الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8)
بَابُ مَا جَاءَ في الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مِلَّةِ (1) غَيْرِ الإسْلَامِ
3256 -
حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَة الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عن يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو قِلَابَةَ، أَنَّ ثَابتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ- أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تحْتَ الشَّجَرَةِ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ مِلَّةِ الإسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ،
===
(8)(بَابُ مَا جَاءَ في الْحَلْفِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مِلَّةِ غَيْرِ الإسْلَامِ)
هكذا في النسخة الكانفورية والمجتبائية والنسخة المكتوبة الأحمدية وإحدى النسختين المدنيتين على حاشيتها، وأما في النسخة المدنية الثانية ونسخة "العون" (2):"باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإِسلام"؛ فترجمة النسخ الأولى غير ظاهرة (3) المعنى، وأما الثانية فمعناها واضح
3256 -
(حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، نا معاوية بن سلام، نا يحيى بن أبي كثير قال: أخبرني أبو قلابة، أن ثابت بن الضحاك أخبره- أنه بايع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بملة غير ملة الإِسلام كاذبًا (4) فهو كما قال) أي كإن فعل كذا فهو يهودي، أو نصراني، أو بريء من الإِسلام.
قال القاضي: ظاهره أنه يختلّ بهذا الحلف إسلامه، ويصير كما قال، ويحتمل أن يعلق ذلك بالحنث؛ لما روى بريدة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من قال:
(1) في نسخة: "بملة".
(2)
انظر: "عون المعبود"(9/ 60).
(3)
بل هي فاسدة المعنى، إذ البراءة من غير الإِسلام مطلوب، والممنوع إنما هو البراءة عن الإِسلام كما في ثاني حديثي الباب، فالترجمة مشتملة على جزئين، الأول: الحلف بالبراءة عن الإِسلام، والثاني: الحلف بملة غير الإِسلام مثل أن يقول: إن فعلت كذا فأنا يهودي، كما في الحديث الأول من الباب، والله أعلم. (ش).
(4)
أبدع العيني (6/ 262) في معنى الحديث، فقال: حال من ضمير حلف، أي كاذبًا في تعظيم تلك الملة، لا كاذبًا في حلفه، فتأمل. (ش).
وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَيْسَ عَلَى رَجُلٍ نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ". [خ 6652، م 110، ت 1543، ن 3770، جه 2098، حم 4/ 33]
===
إني بريء من الإِسلام، فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا، فلن يرجع إلى الإِسلام سالمًا"، ولعل المراد به التهديد، والمبالغة في الوعيد، لا الحكم بأنه صار يهوديًّا أو بريئًا من الإِسلام، فكأنه قال: فهو مستحق للعقوبة كاليهودي، نظيره قوله عليه السلام: "من ترك الصلاة فقد كفر".
وهذا النوع من الكلام هل يسمى في عُرف الشرع يمينًا؟ وهل تتعلق الكفارة بالحنث فيه؟ فذهب النخعي والأوزاعي والثوري وأصحاب أبي حنيفة رضي الله عنهم وأحمد (1) وإسحاق إلى أنه يمين تجب الكفارة بالحنث فيها. وقال مالك والشافعي وأبو عبيد: إنه ليس بيمين، ولا كفارة فيه، لكن القائل به آثم صدق فيه أو كذب.
قال صاحب "الهداية"(2): لو قال: إن فعلت كذا فهو يهودي، أو نصراني، أو كافر، يكون يمينًا، فإذا فعله لزمه كفارة يمين، قياسًا على تحريم المباح، فإنه يمين بالنص، قال الله تعالى:{يأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ، ثم قال:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (3).
(ومن قتل نفسه بشيء) أي من آلة القتل (عُذِّب به) أي عُوْقِب بمثله، أو به حقيقة (يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ) أي لا يلزمه (فيما لا يملكه) قال ابن الملك: كأن يقول: إن شفى الله مريضي ففلان حر، وهو ليس في ملكه، وقال الطيبي (4): لو نذر عتق عبد لا يملكه، أو التضحي بشاة غيره أو نحو ذلك، لم يلزمه الوفاء به، وإن دخل ذلك في ملكه.
(1) على إحدى الروايتين وهو مختار عامة كتب فروعه، واختار الموفق (13/ 437) الرواية الثانية، وهي موافقة للشافعي ومالك. (ش).
(2)
"الهداية"(1/ 319).
(3)
سورة التحريم: الآيتان 1، 2.
(4)
"شرح الطيبي على المشكاة"(7/ 22).