الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَتَبَ لَهُ أَبُو بَكرٍ بَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ صَاعٍ مِنْ صَدَقَةِ الْيَمَامَةِ: أَرْبَعَةِ آلَافٍ بُرًّا (1)، وَأَرْبَعَةِ آلَافٍ شَعِيرًا (2)، وَأَرْبَعَةِ آلَافٍ تَمْرًا (3)، وَكَانَ فِي كِتَاب النَّبِيِّ (4) صلى الله عليه وسلم لِمُجَّاعَةَ:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم! هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمُجَّاعَةَ بْنِ مُرَارَةَ مِنْ بَنِي سُلْمَى، إِنِّي أَعْطَيْتُهُ (5) مِائَةً مِنَ الإبِلِ مِنْ أَوَّلِ خُمُسٍ يَخْرُجُ مِنْ مُشْرِكِي بَني ذُهْلٍ، عُقْبَةً مِنْ أَخِيهِ".
(21) بَابُ مَا جَاءَ فِي سَهْمِ الصَّفِيِّ
===
النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكتب له أبو بكر باثْنَيْ عَشَرَ ألفِ صاعٍ من صدقة اليمامة: أربعة آلاف بُرًّا، وأربعة آلاف شعيرًا، وأربعة آلاف تمرًا) ولعله كان اثنا عشر ألف صاع وفاءَ قيمةِ طائفةٍ من الإبل التي بقيت لمجّاعة، مما كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لمجاعة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا كتابٌ من محمد النبي صلى الله عليه وسلم لمجاعة بن مرارة من بني سُلمى، إني أعطيتُه مائةً من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذُهْلٍ عقبةً) أي عوضًا (من أخيه) الذي قتلته بَنُو سَدُوسٍ من بني ذُهْلٍ.
(21)
(بَابُ مَا جَاءَ فِي سَهْمِ الصَّفِيِّ)(6)
وهو شيء يختاره ويصطفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنيمة، والفرق بين الصفي المذكور في هذا الباب وبين ما تقدم في "باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم" أن هذا
(1) في نسخة: "بر".
(2)
في نسخة: "شعير".
(3)
في نسخة: "تمر".
(4)
في نسخة: "رسول الله".
(5)
في نسخة: "أعطيه".
(6)
وذهب الجمهور إلى إثباته أولًا، وسقوطه بوفاته عليه الصلاة والسلام، إلَّا أبا ثور فإنه قال: إن كان ثابتًا فهو للإمام بعده، فجمع التردد أولًا، ومخالفة الإجماع في إبقائه بعد موته، كذا في "المغني"(9/ 291). (ش).
2991 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أنَا سُفْيَانُ، عن مُطَرِّفٍ، عن عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ:"كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَهْمٌ يُدْعَى الصَّفِيَّ، إِنْ شَاءَ عَبْدًا (1)، وَإِنْ شَاءَ أَمَةً (2)، وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا (3)، يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ".
2992 -
حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا أَبُو عَاصِمٍ وَأَزْهَرُ
===
ما يصطفيه من الغنيمة بعد القتال، وأما الذي تقدم قبل فهو الذي أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، لم يُوجِفْ عليه المسلمون بخيلٍ ولا ركابٍ، فلما كانت هذه الأموال خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم سميت الصفيَّ، والله تعالى أعلم.
2991 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن مطرف، عن عامر الشعبي قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم سَهْمٌ) أي في الغنيمة (يُدْعَى الصَّفِيَّ، إن شاء عبدًا، وإن شاء أمةً، وإن شاء فرسًا) أو سيفًا (يختاره قبل الخمسِ (4)) أي قبل إخراجه، وهذا السهم مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس لأحد بعده من الخلفاء والأئمة.
2992 -
(حدثنا محمد بن بشار، نا أبو عاصم وأزهر) هو أزهر بن سعد السمان، أبو بكر الباهلي البصري، قال ابن سعد: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن قانع: ثقة مأمون، وقال إسحاق بن منصور عن يحيى: ثقة، وقال العقيلي في "الضعفاء": له حديث منكر عن ابن عون، وساق له حديث فاطمة في التسبيح، وصله أزهر، وخالفه غيره فأرسله، وحكى العقيلي وأبو العرب الصقلي في "الضعفاء": أن الإِمام أحمد قال: ابن أبي عدي أحبّ إليّ من أزهر. قلت: ليس هذا بجرح يوجب إدخاله في الضعفاء.
(1) في نسخة: "عبد".
(2)
في نسخة: "أمة".
(3)
في نسخة: "فرس".
(4)
وبذلك قلنا كما في "الشامي"(6/ 240)، وسيأتي عن "السير الكبير"(2/ 608)، وبه جزم الموفق، وحكاه عن أكثر أهل العلم، وقال: أنكره قوم لحديث أبي داود: ليس لي من الفيء إلَّا الخمس
…
إلخ، ولنا هذه الأحاديث. [انظر:"المغني"(9/ 291)]. (ش).
قَالَا: نَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: "سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عن سَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّفِيِّ، قَالَ: كَانَ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْم مَعَ الْمُسْلِمِينَ وإِنْ لَمْ يَشْهَدْ، وَالصَّفِيُّ يُؤْخَذُ لَهُ رَأْسٌ مِنَ الْخُمُسِ قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ". [ن 4145، ق 6/ 304]
===
(قالا: نا ابن عون قال: سألت محمدًا) أي ابن سيرين (عن سَهْمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والصفيِّ، قال) أي أحمد بن سيرين: (كان يضرب له بسهم) في الغنيمة (مع المسلمين) الغانمين (وإن لم يشهد) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم القتال (والصفيُّ يؤخذ له رأس من الخمس قبل كلِّ شيءٍ).
والحديثان رجالهما ثقات لكنهما مرسلان، لأن الشعبي وابن سيرين لم يدركا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهذا مخالف لما تقدم في حديث الشعبي، فإنه يدل على أن الصفيَّ كان من جملة الغنيمة قبل القسمة، وهذا يدل على أنه كان من الخمس لا من جملة الغنيمة.
ومذهبنا في ذلك ما قال شمس الأئمة السرخسي في "شرح السير الكبير"(1): فقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حظوظ في الغنائم: الصفيُّ، وخُمُسُ الخمس، وسَهْمٌ كَسَهْم أحد الغانمين، ومعنى الصفيّ أنه كان يصطفي لنفسه شيئًا قبل القسمة من سيف أو دِرْع أو جارية أو نحو ذلك، وقد كان هذا لوليِّ الجيش في الجاهلية مع حظوظ أخر، وفيه يقول القائل:
لَكَ الْمِرْبَاعُ (2) مِنْهَا وَالصَّفَايَا
…
وَحُكْمُكَ (3) وَالنَّشِيطَةُ (4) وَالْفُضُولُ (5)
(1)(2/ 608).
(2)
المِرباع: ربع الغنيمة الذي كان يأخذه الرئيس في الجاهلية، فردَّه الإِسلام خمسًا. انظر:"القاموس" و"المعجم الوسيط".
(3)
في الأصل: "حملك"، وهو تحريف، والصواب:"حكمك" كما في "شرح السير الكبير"، و"لسان العرب"(8/ 101).
والحكم: ما يحكم به الرئيس عليهم في الغنيمة فيأخذه.
(4)
النشيطة في الغنيمة: ما أصاب الرئيس قبل أن يصير إلى بَيضةِ القوم "القاموس".
(5)
الفُضول: ما عُجِزَ أن يُقسمَ لقلَّته وخُصَّ به. "لسان العرب".
2993 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، نَا عُمَرُ - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ -، عن سَعِيدٍ - يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ -، عن قَتَادَةَ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا غَزَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ صَافٍ (1) يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَتْ صَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ، وَكَانَ إِذَا لَمْ يَغْزُ بِنَفْسِهِ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ (2) وَلَمْ يُخَيَّرْ". [ق 6/ 304]
===
فانتسخ ذلك كله سوى الصفي، فإنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق بعد موته بالاتفاق، حتى إنه ليس للإمام الصفي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الخلاف في سهمه من الخمس أنه هل بقي للخلفاء بعده؟ وقد بينا ذلك في "السير الصغير".
2993 -
(حدثنا محمود بن خالد السلمي، نا عمر - يعني ابن عبد الواحد -، عن سعيد - يعني ابن بشير -، عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا كان له سَهْمٌ صَافٍ يأخذه من حيث شاء، فكانت صفية من ذلك السهم، وكان إذا لم يغز بنفسه) أي لم يشهد القتال مع الجيش (ضرب له بسهمه ولم يُخَيّر) أي لم يخير في أن يصطفي من الغنيمة شيئًا، فحاصله أنه صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن يغزو بنفسه لا يكون له اختيار سهم الصفي، وهذا الحكم باعتبار ظاهر هذا القيد.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه ما يخالف ذلك، وهو: قوله: "إذا غزا كان له سهم صاف
…
إلخ"، المراد بالسهم ها هنا هو الصفي، لأنه حظ من الغنيمة وسهم، وقوله: "إذا غزا" ليس قيدًا حتى لا يكون الصفي إذا لم يغز، بل كان له الصفي غزا أو لم يغز، إلَّا أن يقتسم أهل السرية غنيمة قبل أن يأتوا بها المدينة بإجازة منه صلى الله عليه وسلم، فكان لا يؤخذ منها الصفي، لا لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستحقه، بل لعدم بقاء محله لوقوع القسمة، انتهى.
قلت: وهذا لم أره من أحد من العلماء المتقدمين والمتأخرين صرح بذلك، لكنه يؤيده ما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني زهير بن أُقَيْش: "إنكم إن
(1) في نسخة: "صافي".
(2)
في نسخة: "بسهم".
2994 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيًّ، نَا (1) أَبُو أَحْمَدَ، أَنَا سُفْيَانُ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن عَائِشَةَ قَالَتْ:"كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَفِيِّ". [ق 6/ 304]
===
شهدتم أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخُمُسَ من المغنم، وَسَهْمَ النبي صلى الله عليه وسلم، وسَهْمَ الصفي، أنتم آمنون بأمان الله ورسوله" (2)، وهذا صريح في أن سهم الصفي مستحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواء شهد القتال أو لم يشهد، على أن الحديث ضعيف، لأن عمر بن عبد الواحد (3) ضعفه علماء الرجال.
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(4): قال سعيد بن عبد العزيز: كان حاطب الليل، وقال عمرو بن علي ومحمد بن المثنى: حدث عنه ابن مهدي ثم تركه، وكذا قال أبو داود عن أحمد، وقال الميموني: رأيت أبا عبد الله يضعف أمره، وقال الدوري وغيره عن ابن معين: ليس بشيء، وقال عثمان الدارمي وغيره عن ابن معين: ضعيف، وقال علي بن المديني: كان ضعيفًا، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: منكر الحديث، ليس بشيء، ليس بقوي الحديث، يروي عن قتادة المنكرات، وقال البخاري: يتكلمون في حفظه وهو محتمل، وقال النسائي: ضعيف، وقال الآجُريُّ عن أبي داود: ضعيف، وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ فاحش الخطأ، يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه، وعن عمرو بن دينار: ما ليس يعرف عن حديثه، والله تعالى أعلم.
2994 -
(حدثنا نصر بن علي، نا أبو أحمد، أنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت صفيةُ من الصفيِّ) أي من سهمه الصفي،
(1) في نسخة: "أنا".
(2)
سيأتي تخريجه في المتن برقم (2999).
(3)
كذا في الأصل، وهو سبق قلم، والصواب: سعيد بن بشير، لأن كلام الحافظ الآتي في سعيد بن بشير لا في عمر بن عبد الواحد.
(4)
(4/ 9 - 10).
2995 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الزُّهْرِيُّ، عن عَمْرو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:"قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّة بِنْتِ حُيَيًّ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا حَتى بَلَغْنَا سُدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا". [خ 2235، م 1365، ق 6/ 304]
===
اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنيمة قبل القسمة، ولكن يخالفه الحديث الآتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراها بسبعة أرؤس، وسيأتي جوابه هناك إن شاء الله تعالى.
2995 -
(حدثنا سعيد بن منصور، نا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري) حليف زهرة، القاري، (عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس بن مالك قال) أنس: (قدمنا خيبر، فلما فَتَحَ الله تعالى الحِصْنَ). قال الحافظ (1): وعند ابن إسحاق أن صفية سُبيت من حصن القموص، وهو حصن بني أبي الحقيق، وكانت تحت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق.
(ذُكر له جمال صفية بنت حُيَي، وقد قُتِلَ زَوجُهَا) وكانت تحت سلَّام بن مشكم القرظي، ثم فارقها، فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضيري، فقتل عنها يوم خيبر، ذكر ذلك ابن سعد، قاله الحافظ.
(وكانت عروسًا، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، فَخَرَجَ بها حتى بَلَغْنَا سدّ) بفتح المهملة وضمها (الصهباء) اسم موضع بينه وبين خيبر روحة، وقال الحافظ (2): وهي على بريد من خيبر، قاله ابن سعد وغيره. (حلَّت (3) فبنى بها).
(1)"فتح الباري"(7/ 469).
(2)
المصدر السابق (7/ 480).
(3)
قوله: "حلت"، أي: خرجت من عدتها.
2996 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:"صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [خ 2228، م 1365، جه 1957]
2997 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، نَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، نَا حَمَّادٌ، أَنَا ثَابِتٌ، عن أَنَسٍ قَالَ: "وَقَعَ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ،
===
2996 -
(حدثنا مسدد، نا حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك قال: صارَتْ صفيةُ لدحيةَ الكلبي) لأنه صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ دحية أن يختار من السَّبْي ما شاء فتخيّرها (ثم صارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم) لأنه اصطفاها بعد، قيل: إن صفية كان اسمها قبل أن تسبى زينب، فلما صارت من الصفي سُميت صفية.
2997 -
(حدثنا محمد بن خلاد الباهلي، نا بَهْز بن أسد، نا حماد، أنا ثابت، عن أنس قال: وقع في سهم دحية جاريةٌ جميلةٌ) وهي صفية (فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس).
قال الحافظ (1): فالأولى في طريق الجمع أن المراد بسهمه هنا نصيبه الذي اختاره دحية لنفسه، وذلك أنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يعطيَه جارية فَأَذِنَ له أن يأخذ جاريةً، فأخذ صفية، فلما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إنها بنت ملك من ملوكهم، ظَهَرَ له أنها ليست ممن تُوهب لدحية لكثرة من كان في الصحابة مثل دحية وفوقه، وقلة من كان في السَّبْي مثل صفية في نفاستها، فلو خَصَّه بها لأمكن تغير خاطر بعضهم، فكان من المَصلحة العامة ارتجاعها منه، واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها، فإن في ذلك رِضَى الجميع، وليس ذلك من الرجوع في الهبة من شيء، وأما إطلاق الشراء على العوض فعلى سبيل المجاز، ولعله عوضه عنها بنت عمها أو بنت عم زوجها، فلم تطب نفسه، فأعطاه من جملة النبي زيادة على ذلك.
(1)"فتح الباري"(7/ 470).
ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْم تُصَنِّعُهَا وَتُهَيِّئُهَا". قَالَ حَمَّادٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: "وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا: صَفِيَّةٌ ابْنَةُ حُيَيًّ". [م 1365]
2998 -
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ. (ح): وَحَدَّثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، الْمَعْنَى، قَالَ: نَا ابْنُ عُليَّةَ، عن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عن أَنَسٍ قَالَ: جُمِعٍ السَّبْيُ - يَعْنِي بِخَيْبَرَ - فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْي، قَالَ:"اذْهَبْ وَخُذْ جَارِيَةً"، فَأَخَذَ صَفِيَّةَ ابْنَةَ حُيَيًّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النّبِيِّ (1) صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ - قَالَ يَعْقُوبُ: صَفِيَّةَ ابْنَةَ حُيَيٍّ (2) - سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ (3)
===
(ثُمَّ دَفَعَها إلى أم سليم تُصَنِّعُها) أي تُزَيِّنُها (وتُهَيِّئُها) أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قال حماد: وأحسبه) أي ثابتًا (قال: وتعتدُّ في بيتها) أي بيت أم سليم (صفيةُ ابنةُ حُيَيًّ) فاعل لتعتد.
2998 -
(حدثنا داود بن معاذ، حدثنا عبد الوارث، ح: وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، المعنى) أي معنى حديث عبد الوارث ويعقوب واحدٌ (قال) كل واحد منهما، وفي نسخة: قالا: (نا ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: جُمِعَ السَّبْيُ - يعني بخيبر - فَجَاء دحيةُ فقال: يا رسول الله، أَعْطِنِي جاريةً من السَّبْيِ، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذهب فَخُذْ جاريةً) فذهب (4)(فَأَخذ صفيةَ ابنةَ حُيَيًّ) بضم الحاء المهملة وفتح المثناة التحتانية.
(فجاء رجل) لم أقف على تسميته (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أَعْطَيْتَ دحيةَ - قال يعقوب: صَفِيّةَ ابنةَ حُيَي - سيدةَ قُريظةَ
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
زاد في نسخة: "ثم اتفقا".
(3)
في نسخة: "بني قريظة".
(4)
ذكر العيني في الحديث إشكالين: إعطاؤه عليه الصلاة والسلام قبل القسمة ثم إرجاعه، وأجاب عنهما بأجوبة. [انظر:"عمدة القاري"(3/ 303)]. (ش).
وَالنَّضِيرِ؟ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ، قَالَ: ادْعُوهُ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:"خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا"، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. [خ 371، م 1365، ن 3380]
2999 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا قُرَّةُ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا بِالْمِرْبَدِ
===
والنضير؟ ما تصلح إلَّا لك).
والفرق بين حديث يعقوب وبين حديث عبد الوارث، أن يعقوب قال: أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قُريظةَ والنضير، لا تصلح إلَّا لك، وأما عبد الوارث فلم يذكر اسمها، بل قال: يا رسول الله أعطيت دحية سيدة قريظة والنضير لا تصلح إلَّا لك.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اُدْعُوه) أي دحية (بها) أي بصفية، فجاء (فلما نظر إليها) أي إلى صفية (النبي صلى الله عليه وسلم قال له) أي لدحية:(خُذْ جاريةً من السَّبْي غيرَها) كأنه خاف عليهما الفتنة من ذلك فاستردها (وأن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقهاَ وتزوَّجها).
2999 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا قرة قال: سمعت يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمِرْبَد) قال في "معجم البلدان"(1): ومربد النعم: موضع على ميلين من المدينة، وفيه تَيَمَّمَ ابنُ عُمَرَ (2)، ومربد البصرة: من أشهر محالها، وكان يكون سوق الإبل فيه قديمًا، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس، وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء، وهو الآن بائن عن البصرة بينهما نحو ثلاثة أميال، وكان ما بين ذلك كله عامرًا وهو الآن خراب، فصار المربد كالبلدة المفردة في وسط البرية، انتهى.
(1)(5/ 98).
(2)
في الأصل: "تميم بن عمر"، وهو تحريف.
فَجَاءَ رَجُلٌ أَشْعَثُ الرَّأْسِ بِيَدهِ قِطْعَةُ أَدِيمٍ أَحْمَرَ، فَقُلْنَا: كَأَنَّكَ مِن أَهْلِ الْبَادِيَةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، قُلْنَا: نَاوِلْنَا هَذِهِ الْقِطْعَةَ الأَدِيمَ الَّتِي فِي يَدِكَ، فَنَاوَلنَاهَا، فَقَرَأْنَا مَا فِيهَا (1)، فَإِذَا فِيهَا:"مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشَ، إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا (2) رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَدَّيْتُمُ الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسَهْمَ الصَّفِيَّ أَنْتُمْ (3) آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"، فَقُلْنَا: مَنْ كَتَبَ لَكَ هَذا الْكِتَابَ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [ق 7/ 58، ن 4146]
===
قلت: والظاهر أن المراد هنا بالمربد مربد البصرة.
(فجاء رجل أشعثُ الرأس بيده قطعةُ أديم أحمر) واسم الرجل النَّمِرُ كَكَتِف، ويقال بالفتح وبالكسر، شاعر مخضرم لحق النبي صلى الله عليه وسلم "قاموس"، كان شاعرًا فصيحًا وَفَدَ على النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل البصرةَ، وكان جوادًا، وعُمِّرَ طويلًا، يقال: عاش مائتي سنة.
(فقلنا: كأنك من أهل البادية؟ قال: أجل، قلنا) له: (نَاوِلْنَا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فَنَاوَلَناها، فَقَرَأْنَا ما فيها، فإذا فيها) أي في قطعة الأديم: (من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني زهير بن أُقَيْش، إنّكم إن شهدتم أن لا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأدّيتم الخمس من المغنم، وَسَهْمَ النبي صلى الله عليه وسلم، وَسَهْمَ الصَّفِيِّ، أنتم آمنون بأمان الله ورسوله، فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب؟ قال) الرجل: كتب لي ذلك الكتاب (رسول الله صلى الله عليه وسلم)
(1) في نسخة: "فقرأناها".
(2)
في نسخة: "أنا محمد".
(3)
في نسخة: "فأنتم".