المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(20) باب: في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١٠

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(12) أَوَّلُ كِتَابِ الْوَصَايَا

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَجُوزُ لِلْمُوصِي في مَالِهِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَّةِ الإضْرَارِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّخُولِ في الْوَصَايَا

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِين

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ

- ‌(7) بَابُ مُخَالَطَةِ الْيَتِيمِ فِي الطَّعَامِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا لِوَلِيّ الْيَتِيمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ مَتَى يَنْقَطِع الْيُتْم

- ‌(10) بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ

- ‌(11) بَابُ مَا جَاءَ فِي الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَهَبُ الْهِبَةَ ثُمَّ يُوصَى لَهُ بِهَا أَوْ يَرِثُهَا

- ‌(13) بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُوقِفُ الْوَقْفَ

- ‌(14) بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(15) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ عن غَيْرِ وَصِيَّة يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(16) بَابُ مَا جَاءَ فِي وَصِيَّةِ الْحَرْبِيّ يُسْلِمُ وَليُّه أَيَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِذَهَا

- ‌(17) بَابُ مَا جَاءَ في الرَّجُلِ يموتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَة وَفَاء يُسْتَنْظَرُ غُرَمَاؤُهُ وَيُرْفَق بِالْوَارِثِ

- ‌(13) أَوَّلُ كِتَابِ الْفَرَائِضِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ

- ‌(2) بَابٌ: في الْكَلَالَةِ

- ‌(3) بَابُ مَنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أَخَوَات

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ فِي مِيرَاثِ الصُّلْبِ

- ‌(5) بَابٌ: فِي الْجَدَّةِ

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّ

- ‌(7) بَابٌ: فِي مِيرَاثِ الْعَصَبَة

- ‌(8) بَابٌ: فِي مِيرَاثِ ذَوِي الأَرْحَامِ

- ‌(9) بَابُ مِيرَاثِ ابْنِ الْمُلَاعَنَة

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِر

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ

- ‌(12) بَابٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُل

- ‌(14) بَابٌ: فِي بَيْعِ الْوَلَاءِ

- ‌(15) بَابٌ: فِي الْمَوْلُودِ يَسْتَهِلُّ ثُمَّ يَمُوت

- ‌(16) بَابُ نَسْخِ مِيرَاثِ الْعَقْدِ بِمِيرَاثِ الرَّحِمِ

- ‌(17) بَابٌ: فِي الْحِلْفِ

- ‌(18) بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌(14) أَوَّلُ كتَابِ الْخَرَاجِ وَالْفَيْء والإمَارَةِ

- ‌(1) بَابُ مَا يَلْزَمُ الإمَامُ مِنْ حَقّ الرَّعِيَّةِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في طَلَبِ الإمَارَةِ

- ‌(3) بَابٌ: فِي الضَّرِيرِ يُوَلَّى

- ‌(4) بَابٌ: فِي اتِّخَاذِ الْوَزِيِرِ

- ‌(5) بَابٌ: فِي الْعِرَافَة

- ‌(6) بَابٌ: فِي اتِّخَاذِ الْكَاتِبِ

- ‌(7) بَابٌ: فِي السِّعَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ

- ‌(8) بَابٌ: فِي الْخَلِيفَةِ يَسْتَخْلِفُ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَيْعَةِ

- ‌(10) بَابٌ: فِي أَرْزَاقِ الْعُمَّالِ

- ‌(11) بَابٌ: فِي هَدَايَا الْعُمَّال

- ‌(12) بَابٌ: فِي غُلُولِ الصَّدَقَةِ

- ‌(13) بَابٌ: فِيمَا يَلْزَمُ الإمَامَ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ

- ‌(15) بَابٌ: فِي أَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ

- ‌(16) (بَابٌ: مَتَى يُفْرَضُ لِلرَّجُلِ فِي الْمُقَاتِلَةِ

- ‌(17) بَابٌ: فِي كَرَاهِيَةِ الافْتِرَاضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌(18) بَابٌ: فِي تَدْوِينِ الْعَطَاءِ

- ‌(19) بَابٌ: فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوَالِ

- ‌(20) بَابٌ: فِي بَيَانِ مَوَاضِع قَسْمِ الْخُمُسِ وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى

- ‌(21) بَابُ مَا جَاءَ فِي سَهْمِ الصَّفِيِّ

- ‌(22) بَابٌ: كَيْفَ كَانَ إِخْرَاجُ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌(23) بَابٌ: فِي خَبَرِ النَّضِيرِ

- ‌(24) بَابُ مَا جَاءَ فِي حُكْمِ أَرْضِ خَيْبَر

- ‌(25) بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ مَكَّة

- ‌(26) بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ الطَّائِفِ

- ‌(27) بَابُ مَا جَاءَ فِي حُكْمِ أَرْضِ الْيَمَنِ

- ‌(28) (بَابٌ: فِي إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ)

- ‌(29) بَابٌ: فِي إِيقَافِ أَرْضِ السَّوَاد وَأَرْضِ الْعَنْوَة

- ‌(30) بَابٌ: في أَخْذِ الْجِزيةِ

- ‌(31) بابٌ: في أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ

- ‌(32) بابٌ: في التَّشْدِيدِ في جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ

- ‌(33) بَابٌ: في تَعْشِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَة

- ‌(34) بَابٌ: في الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ في بَعْضِ السَّنَةِ هَلْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ

- ‌(35) بابٌ: في الإمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِين

- ‌(36) (بَابٌ: في إِقْطَاعِ الارَضِينَ)

- ‌(37) بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌(38) (بَابُ مَا جَاءَ في الدُّخُولِ في أَرْضِ الْخَرَاجِ)

- ‌(39) بَابٌ: في الأَرْضِ يَحْمِيهَا الإمَامُ أَوِ الرَّجُلُ

- ‌(40) بَابُ مَا جَاءَ في الرِّكَازِ وَمَا فِيهِ

- ‌(41) بَابُ نَبْشِ الْقُبُورِ الْعَادِيَّةِ

- ‌(15) أَوَّلُ كتَابِ الْجَنَائِزِ

- ‌(1) بَابُ الأَمْرَاضِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ

- ‌(2) [بَابٌ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أوْ سَفَرٌ]

- ‌(3) بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاء

- ‌(4) بَابٌ: في الْعِيَادَةِ

- ‌(5) بَابٌ: في عِيَادَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌(6) بَابُ الْمَشْيِ في الْعِيَادَةِ

- ‌(7) بَابٌ: في فَضْلِ الْعِيَادَةِ

- ‌(8) بَابٌ: في الْعِيَادَةِ مِرَارًا

- ‌(9) بَابُ الْعِيَادَةِ مِنْ الرَّمَدِ

- ‌(10) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الطَّاعُون

- ‌(11) بَابُ الدُّعَاءِ لِلمَرِيضِ بِالشِّفَاءِ عِنْدَ العِيَادَةِ

- ‌(12) بَابُ الدُّعَاءِ لِلمَرِيضِ عِنْدَ الْعِيَادَةِ

- ‌(13) بَابُ كَرَاهِيَّةِ تَمَنِّي الْمَوْت

- ‌(14) بابٌ: في الْفَجْأةِ

- ‌(15) بابٌ: في فَضْلِ مَنْ مَاتَ بِالطَّاعُون

- ‌(16) بَابُ الْمَرِيضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَعَانَتِهِ

- ‌(17) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ عِنْدَ الْمَوْت

- ‌(18) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَطْهِيرِ ثيَابِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(19) بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنَ الْكَلَامِ

- ‌(20) بابٌ: في التَّلْقِين

- ‌(21) بَابُ تَغْمِيضِ الْمَيِّت

- ‌(22) بَابٌ: في الاسْتِرْجَاعِ

- ‌(23) بابٌ: في الْمَيِّتِ يُسَجَّى

- ‌(24) بَابُ الْقِرَاءَة عِنْدَ الْمَيِّتِ

- ‌(25) (بَابُ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ)

- ‌(26) (بابُ التَّعْزِيَةِ)

- ‌(27) (بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الْمُصِيْبَةِ)

- ‌(28) بَابٌ: في الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(29) بابٌ: في النَّوْحِ

- ‌(30) بَابُ صُنْعَةِ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّت

- ‌(31) بَابٌ: في الشَّهِيدِ يُغَسَّل

- ‌(33) بَابٌ: كَيْفَ غَسْلُ الْمَيِّتِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْكَفَنِ

- ‌(35) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الْمُغَالَاةِ في الْكَفَنِ

- ‌(36) بابٌ: في كَفَنِ الْمَرْأَةِ

- ‌(37) بَابٌ: في الْمِسْكِ لِلمَيِّتِ

- ‌(38) بَابُ تَعْجِيلِ الْجَنَازَةِ

- ‌(39) بَابٌ: في الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(40) بَابٌ: في تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

- ‌(41) بَابٌ: في الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ

- ‌(42) بَابٌ: في الْمَيِّتِ يُحْمَلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ

- ‌(43) (بَابٌ: في الصَّفِّ عَلَى الْجَنَازَةِ)

- ‌(44) بَابُ اتِّباع النِّسَاءِ الْجَنَازَةَ

- ‌(45) بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ

- ‌(46) بَابٌ: في اتِّباع الْمَيِّتِ بِالنَّارِ

- ‌(47) بَابُ الْقِيَامِ لِلجَنَازَةِ

- ‌(48) بَابٌ: الرُّكُوبِ في الْجَنَازَةِ

- ‌(49) بَابُ الْمَشْي أَمَامَ الْجَنَازَةِ

- ‌(50) بَابُ الإسْرَاعِ بِالْجَنَازَةِ

- ‌(51) (بَابُ الإمَامِ يُصَلِّي عَلَى مَنْ قتَلَ نَفْسَهُ)

- ‌(52) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قتلَتْهُ الْحُدُودُ

- ‌(53) بَابٌ: في الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌(54) بَابُ الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(55) (بابُ الدَّفَنِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغرُوبِهَا)

- ‌(56) بابٌ إِذَا حَضَرَ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَنسَاءٍ مَنْ يُقَدَّم

- ‌(57) بابٌ: أَيْنَ يَقُومُ الإمَام مِنَ الْمَيِّتْ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِ

- ‌(58) بَابُ التكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ

- ‌(59) بَابُ مَا يُقْرَأ عَلَى الْجَنَازَةِ

- ‌(60) بَابُ الدُّعَاءِ لِلمَيِّتِ

- ‌(61) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(62) باب الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَمُوتُ في بِلَادِ الشّرْكِ

- ‌(63) بَابٌ في جَمْعِ الْمَوْتَى في قَبْرٍ، وَالْقَبْرُ يُعْلَمُ

- ‌(64) بَابٌ: في الْحَفَّارِ يَجِدُ الْعَظْمَ، هَلْ يَتَنكَّبُ ذَلِكَ الْمَكَان

- ‌(65) بَابٌ: في اللَّحْدِ

- ‌(66) بَابٌ: كمْ يدخلُ الْقَبْر

- ‌(67) (بابٌ: كيْفَ يُدْخَلُ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ

- ‌(68) بَابٌ: كَيْفَ يَجْلِسُ عِنْدَ الْقَبْرِ

- ‌(69) بَابٌ: في الدُّعَاء لِلمَيِّتِ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ

- ‌(70) بَابُ الرَّجُلُ يَمُوتُ لَهُ قَرَابَةٌ مُشْرِكٌ

- ‌(71) بَابٌ: في تَعْمِيقِ الْقَبْرِ

- ‌(72) بَابٌ: في تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ

- ‌(73) بَابُ الاسْتِغْفَار عِنْدَ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ في وَقْتِ الانْصِرَافِ

- ‌(74) بَابُ كَرَاهِيَةِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ

- ‌(75) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ حِينٍ

- ‌(76) بابٌ: في الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(77) بَابٌ: في كرَاهِيَةِ الْقُعُود عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(78) بَابُ الْمَشْي بَيْنَ الْقُبُورِ في النَّعْلِ

- ‌(79) بابٌ: في تَحْوِيلِ الميِّتِ مِنْ مَوْضِعِهِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ

- ‌(80) بَابٌ: في الثَّناءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(81) بَابٌ: في زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(82) بابٌ: في زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ

- ‌(83) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا مَرَّ بِالْقبور

- ‌(84) بَابٌ: كيْفَ يُصْنعُ بِالْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ

- ‌(16) أوَّلُ كتاب الأيمان والنذور

- ‌(1) بَابُ التَّغْلِيظِ في الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ

- ‌(2) بَابٌ: فِيمَنْ حَلَفَ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(3) (بابُ مَا جَاءَ فِي تَعْظِيم الْيَمِين عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(4) بَابُ الْيَمِينِ بِغَيْرِ الله

- ‌(5) [بَابٌ: في كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالآبَاءِ]

- ‌(6) بَابٌ: في كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالأَمَانَةِ

- ‌(7) بَابُ الْمَعَارِيضِ في الأَيْمَان

- ‌(8) (بَابُ مَا جَاءَ في الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مِلَّةِ غَيْرِ الإسْلَامِ)

- ‌(9) بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ

- ‌(10) بَابُ الاسْتِثْنَاءِ في الْيَمِينِ

- ‌(11) بَابُ مَا جَاءَ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا كانَتْ

- ‌(12) بَابُ الْحِنْثِ إِذَا كَانَ خَيْرًا

- ‌(13) بَابٌ: في الْقَسَمِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا

- ‌(14) بَابٌ: في الْحَلْفِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا

- ‌(16) بَابٌ: في الرَّقْبَةِ الْمُؤْمِنَةِ

- ‌(17) (بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ)

- ‌(18) بَابُ النَّذْرِ في الْمَعْصِيَةِ

- ‌(19) بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ كفَّارَةً إِذَا كَانَ في مَعْصِيَةٍ

- ‌(20) بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي في بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(21) بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(22) (بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ وَفَاءِ النَّذْرِ)

- ‌(23) بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ

- ‌(24) بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ

- ‌(25) بَابُ نَذْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَدْرَكَ الإسْلَام

- ‌(26) بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ

- ‌(27) بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌(28) بَابٌ: فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَا يَأكلُهُ

- ‌(29) بَابُ الْيَمِينِ في قَطِيعَةِ الرَّحِمِ

- ‌(30) (بَابُ الْحَالِفِ يَسْتَثْنِي بَعْدَ مَا يَتَكَلَّمُ)

- ‌(31) بابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ

الفصل: ‌(20) باب: في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى

(20) بَابٌ: فِي بَيَانِ مَوَاضِع قَسْمِ الْخُمُسِ وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى

2978 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ، نَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عن يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عن الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمسَيَّب قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: أَنَّهُ جَاءَ هُوَ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يُكَلِّمَانِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَسَمَ مِنَ الْخُمُسِ بَيْنَ (1) بَنِي هَاشِم وَبَنِي الْمُطَّلِب، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَسَمْتَ لإخْوَانِنَا (2) بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا، وَقَرَابَتُنَا وَقَرَابَتُهُمْ مِنْكَ وَاحِدَةٌ،

===

(20)

(بَابٌ فِي بَيَانِ مَوَاضِعِ (3) قَسْمِ الْخُمُسِ وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى)

عطفَ على الخمس

2978 -

(حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري قال) أي الزهري: (أخبرني سعيد بن المسيب قال) أي سعيد: (أخبرني جبير بن مطعم: أنه) أي جبير بن مطعم (جاء هو وعثمان بن عفان يكلِّمان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيما قَسَمَ من الخُمُسِ بين بني هاشم وبني المطلب) ولم يُعْطِ بني نوفل ولا لبني عبد شمس.

(فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَسَمْتَ لإخواننا بني المطلب ولم تُعْطِنَا شيئًا، وقرابتُنا وقرابتُهم منك واحدة)، فإن عثمان من بني عبد شمس، وجبير بن مطعم

(1) في نسخة: "في بني هاشم".

(2)

في نسخة: "لإخوتنا".

(3)

ذكر الحافظ (6/ 239) فيه ستة مذاهب، وذكر ابن رشد في "البداية"(1/ 390) أكثر منها، وفي "المغني" (9/ 287): يقسم على خمسة، وبه قال الشافعي، وقيل: على ستة، فسهمه تعالى لأهل الحاجة، وقيل: للكعبة، وقال أهل الرأي: على ثلاثة، وقال مالك: على رأي الإِمام. (ش).

ص: 164

فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيءٌ وَاحِدٌ".

قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ (1) مِنْ ذَلِكَ الْخُمُسِ، كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِب، قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

===

من بني نوفل، وعبد شمس ونوفل أخوان لهاشم بن عبد مناف، كما أن المطلب (2) أيضًا أخو هاشم بن عبد مناف.

وفي رواية: "فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هؤلاء بنو هاشم لا نُنكِرُ فضلَهم للموضع الذي وضعك به الله منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتَهم وتركتَنا".

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) أي لم يتفرقا لا في جاهلية ولا في إسلام، وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل فإنهما افترقا من بني هاشم، وذلك أن كفار قريش لما تَحَالفوا على بني هاشم، وكَتَبُوا الكتاب أن لا يُنَاكِحُوْهُم ولا يُبَايِعُوْهُم، دَخَلَ بنو المطلب مع بني هاشم، وخرج بنو عبد شمس وبنو نوفل، فدخلوا مع كفار قريش في حلفهم، وفارقوا بني هاشم.

(قال جبير: ولم يَقْسِمْ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من ذلك الخمس، كما قَسَمَ لبني هاشم وبني المطلب، قال) أي الزهري، قال الحافظ (3): وهذه الزيادة بَيَّنَ الذهلي في "جمع حديث الزهري" أنها مدرجة من كلام الزهري (وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخُمُسَ نحوَ قسمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أنه لم يكن يُعْطِي قربى) أي أهل قرابة (رسولِ الله صلى الله عليه وسلم) ولعله لا يُعطيهم لأنه رآهم

(1) زاد في نسخة: "شيئًا".

(2)

بل المطلب أخو هاشم لأبيه فقط، وهما لأبيه وأمه، فهما أقرب، كذا في "الشامي"(6/ 238). (ش).

(3)

"فتح الباري"(6/ 246).

ص: 165

مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهِمْ. قَالَ: فَكَانَ (1) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ. [خ 3140، جه 2881، ن 4136]

2979 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَن الزُّهْرِيِّ، عن سعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: نَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِم: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا لِبَنِي نَوْفَلٍ مِنَ الخُمُسِ شَيْئًا، كَمَا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُ الْخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا كَانَ يُعْطِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِمْ وَمَنْ كَانَ بَعْدَهُ مِنْهُ". [انظر سابقه]

===

أغنياء في وقته، ورأى غيرهم أحوج إليه منهم (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعْطِيهم، قال) أي الزهري: (فكان عمر بن الخطاب يُعْطِيهم منه) وكذا يُعطيهم (عثمانُ بَعْدَه) أي بعد عمر بن الخطاب.

وهذا الحديث يخالفه فيما يأتي قريبًا من حديث عليٍّ يقول: اجتمعتُ أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة، الحديث، وسيبحث فيه هناك.

2979 -

(حدثنا عبيد الله بن عمر، ثنا عثمان بن عمر قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: نا جبير بن مطعم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَقْسِمْ لبني عبد شمس، ولا لبني نوفل من الخمس شيئًا، كما قَسَمَ لبني هاشم وبني المطلب، قال) أي الزهري (2): (وكان أبو بكر يَقْسِمُ الخُمُسَ نحو قسمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن يُعْطِي قُرْبى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، كما كان يُعْطِيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده) وهو عثمان (منه) أي من الخمس.

(1) في نسخة: "وكان".

(2)

هذه الزيادة مدرجة من كلام الزهري، كذا في "الفتح"(6/ 246). (ش).

ص: 166

2980 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا هُشَيْمٌ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن الزُّهْرِيِّ، عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ (1) وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِب، وَتَرَكَ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّاَنَ حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِيَّ (2) صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ (3) فَضْلَهُمْ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَكَ اللَّهُ بِهِ مِنْهُمْ، فَمَا بَالُ إِخْوَانِنَا بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَتَرَكْتَنَا، وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَةٌ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّا وَبَني (4) الْمُطَلِّبِ لَا نَفْتَرِقُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ، وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ شَيءٌ وَاحِدٌ"، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ عليه السلام. [ن 4137، حم 4/ 81]

===

2980 -

(حدثنا مسدد، نا هشيم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم قال: لما كان يوم خيبر وَضَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب، وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فانطلفتُ أنا وعثمانُ بنُ عفان حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، هؤلاء بنو هاشم لا نُنْكِرُ فَضْلَهم للموضع الذي وَضَعَك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أَعْطَيْتَهم وتَرَكْتَنا، وقرابتنا) أي منك (واحدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا وبني المطلب لا نَفْتَرِقُ في جاهليةٍ ولا إسلامٍ) بل نحن متحدان في الجاهلية والإِسلام (وإنما نحن وهم) أي بنو المطلب (شيء واحدٌ، وشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعه عليه السلام أي أدْخَلَ إحدى أصابعِ يَدِه في الأخرى، أي متداخل بعضهم في البعض.

(1) في نسخة بدله: "حنين".

(2)

في نسخة بدله: "رسول الله".

(3)

في نسخة: "لا ينكر".

(4)

في نسخة: "بنو".

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومذهب الحنفية في ذلك ما قَال في "الهداية"(1): أما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم: سَهْمٌ لليتامى، وسَهْمٌ للمساكين، وسَهْمٌ لابن السبيل، يدخل فقراء ذوي القربى فيهم، ويقدّمون على غيرهم؛ لأن غيرهم من الفقراء يتمكنون من أخذ الصدقات، وذوو القربى لا تحل لهم، وهذه الثلاثة مصارف الخمس عندنا لا على سبيل الاستحقاق، حتى لو صرف إلى صنف واحد منهم جاز كما في الصدقات.

وقال الشافعي رحمه الله: لذوي القربى خمس الخمس يستوي فيه غَنِيُّهم وفقيرُهم، وبقول الشافعي قال أحمد، وعند مالك الأمر مفوض إلى رأي الإِمام إن شاء قسم بينهم، وإن شاء أعطى بعضهم دون بعضهم، وإن شاء أعطى غيرهم إن كان أمر غيرهم أهم من أمرهم.

ويقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم من القرابات، ونحن نوافقه على أن القرابة المرادة هنا تخص بني هاشم وبني المطلب، فالخلاف في دخول الغنيِّ من ذوي القربى وعدمه، وقال المزني والثوري: يستوي فيه الذكرُ والأنثى، ويدفع للقاصي والداني.

له إطلاق قوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى} بلا فصل بين الغنيِّ والفقير، بخلاف اليتامى فإنهم يشترطون فيهم الفقر مع تحقق الإطلاق كقولنا.

ولنا: أن الخلفاء الراشدين قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلنا، وكفى بهم قدوةً، ثم إنه لم ينكر عليهم ذلك أحد مع علم جميع الصحابة بذلك وتوافرهم، فكان إجماعًا منهم على ذلك، وبه تَبَيَّنَ أن ليس المراد من (2) ذوي القربى قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا يُظَنُّ بهم مخالفة كتاب الله

(1)(1/ 390).

(2)

بل قرابة النصرة في زمان هجر قريش إياهم، كما بسطه في هامش الزيلعي. [انظر:"نصب الراية"(3/ 425)]. (ش).

ص: 168

2981 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ،

===

تعالى، ومخالفة رسوله عليه الصلاة والسلام في فعله ومنع الحق عن المستحق، وكذا لا يُظَنُّ بمن حضرهم من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - السكوت عَمَّا لا يحلّ مع ما وَصَفَهم الله تعالى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وكذا ظاهر الآية الشريفة يدل عليه؛ لأن اسم "وذوي القربى" يتناول عموم القرابات، ألا ترى إلى قوله تعالى:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} (1)، لم يفهم منه قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، وكذا قوله:{الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (2) لم ينصرف إلى قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وما روي أنه قسم عليه الصلاة والسلام الخُمُسَ على خمسة أسهم، فأعطى ذا القربى سهمًا، فنعم، لكن الكلام في أنه أعطاهم خاصة لفقرهم وحاجتهم أو لقرابتهم، وقد عَلِمْنَا بقسمة الخلفاء الراشدين - رضي الله تعالى عنهم - أنه أعطاهم لحاجتهم وفقرهم لا لقرابتهم.

والدليل عليه: أنه عليه الصلاة والسلام كان يشدد في أمر الغنائم فتناول من وبر بعير، وقال:"لا يحل لي من غنائمكم شيء إلا الخُمُس، وهو مردود فيكم، ردوا الخيط والمخيط، فإن الغلول عار وشنار على صاحبه يوم القيامة"(3)، لم يخص عليه الصلاة والسلام القرابة بشيء من الخمس، [بل] وَعَمَّ المسلمين جميعًا بقوله:"والخمس مردود فيكم"، فَدَلَّ أن سبيلهم سبيل سائر فقراء المسلمين يعطى من يحتاج منهم كفايته، كذا في "فتح القدير"(4) و"البدائع"(5).

2981 -

(حدثنا حسين بن عليًّ العِجْلِي) وهو حسين بن علي بن الأسود

(1) سورة النساء: الآية 7.

(2)

سورة البقرة: الآية 180.

(3)

أخرجه أحمد في "مسنده"(4/ 127)، والنسائي مختصرًا (4139)، وأبو داود (2694).

(4)

(5/ 493).

(5)

(6/ 103).

ص: 169

نَا وَكِيعٌ، عن الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عن السُّدِّيِّ فِي ذِي الْقُرْبَى، قَالَ:"هُمْ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ".

2982 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عَنْبَسَةُ، أَنَا يُونُسُ، عن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَنَا يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ: "أنَّ نَجْدةَ الْحَرُورِيَّ حِينَ حَجَّ

===

العجلي، بكسر مهملة وسكون جيم، نسبة إلى عِجْل بن لُجَيْم (1)، أبو عبد الله الكوفي، نزيل بغداد، قال أحمد: لا أعرفه، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن عدي: يسرق الحديث، وأحاديثه لا يتابع عليها، وقال الأزدي: ضعيف جدًّا، يتكلمون في حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما أخطأ، وفي "التقريب": لم يثبت أن أبا داود روى عنه.

(نا وكيع، عن الحسن بن صالح، عن السدي) الكبير، وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة (في ذي القُربى) الواقع في الأنفال في مصارف الخمس (قال) أي السدي:(هم بنو عبد المطلب) هكذا في جميع النسخ الموجودة من القلمية المكتوبة والنسخ المطبوعة، وكذا في نسخة "العون"(2)، ولكن في النسخة المصرية:"هم بنو المطلب" أي لا بنو نوفل وبنو عبد شمس.

وأما على ما في النسخ من قوله: "بنو عبد المطلب" إن كان محفوظًا فليس المراد حصرهم فيهم، بل المقصود أنهم من ذوي القربى، كما أن من بني هاشم غيرهم وبني المطلب من ذوي القربى، والفرق بين بني المطلب وبين بني عبد المطلب ظاهر غير خفي.

2982 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا عنبسة، أنا يونس، عن ابن شهاب قال: أنا يزيد بن هُرْمُز: أَنَّ نَجْد (3) الحروريَّ) أي رئيس الخوارج (حين حَجَّ

(1) في الأصل: "نجين"، وهو تحريف.

(2)

"عون المعبود"(8/ 142).

(3)

بفتح النون وسكون الجيم، كذا في "عون المعبود"(8/ 143)، و"رجال جامع =

ص: 170

فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْم ذِي الْقُرْبَى، وَيَقُولُ (1): لِمَنْ تَرَاهُ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِقُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَسَمَهُ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ عَرَضَ (2) عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ عَرْضًا رَأَيْنَاهُ دُونَ حَقِّنَا، فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِ وَأَبَيْنَا أَنْ نَقْبَلَهُ". [ن 4133، ت 1556، م 1812، حم 1/ 248]

===

في) زمن (فتنةِ ابنِ الزبير أَرْسَلَ) أحدًا (إلى ابن عباس يَسْألُه) أي يسأل نَجْدَةُ ابنَ عباسٍ (عن سَهْمِ ذي القُرْبى) لأنه كثر فيه الأقوال والاختلاف (ويقول) أي نجدة: (لمن تراه؟ ) أي سهم ذوي القربى في رأيك لمن يعطاه؟

(قال ابن عباس: لِقُرْبَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قسمه لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) ولكن لم يعلم أنه صلى الله عليه وسلم قسم لهم لقرابتهم أو لفقرهم وحاجتهم (وقد كان عمر عَرَضَ علينا من ذلك) أي حَظَّنا من الخُمُسِ (عَرْضًا رأيناه دون حقِّنا (3)، فردَدْناه عليه وأبينا أن نقبلَه).

ولعل هذا مبني على أن عمر رآهم مصارف، وظنَّ ابنُ عباس أنهم أهل استحقاق فيه، أفترى بعمر ينقص حقهم أولًا ثم إذا نقص فردوه، أَفَيُظَنّ به أنه يحرمهم منه أصلًا، فلم يكن إلا أنه رآهم مصارف، ورأى استغناءهم عنه فلم يرده عليهم ثانيًا، وقد صرح علي رضي الله عنه بالمراد حيث قال:"بنا عَنْهُ العامَ غِنًى"، فعلم أن المدار هو الاحتياج إلَّا أن ابن عباس خالفهم، ولا يضرنا خلافه فيما أجمعت عليه الخلفاء الراشدون بأسرهم، ولم ينقل عن

= الأصول" (15/ 427)، وبسط ترجمته في "لسان الميزان" (2/ 883)، وذكر هذا الحديث، وهو مختصر، وذكره مسلم (1812) مفصلًا. (ش).

(1)

في نسخة: "وقال".

(2)

في نسخة: "عرضه".

(3)

وتفصيل ما يعطيه عمر رضي الله عنه في رواية النسائي (4133)، والطحاوي (3/ 238) من نكاح الأيم وقضاء الغارم وغيرهما، لا عموم الاعطاء، وهو رضي الله عنه يسأل العموم. (ش).

ص: 171

2983 -

حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، نَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ (1) الرَّازِيُّ، عن مُطَرِّفٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: "وَلَّانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُمُسَ الْخُمُس، فَوَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ وَحَيَاةَ عُمَرَ، فَأُتِيَ بِمَالٍ فَدَعَانِي فَقَالَ: خُذْهُ، فَقُلْتُ: لَا أُرِيدُهُ، فَقَالَ (2): خُذْهُ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ، قُلْتُ: قَدْ اسْتَغْنينَا عَنْهُ، فَجَعَلَهُ في بَيْتِ الْمَالِ". [ق 6/ 343]

===

أحد من الصحابة أنه خالفهم، أو أنكر عليهم صنيعهم، فعلم بذلك أن عمر - رضي الله تعالى عنه - لا يعطي ذوي القربى من الخمس بطريق الاستحقاق، وإنما يعطيهم لحاجتهم.

2983 -

(حدثنا عباس بن عبد العظيم، نا يحيى بن أبي بكير، نا أبو جعفر الرازي، عن مطرف، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليًّا يقول: وَلَّاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خُمُس الْخُمُسِ، فوضعتُه مواضعه) أي قسمتُه في مصارفه (حياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياة أبي بكر وحياة عمر، فَأُتِيَ بمال) أي في آخر عمره (فدعاني، فقال: خذه) واقسمه بين مصارفه (فقلت: لا أريده) أي أن أتولّى أَمْرَ القسمةِ (فقال: خذه فأنتم أَحَقُّ به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله) أي الخمس (في بيت المال).

وهذا الحديث بظاهره يخالف ما تقدم من حديث جبير بن مطعم: "وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قُربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده".

قال ابن الهمام (3): قال الحافظ المنذري (4): في حديث جبير بن مطعم

(1) زاد في نسخة: "يعني".

(2)

في نسخة: "قال".

(3)

"فتح القدير"(5/ 496).

(4)

انظر: "مختصر سنن أبي داود"(4/ 221).

ص: 172

2984 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا ابْنُ نُمَيْرٍ، نَا هَاشَمُ بْنُ الْبَرِيدِ، نَا حُسَيْنُ بْنُ مَيْمُونٍ،

===

أن أبا بكر لم يقسمْ لذوي القربى، وفي حديث علي أنه قسم لهم، وحديث جبير صحيح، وحديث علي لا يصح.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه: قوله: "خذوه فأنتم أَحَقُّ به" إنما كان المراد بذلك أنتم أحَقُّ به من غيرِكم إذا احتجتم إليه لا مطلقًا، إذ لو كان لهم الأحقية استغناءً وفقرًا لم يكن يجوز لعلي - رضي الله تعالى عنه - أن يَرُدّه عن قومه أجمعين، إذا كان الاختيار له في ردِّه عن نفسه أو عن أهل بيته، مع أنه كيف ساغ لعمر - رضي الله تعالى عنه - أن يضعه في بيت المال لإنكار عليًّ عن أخذه، أفلم يكن تعلق به استحقاق جميع بني هاشم وبني المطلب؟

فهذا ظاهر في أن عليًّا لما كان زعيم قومه وكفيلهم في أمورهم، وكان يقسمه هو لهم بنفسه، فكان أعلم بأحوالهم من عمر، فلمّا عرضه عمر عليه ليقسمه وبَيَّن له أنكم أَحَقُّ به، لأنكم أولى من الغير إذا احتاج واحتجتم، ثم ردّه عليه عليٌّ وبَيَّنَ أن لهم غنية منه العامَ، وَضَعه في بيت المال، أفترى أحقيتهم سقطت بإنكار عليًّ، ولا يمكن سقوطها إلَّا إذا أديرت الأحقية على الاحتياج، وأما إذا أخذت أحقيتهم به مطلقًا فلا يمكن بعده توجيه فعل عمر ولا علي رضي الله عنهما.

2984 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا ابن نمير، نا هاشم بن البريد) بفتح الموحدة وكسر الراء بعدها تحتانية، أبو علي الكوفي، عن أحمد: لا بأس به، وعن ابن معين: ثقة، وقال العجلي: كوفي ثقة إلَّا أنه يترفض، وقال الجوزجاني: كان غاليًا في سوء مذهبه، وقال الدارقطني: مأمون، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(نا حسين بن ميمون) الخِنْدِفي بكسر الخاء المعجمة وسكون النون بعدها دال مهملة مكسورة ثم فاء، قال ابن المديني: ليس بمعروف قلّ من روى عنه،

ص: 173

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: "اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالْعَبَّاسُ وَفَاطِمَةُ وَزيدُ بْنُ حَارِثَةَ عِنْدَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُوَلِّيَنِي حَقَّنَا مِنْ هَذَا الْخُمُسِ فِي كِتَاب اللَّهِ عز وجل فَأَقْسِمَهُ (1) حَيَاتَكَ كَيْلَا يُنَازِعُنِي أَحَدٌ بَعْدَكَ، فَافْعَلْ، قَاَلَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ.

قَالَ: فَقَسَمْتُهُ حَيَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَلَّانِيهِ (2) أَبُو بَكْرٍ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ آخِرُ سَنَةٍ مِنْ سِنِي (3) عُمَرَ فَإِنَّهُ أَتَاهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَعَزَلَ حَقَّنَا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقُلْتُ: بِنَا عَنْهُ الْعَامَ غِنًى، وَبِالْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ

===

وقال أبو زرعة: شيخ، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما أخطأ، قلت: وقال البخاري: لا يتابع عليه، ذكر ذلك في التاريخ" (4)، وذكره في "الضعفاء".

(عن عبد الله بن عبد الله) الرازي، قاضي الرَّي، (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليًّا يقول: اجتمعتُ أنا والعباسُ وفاطمةُ وزيدُ بنُ حارثة عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن رأيتَ أن تُوَلِّيَنِي حقَّنا من هذا الخُمُس في كتاب الله عز وجل فأقسمه) بصيغة المتكلم (حياتَك) أي في حياتك (كيلا ينازعني أحد بعدك فافعَلْ، قال) أي علي: (فَفَعَلَ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذلك) أي ولاني قسمةَ الخُمُس بين مستحقيه.

(قال) أي علي: (فقسمتُه حياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ولّانيه أبو بكر) فقسمتُه كذلك (حتى إذا كانت آخر سنة من سِنِيْ عمر فإنه أتاه مال كثير، فَعَزَلَ حقَّنا، ثُمَّ أَرْسلَ إليَّ) أي دعاني للقسمة (فقلت: بنا عَنْهُ العامَ غِنًى، وبالمسلمين إليه

(1) زاد في نسخة: "في".

(2)

في نسخة بدله: "ولَّاني".

(3)

في نسخة: "سنين".

(4)

"التاريخ الكبير"(2/ 385).

ص: 174

حَاجَةٌ، فَارْدُدْهُ عَلَيْهِمْ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَمْ يَدْعُنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ بَعْدَ عُمَرَ.

فَلَقِيتُ الْعَبَّاسَ بَعْدَ مَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ! حَرَّمْتَنَا الْغَدَاةَ شَيْئًا لَا يُرَدُّ عَلَيْنَا أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلًا دَاهِيًا". [ق 6/ 343، ش 33449]

2985 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عَنْبَسَةُ، نَا يُونُسُ، عن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ

===

حاجةٌ، فَارْدُدْه عليهم، فردّه عليهم، ثم لم يَدْعُني إليه أحدٌ بعد عمر، فلقيت العباس بعد ما خرجتُ من عند عمر) فذكرت له القصة (فقال) أي العباس:(يا علي حَرَّمْتَنَا الغداةَ) أي جعلتنا اليوم محرومين (شيئًا لا يُرَدُّ علينا أبدًا، وكان رجلًا داهِيًا) أي فطنًا ذا رأي في الأمور.

قال في "نصب الراية"(1): قال المنذري: وحسين بن ميمون، قال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال ابن عدي، ليس بمعروف، وذكر له البخاري في "تاريخه"(2) هذا الحديث، وقال: لم يتابع عليه، قال المنذري (3): وفي حديث جبير بن مطعم أن أبا بكر لم يقسم لذوي القربى، وفي حديث علي أنه قسم لهم، وحديث جبير صحيح، وحديث علي لا يصح.

2985 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا عنبسة، نا يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب) بن هاشم، صحابي سكن الشام، وقال أبو القاسم الطبراني: الصواب في اسمه المطلب (أخبره أن أباه

(1)"نصب الراية"(3/ 428).

(2)

"التاريخ الكبير"(2/ 385).

(3)

"مختصر سنن أبي داود"(4/ 221).

ص: 175

رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ وَعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِب قَالَا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْن رَبِيعَةَ وَللْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: ائْتِيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَلَغْنَا مِنَ السِّنِّ مَا تَرَى وَأَحْبَبْنَا أَنْ نَتَزَوَّجَ، وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُهُمْ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَبَوَيْنَا مَا يُصْدِقَانِ عَنَّا، فَاسْتَعْمِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَلْنُؤَدِّ إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّي الْعُمَّالُ، وَلْنُصِبْ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَرْفَقٍ.

قَالَ: فَأَتَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَنَحْنُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَ لَنَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا وَاللَّهِ (1) لَا يَسْتَعْمِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لَهُ رَبِيعَةُ: هَذَا مِنْ أَمْرِكَ،

===

ربيعة بن الحارث) بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم (وعباس بن عبد المطلب قالا) أي ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب العبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس: ائتيا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقولا له: يا رسول الله، قد بَلَغْنا من السنِّ ما ترى) أي بَلَغْنا مبلغَ الرجال وبَلَغْنا النكاح (وَأَحْبَبْنَا أن نتزوَّج، وأنت يا رسول الله أبرُّ الناس وأوصلُهم) أي للرحم (وليس عند أبوَيْنا ما يُصْدِقان عَنّا) أي يؤديان المهر عَنّا إذا تزوَّجْنا (فاستَعْمِلْنا) أي اجعلنا عاملين (يا رسولَ الله على الصدقاتِ، فَلْنُوءَدِّ إليك) أي من مالِ الصدقات مثل (ما يُوءَدِّي العُمَّالُ) أي إليك (وَلْنُصِبْ) أي نحصل (ما كان فيها) أي في الصدقات (من مَرْفَقٍ) وهي العُمالة.

(قال) أي عبد المطلب بن ربيعة: (فأتى إلينا عليُّ بنُ أبي طالب ونحن) الواو للحال (على تلك الحال) أي يتكلم أَبوَانَا في أمرنا (فقال) أي عليٌّ (لنا: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لا) أي لا تفعلوا (والله لا يَسْتَعْمِلُ) أي لا يجعل عاملًا (أحدًا منكم على الصدقة، فقال له ربيعة: هذا من أمرك) يحتمل أن يكون بتقدير حرف

(1) في نسخة: "قال: لا والله لا نستعمل منكم أحدًا".

ص: 176

قَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ نَحْسُدْكَ عَلَيْهِ، فَأَلْقَى عَلِيٌّ رِدَاءَهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ (1) الْقَرْمُ، وَاللَّهِ لَا أَرِيمُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْكُمَا ابْنَاكُمَا (2) بِحَوْرٍ (3) مَا بَعَثْتُمَا بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ حَتَّى نُوَافِقَ صَلَاةَ الظُّهْرِ قَدْ قَامَتْ، فَصلَّيْنَا مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ أَسْرَعْتُ أَنَا وَالْفَضْلُ إِلَى بَابِ حُجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زينَبَ بنْتِ جَحْشٍ، فَقُمْنَا بِالْبَاب (4) حَتَّى أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بِأُذُنِي وَأُذُنِ الْفَضْلِ

===

الاستفهام للإنكار، ويحتمل التحقيق، أي هذا من حسدك، كما يؤيده حديث الطبراني (5)، ويؤيده لفظ "مسلم":"فقال: والله ما تَصْنَعُ هذا إلَّا نَفَاسَةً منك علينا"(قَدْ نِلْتَ صِهْرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم) أي صِرتَ خَتَنَه (فلم نَحْسُدْك عليه، فَأَلْقَى عليٌّ رداءَه، ثم اضطجعَ عليه، فقال) أي عليٌّ: (أنا أبو حَسَنٍ القَرْمُ) وهو في الأصل فحل الإبل، ومنه قيل للرئيس: قرم، والمراد أنه مقدم في الرأي، والمعرفة، وتجارب الأمور، فهو فيهم بمنزلة القَرْم من الإبل (والله لا أَرِيْمُ) أي لا أبرحُ من هذا المحل (حتى يَرْجِعَ إليكُما ابناكما بِحَوْرٍ) أي بجواب (ما بَعَثْتُما به إلى النبي صلى الله عليه وسلم) لئلا تظنوا بي أني تكلمت في أمركما رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على خلاف ما بعثتما.

(قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل حتى نُوافِقَ) أي وافقنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم (صلاةَ الظهر قد قامت، فَصَلَّيْنَا مع الناس، ثم أسرعتُ أنا والفضل إلى باب حُجْرَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش) أي يوم نَوْبتها (فقمنا بالباب حتى أتَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَخَذَ بأُذُني وأُذُن الْفَضْلِ) أي شفقةً ورحمةً.

(1) في نسخة: "أبو حسين".

(2)

في نسخة: "أبناؤكما".

(3)

في نسخة بدله: "بجواب".

(4)

في نسخة: "عند الباب".

(5)

"المعجم الكبير"(5/ 54) رقم (4566).

ص: 177

ثُمَّ قَالَ: "أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ"، ثُمَّ دَخَلَ فَأَذِنَ لِي وَللْفَضْلِ فَدَخَلْنَا فَتَوَاكَلْنَا الْكَلَامَ قَلِيلًا، ثمَّ كَلَّمْتُهُ أَو كَلَّمَهُ الْفَضْلُ - قَدْ شَكَّ في ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ -، قَالَ: كَلَّمَهُ بِالَّذِي أَمَرَنَا بِهِ أَبَوَانَا.

فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً وَرَفَعَ بَصَرَهُ قِبَلَ سَقْفِ الْبَيْتِ حَتَّى طَالَ عَلَيْنَا أَنَّهُ لَا يُرْجِعُ إِلَيْنَا شَيْئًا، حَتَّى رَأَيْنَا زينَبَ تُلَمِّعُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَاب بِيَدِهَا، تُرِيدُ أَنْ لَا تَعْجَلَا (1) وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أَمْرِنَا، ثُمَّ خَفَّضَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ، فَقَالَ لَنَا: "إِنَّ هَذ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لآلِ مُحَمَّدٍ،

===

(ثم قال: أَخْرِجَا ما تُصَرِّرَانِ) أي أظْهِرَا ما تجمعان وتكتمان في صدورِكما (ثمَّ دَخَلَ) أي الحجرة (فَأَذِنَ لي وللْفَضْلِ) أي بالدخول (فَدَخَلْنا) عليه (فَتَوَاكَلْنَا الكلامَ) قال في "المجمع": أي اتكل كل واحد منهما على الآخر، انتهى، أي أراد كلُّ واحد منا أن يبدأ الآخر الكلام (قليلًا) أي زمانًا قليلًا (ثم كلَّمْته أو كَلَّمه الفضلُ، قد شك في ذلك عبد الله) وهذا قول الزهري (قال) أي عبد المطلب بن ربيعة كلّمتُه أو (كلّمه) الفضل (بالذي) أي بالكلام الذي (أمرنا به أبوانا).

(فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع بصرَه قِبَلَ سَقْفِ البيت حتى طال علينا) وظَنَنَّا (أنه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُرْجِعُ إلينا شيئًا) أي من الجواب (حتى رَأَيْنَا زينبَ) أم المؤمنين (تُلَمِّعُ) أي تشير (من وراء الحجاب بيدِها، تريد) أي بإشارتها (أن لا تَعْجَلَا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم) مشغول (في أمرنا، ثم خَفَّضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسَه، فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تَحِلُّ لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ) والمراد لبني هاشم.

(1) في نسخة: "نعجل أو".

ص: 178

ادْعُوَا (1) لِي نَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ"، فَدُعِيَ لَهُ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ، فَقَالَ: "يَا نَوْفَلُ، أَنْكِحْ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ" (2)، فَأَنْكَحَنِي نَوْفَلُ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا لي مَحْمِيَّةَ بْنَ جَزْءٍ"، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَني زُبَيْدٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الأَخْمَاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَحْمِيَّةَ: "أَنكِحِ الْفَضْلَ" فَأَنْكَحَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ كَذَا وَكَذَا" لَمْ يُسَمِّه لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ. [م 1072، ن 2609، حم 4/ 166، خزيمة 2342]

===

(اُدْعُوَا لي نوفلَ بنَ الحارث) بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، أُسِرَ يومَ بدر كافرًا، وفداه عمُّه العباس، وشهد فتح مكة، وحنينًا، والطائف (فَدُعِيَ له نوفلُ بن الحارث، فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا نوفل، أنكِحْ عبدَ المطلب) أي ابنتك (فَأَنْكَحَنِي نوفل، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: اُدْعُوا لي مَحْمِيِّةَ بنَ جَزْء) بن عبد يغوث الزبيدي، وكان صحابيًّا قديم الإِسلام (وهو رجل من بني زبيد) بضم الزاي وفتح الباء المنقوطة بواحدة بعدها ياء معجمة بنقطتين من تحتها وفي آخرها دال مهملة، وفي رواية لمسلم:"وهو رجل من بني أسد"، قال النووي (3): قال القاضي: كذا وقع، والمحفوظ أنه من بني زبيد لا من بني أسدٍ.

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحميَّةَ: أَنْكِحِ الفضلَ) أي ابنتك (فَأَنْكَحَه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لمحميَّةَ: (قُمْ فَأَصْدِقْ) أي أَعْطِ الصداقَ (عنهما) أي عن عبد المطلب بن ربيعة والفضل بن عباس زوجتيهما (من الخُمُس كذا وكذا) قال الزهري: (لم يُسَمِّه) أي الصداق (لي عبدُ الله بن الحارث).

(1) في نسخة: "ادعُوْا".

(2)

زاد في نسخة: "ابن ربيعة".

(3)

"شرح صحيح مسلم"(4/ 193).

ص: 179

2986 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، نَا يُونُسُ، عن ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَني عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيًّ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبي طَالِبٍ قَالَ: "كَانَ (1) لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ،

===

2986 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا عنبسة بن خالد، نا يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عليُّ بنُ حسين) زين العابدين، (أن حسين بن علي) بن أبي طالب، (أخبره أن عليَّ بنَ أبي طالب قال: كان لي شَارِفٌ) أي ناقةٌ مُسِنَةٌ (من نصيبي من المغنم يوم بَدْرٍ، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفًا) أي ناقةً مُسِنَّةً (من الْخُمُسِ يومئذٍ) أي يوم بدرٍ.

قال الحافظ (2): قال ابن بطال: ظاهره أن الخمس شرع يوم بدر، ولم يختلف أهل السير أن الخمس لم يكن (3) يوم بدر، وقد ذكر إسماعيل القاضي في غزوة بني قريظة قال: قيل: إنه أول يوم فرض فيه الخمس، قال: وقيل: نزل بعد ذلك، قال: ولم يأت ما فيه بيانٌ شافٍ، وإنما جاء صريحًا في غنائم حنين، قال ابن بطال: وإذا كان كذلك فيحتاج قول علي رضي الله عنه إلى تأويل، ثم حكى الحافظ تأويله، ثم ردَّ ذلك التأويل.

ثم قال: إن الأنفال التي فيها التصريح بفرض الخمس نزل غالبها (4) في قصة بدر، وقد جزم الداودي الشارح بأن آية الخمس نزلت يوم بدر، وقال السبكي: نزلت الأنفال في بدر وغنائمها.

(1) في نسخة: "كانت".

(2)

"فتح الباري"(6/ 199).

(3)

وبه جزم العيني وأوله بأن المراد الخمس الذي عزله في سرية عبد الله بن جحش قبل بدر [انظر: "عمدة القاري" (10/ 420)]. (ش).

(4)

في الأصل: "غالبًا"، وهو تحريف، والتصويب من "الفتح".

ص: 180

فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِي بفَاطِمَةَ بِنْتِ (1) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنَأْتِي بِإِذْخِرَ، أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنَ الصَّوَّاغِينَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي.

فَبَيْنَا أنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ

===

(فلما أَرَدْتُ أَن أَبْتَنِي بفاطمةَ بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم) أي أدخل بها، والبناء الدخول بالزوجة، وأصله أنهم كانوا من أراد ذلك بُنيتْ له قبة فخلا فيها بأهله.

واختلف في وقت دخول علي بفاطمة، وهذا الحديث يشعر بأنه كان عقب وقعة بدر، ولعله كان في شوال سنة اثنتين، فإن وقعة بدر كان في رمضان منها، وقيل: تزوجها في السنة الأولى، ونقل ابن الجوزي أنه كان في صفر سنة اثنتين، وقيل: في رجب، وقيل: في ذي الحجة، وقيل: تأخر دخوله بها إلى سنة ثلاث، وفيه بُعد.

(وَاعَدْتُ رجلًا صَوّاغًا) قال الحافظ (2): لم أقف على اسمه (من بني قينقاع) قبيلة من اليهود (أن يرتحلَ معي فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرَ، أردت أن أبيعَه من الصوّاغين فأستعين به) أي بما يَحْصَلُ من بيع الإذخر (في وليمة عرسي) بكسر العين المهملة وسكون الراء، أي في وليمة زوجتي، أو بالضم وبضمتين وهو النكاح، قال في القاموس: والعِرس بالكسر: امرأة الرجل، وبالضم وبضمتين: النكاح.

(فبينا أنا أجمع لشارفَيَّ) بفتح الفاء، صيغة التثنية، مضافة إلى ياء المتكلم (متاعًا من الأقتاب) جمع قتب، وهو الرحل الصغير، وهو للجمل كالإكاف لغيره (والغرائر) جمع غِرارة بكسر غين معجمة ورائين، وهي الجوالق للتبن وغيره (والحبال) بكسر الحاء المهملة جمع حبل (وشَارِفايَ مناخان) وفي رواية

(1) في نسخة: "ابنة".

(2)

"فتح الباري"(6/ 200).

ص: 181

إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ، أَقْبَلْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا بِشَارِفَيَّ قَدِ اجْتُبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ في شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ، غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا:

أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ (1) النِّواء

===

الأكثر: مناختان، فالتذكير باعتبار لفظ الشارف، والتأنيث باعتبار كونهما ناقتين (إلى جنب حجرة رجل من الأنصار) لم أقف على اسمه.

(أَقْبَلْتُ حين جَمَعْتُ ما جَمَعْتُ) أي من الأقتاب والغرائر والحبال (فإذا) أي فإذا أنا ملاقٍ (بشَارِفيَّ قد اجْتُبَّتْ) أي قطعت (أسنمتُهما) جمع سِنام (وبُقِرَتْ) أي شقّت (خواصرُهما) جمع خاصرة (وأُخِذ من أكبادِهما، فلم أملك عَيْنَيَّ حين رأيتُ ذلك المنظر) أي رأيت منظرًا أفزعني، فجرى دمعي وبكيت، وإنما غلبه البكاء لظنه تأخّر الابتناء بزوجته بسبب فوات ما يستعان به عليه، أو لخشية أن ينسب في حقها التقصير، لا لمجرد فوات الناقتين من حيث أنهما من متاع.

(فقلت: من فعل هذا؟ قالوا: فَعَلَه حمزةُ بنُ عبد المطلب، وهو) أي حمزة (في هذا البيت في شَرْبٍ) أي جماعة شاربي الخمر (من الأنصار) وهي إذ ذاك لم تحرم (غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ) أي أمة مغنية (وأصحابَه) عطف على الضمير المنصوب (فقالت في غنائها):

(أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ).

حمز مُرَخَّم حمزة، والشُّرُف بضمتين جمع شارف، وهي المسنة من النوق، والنوَاء بالكسر والمد: السِّمَان، جمع ناوية، وتمامه: "وَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ

(1) في نسخة: "ذا الشرف".

ص: 182

فَوَثَبَ إِلَى السَّيْفِ فَاجْتَبَّ (1) أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، فَأَخَذَ (2) مِنْ أَكْبَادِهِمَا.

قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ زيدُ بْنُ حَارِثَةَ (3)، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا لَكَ؟ "، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْتُ

===

بِالْفَنَاءِ" (4)، حكى المرزباني في "معجم الشعراء" (5) أن هذا الشعر لعبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي المدني، وبقيته:

ضع السكين في اللَّبَّات منها

وضَرِّجْهُنَّ حمزةُ بالدماء

وعَجِّلْ من أطايبها لشَرْبٍ

قديدًا من طبيخ أو شواء

(فوثب) أي قام حمزة مسرعًا (إلي السيف فَاجْتَبَّ) أي قطع (أَسْنِمَتَهُمَا وبَقَرَ) أي شَق (خواصرَهُما، فأخذ من أكبادِهما) ولعله ذبحهما أولًا، ثم فعل ما فعل.

قال الحافظ (6): وفي الحديث حل تذكية الغاصب؛ لأن الظاهر أنه ما بَقَر خواصرَهما وجبّ أسنمتهما إلَّا بعد التذكية المعتبرة، ويمكن أن يكون فعله هذا في غلبة السكر، ولم يثبت في حديث أنهم أكلوا ذلك، ولو أكلوا فيمكن أن يكون أكلهم في حالة السكر.

(قال علي: فانطلقتُ حتى أدخلَ) أي دخلتُ (على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيدُ بنُ حارثة، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيتُ) مما عدا حمزة على ناقَتَيَّ (فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما لك؟ قال) علي: (فقلتُ: يا رسولَ الله، ما رأيتُ

(1) في نسخة: "فَأجَبَّ".

(2)

في نسخة: "وأخذ".

(3)

زاد في نسخة: "قال".

(4)

في الأصل: "بالفضاء"، وهو تحريف.

(5)

في الأصل: "مجمع الشعراء"، وهو تحريف، والتصحيح من "فتح الباري"(6/ 201).

(6)

"فتح الباري"(6/ 202).

ص: 183

كَالْيَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتِ وَمَعَهُ شَرْبٌ.

فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم برِدَائِهِ فَارْتَدَاهُ (1)، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ (2) الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَإِذَا هُمْ شَرْبٌ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ (3)، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لأَبِي؟

===

كاليومِ) في الشدة عليَّ (عدا حمزةُ على ناقَتَيَّ، فاجْتَبَّ أسنِمَتَهما، وبَقَرَ خواصرَهما، وها) حرف تنبيه (هو ذا في بيت ومعه شَرْبٌ).

(فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه، ثم انطلق يمشي واتبعتُه أنا وزيدُ بنُ حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فَأُذِنَ له، فإذا هم شَرْبٌ، فطفق) أي شرع (رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلُوْمُ حمزةَ فِيما فَعَلَ) وفي رواية ابن جريج: "فدخل على حمزة فتغيظ عليه"(فإذا حمزة ثَمِلٌ) أي سكران، قال في "القاموس": الثَّمَلُ محركةً: السكر، ثَمِلَ كَفَرِحَ فهو ثَمِلٌ (مُحْمَرَّةٌ عيناه) من شدة السكر.

(فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي إلى رجليه (ثم صَعَّدَ) أي رفع (النظرَ فنظر إلى ركبتيه، ثم صَعَّد النظرَ فَنَظَرَ إلى سرته، ثم صَعَّدَ النظرَ فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ ) قيل: أراد (4) أن أباه عبد المطلب جد

(1) في نسخة: "فارتدى به".

(2)

زاد في نسخة: "إلى".

(3)

في نسخة بدله: "ركبته".

(4)

وبحث القاضي عياض في "الشفاء"(2/ 973 - 974) أن من قال في حقه شيئًا غير قاصد للسب كالسكران يقل أيضًا، ثم قال: ولا يعترض على هذا بحديث حمزة هذا، لأن الخمر كانت حينئذِ غير محرَّمة، فلم يكن في جناياتها إثم، واقتصر القاري في "شرحه" على هذا الجواب. (ش).

ص: 184

فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ ثَمِلَ (1) فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ (2) الْقَهْقَرَى، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا (3) مَعَهُ". [خ 3091، م 1979]

2987 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيُّ، عن الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ الضَّمْرِيِّ، أَنَّ أُمَّ الْحَكَمِ أَوْ ضُبَاعَةَ ابْنَتَي الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

===

النبي صلى الله عليه وسلم ولعليٍّ أيضًا، والجد يُدعى سيدًا، وحاصله أن حمزة أراد الافتخار عليهم بأنه أقرب إلى عبد المطلب منهم.

(فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثَمِلَ فَنَكَصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على عَقِبَيْه القَهْقَرَى) خشية أن يزداد غضبه فينتقل من القول إلى الفعل، قال الحافظ (4): روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش أن النبي صلى الله عليه وسلم أغرم حمزة ثمن الناقتين (فَخَرَجَ وخَرَجْنَا معه).

2987 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب، حدثني عياش بن عقبة) بن كليب (الحضرمي) أبو عقبة المصري، يقال: إنه عم عبد الله بن لهيعة، قال الدارقطني: والمصريون ينكرون ذلك، قال النسائي والدارقطني: ليس به بأس، وقال النسائي في موضع آخر: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن الفضل بن الحسن) بن عمرو بن أمية (الضمري) المدني، نزيل مصر، ذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود حديثًا واحدًا في الذكر بعد الصلاة، قلت: قال العجلي: مصري تابعي ثقة.

(أن أم الحكم أو) للشك من الراوي (ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب) قال في "التقريب": أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية، ويقال:

(1) في نسخة: "قد ثَمِلَ".

(2)

في نسخة: "عقبه".

(3)

في نسخة: "فخرجنا".

(4)

"فتح الباري"(6/ 202).

ص: 185

حَدَّثَتْهُ (1) عَنْ إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ: أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي وَفَاطِمَةُ بِنْتُ (2) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يَأَمُرَ لَنَا بِشَيْءٍ مِنَ السَّبْيِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ،

===

أم حكيم، يقال: اسمها صفية، وقيل: هي عاتكة، وقيل: هي ضباعة المتقدمة، صحابية لها حديث، وضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم لها صحبة، فأم الحكم على القولين الأولين هي أخت ضباعة، فالاختلاف على هذين القولين اختلاف وشك في أن راوية الحديث أم الحكم أو ضباعة، وإليه يشير قول المصنف:"ابنتي الزبير" بصيغة التثنية، وأما على القول الثالث بأن تكون أم الحكم هي ضباعة فليس الشك إلَّا في اسمها.

(حدثته عن إحداهما) فما قال صاحب "العون"(3) في شرح قوله: "أن أم الحكم أو ضباعة إلى آخره": شك من الراوي في أن أم الحكم بنت الزبير حدثت الفضلَ بنَ الحسن، عن ضباعة بنت الزبير أو أن ضباعة حدثته عن أم الحكم، غلطٌ محضٌ، فإن إحداهما ليس لها رواية عن الأخرى، ولا يثبت في موضع أن إحداهما روت عن الأخرى.

(أنها قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سَبْيًا، فذهبت أنا وأختي) لم أقف على تعيينها (وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكونا إليه ما نحن فيه) من المحن والمشاقِّ في خدمة البيت (وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السَّبْي) ليَكْفِيْنا المؤنة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقكُنَّ يتامى بدرٍ) وهذا إما باعتبار الاستحقاق بأنّ استحقاقَ يتامى بدر سبقكُنّ فيعطون، أو باعتبار الإعطاء بأن يتامى بدر أعطوا قبلكن، فلم يبق لكُنَّ من السبي ما تعطين.

(1) في نسخة: "حدثه". قلت: هذه النسخة أصح، والمقصود أن الفضل حدّث عياشًا عن إحداهما أي أم الحكم أو ضباعة. والله أعلم.

(2)

في نسخة: "ابنة".

(3)

"عون المعبود"(8/ 148).

ص: 186

وَلَكِنْ سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُنَّ مِنْ ذَلِكَ: تُكَبِّرْنَ اللَّه عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَكْبيرَةً، وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً، وَلَا إِلهَ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ".

قَالَ عَيَّاشٌ: وَهُمَا ابْنَتَا عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

2988 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، نَا عَبْدُ الأَعْلَى، عن سَعِيدٍ - يَعْنِي الْجُرَيرِيَّ -، عن أَبِي الْوَرْدِ،

===

(ولكن سأدلّكنّ على ما هو خير لكنّ من ذلك) أي من النبي (تُكَبِّرْنَ الله على إثر) بكسر فسكون، ويجوز فتحها، أي عقب (كل صلاة ثلاثًا وثلاثين تكبيرة، وثلاثًا وثلاثين تسبيحة، وثلاثًا وثلاثين تحميدة، ولا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)(1) مرة واحدة.

(قال عياش) بن عقبة: (وهما) أي أم الحكم وضباعة (ابنتا عم النبي صلى الله عليه وسلم) لأنهما بنتا الزبير بن عبد المطلب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عبد الله بن عبد المطلب.

2988 -

(حدثنا يحيى بن خلف، نا عبد الأعلى، عن سعيد - يعني الجريري -، عن أبي الوَرْد) بن ثمامة بن حزن، القشيري البصري، روى عنه أبو مسعود سعيد بن إياس الجريري، قال الدارقطني: ما حدث عنه غيره كذا قال، وقد حدث عنه أيضًا شداد بن سعيد أبو طلحة الراسبي، وقال ابن سعد: وكان معروفًا قليل الحديث، قلت: وقد تقدم في ترجمة أبي محمد الحضرمي ما يدل على أن أبا الورد روى عنه راوٍ يسمى عبد الله بن ربيعة

(1) قال الكرماني: فإن قلت: لا شك أن للتسبيح ونحوه ثوابًا عظيمًا، لكن كيف يكون خيرًا بالنسبة إلى مطلوبها، وهو الاستخدام؟ قلت: لعل الله يعطي المُسَبِّح قوة يقدر على الخدمة أكثر مما يقدر الخادم عليه، أو يسهل الأمور عليه بحيث يكون فعل ذلك بنفسه أسهل عليه من أمر الخادم بذلك، أو يقع التسبيح بالآخرة موقع خادم بالآخرة، والآخرة خير وأبقى. انظر:"درجات مرقاة الصعود"(ص 127).

ص: 187

عن ابْنِ أَعْبُدَ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنِّي وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ (1) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ

===

أو عبد ربه بن ربيعة، لكن قال فيه: عن أبي الورد بن أبي بردة، وهو وهم، فإن الحديث واحد.

(عن ابن أَعْبُدَ) هكذا في جميع النسخ الموجودة عندنا بالعين المهملة والباء الموحدة، وقال ابن الأثير في "جامع الأصول" (2): هكذا جاء في حديث علي رضي الله عنه في "كتاب الصحبة"؛ قال له: "ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم" أَعْبُد بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وضم الباء الموحدة.

وقال في "الخلاصة"(3): علي بن أغيد - بإسكان المعجمة وفتح التحتانية - عن علي، وعنه ثمامة أبو الورد.

وقال في "الميزان"(4): ابن أعبد عن علي رضي الله عنه قال ابن المديني: لا يعرف، قلت: اسمه علي بن التيمة الليثي (5)، روى له أبو داود والنسائي في مسند علي هذا الحديث ولم يسمياه.

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(6): قلت: له حديث آخر في "مسند أحمد" في زيادة ابنه عبد الله في شكر الطعام، ولم أعرف من سماه عليًّا.

قلت: وما قال في "الخلاصة": وعنه ثمامة أبو الورد، يعلم منه أن أبا الورد اسمه ثمامة، ولم أَرَ هذا لغيره، بل قالوا: إن اسم أبيه ثمامة، والله تعالى أعلم.

(قال: قال لي علي) رضي الله عنه: (ألا أُحَدِّثُك عني وعن فاطمة) رضي الله عنها (بنتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانت) أي فاطمة

(1) في نسخة: "ابنة".

(2)

"رجال جامع الأصول"(13/ 126).

(3)

"الخلاصة"(ص 271).

(4)

"ميزان الاعتدال"(4/ 590).

(5)

وفي "الميزان": علي الليثي.

(6)

(7/ 283).

ص: 188

مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ؟ قُلْتُ: بَلَى.

قَالَ: إِنَّهَا جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَ فِي يَدِهَا، وَاسْتَقَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَ في نَحْرِهَا، وَكَنَسَتِ الْبَيْتَ حَتَّى اغْبَرَّتْ ثِيَابُهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَدَمٌ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتِ أَبَاكِ فَسَأَلْتِهِ (1) خَادِمًا، فَأَتَتْهُ فَوَجَدَتْ عِنْدَهُ حُدَّاثًا، فَرَجَعَتْ، فَأَتَاهَا مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ:"مَا كَانَ (2) حَاجَتُكِ؟ "، فَسَكَتَتْ، فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَرَّتْ بِالرَّحَى حَتَّى أَثَّرَتْ (3) فِي يَدِهَا، وَحَمَلَتْ بِالْقِرْبَةِ حَتَّى أَثَّرَتْ فِي نَحْرِهَا، فَلَمَّا أَنْ جَاءَكَ الْخَدَمُ أَمَرْتُهَا أَنْ تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَكَ خَادِمًا

===

(من أحبِّ أهلِه إليه؟ ) أي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (قلت: بلى) أي حَدِّثْنِي.

(قال) علي: (إنها جَرَّتْ بالرَّحَى) أي أدَارَتِ الرَّحَى (حتى أَثَّر) أي الجر (في يدها، واستَقَتْ بالقِرْبَة) أي جاءت بماءٍ في القِربة حاملة لها (حتى أَثَّر في نَحرِها) أي صدرها (وكنَسَتِ البيتَ حتى اغْبَرَّتْ ثيابُها، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم) مفعول لأَتَى (خَدَمٌ) أي سَبْيٌ، فاعله.

(فقلت: لو أتيتِ أباكِ فسألته خادمًا فأتته، فوجدت عنده حُدَّاثًا) أي رجالًا يتحدثون فلم تكلمه حياء من الناس (فَرَجَعَتْ) إلى بيتها (فأتاها) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة (من الغد، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كان حَاجَتُكِ؟ فَسَكَتَتْ) من الحياء.

(فقلت: أنا أُحَدِّثُك يا رسول الله) بحاجتها التي ذهبت بها إليك (جَرَّتْ بالرَّحَى حتى أَثَّرَتْ في يدها، وحَمَلَتْ بالقربة حتى أَثَّرَتْ في نحرها، فلما أن جاءك الخَدَمُ أَمَرْتُها أن تَأْتِيَكَ فَتَسْتَخْدِمَك) أي تطلب منك (خادمًا) يطلق على

(1) في نسخة: "فسألتيه".

(2)

في نسخة: "كانت".

(3)

في نسخة: "أَثر".

ص: 189

يَقِيهَا (1) حَرَّ مَا هِي فِيهِ. قَالَ: "اتَّقِي اللَّهَ يَا فَاطِمَةُ، وَأَدِّي فَرِيضَةَ رَبِّكِ، وَاعْمَلِي عَمَلَ أَهْلِكِ، فَإِذَا (2) أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ، فَسَبِّحِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدِي ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرِي أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ مِئَةٌ فَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ"، قَالَتْ: رَضِيت عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ (3). [خ 6318، م 2727]

===

الجارية والغلام (يَقِيها) أي يحفظها (حَرَّ) أي شدة (ما هي فيه) من الكلفة في خدمة البيت.

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتَّقِي الله يا فاطمة، وأَدِّي فريضةَ ربِّك، واعمَلي عَمَلَ أهلِك، فإذا أَخَذْتِ مَضْجَعَكِ، فَسَبِّحِي ثلاثًا وثلاثين، واحْمَدِي ثلاثًا وثلاثين، وكَبِّرِي أربعًا وثلاثين، فتلك مائة فَهِيَ خيرٌ لك من خادم، قالت: رضيت عن الله وعن رسوله).

قال أبو جعفر الطحاوي (4): ذهب قوم إلى أن ذوي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سهم لهم من الخمس معلوم، ولا حظ لهم منه خلاف حظ غيرهم، وإنما جعل الله لهم ما جعل من ذلك بقوله:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (5)، وبقوله:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (6) بحال فقرهم وحاجتهم، فأدخلهم مع الفقراء والمساكين، فكما (7) يخرج الفقير واليتيم والمسكين من ذلك، لخروجهم من المعنى الذي به استحقوا ما استحقوا من ذلك، فكذلك ذوو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمومون معهم، إنما كانوا ضموا معهم لفقرهم، فإذا استغنوا خرجوا من ذلك.

(1) في نسخة: "تقيها".

(2)

في نسخة: "وإذا".

(3)

في نسخة: "رسول الله".

(4)

"شرح معاني الآثار"(3/ 233 - 234).

(5)

سورة الأنفال: الآية 41.

(6)

سورة الحشر: الآية 7.

(7)

في الأصل: "فكان"، وهو تحريف.

ص: 190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقالوا: لو كان لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حظ لكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، إذ كانت أقربهم إليه نسبًا، وأمسهم به رحمًا، فلم يجعل لها حظًّا في السَّبْي الذي ذكرنا، ولم يُخدِمْها منه خادمًا، ولكنه وَكَلَها إلى ذكر الله عز وجل، لأن ما تأخذ من ذلك، إنما حكمها فيه حكم المساكين فيما تأخذ من الصدقة، فرأى أن تَرْكَها ذلك والإقبالَ على ذكر الله عز وجل وتسبيحه وتهليله خيرٌ لها من ذلك وأفضل.

وقد قَسَمَ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بعد وفاة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم جميع الخُمُسِ، فلم يَرَيَا لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك حقًّا خلاف حق سائر المسلمين.

فثبت بذلك أن هذا هو الحكم عندهما، وثبت - إذ لم ينكره عليهما أحدٌ من أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولم يخالفهما فيه - أن ذلك كان رأيهم فيه أيضًا.

وإذا ثبت الإجماع في ذلك من أبي بكر وعمر ومن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت القول به، ووجب العمل به، وترك خلافه، ثم هذا علي رضي الله عنه لما صار الأمر إليه حمل الناس على ذلك أيضًا.

وذكروا في ذلك ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن إسحاق قال: سألت أبا جعفر فقلت: رأيت عليَّ بنَ أبي طالب حيث وَليَ العراقَ، وما ولي من أمور الناس، كيف صنع في سهم ذوي القربى؟ قال: سلك [به]- والله - سبيل أبي بكر وعمر، قلت: وكيف؟ وأنتم تقولون ما تقولون؟ قال: إنه - والله - ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه، قلت: فما منعه؟ قال: كره - والله - أن يدعى عليه خلاف أبي بكر وعمر.

فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قد أجراه على ما كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أجرياه عليه؛ لأنه رأى ذلك عدلًا، ولو كان رأيه خلاف ذلك مع علمه ودينه وفضله إِذَنْ لَرَدَّه إلى ما رأى.

ص: 191

2989 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ، عن عَلِيٍّ بْنِ حُسَيْنٍ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، قَالَ:"وَلَمْ يُخْدِمْهَا"[انظر سابقه]

2990 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، نَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقُرَشِيُّ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ - يَعْنِي ابْنَ عِيسَى -: كُنَّا نَقُولُ إِنَّهُ مِنَ الأَبْدَالِ قَبْلَ أَنْ نَسْمَعَ أَنَّ الأَبْدَالَ مِنَ الْمَوَالِي - قَالَ: حَدَّثَنِي الدَّخِيلُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ نُوحٍ بْنِ مُجَّاعَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ سِرَاجِ بْنِ مُجَّاعَةَ، عن أَبِيهِ،

===

2989 -

(حدثنا أحمد بن محمد المروزي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن علي بن حسين بهذه القصة، قال) علي بن حسين: (ولم يُخْدِمْها (1) أي ولم يُعْطِها خادمًا.

2990 -

(حدثنا محمد بن عيسى، نا عَنْبَسَةُ بنُ عبد الواحد القرشي - قال أبو جعفر يعني ابن عيسى: كنا نقول: إنه) أي عنبسة بن عبد الواحد (من الأبدال قَبْلَ أن نسمع أن الأبدال (2) من الموالي -) فلما سمعنا أن الأبدال تكون من الموالي رَجَعْنَا من هذا القول (قال: حدثني الدَّخيل) بفتح أوله وكسر المعجمة (ابن إياس بن نوح بن مُجَّاعَة) بن مرارة الحنفي اليمامي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مستور.

(عن هلال بن سِرَاجِ بن مُجَّاعة) وهو ابن عم والد دخيل، وسِرَاج بكسر المهملة وآخره جيم، وَفَدَ على عمر بنِ عبد العزيز في خلافته، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: مستقيم الحديث.

(عن أبيه) سراج بكسر أوله والتخفيف، وآخره جيم، ابن مجاعة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود حديثًا واحدًا.

(1) احتج بذلك الطحاوي (3/ 233) لقوم على أنه لاحق لذوي القربى مطلقًا، وأجاب عنه بوجوه، والأوجه عندي في الجواب أنه لم يجب الاستيعاب عندنا. (ش).

(2)

وبيانهم في هامش "باب في ذكر المهدي". (ش).

ص: 192

عن جَدِّهِ مُجَّاعَةَ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَطْلُبُ دِيَةَ أَخِيهِ قَتَلَتْهُ بَنُو سَدُوسٍ مِنْ بَنِي ذُهْلٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ كُنْتُ جَاعِلًا لِمُشْرِكٍ دِيَةً جَعَلْتُ (1) لأَخِيكَ، وَلَكِنْ (2) سَأُعْطِيكَ مِنْهُ عُقْبَى"، فَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمِائَةٍ مِنَ الإبِلِ مِنْ أَوَّلِ خُمُسٍ يَخْرُجُ مِنْ مُشْرِكِي بَنِي ذُهْلٍ، فَأَخَذ طَائِفَةً مِنْهَا، وَأَسْلَمَتْ بَنُو ذُهْلٍ، فَطَلَبَهَا بَعْدُ مُجَّاعَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَتَاهُ بِكِتَابِ

===

(عن جدِّه مُجَّاعَة) بضم أوله وتشديد الجيم، ابن مرارة بتخفيف الراء، الحنفي اليمامي، صحابي له حديث، كان رئيسًا في بني حنيفة، وكان قد أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يطلب دية أخيه، وهلالُ بنُ سراج ابنُ ابنه، وَفَدَ على عمر بن عبد العزيز بكتاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقبّله ومَسَحَ به وجهه.

(أَنه أَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَطْلُبُ دِيَةَ أخيه، قتلته بنو سَدُوسٍ من بني ذُهْلٍ) ولعله يطلب دية أخيه من بيت المال (فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لو كنتُ جاعلًا لمشرِكٍ ديةً جَعَلْتُ لأخِيك) فلم يرض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإعطاءٍ من الدية من بيت المال؛ لأن أخاه كان مشركًا (ولكن سأُعْطِيْكَ منه) أي من أخيك (عُقْبى) أي عوضًا، ولعل هذا كان لتأليف قلبه وقومه؛ لأنه كان رئيسَ قومِه فيميلوا إلى الإِسلام، والظاهر أنه كان إذ ذاك مسلمًا.

(فَكَتَبَ له النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمائةٍ من الإبل من أول خُمُسٍ يَخْرُجُ من مشركي بني ذُهْلٍ) أي غزاهم المسلمون، فغنموا أموالهم، فَخَرَّج منه الخُمُسَ، فَأَعْطَاهُ منه مائةَ إبلٍ عقبى من أخيه.

(فَأَخَذَ طائفةً منها) أي من الإبل، أي غزاهم المسلمون وغنموا أموالهم، فخرج منه الخمس، فأعطاه طائفة من الإبل لم تبلغ مائة، وبقيت طائفة منها.

(وأسْلَمَتْ بنو ذُهْلٍ) فلم يتمكن المسلمون أن يأخذوا شيئًا من أموالهم (فَطَلَبَها) أي بقية الإبل (بعدُ مُجَّاعةُ إلى أبي بكر) في زمان خلافته (وأتاه بكتاب

(1) في نسخة: "جعلتها".

(2)

في نسخة: "ولكني".

ص: 193