استقرضت منه عند الحاجة.
(فَلَمَّا أن كان ذات يوم) ولفظ ذات مقحم (توضأت، ثم قمت لأؤذِّن بالصلاة، فإذا المشرك قد أَقْبَلَ في عصابة) أي جماعة (من التجار، فلما أن رآني قال: يا حبشي، قلت: يا لبَّاه، فَتَجَهَّمَنِي) أي تلقاني بالغلظة (وقال لي قولًا غليظًا، وقال لي: أتدري كم بينك (5) وبين الشهر؟ ) أي شروعه أو تمامه (قال: قلت: قريب، قال: إنما بينك وبينه أربع) أي أربع ليال، فإذا جاء الشهر
(1) في نسخة: "إلى أن".
(2)
زاد في نسخة: "الإنسان".
(3)
في نسخة: "مسلم".
(4)
في نسخة: "اعترض لي".
(5)
ولفظ "الكنز": "كم بيني وبين الشهر". (ش).
فَآخُذُكَ بِالَّذِى عَلَيْكَ، فَأَرُدُّكَ (1) تَرْعَى الْغَنَمَ، كَمَا كُنْتَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ فِى نَفْسِى مَا يَأْخُذُ فِى أَنْفُسِ النَّاسِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِى، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِى أَنْتَ، وَأُمِّى إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِى كُنْتُ أَتَدَيَّنُ مِنْهُ قَالَ لِى كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَا تَقْضِى عَنِّي، وَلَا عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذَنْ لِي أَنْ آبِقَ (2) إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم مَا يَقْضِى عَنِّي.
فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا أَتَيْتُ مَنْزِلِى فَجَعَلْتُ
===
ولم تؤدِّ ما عليك (فآخذك بالذي عليك)(3) من المال (فأردّك) أي عبدًا (تَرْعَى الغَنَمَ كما كنتَ قَبْلَ ذلك).
(فَأَخَذَ في نفسي) من الهمِّ (ما يأخذ في أنفسِ الناس، حتى إذا صليتُ العَتَمَةَ) أي العشاء (رجع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله، فأستأذنت عليه، فأذِنَ لي، قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي) أي أنت مفدّى بهما (إن المشرك الذي كنتُ أَتَدَيَّنُ) أي أستدين وأستقرض (منه قال لي كذا وكذا وليس عندك ما تَقْضِي عني، ولا عندي) ما أقضي به (وهو فاضِحِي، فَأْذَنْ لي أن آبِقَ إلى بعض هؤلاء الأحياء) جمع حي وهي القبيلة (الذين قد أَسْلَموا، حتى يرزق الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ما يقضي عني) من الدَّين.
(فخرجت) أي من بيتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (حتى إذا أتيتُ منزلي، فجعلتُ
(1) في نسخة: "وأردك".
(2)
في نسخة: "فآبق".
(3)
زاد في "الكنز": فإني لم أعطك الذي أعطيتُك من كرامتك، ولا كرامة صاحبك علي، ولكن أعطيتك لأتخذك لي عبدًا فأردُّك
…
إلخ. "كنز العمال"(18615). (ش).
سَيْفِى وَجِرَابِى وَنَعْلِي وَمِجَنِّى عِنْدَ رَأْسِي، حَتَّى إِذَا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْحِ الأَوَّلِ أَرَدْتُ أَنْ أَنْطَلِقَ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يَسْعَى يَدْعُو: يَا بِلَالُ، أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ، فَإِذَا أَرْبَعُ رَكَائِبَ مُنَاخَاتٌ عَلَيْهِنَّ أَحْمَالُهُنَّ، فَاسْتَأْذَنْتُ، فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَبْشِرْ، فَقَدْ جَاءَكَ اللَّهُ بِقَضَائِكَ» ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَمْ تَرَ الرَّكَائِبَ الْمُنَاخَاتِ الأَرْبَعَ؟ "، فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: «إِنَّ لَكَ رِقَابَهُنَّ وَمَا عَلَيْهِنَّ، فَإِنَّ (1) عَلَيْهِنَّ كِسْوَةً (2)
===
سيفي وجِرَابي) وهو وعاء من الجلد يدخل فيه السيف مع غمده، وهو بكسر جيم، والعامة تفتحه، وقيل بهما (ونعلي ومِجَنِّي) أي ترسي (عند رأسي (3)، حتى إذا انشقّ عمودُ الصبح الأول) وهو الفجر الكاذب (أردتُ أن أنطلق، فإذا إنسان يسعى) أي يَعْدُو على رجليه (يدعو: يا بلال، أَجِبْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم) أي يدعوكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (فانطلقتُ) إليه (حتى أتيتُه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإذا أربعُ رَكائِبَ) جمع ركوبة.
قال في "المجمع"(4): الركب: بضم [راء و]، كاف جمع ركاب، وهي الرواحل من الإبل، وقيل: جمع ركوب، وهو ما يركب من كل دابة، والركوبة أخص منه.
(مناخات عليهن أحمالهن، فاستأذنت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشر، فقد جاءك الله تعالى بقضائك) أي بما تقضي به دينك (ثم قال: ألم ترَ الركائب المناخات الأربع؟ فقلت: بلى، فقال: إن لك رقابهن وما عليهن، فإن عليهن كسوة
(1) في نسخة: "وإن".
(2)
في نسخة: "كسوة وطعام".
(3)
استقبلت بوجهي الأفق، فكلما نمتُ ساعةً انتبهتُ، فإذا رأيتُ عليَّ ليلًا نمتُ حتى ينشقّ عمود
…
إلخ. "كنز". (ش).
(4)
"مجمع بحار الأنوار"(2/ 371).
وَطَعَامًا أَهْدَاهُنَّ إِلَيَّ عَظِيمُ فَدَكَ، فَاقْبِضْهُنَّ وَاقْضِ دَيْنَكَ"، فَفَعَلْتُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قاعِدٌ في الْمَسْجِدِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"مَا فَعَلَ مَا قِبَلُكَ؟ " قُلْتُ: قَدْ قَضَى اللَّه تَعَالَى كُلَّ شَيءٍ كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَبْقَ شَئءٌ. قَالَ:"أَفَضَلَ شَيءٌ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "انْظُرْ أَنْ تُرِيحَنِي مِنْهُ (1)، فَإِنِّي لَسْتُ بِدَاخِلٍ
===
وطعامًا أهداهنّ إليَّ عظيم (2) فدك، فاقبضهنّ، واقض دينك، ففعلت، فذكر الحديث) قلت: لم أجد هذا الحديث (3) بتمامه في غير أبي داود (4).
(ثم انطلقتُ إلى المسجد) بعد ما قضيتُ ديني (فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في المسجد، فسلمتُ عليه، فقال: ما فعل) الذي (ما قبلك؟ ) أي من الدين (قلتُ: قد قضى اللهُ تعالى كلَّ شيء كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم) من الدين (فلم يبقَ شيءٌ) أي منه.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَفَضَلَ) أي هل بَقِيَ (شيء) مما كان على الركائب؟ (قلت: نعم، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انظُر) أي في المصارف وأنفقه فيها (أن تُريحني) لإراحتي (منه، فإني لستُ بداخل
(1) في نسخة: "منها".
(2)
والهديَّة إليه صلى الله عليه وسلم مِلك له، وإلى أمير الجيش فيء للمسلمين، كذا في "شرح السير"(4/ 1238)، وبه قال ابن عبد البر كما تقدم. (ش).
(3)
زاد في "كنز العمال"(18615): حططتُ عنهن أحمالهن ثم علفتُهن، ثم قمتُ إلى تأذيني صلاةَ الصبح، حتى إذا صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجتُ إلى البقيع، فجعلت أصبعى في أذنيَّ، فناديتُ، فقلت: من كان يطلبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدينٍ فليحضر، فما زلتُ أبيعُ وأقضي حتى لم يبق على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم دينٌ في الأرضِ، حتى فَضَلَ في يديَّ أوقيتان أو أوقيةٌ ونصف، ثم انطلقتُ إلى المسجد وقد ذهب عامة النهار، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ في المسجد وحدَه، فسلمتُ عليه، فقال: ما فعل ما قبلك؟
…
إلخ. (ش).
(4)
أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(6351)، والطبراني في "الكبير"(1119).
عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي حَتَّى تُرِيحَنِي مِنْهُ"، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْعَتَمَةَ دَعَانِي فَقَالَ: "مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلُكَ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: هُوَ مَعِي لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فبَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الْمَسْجِدِ، وَقَصَّ الْحَدِيثَ.
حَتَّى إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ- يَعْنِي مِنَ الْغَدِ- دَعَانِي قَالَ: "مَا فَعَلَ الَّذِي قِبَلُكَ؟ "، قَالَ قُلْتُ: قَدْ أَرَاحَكَ اللهُ مِنْهُ يَا رَسُولَ الله، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ الله شَفَقًا مِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ وَعِنْدَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَزْوَاجَهُ فَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ امْرَأَةٍ، حَتَّى أَتَى مَبِيتَهُ. فَهَذَا الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ. [ق 9/ 215، حب 6351، طب 1119]
3056 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، نَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا مُعَاوِيةُ
===
على أحد من أهلي حتى تُريحني منه) أي تفرغ قلبي منه بأن تنفقه على مصارفه.
(فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة دعاني فقال: ما فعل الذي قبلك) من المال؟ (قال) بلال: (قلت: هو معي) أي عندي (لم يأتنا أحد، فبات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في المسجد) ولم يدخل (1) على أهله، (وقَصَّ الحديث حتى إذا صلى العتمة -يعني من الغد- دعاني قال: ما فعل الذي قبلك؟ قال: قلت: قد أراحك الله منه يا رسولَ الله) يعني أنفقتُه في مصارفه (فَكَبَّرَ وحَمِدَ الله شفقًا) أي خوفًا (من أن يدركه الموتُ وعنده ذلك) أي المال (ثم اتَّبَعْتُه حتى إذا جاء أزواجَه فَسَلَّمَ على امرأة امرأة) أي كل واحد من النسوة (حتى أتى مَبيتَه، فهذا الذي سألتني عنه)، فهذا الحديث يدل على جواز قبول هدية الكافر.
3056 -
(حدثنا محمود بن خالد، نا مروان بن محمد، نا معاوية
(1) ولفظ "الكنز": فبات في المسجد حتى أصبح، فظلَّ اليوم الثاني حتى كان في آخر النهار جاء راكبان، فانطلقتُ بهما فأطعمتُهما وكسوتُهما، حتى إذا صلَّى العتمة
…
إلخ. (ش).
بِمَعْنَى إِسْنَادِ أَبِي تَوْبَةَ وَحَدِيثِهِ، قَالَ عِنْدَ قَوْلِهِ:"مَا يَقْضِي عَنِّي": فَسَكَتَ عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاغْتَمَزْتُهَا" [انظر سابقه]
3057 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا عِمْرَانُ، عن قَتَادَةَ، عن يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عن عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: أَهْدَيْتُ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ناقَةً، فَقَالَ:"أَسْلَمْتَ؟ "، قُلْتُ (1): لَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنِّي نُهِيتُ عن زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ". [ت 1577، ق 9/ 216، طب 17/ 999]
===
بمعنى إسناد أبي توبة وحديثه، قال عند قوله:"ما يقضي عني": فَسَكَتَ عني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاغتمزتُها) أي ما ارتضيت تلك الحالة وأنكرتها.
3057 -
(حدثنا هارون بن عبد الله، نا أبو داود، نا عمران، عن قتادة، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن عياض بن حمار قال: أهديتُ للنبي صلى الله عليه وسلم ناقةً، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أسلمتَ؟ ) بتقدير حرف الاستفهام (قلت: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني نُهِيتُ عن زَبْدِ (2) المشركين) الزبد: بفتح الزاي وسكون الموحدة بعدها دال: العطاء والرفد.
قال في الحاشية: قال "الخطابي"(3): يشبه أن يكون هذا الحديث منسوخًا، لأنه عليه الصلاة والسلام قَبِلَ هدية غير واحد من المشركين، أهدى المقوقس مارية والبغلة، وأهدى له أكيدر دومة، فقبل منهما، وقيل: إنما رد هديته ليغيظه بردها فيحمله ذلك على الإِسلام، وقيل: ردها، لأن للهدية موضعًا من القلب، وروي:"تهادوا تحابوا"، ولا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم أن يميل بقلبه إلى مشرك، فردها قطعًا لسبب الميل، وليس ذلك لقبول هدية مقوقس وأكيدر
(1) في نسخة: "فقلت".
(2)
ذكر العيني (9/ 436) له وجوهًا، وقال في "شرح السير" (4/ 1237): قال ذلك لما ظهر منهم مجاوزة الحد في طلب العوض، انتهى. (ش).
(3)
انظر: "معالم السنن"(3/ 41)، و"عمدة القاري"(9/ 436).