الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ شَهِيدٌ"(1)[ن 1933، حم 2/ 466]
(81) بَابٌ: في زِيَارَةِ الْقُبُورِ
3234 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ
===
"لا تذكروا هَلْكاكم إلا بخير"، ويدفع بحمل المذمومين على الكفار والمنافقين، قال ابن الملك: ويحتمل أن يكون قبل ورود النهي.
(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بعضكم على بعض شهيد)، وفي رواية البخاري ومسلم:"أنتم شهداء الله في الأرض"(2). وفي رواية: "المؤمنون شهداء الله في الأرض"(3).
قال القاري (4): قوله: أنتم: أي الصحابة، أو أيها المؤمنون، وهذا كالتزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، وإظهار عدالتهم بعد أداء شهادتهم لصاحب الجنازة، فينبغي أن يكون لها أثر ونفع في حقه.
ويؤيده ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال حين أثنوا على جنازة: "جاء جبريل فقال: يا محمد! إن صاحبكم ليس كما يقولون، إنه كان يعلن كذا، ويسر كذا، ولكن الله صدقهم فيما يقولون، وغفر له ما لا يعلمون".
(81)
(بَابٌ: في زِيارة الْقُبُورِ)(5)
3234 -
(حدثنا محمد بن سليَمان الأنباري، نا محمد بن
(1) في نسخة: "شهداء".
(2)
أخرجه البخاري (1367)، ومسلم (949) عن أنس رضي الله عنه.
(3)
أخرجه البخاري (2642).
(4)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 150، 151).
(5)
قال القاري (4/ 196): ورد أن الموتى يعلمون أحوال الأحياء وما نزل بهم من شدة ورخاء، وورد أنهم يفتخرون با لزيارات، ويألمون بانقطاعها
…
إلخ.
وبسط في "شرح الإقناع"(2/ 250) نداؤهم كل ليلة، وأشد المعرفة من عشية الخميس إلى صباح السبت، ولا تحديد عند مالك، كما في "الشرح الكبير"(1/ 422)، وبسط العيني الكلامَ عليها، وذكر المستدلات بالتفصيل. (ش).
عُبَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عن أَبِي حَازِمٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ، فبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"اسْتَأذَنْتُ رَبِّي تَعَالَى عَلَى أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يأذَنْ (1) لِي، فَاسْتَأذَنْتُ (2) أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا، فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ بِالْمَوْتِ". [م 976، ن 2034، جه 1572، حم 2/ 441]
===
عبيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرَ أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنتُ ربي تعالى على أن أستغفر لها فلم يأذن لي، فاستأذنتُ) ربي (أن أزور (3) قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكّر بالموت).
قال النووي (4): قوله: استأذنت ربي
…
إلخ: فيه جواز زيارة المشركين في الحياة، وقبورِهم بعد الوفاة؛ لأنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى، وقد قال الله تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (5). وفيه النهي عن الاستغفار (6) للكفار، انتهى.
وقد بالغ السيوطي في إثبات إيمان أبوي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال القاري (7): ثم الجمهور على أن والديه صلى الله عليه وسلم ماتا (8) كافرين، وهذا الحديث أصح ما روي في حقهما.
(1) في نسخة: "فلم يؤذن".
(2)
في نسخة: "فاستأذنته".
(3)
أنكر الماوردي جواز زيارة قبر الكافر؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} ، كذا في "عمدة القاري"(6/ 94).
(4)
"شرح النووي على صحيح مسلم"(4/ 53).
(5)
سورة لقمان: الآية 15.
(6)
وقيَّده الطحاوي في "مشكل الآثار"(6/ 281) بما بعد الموت، وأثبت جوازه في حياتهم. (ش).
(7)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 251).
(8)
وفي رواية مسلم (203): "إن أبي وأباك في النار"، و [نحوه] في رواية ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص 210) ح (595)، وسيأتي في "باب ذراري المشركين". (ش).
3235 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، نَا مُعَرِّفُ بْنُ وَاصِلٍ، عن مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عن ابْنِ بُرَيْدةَ، عن أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
===
وأما قول ابن حجر: وحديث إحيائهما حتى آمنا به ثم توفيا؛ حديث صحيح، وممن صححه الإِمام القرطبي والحافظ ابن ناصر الدين، فعلى تقدير صحته لا يصلح أن يكون معارضًا لحديث مسلم، مع أن الحفاظ طعنوا فيه، ومنعوا جوازه لأن إيمان اليأس غير مقبول إجماعًا، كما يدل عليه الكتاب والسنَّة، وبأن الإيمان المطلوب من المكلف إنما هو الإيمان الغيبي، وقد قال تعالى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (1).
وهذا الحديث الصحيح صريح أيضًا في رد ما تشبث به بعضهم بانهماكانا من أهل الفترة (2)، ولا عذاب عليهم، مع اختلاف في المسألة. وقد صنف السيوطي رسائل ثلاثة (3) في نجاة والديه صلى الله عليه وسلم، وذكر الأدلة من الجانبين، فعليك بها إن أردت بسطها، انتهى.
3235 -
(حدثنا أحمد بن يونس، نا معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1) سورة الأنعام: الآية 28.
(2)
واختلف في أهل الفترة، فقالت الأشعرية: من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيًا، وقالت الماتريدية: إن مات قبل مضي مدة يمكنه فيها التأمل، ولم يعتقد إيمانًا ولا كفرًا، فلا عقاب عليه، بخلاف ما إذا اعتقد كفرًا، أو مات بعد المدة غير معتقد شيئًا، كذا في "الشامي"(4/ 347)، وذكر صاحب "اليواقيت والجواهر" (2/ 51): أهل الفترة أنواعًا كثيرة، وحكى صاحب "فيض الباري" (1/ 102) عن الشيخ الأكبر: أن أهل الفترة يخرجهم الله تعالى من جهنم بنفسه بعد شفاعة الأنبياء وغيرهم. (ش).
(3)
وفي "وشي الديباج"(ص 130): صنفت سبعة رسائل في ذلك، وتكلم على حديث الباب بأنه لم يوجد في بعض نسخ مسلم، ولو صحَّ فهو منسوخ، وتكلَّم على المسألة في مبدأ ترجمة "سرور المحزون". وقال: مذهب القدماء الكفر والمتأخرين إسلامهما، والأحوط التوقف، وبسط في الدلائل، وأجمل الكلام عليه في "تاريخ الخميس"(1/ 330)، وبسط عليه "الشامي"(4/ 347) بأشد البسط، ومن رسائل السيوطي:"مسالك الحنفاء في والدي المصطفى". (ش).