الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(48) بَابٌ: الرُّكُوبِ في الْجَنَازَةِ
3177 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
===
قال الشوكاني (1): واختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب أحمد وإسحاق وابن حبيب وابن الماجشون: أن القيام للجنازة لم ينسخ، والقعود منه صلى الله عليه وسلم كما في حديث علي (2) - إنما هو لبيان الجواز، فمن جلس فهو في سعة، ومن قام فله أجر، وكذا قال ابن حزم: إن قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام- يدل على أن الأمر بالندب، ولا يجوز أن يكون نسخًا.
قال النووي (3): والمختار أنه مستحب، وبه قال المتولي وصاحب "المهذب" من الشافعية، وممن ذهب إلى استحباب القيام: ابن عمر، وابن مسعود، وقيس بن سعد، وسهل بن حنيف، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: إن القيام منسوخ يحديث علي رضي الله عنه، قال الشافعي: إما أن يكوق القيام منسوخًا، أو يكون لعلة، وأيهما كان فقد ثبت أنه عليه السلام تركه بعد فعلِه، والحجة في الآخِرِ من أمره، والقعود أحبّ إليّ، انتهى (4).
(48)
(بابٌ: ) في (الرُّكُوبِ في الْجَنَازَةِ)
3177 -
(حدثنا يحيى بَن موسى البلخي، أنا عبد الرزاق،
(1)"نيل الأوطار"(3/ 23).
(2)
يعني به حديث علي الذي تقدَّم عند أبي داود برقم (3176).
(3)
) شرح النووي على صحيح مسلم" (4/ 34).
(4)
قلت: اختلط كلام الشوكاني؛ لأن هناك قيامين: الأول قيام من مرت به الجنازة، وهو منسوخ عند الأئمة الأريعة، وما حكى أهل الشروح عن الإِمام أحمد: أنه ليس بمنسوخ عنده، تأباه كتب فروعه. [انظر:"المغني" 3/ 403 - 404)]، نعم يندب عند اين حزم وغيره، والثاني: قيام المشيِّع، فيكره الجلوس عندنا وأحمد قبل وضعها عن أعناق الرجال كما في فروعهم. [انظر:"المغني"(3/ 403 - 404)]، واختلف أهل فروع الشافعية، والراجح هو القيام، ويجوز القعود عند المالكية، والبسط في "الأوجز"(4/ 520)، (ش).
أَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ، عن ثَوْبَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الْجَنَازَةِ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَ (1)، فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ، فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ:"إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي، فَلَمْ أَكُنْ لأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ، فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْتُ". [ق 4/ 23، ك 1/ 355]
3178 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
===
أنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن ثوبان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركب، فلما انصرف) أي رجع من دفنها (أتي بدابة فركب، فقيل له) أي سئل عنه: أنك لم تركب في المشي مع الجنازة وركبتَ في الانصراف عنها؟ (فقال: إن الملائكة كانت تمشي، فلم أكن لأرْكَبَ وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبتُ).
قال الشوكاني (2): في حديث ثوبان عند ابن ماجه (3): "ألا تستحيون؟ ! إن ملائكة الله على أقدامهم"، فيه كراهة الركوب لمن كان متبعًا للجنازة، ويعارضه حديث المغيرة (4) من إذنه للراكب أن يمشي خلف الجنازة، ويمكن الجمع بأن قوله صلى الله عليه وسلم:"الراكب خلفها" لا يدل على عدم الكراهة، وإنما يدل على الجواز، فيكون الركوب جائزًا مع الكراهة، أو بأن إنكاره صلى الله عليه وسلم على من ركب، وَتَرْكه للركوب إنما كان لأجل مشي الملائكة، ومشيهم مع الجنازة التي مشى معها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستلزم مشيهم مع كل جنازة، لإمكان أن يكون ذلك منهم تبركًا به صلى الله عليه وسلم، فيكون الركوب على هذا جائزًا غير مكروه.
3178 -
(حدثنا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، حدثنا شعبة،
(1) في نسخة: "يركبها".
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 19).
(3)
"سنن ابن ماجه"(1480).
(4)
سيأتي عند المصنف برقم (3180).