المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(19) باب: في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ١٠

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(12) أَوَّلُ كِتَابِ الْوَصَايَا

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَجُوزُ لِلْمُوصِي في مَالِهِ

- ‌(3) بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَّةِ الإضْرَارِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّخُولِ في الْوَصَايَا

- ‌(5) بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِين

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ

- ‌(7) بَابُ مُخَالَطَةِ الْيَتِيمِ فِي الطَّعَامِ

- ‌(8) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا لِوَلِيّ الْيَتِيمِ أَنْ يَنَالَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ مَتَى يَنْقَطِع الْيُتْم

- ‌(10) بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ

- ‌(11) بَابُ مَا جَاءَ فِي الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ

- ‌(12) بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَهَبُ الْهِبَةَ ثُمَّ يُوصَى لَهُ بِهَا أَوْ يَرِثُهَا

- ‌(13) بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُوقِفُ الْوَقْفَ

- ‌(14) بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَةِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(15) بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ مَاتَ عن غَيْرِ وَصِيَّة يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(16) بَابُ مَا جَاءَ فِي وَصِيَّةِ الْحَرْبِيّ يُسْلِمُ وَليُّه أَيَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِذَهَا

- ‌(17) بَابُ مَا جَاءَ في الرَّجُلِ يموتُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَة وَفَاء يُسْتَنْظَرُ غُرَمَاؤُهُ وَيُرْفَق بِالْوَارِثِ

- ‌(13) أَوَّلُ كِتَابِ الْفَرَائِضِ

- ‌(1) بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ

- ‌(2) بَابٌ: في الْكَلَالَةِ

- ‌(3) بَابُ مَنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أَخَوَات

- ‌(4) بَابُ مَا جَاءَ فِي مِيرَاثِ الصُّلْبِ

- ‌(5) بَابٌ: فِي الْجَدَّةِ

- ‌(6) بَابُ مَا جَاءَ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّ

- ‌(7) بَابٌ: فِي مِيرَاثِ الْعَصَبَة

- ‌(8) بَابٌ: فِي مِيرَاثِ ذَوِي الأَرْحَامِ

- ‌(9) بَابُ مِيرَاثِ ابْنِ الْمُلَاعَنَة

- ‌(10) بَابٌ: هَلْ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِر

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ

- ‌(12) بَابٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌(13) بَابٌ: فِي الرَّجُلِ يُسْلِمُ عَلَى يَدَيِ الرَّجُل

- ‌(14) بَابٌ: فِي بَيْعِ الْوَلَاءِ

- ‌(15) بَابٌ: فِي الْمَوْلُودِ يَسْتَهِلُّ ثُمَّ يَمُوت

- ‌(16) بَابُ نَسْخِ مِيرَاثِ الْعَقْدِ بِمِيرَاثِ الرَّحِمِ

- ‌(17) بَابٌ: فِي الْحِلْفِ

- ‌(18) بَابٌ: فِي الْمَرْأَةِ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌(14) أَوَّلُ كتَابِ الْخَرَاجِ وَالْفَيْء والإمَارَةِ

- ‌(1) بَابُ مَا يَلْزَمُ الإمَامُ مِنْ حَقّ الرَّعِيَّةِ

- ‌(2) بَابُ مَا جَاءَ في طَلَبِ الإمَارَةِ

- ‌(3) بَابٌ: فِي الضَّرِيرِ يُوَلَّى

- ‌(4) بَابٌ: فِي اتِّخَاذِ الْوَزِيِرِ

- ‌(5) بَابٌ: فِي الْعِرَافَة

- ‌(6) بَابٌ: فِي اتِّخَاذِ الْكَاتِبِ

- ‌(7) بَابٌ: فِي السِّعَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ

- ‌(8) بَابٌ: فِي الْخَلِيفَةِ يَسْتَخْلِفُ

- ‌(9) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَيْعَةِ

- ‌(10) بَابٌ: فِي أَرْزَاقِ الْعُمَّالِ

- ‌(11) بَابٌ: فِي هَدَايَا الْعُمَّال

- ‌(12) بَابٌ: فِي غُلُولِ الصَّدَقَةِ

- ‌(13) بَابٌ: فِيمَا يَلْزَمُ الإمَامَ مِنْ أَمْرِ الرَّعِيَّةِ

- ‌(15) بَابٌ: فِي أَرْزَاقِ الذُّرِّيَّةِ

- ‌(16) (بَابٌ: مَتَى يُفْرَضُ لِلرَّجُلِ فِي الْمُقَاتِلَةِ

- ‌(17) بَابٌ: فِي كَرَاهِيَةِ الافْتِرَاضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌(18) بَابٌ: فِي تَدْوِينِ الْعَطَاءِ

- ‌(19) بَابٌ: فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوَالِ

- ‌(20) بَابٌ: فِي بَيَانِ مَوَاضِع قَسْمِ الْخُمُسِ وَسَهْمِ ذِي الْقُرْبَى

- ‌(21) بَابُ مَا جَاءَ فِي سَهْمِ الصَّفِيِّ

- ‌(22) بَابٌ: كَيْفَ كَانَ إِخْرَاجُ الْيَهُودِ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌(23) بَابٌ: فِي خَبَرِ النَّضِيرِ

- ‌(24) بَابُ مَا جَاءَ فِي حُكْمِ أَرْضِ خَيْبَر

- ‌(25) بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ مَكَّة

- ‌(26) بَابُ مَا جَاءَ فِي خَبَرِ الطَّائِفِ

- ‌(27) بَابُ مَا جَاءَ فِي حُكْمِ أَرْضِ الْيَمَنِ

- ‌(28) (بَابٌ: فِي إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ)

- ‌(29) بَابٌ: فِي إِيقَافِ أَرْضِ السَّوَاد وَأَرْضِ الْعَنْوَة

- ‌(30) بَابٌ: في أَخْذِ الْجِزيةِ

- ‌(31) بابٌ: في أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ

- ‌(32) بابٌ: في التَّشْدِيدِ في جِبَايَةِ الْجِزْيَةِ

- ‌(33) بَابٌ: في تَعْشِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَة

- ‌(34) بَابٌ: في الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ في بَعْضِ السَّنَةِ هَلْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ

- ‌(35) بابٌ: في الإمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا الْمُشْرِكِين

- ‌(36) (بَابٌ: في إِقْطَاعِ الارَضِينَ)

- ‌(37) بَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌(38) (بَابُ مَا جَاءَ في الدُّخُولِ في أَرْضِ الْخَرَاجِ)

- ‌(39) بَابٌ: في الأَرْضِ يَحْمِيهَا الإمَامُ أَوِ الرَّجُلُ

- ‌(40) بَابُ مَا جَاءَ في الرِّكَازِ وَمَا فِيهِ

- ‌(41) بَابُ نَبْشِ الْقُبُورِ الْعَادِيَّةِ

- ‌(15) أَوَّلُ كتَابِ الْجَنَائِزِ

- ‌(1) بَابُ الأَمْرَاضِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ

- ‌(2) [بَابٌ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أوْ سَفَرٌ]

- ‌(3) بَابُ عِيَادَةِ النِّسَاء

- ‌(4) بَابٌ: في الْعِيَادَةِ

- ‌(5) بَابٌ: في عِيَادَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌(6) بَابُ الْمَشْيِ في الْعِيَادَةِ

- ‌(7) بَابٌ: في فَضْلِ الْعِيَادَةِ

- ‌(8) بَابٌ: في الْعِيَادَةِ مِرَارًا

- ‌(9) بَابُ الْعِيَادَةِ مِنْ الرَّمَدِ

- ‌(10) بَابُ الْخُرُوجِ مِنَ الطَّاعُون

- ‌(11) بَابُ الدُّعَاءِ لِلمَرِيضِ بِالشِّفَاءِ عِنْدَ العِيَادَةِ

- ‌(12) بَابُ الدُّعَاءِ لِلمَرِيضِ عِنْدَ الْعِيَادَةِ

- ‌(13) بَابُ كَرَاهِيَّةِ تَمَنِّي الْمَوْت

- ‌(14) بابٌ: في الْفَجْأةِ

- ‌(15) بابٌ: في فَضْلِ مَنْ مَاتَ بِالطَّاعُون

- ‌(16) بَابُ الْمَرِيضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَعَانَتِهِ

- ‌(17) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ عِنْدَ الْمَوْت

- ‌(18) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَطْهِيرِ ثيَابِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(19) بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنَ الْكَلَامِ

- ‌(20) بابٌ: في التَّلْقِين

- ‌(21) بَابُ تَغْمِيضِ الْمَيِّت

- ‌(22) بَابٌ: في الاسْتِرْجَاعِ

- ‌(23) بابٌ: في الْمَيِّتِ يُسَجَّى

- ‌(24) بَابُ الْقِرَاءَة عِنْدَ الْمَيِّتِ

- ‌(25) (بَابُ الْجُلُوسِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ)

- ‌(26) (بابُ التَّعْزِيَةِ)

- ‌(27) (بابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الْمُصِيْبَةِ)

- ‌(28) بَابٌ: في الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(29) بابٌ: في النَّوْحِ

- ‌(30) بَابُ صُنْعَةِ الطَّعَامِ لِأَهْلِ الْمَيِّت

- ‌(31) بَابٌ: في الشَّهِيدِ يُغَسَّل

- ‌(33) بَابٌ: كَيْفَ غَسْلُ الْمَيِّتِ

- ‌(34) بَابٌ: في الْكَفَنِ

- ‌(35) بَابُ كَرَاهِيَّةِ الْمُغَالَاةِ في الْكَفَنِ

- ‌(36) بابٌ: في كَفَنِ الْمَرْأَةِ

- ‌(37) بَابٌ: في الْمِسْكِ لِلمَيِّتِ

- ‌(38) بَابُ تَعْجِيلِ الْجَنَازَةِ

- ‌(39) بَابٌ: في الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌(40) بَابٌ: في تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ

- ‌(41) بَابٌ: في الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ

- ‌(42) بَابٌ: في الْمَيِّتِ يُحْمَلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ

- ‌(43) (بَابٌ: في الصَّفِّ عَلَى الْجَنَازَةِ)

- ‌(44) بَابُ اتِّباع النِّسَاءِ الْجَنَازَةَ

- ‌(45) بَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ

- ‌(46) بَابٌ: في اتِّباع الْمَيِّتِ بِالنَّارِ

- ‌(47) بَابُ الْقِيَامِ لِلجَنَازَةِ

- ‌(48) بَابٌ: الرُّكُوبِ في الْجَنَازَةِ

- ‌(49) بَابُ الْمَشْي أَمَامَ الْجَنَازَةِ

- ‌(50) بَابُ الإسْرَاعِ بِالْجَنَازَةِ

- ‌(51) (بَابُ الإمَامِ يُصَلِّي عَلَى مَنْ قتَلَ نَفْسَهُ)

- ‌(52) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قتلَتْهُ الْحُدُودُ

- ‌(53) بَابٌ: في الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌(54) بَابُ الصَّلَاة عَلَى الْجَنَازَةِ في الْمَسْجِدِ

- ‌(55) (بابُ الدَّفَنِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغرُوبِهَا)

- ‌(56) بابٌ إِذَا حَضَرَ جَنَائِزُ رِجَالٍ وَنسَاءٍ مَنْ يُقَدَّم

- ‌(57) بابٌ: أَيْنَ يَقُومُ الإمَام مِنَ الْمَيِّتْ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِ

- ‌(58) بَابُ التكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ

- ‌(59) بَابُ مَا يُقْرَأ عَلَى الْجَنَازَةِ

- ‌(60) بَابُ الدُّعَاءِ لِلمَيِّتِ

- ‌(61) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(62) باب الصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَمُوتُ في بِلَادِ الشّرْكِ

- ‌(63) بَابٌ في جَمْعِ الْمَوْتَى في قَبْرٍ، وَالْقَبْرُ يُعْلَمُ

- ‌(64) بَابٌ: في الْحَفَّارِ يَجِدُ الْعَظْمَ، هَلْ يَتَنكَّبُ ذَلِكَ الْمَكَان

- ‌(65) بَابٌ: في اللَّحْدِ

- ‌(66) بَابٌ: كمْ يدخلُ الْقَبْر

- ‌(67) (بابٌ: كيْفَ يُدْخَلُ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ

- ‌(68) بَابٌ: كَيْفَ يَجْلِسُ عِنْدَ الْقَبْرِ

- ‌(69) بَابٌ: في الدُّعَاء لِلمَيِّتِ إِذَا وُضِعَ في قَبْرِهِ

- ‌(70) بَابُ الرَّجُلُ يَمُوتُ لَهُ قَرَابَةٌ مُشْرِكٌ

- ‌(71) بَابٌ: في تَعْمِيقِ الْقَبْرِ

- ‌(72) بَابٌ: في تَسْوِيَةِ الْقَبْرِ

- ‌(73) بَابُ الاسْتِغْفَار عِنْدَ الْقَبْرِ لِلْمَيِّتِ في وَقْتِ الانْصِرَافِ

- ‌(74) بَابُ كَرَاهِيَةِ الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ

- ‌(75) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ حِينٍ

- ‌(76) بابٌ: في الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(77) بَابٌ: في كرَاهِيَةِ الْقُعُود عَلَى الْقَبْرِ

- ‌(78) بَابُ الْمَشْي بَيْنَ الْقُبُورِ في النَّعْلِ

- ‌(79) بابٌ: في تَحْوِيلِ الميِّتِ مِنْ مَوْضِعِهِ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ

- ‌(80) بَابٌ: في الثَّناءِ عَلَى الْمَيِّتِ

- ‌(81) بَابٌ: في زِيَارَةِ الْقُبُورِ

- ‌(82) بابٌ: في زِيَارَةِ النِّسَاءِ الْقُبُورَ

- ‌(83) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا مَرَّ بِالْقبور

- ‌(84) بَابٌ: كيْفَ يُصْنعُ بِالْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ

- ‌(16) أوَّلُ كتاب الأيمان والنذور

- ‌(1) بَابُ التَّغْلِيظِ في الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ

- ‌(2) بَابٌ: فِيمَنْ حَلَفَ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(3) (بابُ مَا جَاءَ فِي تَعْظِيم الْيَمِين عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(4) بَابُ الْيَمِينِ بِغَيْرِ الله

- ‌(5) [بَابٌ: في كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالآبَاءِ]

- ‌(6) بَابٌ: في كَرَاهِيَةِ الْحَلْفِ بِالأَمَانَةِ

- ‌(7) بَابُ الْمَعَارِيضِ في الأَيْمَان

- ‌(8) (بَابُ مَا جَاءَ في الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مِلَّةِ غَيْرِ الإسْلَامِ)

- ‌(9) بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتَأَدَّمَ

- ‌(10) بَابُ الاسْتِثْنَاءِ في الْيَمِينِ

- ‌(11) بَابُ مَا جَاءَ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا كانَتْ

- ‌(12) بَابُ الْحِنْثِ إِذَا كَانَ خَيْرًا

- ‌(13) بَابٌ: في الْقَسَمِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا

- ‌(14) بَابٌ: في الْحَلْفِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا

- ‌(16) بَابٌ: في الرَّقْبَةِ الْمُؤْمِنَةِ

- ‌(17) (بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّذْرِ)

- ‌(18) بَابُ النَّذْرِ في الْمَعْصِيَةِ

- ‌(19) بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ كفَّارَةً إِذَا كَانَ في مَعْصِيَةٍ

- ‌(20) بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي في بَيْتِ الْمَقْدِسِ

- ‌(21) بَابُ قَضَاءِ النَّذْرِ عَنِ الْمَيِّتِ

- ‌(22) (بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ وَفَاءِ النَّذْرِ)

- ‌(23) بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ

- ‌(24) بَابُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ

- ‌(25) بَابُ نَذْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَدْرَكَ الإسْلَام

- ‌(26) بَابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ

- ‌(27) بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ

- ‌(28) بَابٌ: فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَا يَأكلُهُ

- ‌(29) بَابُ الْيَمِينِ في قَطِيعَةِ الرَّحِمِ

- ‌(30) (بَابُ الْحَالِفِ يَسْتَثْنِي بَعْدَ مَا يَتَكَلَّمُ)

- ‌(31) بابُ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ

الفصل: ‌(19) باب: في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال

(19) بَابٌ: فِي صَفَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَمْوَالِ

2963 -

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسَ، الْمَعْنَى، قَالَا: نَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عن ابْنِ شِهَابٍ، عن مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: "أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ فَجِئْتُهُ، فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ، فَقَالَ حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ: يَا مَالُ، إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ وَإِنِّي قَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِشَيءٍ فَاقْسِمْ (1) فِيهِمْ.

===

(19)

(بَابٌ: في صَفَايَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)، الصفايا: جمع صفي، وهي الأموال والأراضي التي أفاء الله على رسوله مما لم يُوجف المسلمون عليها بخيلٍ ولا ركابٍ (مِنَ الأَمْوَالِ)

2963 -

(حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن يحيى بن فارس المعنى، قالا: نا بشر بن عمر الزهراني قال: حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان) بفتح المهملتين والمثلثة، ابن سعد بن يربوع النصري، أبو سعيد المدني، مختلف في صحبته، ذكره ابن سعد في طبقة من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولم يحفظ عنه شيئًا، قال: ويقولون: إنه ركب الخيل في الجاهلية، قال: وكان قديمًا، ولكن تأخر إسلامه، وقال البخاري: وقال بعضهم: له صحبة ولا تصح، وقال ابن خراش: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(قال: أرسل إليَّ عُمَرُ) أي داعيًا (حين تَعَالَى النهارُ) أي ارتفعتِ الشمسُ (فجئتُه فوجدتُه جالسًا على سرير مُفْضِيًا إلي رِمَاله) أي قاعدٌ عليه من غير فراش، ورمال الحصير ظلوعه المتداخلة بمنزلة الخيوط في الثوب النسيج (فقال حين دخلت عليه: يا مال) بالترخيم (إنه قَدْ دَفَّ) أي أَقْبَلَ (أهلُ أبياتٍ من قومِكَ وإني قد أمرتُ فيهم بشيء) يعطون ويقسم بينهم (فَاقْسِمْ فيهم،

(1) في نسخة: "فاقسمه".

ص: 140

قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ غَيْرِي بِذَلِكَ، فَقَالَ: خُذْهُ، فَجَاءَهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! هَلْ لَكَ فِي الْعَبَّاسِ وَعَلِيًّ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، قَالَ (1) الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْني وَبَيْنَ هَذَا - يَعْنِي عَلِيًّا - فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! اقْضِ (2) بَيْنَهُمَا وَأَرِحْهُمَا

===

قلت: لو أَمَرْتَ غيري بذلك) وعفوت عني منه لكان خيرًا (فقال) عمر رضي الله عنه: (خذه) أي المال.

(فجاءه) عمر رضي الله عنه (يرفأُ)(3) وهو اسم حاجب عصر، قال في "القاموس": يَرْفَأُ كيمنع: مولى عمر رضي الله عنه (فقال) أي يرفأ: (يا أمير المؤمنين، هل لك) أي رغبة (في) دخول (عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوم وسعد بن أبي وقاص) عليك؟ (قال) عمر رضي الله عنه: (نعم، فَأَذِنَ لهم فدخلوا).

(ثم) بعد زمان يسير (جاءه) أي عمر رضي الله عنه (يرفأ، فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك) رغبة (في) دخول (العباس وعلي؟ قال: نعم، فَأَذِنَ لهم) أي للعباس وعلي (فدخلوا، قال العباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا - يعني عليًّا - فقال بعضهم) أي من عثمان وأصحابه: (أَجَلْ، يا أميرَ المومنين، اقض بينهما وأَرِحْهُمَا) أي أَرحْ أحدهما من الآخر فإنهما يتنازعان.

(1) في نسخة: "فقال".

(2)

في نسخة: "فاقض".

(3)

أدرك الجاهلية، ولا يعرف له صحبة، كذا في "الأوجز"(3/ 254)، وفي الحديث إتخاذ الحاجب للإمام، وسيأتي في هامش "باب الصبر عند المصيبة". (ش).

ص: 141

- قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: خُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا قَدَّمَا أُولَئِكَ النَّفَرَ لِذَلِكَ -. فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: اتَّئِدَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا

===

(قال مالك بن أوس: خُيِّلَ إِلَيَّ أنهما) أي العباس وعليًّا (قَدَّمَا أولئك النَّفَرَ) أي بَعَثَهم مقدمًا (لذلك) ليكلموا في شفاعتهما وإراحة أحدهما من الآخر.

(فقال عمر رضي الله عنه: اِتَّئِدا) أي لا تعجلا (ثم أقبل) أي عمر (على أولئك الرَّهْط) أي عثمان وأصحابه (فقال: أنشدكم) أي أسألكم بالحلف (بالله الذي بإذنه تقوم السماءُ والأرضُ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث)(1) أي: لا يرثنا (2) أحد ولا يجري الميراث فيما تركناه (ما تركنا) من

(1) لبقاء ملكه عليه الصلاة والسلام، أو لكونها صدقة، قولان للعلماء، كما في "المواهب"(1/ 419)، و"شرحه"(5/ 331)، والحديث يؤيد الأول، وفي حكمته أقوال أخر، كذا في "شرح الشمائل"(2/ 227)، و"الكوكب"(3/ 103)، وبسط الحافظ في "التلخيص"(3/ 218) طرق الحديث، وتقدم في "باب ذوي الأرحام" اختلاف العلماء في ذلك، وفي "المسوى على الموطأ" (2/ 487): الحديث روي عن عشرة من الصحابة خلافًا لمن زعم تفرد أبي بكر رضي الله عنه قلت: وفي "تفسير روح المعاني"(19/ 225) أنه موجود في "الكافي" للكليني، وزيادة "لا نرث" لا يصح كما تقدم. (ش).

(2)

يشكل عليه {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ

} الآية [النمل: 16] وغيرها من الآيات. راجع: "مختلف الحديث"(ص 361)، وذكر الرازي في "أحكام القرآن" نظائر لما ورد فيه لفظ الإرث ولم يُرد فيها ميراث المال، والحكم عام لجميع الأنبياء عند الجمهور خلافًا للحسن إذ قال: مخصوص به صلى الله عليه وسلم، كذا قال العيني (10/ 422)، ومال الرازي في "تفسيره"(3/ 514) إلى التخصيص، وإليه يظهر ميل الحافظ، لكن جزم في "التلخيص"(3/ 219) بالعموم، وكذا النووي (6/ 323)، وعزا في "شرح الشمائل"(2/ 227) العموم إلى الجمهور. (ش).

ص: 142

صَدَقَةٌ؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيًّ وَالْعَبَّاسِ رضي الله عنهما فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ "، فَقَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَإنَّ اللَّهَ خَصَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخُصَّ بِهَا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ الَلَّهُ تَعَالَى:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

وَكَانَ (1) اللَّهُ تَعَالَى أَفَاءَ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِير، فَوَاللَّهِ مَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ مِنْهَا

===

المال فهو (صدقة (2)؟ قالوا: نعم، ثم أَقْبَلَ على علي والعباس رضي الله عنهما، فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماءُ والأرضُ، هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة؟ فقالا) أي العباس وعلي: (نعم).

(قال) عمر رضي الله عنه: (فإن الله خَصَّ رسولَه صلى الله عليه وسلم بخاصَّة لم يخصّ بها أحدًا من الناس) أي لم يدخل في خصوصيته الناس (فقال الله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (3). وكان الله تعالى أفاء على رسوله صلى الله عليه وسلم) أي أعطاه الله فيئًا (بني النضير، فوالله ما استأثَرَ بها عليكم) أي ما رجح بها أحدًا عليكم (ولا أخَذَها دونكم) أي لم يأخذها خاصةً لنفسه من غير أن يعطيكم منها (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منها) أي من أموال

(1) في نسخة: "فكان".

(2)

بالرفع على ما ضبط، وأوَّله الرافضة بالنصب، وما نافية، أي لم نورث ما تركناه على سبيل الصدقة، وهو مع كونه ظاهر البطلان يأباه ما ورد:"ما تركناه فهو صدقة"، كذا قال العيني (10/ 423). (ش).

(3)

سورة الحشر: الآية 6.

ص: 143

نَفَقَةَ سَنَةٍ، أَوْ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ أَهْلِهِ سَنَةً وَيَجْعَلُ (1) مَا بَقِي أُسْوَةَ الْمَالِ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أُولَئِكَ الرَّهْطِ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ وَعَلِيًّ رضي الله عنهما فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِي بِإذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنا وَليُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، تَطْلُبُ أَنْتَ مِيرَاثَكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُورَثُ،

===

بني النضير (نفقة سنةٍ، أو) للشك من الراوي، قال:(نفقته ونفقة أهله سنةً، ويجعلُ ما بقي) من النفقة (أُسوةَ المال) أي مال الغنيمة كما يجعله في الكراع والسلاح ومصالح المسلمين، كذلك يجعل ما يبقى من النفقة من مال بني النضير وغيره.

(ثم أقبل على أولئك الرهط فقال) عمر رضي الله عنه: (أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماءُ والأرضُ هل تعلمون ذلك؟ ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصرف في هذا المال كما ذكرت (قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعلي رضي الله عنهما، فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماءُ والأرضُ هل تعلمان ذلك؟ ) كما يعلمون (قالا: نعم).

(فلما تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: أنا وليُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي خليفته (فجئتَ أنتَ) يخاطب العباس (وهذا) أي علي رضي الله عنه (إلي أبي بكر رضي الله عنه تطلبُ أنتَ ميراثَك من ابن أخيك، ويطلبُ هذا ميراثَ امرأته) فاطمة رضي الله عنها (من أبيها، فقال أبو بكر) لكما: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث،

(1) في نسخة: "فجعل".

ص: 144

مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"، واللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ (1) بَارٌّ رَاشِدٌ تَابعٌ لِلْحَقِّ، فَوَليَهَا أَبُو بَكْرٍ.

فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ قُلْتُ: أَنَا وَليُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَليُّ أَبِي بَكْرٍ، فَوَليتُهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلِيهَا، فَجِئْتَ أَنْتَ وَهَذَا، وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، فَسَأَلْتُمَانِيهَا فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ أَنْ تَلِيَاهَا بِالَّذِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلِيهَا، فَأَخَذْتُمَاهَا مِنِّي عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي لأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيَّ". [خ 3094، م 1757، ت 1610، ن 4148، حم 1/ 25، ق 6/ 297]

===

ما تركنا صدقة، والله يعلم أنه) أي أبا بكر (صادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابِعٌ للحق، فَوَليَها) أي تولى أمر تلك الأموال (أبو بكر) أي في حياته ولم يعطكما إياها.

(فلما تُوُفِّيَ أبو بكر قلتُ: أنا وليُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ووليُّ أبي بكر) أي خليفتهما (فَوَلِيتُها ما شاء الله) أي إلى زمانٍ شاء الله تعالى (أن ألِيَها، فجئتَ أنتَ وهذا، وأنتما جميع) أي مجتمعان (وأمرُكما واحدٌ) أي ليس بينكما اختلاف تطلبان ذلك المال (فسألتُمانِيها، فقلت: إن شئتُما أن أدفَعَها إليكما على أَنَّ عليكما عَهْدَ الله) أي ميثاقه (أن تَلِيَاها) أي تتولاها (بالذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَلِيْها) أي بالطريق الذي يتصرف فيها، أي تتصرفان فيها بحيث كونكما متوليين لا مالكين فقبلتماها (فأخذتماها مني على ذلك) أي العهد والميثاق (ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك) بأن أقسمها بينكما (والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة) أي القيامة (فإن عجزتما عنها فَرُدَّاها إليَّ).

وزاد في نسخة: قال أبو داود: وإنما سألاه أن يكون يُصَيِّرُه بينهما نصفين، لا أنهما جهلًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا نورث، ما تَرَكْنَا صدقة"، فإنهما

(1) في نسخة: "لَصادق".

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كانا لا يطلبان إلَّا الصواب، فقال عمر رضي الله عنه: لا أوقع عليه اسم القَسَم، أَدَعُه على ما هو عليه.

وفي الحديث أبحاث:

أولها: أن العباس وعليًّا رضي الله عنهما يعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث"، فكيف جاءا إلى أبي بكر يطلبانِ الميراث؟ وإن سلِّم أنهما خفي عليهما هذا الحديث، فكيف جاءا إلى عمر وقد أَقَرّا عنده بهذا الحديث؟

وثانيها: ما وقع في رواية "مسلم" من كلام العباس رضي الله عنه في علي بأنه قال: اقضِ بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن، وكلام عمر رضي الله عنه: رأيتماه كاذبًا آثمًا غادرًا خائنًا، والله يعلم أنه لصادق بارٌّ راشِدٌ تابعٌ للحق، وكذلك قول عمر رضي الله عنه: فرأيتماني كاذبًا آثمًا غادرًا خائنًا.

والجواب عن الأول: أن عباسًا وعليًّا رضي الله عنهما لعلهما في أول الأمر حين طَلَبَا الميراث من أبي بكر لم يطّلعا على الحديث، أو علماه ولكن ذَهَلا عنه، ثم لما نَبَّههُما أبو بكر عَلِمَا بذلك، ثم لما عَلِمَا الحديث من أبي بكر لم يطلبا الميراث من عمر رضي الله عنه بل طلبا منه أن يُعطيهما بطريق التولية، فأعطاهما عمر على ذلك، وأكّد عليهما العهد والميثاق بذلك، ثم لما وقع النزاع بينهما جاءا إلى عمر ثانيًا وطلبا منه أن تكون تلك الأموال على ذلك العهد والميثاق ولكن تقسم بينهما، فيكون كل واحد منهما على نصفه متوليًا كما كانا متوليين قبل القسمة، ولكن عمر رضي الله عنه لم يرض بذلك، ولم يُجز أن يقع اسم القسمة عليه، فيظن أنه كان ميراثًا نصفه للعم والنصف الآخر لزوج البنت حصة البنت.

والدليل على ذلك أن بعد هذه القصة لم يطلب أحدٌ من الورثة من أولاد علي رضي الله عنه ومن أولاد العباس رضي الله عنه الميراث، وكذلك

ص: 146

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

علي رضي الله عنه في زمان خلافته لم يقسمه بين الورثة، فيستدل بذلك أنهما علما وتيقَّنا (1) بما قال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجري فيما تركه الميراث.

قال النووي (2): فيه إشكال مع إعلام أبي بكر لهم قبل هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث"، وجوابه: أن كل واحد إنما طلب القيام وحده على ذلك، ويحتج هذا بقربه بالعمومة، وذلك لقرب امرأته بالبنوة، وليس المراد أنهما طلبا بعد ما علمًا منع النبي صلى الله عليه وسلم، ومنعهما منه أبو بكر، وبَيَّنَ لهما دليل المنع واعتَرَفَا له بذلك.

والجواب عن الثاني: ما حكاه النووي (3) عن القاضي عياض، قال المازري: هذا اللفظ الذي وقع لا يليق ظاهره بالعباس، وحَاشَ لعلي رضي الله عنه أن يكون فيه هذه الأوصاف، فإنا مأمورون بحسن الظنِّ بالصحابة رضي الله عنهم ونفي كل رذيلة عنهم، وإذا انسدّت طرق تأويلها نسبنا الكذب إلى الرواة، قال: وقد حمل هذا المعنى بعض الناس على أن أزال هذا اللفظ من نسخته، ولعله حمل الوهم على رواته.

قال المازري: وإذا كان هذا اللفظ لا بد من إثباته، ولم نضِفِ الوهم إلى رواته، فأجود ما حمل عليه أنه صدر من العباس على جهة الإدلال على ابن أخيه؛ لأنه بمنزلة ابنه، وقال ما لا يعتقده وما يعلم براءة ابن أخيه منه، ولعله قصد بذلك ردعه عما يعتقد أنه مخطئ فيه، وأن هذه الأوصاف يتصف بها لو كان يفعل ما يفعله عن قصد، وأن عليًّا كان لا يراها (4) موجبة لذلك في

(1) في الأصل: "علموا وتيقنوا"، وهو تحريف.

(2)

"شرح صحيح مسلم"(6/ 319).

(3)

المصدر السابق (6/ 317 - 318).

(4)

لا يراها إلا موجبة

إلخ، كذا في النووي (6/ 317). (ش).

ص: 147

2964 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ بِهَذهِ الْقِصَّةِ، قَالَ:"وَهُمَا - يَعْنِي عَلِيًّا وَالْعَبَّاسَ - يَخْتَصِمَانَ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ"[انظر سابقه]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُوقَعَ عَلَيْهِ (1) اسْمُ قَسْمٍ.

===

اعتقاده، ولا بد من هذا التأويل، لأن هذه القضية جرت في مجلس فيه عمر رضي الله عنه وهو الخليفة، وعثمان وسعد وزبير وعبد الرحمن رضي الله عنهم، ولم ينكر أحد منهم هذا الكلام مع تشددهم في إنكار المنكر، وما ذلك إلَّا لأنهم فهموا بقرينة الحال أنه تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر.

قال المازري: وكذلك قول عمر رضي الله عنه: "فرأيتماه كاذبًا آثمًا غادرًا خائنًا"، وكذلك ذكر عن نفسه أنهما رأياه كذلك، وتأويل هذا على نحو ما سبق، وهو أن المراد أنكما تعتقدان أن الواجب أن نفعل في هذه القضية خلاف ما فعلته أنا وأبو بكر، فنحن على مقتضى رأيكما لو أتينا ما أتينا، ونحن معتقدان ما تعتقدانه لكنا بهذه الأوصاف، أو يكون معناه: أن الإِمام إنما يخالف إذا كان على هذه الأوصاف ويتهم في قضاياه، فكأن مخالفتكما لنا تشعر من رآها أنكما تعتقدان ذلك فينا، والله أعلم.

2964 -

(حدثنا محمد بن عبيد قال: نا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بهذه القصة، قال: وهما - يعني عليًّا والعباس - يختصمان فيما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير).

(قال أبو داود: أراد) عمر رضي الله عنه أي يترك القضاء فيها (أن لا يُوقع عليه اسم قَسمٍ) لئلا يظن لذلك مع تطاول الأزمان أنها ميراث،

(1) في نسخة: "عليها"، وفي نسخة:"عليهم".

ص: 148

2965 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، الْمَعْنَى، أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، عن عُمَرَ قَالَ: "كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِصًا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ قُوتَ سَنَةٍ، فَمَا بَقِيَ جَعَلَ في الْكُرَاعِ وَعُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدة: في الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ". [خ 2904، م 1757، ت 1719، ن 4140، حم 1/ 25، ق 6/ 259]

2966 -

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَا أَيُّوبُ، عن الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه:

===

وأنهما ورثاه، لا سِيَّما وقسمة الميراث بين البنت والعم نصفان، فيلتبس ذلك، ويظن أنهم تملَّكوا ذلك (1).

2965 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة وأحمد بن عبدة، المعنى، أن سفيان بن عيينة أخبرهم، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله بما لم يُوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركابٍ كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصًا) لم يكن فيه حق للغزاة (يُنْفِقُ على أهل بيته، قال ابن عبدة: ينفق على أهله قُوتَ سَنَةٍ، فما بَقِيَ) من القوت (جعل في الكراع) أي الخيل (وعُدَّةً) أي الاستعداد (في سبيل الله، قال ابن عبدة: في الكراع والسلاح).

2966 -

(حدثنا مسدد، نا إسماعيل بن إبراهيم، أنا أيوب، عن الزهري، قال: قال عمر رضي الله عنه:

(1) انظر: "شرح صحيح مسلم"(6/ 318).

ص: 149

{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} . قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ: هَذهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً: قُرَى عُرَيْنَةَ: فَدَكَ وَكَذَا وَكَذَا {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ، و {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} ، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (1). فَاسْتَوْعَبَتْ هَذ الآيَةُ النَّاسَ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لَهُ فِيهَا حَقٌّ. قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ: حَظٌّ، إِلَّا بَعْضَ مَنْ تَمْلِكُونَ مِنْ أَرِقَّائِكُمْ. [ن 4148]

===

{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} الآية (قال الزهري: قال عمر) رضي الله عنه: (هذه لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة قُرى عرينة (2): فَدَكَ وكذا وكذا) فكانت هذه الأموال خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل فيه لأحد غيره نصيبًا ({مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}) الآية.

ولما مضت الآية التي قبلها وذكر فيها المال الذي خص الله به رسوله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لأحد معه شيئًا أتبعها هذه الآية الثانية، وذكر فيها المال الذي جعله الله لأصناف شَتَّى معه شيئًا، فعلم بذلك أن المال الذي جعله لأصناف شَتَّى من خلقه غير المال الذي جعله للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة.

(و {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}) الآية، وهم المهاجرون ({وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}) الآية، والمراد بهم الأنصار ({وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}) وهم المسلمون الذين يأتون بعد (فاستوعبت هذه الآية الناس، فلم يَبْقَ أحدٌ من المسلمين إلَّا له فيها حق).

(قال أيوب: أو قال) الزهري: (حظ) وقع الشك في لفظ الحق والحظ (إلَّا بعضَ من تملكون من أَرِقَّائِكم) أي: عبيدكم، فإن لهم ليس فيها حق.

(1) سورة الحشر: الآية 7، 9، 10.

(2)

قال المجد: العرين كأمير: مَأْوَى الأَسَدِ والضَّبُع والذئْب والحية، كالعَرِينَةِ، جمعه ككُتُب، وهشِيمُ العِضَاهِ، وجماعةُ الشجرِ، واللَّحْمُ، وبَطْنٌ، وفناءُ الدار. (ش).

ص: 150

2967 -

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، نَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. (ح): وَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ. (ح): وَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيًّ قَالَ: أَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، وَهَذَا لَفْظ حَدِيثِهِ، كُلُّهُمْ، عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ قَالَ: "كَانَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ عُمَرُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ صَفَايَا: بَنُو النَّضِيرِ وَخَيْبَرُ وَفَدَكُ، فَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَكَانَتْ حُبْسًا لِنَوَائِبِهِ، وَأَمَّا فَدَكُ فَكَانَتْ حُبْسًا لأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَأَمَّا خَيْبَرُ

===

فالحاصل أن عمر رضي الله عنه ذكر ههنا خمس آيات، أولاها: ما ذكر فيها من الأموال التي هي خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الثانية منها: ما أشرك فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصناف شَتَّى من ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وفي الثالثة منها: ما ذكر فيها ما للمهاجرين، وفي الرابعة منها: ما ذكر فيها ما للأنصار، وفي الخامسة منها: ما ذكر للمسلمين الذين يجيئون من بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة، فاستوعبت هذه الآيات الناس المسلمين كافة إلا المملوكين من العبيد.

2967 -

(حدثنا هشام بن عمار، نا حاتم بن إسماعيل، ح: ونا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد، ح: ونا نصر بن علي قال: أنا صفوان بن عيسى، وهذا لفظ حديثه) أي صفوان (كلُّهم) أي حاتم بن إسماعيل، وعبد العزيز بن محمد، وصفوان بن عيسى يحدثون (عن أسامة بن زيد، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحَدَثَان قال: كان فيما احتج به عمر) رضي الله عنه (أنه) أي عمر رضي الله عنه (قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ صَفَايَا) أي الأموال الخالصة (بَنُو النَّضِيْر وخَيْبَرُ) أي بعض خيبر (وفَدَكُ).

(فأما بنو النَّضِيْر) أي أموالها (فكانت حُبسا) أي محبوسة (لنوائبه) أي ما ينوبه من الحوائج (وأما فدك فكانت حُبسا) أي محبوسة (لأَبْنَاءِ السبيلِ، وأما خيبر) أي نصفه الذي حبسه لنفسه، فإنه قد تقدم في "باب من أسهم له

ص: 151

فَجَزَّأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْأَيْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَجُزْءًا لِنَفَقَةِ أَهْلِهِ فَمَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَةِ أَهْلِهِ جَعَلَهُ بَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ". [ق 7/ 59، "مسند أبي عوانة" 6674]

===

سهمًا) أن أراضي خيبر قَسَمَها النبي صلى الله عليه وسلم نصفَه بين الغزاة، وحَبَسَ نصفه لنفسه، فَقَسَمَها على ستة وثلاثين سهمًا؛ ثمانيةَ عَشَرَ منها للغزاة، وحَبَسَ ثمانيةَ عَشَرَ سهمًا، وسيأتي في "باب ما جاء في أرض حكم خيبر".

(فَجَزَّأَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثَةَ أجزاء: جزئين بين المسلمين، وجزءًا لنفقة أهله، فما فَضَلَ عن نفقة أهله جَعَلَه بين فقراء المهاجرين) إذا كان لهم حاجة، وإلَّا ففي الكراع والسلاح.

واختلفت الروايات في تجزئة خيبر وقسمته، فقد تقدم في "باب من أسهم له سهم" من حديث مجمع بن جارية، ففيه:"فقسمت خيبر على أهل الحديبية، فَقَسَمَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمس مائة، فيهم ثلاث مائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهمًا".

وفي هذا الحديث: "وأما خيبر فَجَزأَها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء: جزئين بين المسلمين، وجزءًا لنفقة أهله، فما فَضَلَ عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين".

وسيجيء في "باب ما جاء في حكم أرض خيبر" من حديث ابن عمر، وفيه: "وكان التمر يقسم على السهمين من نصف خيبر، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمرًا، وعشرين وسقًا من شعير.

وأيضًا وقع في هذا الباب من حديث سهل بن أبي حثمة قال: "قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين: نصفًا لنوائبه وحاجته، ونصفًا بين المسلمين، قَسَمَها بينهم على ثمانية عشر سهمًا".

وأيضًا وقع في حديث بشير بن يسار ولفظه: "لما أفاء الله عليه خيبر،

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قَسَمَها ستة وثلاثين سهمًا جمعًا، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهمًا، يجمع كل سهم مائة، والنبي صلى الله عليه وسلم معهم، له سهمٌ كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهمًا وهو الشطر لنوائبه وما ينزل من أمر المسلمين".

فعندي في وجه الجمع بينها أن النبي صلى الله عليه وسلم قَسَمَ خيبر تمامَها على ستة وثلاثين سهمًا، فجعل للغزاة وهم أهل الحديبية منها ثمانية عشر سهمًا، كما هو مصرح في حديث بشير بن يسار، وأما ما وقع في حديث مجمع بن جارية أنه قَسَمَها على ثمانية عشر سهمًا، فالمراد به، النصف الذي كان للغزاة لا الكل.

وأما ما وقع في حديث ابن عمر بأنه صلى الله عليه وسلم يأخذ الخمس ويُطْعِمُ كلَّ امرأة من أزواجه من الخمس، فالمراد به خمس النصف الذي عزله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنوائبه، فهو منقسم على خمسة أصناف، وهم المذكورون في هذه الآية:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (1)، فهم خمسة أصناف، لأن ذكر اسمه سبحانه وتعالى للتبرك وللتوطئة والتمهيد.

وأما ما وقع في رواية أوس بن الحدثان أنه صلى الله عليه وسلم جَزَّأَها ثلاثة أجزاء:

جزئين بين المسلمين، وجزءًا لنفقة أهله، فلعل وجهه أن الآية صرحت بظاهر اللفظ ستة أصناف: لله، وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، فالمراد بالجزئين الذين جعلهما للمسلمين أربعة أصناف، وهم ذوو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الأربعة الأصناف، فهم ثلثان من ثلاثة أجزاء، وبقي بظاهر اللفظ صنفان: لله وللرسول، فهما جزء واحد من ثلاثة أجزاء، فهذه القسمة لنصف خيبر الذي عَزَلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنوائبه، والله تعالى أعلم.

(1) سورة الحشر: الآية 7.

ص: 153

2968 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْهَمْدَانِيُّ، نَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عن عُقَيلِ بْنِ خَالِدٍ، عن ابْنِ شِهَابٍ، عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ"،

===

2968 -

(حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني، نا الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة) رضي الله عنها (زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها) أي عائشة (أخبرته) أي عروة (أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق) رضي الله عنه (تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينةِ وفَدَكَ وما بَقِيَ من خمُسِ خَيْبَرَ، فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث).

كتب في الحاشية: ووجه هذا أن الله تعالى لما بعثه إلى عباده، ووعده على التبليغ لدينه الجنة، وأمره أن لا يأخذ عليه أجرًا، أراد عليه السلام أن لا ينسب إليه من متاع الدنيا شيء يكون عند الناس في معنى الأجر، فلم يجعل له شيء منها، ولذلك حرم الميراث على أهله لئلا يُظَنّ به أنه جمع المال لورثته كما حرّم عليهم الصدقات.

(ما تركنا صدقة)، وأما الحكمة في أن متروك الأنبياء صدقات، فلعلها أنه لا يؤمن أن يكون في الورثة من يَتَمَنّى موته فيهلك، أو لأنهم كالآباء لأمتهم فمالهم لكل أولادهم، يعني للمصالح العامة، وهو معنى الصدقة.

(إنما يأكُلُ آلُ محمدٍ من هذا المال) أي من المال الذي أفاء الله عليه

ص: 154

وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن حَالِهَا الَّتِي (1) كَانَتْ عَلَيْهَا في عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا. [خ 3092، م 1759، ن 4141]

2969 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الْحِمْصِيُّ، نَا أَبِي، نَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عن الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَفَاطِمَةُ حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هَذَا الْمَالِ" - يَعْنِي مَالَ اللَّهِ - "لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ". [خ 3712، حب 4823، ق 6/ 300]

===

(وإنّي واللهِ لا أُغَيِّرُ شيئًا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلأَعْمَلَنَّ فيها بما عَمِلَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَأَبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئًا) أي بطريق الميراث ولا بغيره.

2969 -

(حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، نا أبي) أي عثمان، (نا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث، قال) الزهري: (وفاطمة حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفدك وما بَقِيَ من خُمُس خيبرَ) أي بقدر حصتها من الميراث.

(قالت عائشة: فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نُورَثُ، ما تركنا صدقة) فلا يقسم بالميراث (وإنما يَأْكُلُ آلُ محمد) صلى الله عليه وسلم (في هذا المال - يعني مال الله - ليس لهم أن يزيدوا على المَأْكَلِ)، والمراد به الحاجة من الأكل واللبس، فلا يتملك ذلك المال، ولا يقسم بين الورثة.

(1) في نسخة: "الذي".

ص: 155

2970 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ - يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ -، حَدَّثَنِي أَبِي، عن صَالِحٍ، عن ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِيهِ: "فَأَبَى (1) أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكًا شَيْئًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، إِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ.

فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيًّ وَعَباسٍ، فَغَلَبَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهَا. وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ، قَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانتَا لِحُقُوقِهِ التِي تَعْرُوهُ وَنَوائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ. قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ". [خ 3093، م 1759، ق 6/ 300، حم 1/ 6]

===

2970 -

(حدثنا حجاج بن أبي يعقوب، حدثني يعقوب - يعني ابن إبراهيم بن سعد -، حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني عروة، أن عائشة أخبرته بهذا الحديث، قال) أي الزهري (فيه) أي الحديث: (فَأَبَى أبو بكر عليها) أي على فاطمة (ذلك) أن يعطيها بالميراث (وقال) أبو بكر: (لستُ تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ به) في هذه الأموال (إلَّا عَمِلْتُ به) فيها (إِنِّي أَخْشَى إن تركتُ شيئًا من أمره) أي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن أَزِيغَ) أي أميل عن الحق وأضل.

(فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعباس) في زمان خلافته بطريق التولية لا بطريق الميراث والتمليك (فَغَلَبَهُ) أي عباسًا (عليٌّ عليها) أي صدقة المدينة (وأما خيبرُ وفدكُ فَأَمْسَكَهُمَا عمر) في يده، ولم يعطهما أحدًا و (قال: هما صدقةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تَعْرُوه) أي تعرضه (ونوائِبه، وأمرهما إلى من وَلِيَ الأمرَ) وهو الخليفة (قال) الزهري: (فهما على ذلك إلى اليوم).

(1) في نسخة: "وَأَبَى".

ص: 156

2971 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نَا ابْنُ ثَوْرٍ (1)، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْرِيِّ فِي قَوْلِهِ:{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} قَالَ: صَالَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ فَدَكَ وَقُرًى قَدْ سَمَّاهَا لَا أَحفَظُهَا وَهُوَ مُحَاصِرٌ قَوْمًا آخَرِينَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ بِالصُّلْحِ، قَالَ:{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خالِصًا لَمْ يَفْتَحُوهَا عَنْوَةً، افْتَتَحُوهَا عَلَى صُلْحٍ، فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، لَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا رَجُلَيْنِ كَانَتْ بِهِمَا حَاجَةٌ. [ق 6/ 296]

===

2971 -

(حدثنا محمد بن عبيد، نا ابن ثور، عن معمر، عن الزهري في) معنى (قوله) تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} (2) قال) أي الزهري: (صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهلَ فَدَكَ وقُرًى) أي عرينة (قد سمّاها) أي شيخي (لا أَحْفَظُها) أي أسماء القرى (وهو) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (مُحَاصِرٌ قومًا آخَرِينَ) وهم أهل خيبر (فَأَرْسَلُوا) أي أهلُ فدك وقرى (إليه بالصلح) لأنه أدخل الله سبحانه في قلوبهم الرعب والخوف.

(قال) أي تعالى: ({فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} يقول) أي يعني به (بغير قتال، قال الزهري: وكانت بنو النضير) أي أموالها (للنبي صلى الله عليه وسلم خالصًا لم يَفْتَحُوها) أي لم يفتح المسلمون إيّاها (عنوةً) أي قهرًا وغلبةً وقتالًا، بل (افتتحوها على صُلْحٍ، فَقَسَمَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين، لم يعط الأنصار منها شيئًا، إلَّا رجلين) أي من الأنصار، لم أقف (3) على تسميتهما (كانت بهما حاجةٌ).

قال النووي (4): قال القاضي عياض في تفسير صدقات النبي صلى الله عليه وسلم المذكورة في هذه الأحاديث قال: صارت إليه بثلاثة حقوق:

(1) في نسخة بدله: "أبو ثور".

(2)

سورة الحشر: الآية 3.

(3)

ستأتي تسميتهما في "باب خبر النضير"(ص 217). (ش).

(4)

"شرح النووي"(6/ 325).

ص: 157

2972 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَا جَرِيرٌ، عن الْمُغِيرَةَ قَالَ: جَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَنِي مَرْوَانَ حِينَ اسْتُخْلِفَ

===

أحدها: ما وهب له صلى الله عليه وسلم، وذلك وصية مخيريق (1) اليهودي له عند إسلامه يوم أحد، وكانت سبع حوائط في بني النضير، وما أعطاه الأنصار من أرضهم وهو ما لا يبلغه الماء، وكان هذا ملكًا له صلى الله عليه وسلم.

الثاني: حقه من الفيء من أرض بني النضير حين إجلائهم (2) كانت له خاصةً، لأنها لم يُوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب، وأما منقولات أموال بني النضير فحملوا منها ما حملته الإبل غير السلاح كما صالحهم، ثم قَسَمَ صلى الله عليه وسلم الباقي بين المسلمين، وكانت الأرض لنفسه، ويخرجها في نوائب المسلمين، وكذلك نصف أرض فَدَكَ، صَالَحَ أهلُها بعد فتح خيبر على نصف أرضها، وكان خالصًا له، وكذلك ثلث أرض وادي القرى، أخذه في الصلح حين صالح أهلها اليهود، وكذلك حصنان من حصون خيبر، وهما الوطيح والسلالم، أخذهما صلحًا.

الثالث: سهمه من خُمس خيبر، وما افتتح فيها عنوةً، فكانت هذه كلها ملكًا لرسول الله خاصةً لا حَقَّ فيها لأحدٍ غيره، لكنَه صلى الله عليه وسلم كان لا يستأثر بها بل يُنفقها على أهله والمسلمين، وللمصالح العامة، وكل هذه الصدقات محرمات التملك بعده، والله تعالى أعلم.

2972 -

(حدثنا عبد الله بن الجراح، نا جرير) بن حازم، (عن المغيرة) بن حكيم الصنعاني الأبناوي، وثّقه ابن معين والنسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له في "مسلم" حديث عن أم كلثوم عن عائشة، وله في "البخاري" في موضع واحدٍ معلقٌ.

(قال: جَمَعَ عُمَر بنُ عبدِ العزيز بني مروانَ حين استُخْلِفَ) أي جُعل خليفة

(1) ذكر الواقدي أنه أسلم واستشهد بأحد، وكان أوصى بأمواله للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي سبع حوائط، انظر:"الإصابة"(6/ 57) رقم (7855).

(2)

وفي "شرح النووي": "أجلاهم".

ص: 158

فَقَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ لَهُ فَدَكُ، فَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهَا، وَيعُودُ مِنْهَا (1) عَلَى صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ، وُيزَوِّجُ مِنْهَا أَيِّمَهُمْ، وَإِنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا (2) لَهَا، فَأَبَى، فَكَانَتْ كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَلَمَّا أَنْ وَليَ أَبُو بَكْرٍ عَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، فَلَمَّا أَنْ وَليَ عُمَرُ عَمِلَ فِيهَا بِمِثْلِ مَا عَمِلَا، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، ثُمَّ أَقْطَعَهَا مَرْوَانُ، ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ عُمَرُ- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ -: فَرَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ

===

(فقال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدكُ، فكان ينفق منها، ويَعُوْدُ) أي يحسن

وينفع (منها على صغير بني هاشم، ويُزَوِّجُ منها أَيِّمَهُمْ، وإن فاطمة) أي ابنته (سَأَلَتْه أَنْ يَجْعَلَها) أي فدك (لها) أي لفاطمة (فأبى) أي (3) مَنَعَهَا وَلَمْ يُعْطِها (فكانت) أي فدك (كذلك) في تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم (في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى لسبيله) أي تُوُفِّي.

(فلما أن وَلِيَ) أي استخلف (أبو بكر عَمِلَ فيها) أي في فدك (بما عَمِلَ النبي صلى الله عليه وسلم في حياته) من الإنفاق على صغير بني هاشم وأَيّمِهِمْ (حتى مضى لسبيله) أي تُوُفِّي.

(فلما أن ولى عمرُ عَمِلَ فيها) أي في فدك (بمثل ما عَمِلَا) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر (حتى مضى لسبيله) أي تُوُفِّيَ (ثم أقطعها) أي جعلها قطيعةً لنفسه (مروان، ثم صارت لعمر بن عبد العزيز) وضع الاسم الظاهر موضع لفظ "لي" لِيشعر أنه غير راضٍ به.

(قال عمر - يعني ابن عبد العزيز -: فرأيت أمرًا) وهو فدك (مَنَعَه

(1) في نسخة بدله: "فيها".

(2)

في نسخة: "يجعله".

(3)

وقد ورد أيضًا من حديث المغيرة كما حكاه المناوي في "شرح الشمائل"(2/ 225) عن "مختصر تهذيب الآثار" لابن جرير. (ش).

ص: 159

النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم فاطِمَةَ لَيْسَ لِي بِحَقٍّ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ، يَعْنِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم". [ق 6/ 301]

2973 -

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ، عن الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، عن أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ". [حم 1/ 4، ق 6/ 303]

2974 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عن أَبِي الزِّنَادَ،

===

النبيُّ صلى الله عليه وسلم فاطمة ليس لي بحقًّ) أي أن أحبسه لنفسي (وإني أشهدكم أني قد رَدَدْتُها) أي فدك (على ما كانت) أي على الحال التي كانت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تصرف مداخلها على ما كانت تصرف، (يعني على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم).

(قال أبو داود: وَليَ عمرُ بنُ عبد العزيز الخلافةَ، وغلَّتُه أربعون ألف دينار، وَتُوُفِّيَ وَغَلَّتُه أربعمائة دينار، ولو بَقِيَ لكان أقلَّ)(2).

2973 -

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن الفضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة الليثي (قال: جاءت فاطمة) ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى أبو بكر) حين استُخْلِفَ (تطلب ميراثَها من) أبيها (النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال) أي أبو الطفيل: (فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله إذا أطعم نبيًّا طُعْمَةً) أي أعطاه فيئًا (فهي للذي يقوم من بعده) أي مقامه، يتصرف فيها متوليًا ويصرفها في ما يصرف فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

2974 -

(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد،

(1) في نسخة بدله: "رسول الله".

(2)

هذه العبارة وردت في نسخة.

ص: 160

عن الأَعْرَجِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَقْتَسِمُ (2) وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ"(3). [خ 3096، م 1760، الشمائل 403، حم 2/ 463]

2975 -

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، نَا شُعْبَةُ، عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عن أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ حَدِيثًا مِنْ رَجُلٍ فَأَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ: اكْتبهُ لِي، فَأَتَى بِهِ مَكْتُوبًا مُزَبَّرًا: دَخَلَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ عَلَى عُمَرَ وَعِنْدَهُ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ،

===

عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دينارًا) وذكر الدينار ليس للتخصيص بل من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، وكذلك حكم الدرهم (ما تركت بعد نفقة نسائي) قال ابن عيينة: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حكم المعتدات إذ لا يجوز أن ينكحن، فلهذا وجبت النفقة لهن فيما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومُؤْنَةِ عاملي) والمراد بالعامل الخليفة (فهو صدقة).

2975 -

(حدثنا عمرو بن مرزوق، نا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتَري قال: سمعت حديثًا من رجل) قال الحافظ في المبهمات من الكنى (4): أبو البختري الطائي قال: سمعت من رجل حديثًا فأعجبني، فقلت له: اكتبه، هو مشهور من رواية مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر (فأعجبني فقلت: اُكْتُبْه لي، فَأَتَى به مَكْتُويًا مُزَبَّرًا) (5). أي مُتْقنًا، وهو (دخل العباسُ وعليٌّ، على عمر، وعنده طلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن، وهما) أي العباس وعلي (يختصمان) أي يتنازعان.

(1) في نسخة: "النبي".

(2)

في نسخة: "تَقْتَسِمُ".

(3)

زاد في نسخة: "قال أبو داود: مؤنة عاملي، يعني أكرة الأرض".

(4)

"تهذيب التهذيب"(12/ 392).

(5)

في نسخة: مُذَبَرًا، بالذال المعجمة، كلاهما بمعنًى، انظر:"مجمع بحار الأنوار"(2/ 231).

ص: 161

فَقَالَ عُمَرُ لِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمنِ وَسَعْدٍ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلُّ مَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صدَقَةٌ إِلَّا مَا أَطْعَمَهُ أَهْلَهُ وَكَسَاهُمْ، إِنَّا لَا نُورَثُ؟ "، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَكَانَ (1) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَهْلِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَلِيهَا أَبُو بَكْرٍ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ يَصْنَعُ الَّذِي كَان يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ. [ق 6/ 299، "مسند الطيالسي": 1/ 12]

2976 -

حَدَّثَنَا (2) الْقَعْنَبِيُّ، عن مَالِكٍ، عن ابْنِ شِهَابٍ، عن عُرْوَةَ، عن عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

===

(فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد: ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل مال النبيِّ صلى الله عليه وسلم صدقة إلَّا ما أطعمه أهلَه وكساهم، إنا لا نُوْرَثُ؟ ) بصيغة المجهول (قالوا) أي كلهم: (بلى، قال) أي عمر: (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفق من ماله على أهله) أي أزواجه نفقتهم (ويتصدق بفضله) أي بما بَقِيَ بعد الإنفاق على أهله (ثم تُوُفيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَوَليَها أبو بكر سنتين) وأشهرًا (فكان) أي أبو بكر (يصنع) فيما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذي كان يصنع) فيه (رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ذكر) أي أبو البختري (شيئًا من حديث مالك بن أوس).

2976 -

(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: إِنَّ أَزْوَاجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حين تُوُفيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم) أي بعد وفاته (أَرَدْنَ أن يَبْعَثْنَ عثمانَ بنَ عفان إلى أبي بكر الصدِّيق) لأنه خليفته

(1) في نسخة: "وكان".

(2)

زاد في نسخة: "عبد الله بن مسلمة".

ص: 162

فَيَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِنْ (1) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا نُوْرَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ"؟ ! [خ 4034، م 1758، "السنن الكبرى" 6311، "الشمائل" 402، حم 6/ 145]

2977 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِس، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، نَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عن ابْنِ شِهَاب بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، قُلْتُ: أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ؟ أَلَمْ تَسْمَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا نُوْرَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لآلِ مُحَمَّدٍ لِنَائِبَتِهِمْ وَلضَيْفَتِهِمْ، فَإِذَا مُتُّ فَهُوَ إِلَى مَنْ لِىَ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِي؟ ".

===

(فَيَسْأَلْنَه ثُمُنَهُنَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي مما تركه من الأموال، والظاهر أنهن نسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا نُوْرَثَ، ما تركنا فهو صدقة"، فذكرتهن عائشة رضي الله عنها (فقالت لهن عائشة: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نورث، ما تركنا فهو صدقة) فَأَحْجَمْنَ عنه.

2977 -

(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، نا إبراهيم بن حمزة، نا حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن ابن شهاب بإسناده نحوه، قلت) أي قالت عائشة: قلت لهن: (ألا تَتَّقينَ اللهَ؟ ألم تَسْمَعْنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نُوْرَثُ، ما تركنا فهو صدقة، وإنما هذا المال لآل محمد لنائبتِهم) أي لما ينوب لهم من الحاجات والمهمات (ولِضيْفتهم)(2) أي لضيونهم (فإذا مُتُّ فهو إلى من وَلِيَ الأمرَ من بعدي؟ ) وهو الخليفة.

(1) في نسخة: "عن".

(2)

قوله: "لضيفتهم" كذا في النسخة الهندية بصيغة المؤنث، وهو تحريف، والصواب:"لضيفهم" كما في النسخ المصرية والمطبوعة.

ص: 163