الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(30) بَابٌ: في أَخْذِ الْجِزيةِ
3037 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى سُلَيْمَانَ:"أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فَأَخَذُوه (1) ، فَأَتَوْهُ بِهِ، فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ، وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ". [ق 9/ 186]
===
الفيء، ويكون المراد بالثانية وما أخذ عنوة، فيكون غنيمة يخرج منه الخمس، وباقيه للغانمين.
(30)
(بابٌ: في أَخْذِ الْجِزْيَةِ)
3037 -
(حدثنا العباس بن عبد العظيم، نا سهل بن محمد، نا يحيى بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان) عطف على قوله: عن عاصم، فيروي محمد بن إسحاق هذا الحديث بطريقين، أحدهما مسند، وهو طريق عاصم عن أنس، والثاني مرسل، وهو طريق عثمان.
(أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خالدَ بنَ الوليد إلى أكيدر (2)) بضم همزة وفتح كاف وسكون تحتية وكسر قال مهملة ثم راء، اسم ملك (دومة) بضم الدال وقد تفتح، من بلاد الشام، قريب من تبوك (فأخذوه) أي الصحابة (فأتوه به) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فحَقَنَ له دمه، وصالحه على الجزية).
وقصته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ خالدَ بنَ الوليد من تبوك في أربعة وعشرين فارسًا إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل، وكان أكيدر ملكهم،
(1) في نسخة: "فأخذه".
(2)
ابن عبد الملك الكندي، اسم ملك دومة، وكان نصرانيًّا، وكان خالد على الأعراب، وعلى المهاجرين أبو بكر، كذا في "المرقاة"(7/ 611). (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وكان نصرانيًّا، ودومة الجندل حصن وقرى بين الشام والمدينة، فقال خالد بن الوليد: كيف لي به وسط بلاد كلب، وإنما أنا في أناس يسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستلقاه يصيد الوحش.
فلما بلغ خالدٌ قريبًا من حصنه بمنظر العين، وكانت ليلة مقمرة، والوقت صيفًا، وكان أكيدر على سطح في الحصين، ومعه امرأته الرباب الكندية، أَقْبَلَتِ البقر تحُكّ بقرونها بابَ الحصين، وأشرفت امرأته على باب الحصين، فرأت البقرة، فأبصرها أكيدر، وكان يضمر له الخيل شهرًا، فلما أبصرها نزل، فأمر بفرسه، فأسرج، وركب معه نفر من أهل بيته ومعه أخوه حسان، فلحقهم خالد وخيله، فاستأسر أكيدر وامتنع حسان، فقاتل حتى قتل، وهرب من كان معه، فدخلوا الحصين، وكان صلى الله عليه وسلم قال لخالد:"إن ظفرت بأكيدر لا تقتله وآت به إليَّ، فإن أَبَى فاقتله"، فطاوعه أكيدر.
وقال له خالد: هل لك أن أُجِيْرَك من القتل حتى آتيَ بك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على أن تفتحَ لي دومةَ الجندل؟ قال: نعم، لك ذلك، فلما صالح خالدٌ أكيدرَ، وأكيدر في وثاق، ومصاد أخو أكيدر في الحصين، أبى مصاد أن يفتح باب الحصين لما رأى أخاه في الوثاق، فطلب أكيدر من خالد أن يصالحه على شيء حتى يفتح له باب الحصين، وينطلق به وبأخيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحكم فيهما بما شاء، فَرَضِيَ خالدٌ بذلك، فصالحه أكيدر على ألفي بعير، وثمانمائة فرس، وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، ففعل خالد، وخَلّى سبيله، ففتح له باب الحصين فدخله، وحقن دمه ودم أخيه، وانطلق بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فلما قدم بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صالحه على إعطاء الجزية، وخَلّى سبيلهما، وكتب (1) لهما كتاب أمان.
(1) قال القاري (7/ 611): ثم أسلم وحسن إسلامه. (ش).
3038 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ - يَعْنِى مُحْتَلِمًا - دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنَ الْمَعَافِرِي (1) ثِيَابٌ (2) تَكُونُ بِالْيَمَنِ". [تقدم في الحديث رقم 1576، 1577]
3038 -
(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما وَجَّهَه) أي معاذًا (إلى اليمن) أميرًا (أمره أن يأخذ من كل حالم (3)، يعني محتلمًا) وهو البالغ (دينارًا أو عدله (4)) أي مثله (من المعافري)(5) وهي (ثيابٌ تكون باليمن) وهذا تفسير المعافري، وكان أخذ دينارًا وعدله من المعافري بطريق الجزية من نصارى اليمن.
واختلف فيه الحنفية والشافعية، فعند الحنفية الجزية على ضربين: جزية توضع بالتراضي والصلح، فتقدر بحسب ما يقع عليه الاتفاق، كما صالح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ نجران على ألف ومائتي حلة، ولأن الموجب هو التراضي، فلا يجوز التعدي إلى غير ما وقع عليه الاتفاق.
وجزية يبتدئ الإِمام وضعها إذا غلب على الكفار وأقرّهم على أملاكهم، فيضع على الغني ظاهر الغنى في كل سنة ثمانية وأربعين درهمًا، يأخذ منهم في كل شهر أربعة دراهم، وعلى وسط الحال أربعة وعشرين درهمًا في كل شهر درهمين، وعلى الفقير المعتمل اثني عشر درهمًا.
(1) في نسخة "المعافر".
(2)
في نسخة: "ثيابًا".
(3)
زاد الجصاص (3/ 97) في مثل هذا الحديث لفظ: وحالمة، وحمله على جزية الصلح، فتأمل. (ش).
(4)
وفيه حجة لمن قال بجواز أخذ القيمة في الجزية، كما في "الأوجز"(4/ 217) عن "شرح الإقناع"(4/ 278). (ش).
(5)
قال ابن الهمام: المعافري ثوب منسوب إلى معافر بن مرة، ثم صار اسمًا للثوب بلا نسبة، وفي "الجمهرة" لابن دريد: المعافر بفتح الميم موضع باليمن ينسب إليه الثياب المعافرية. انظر: "مرقاة المفاتيح"(7/ 607).
3039 -
حَدَّثَنَا النُّفَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. [ق 9/ 187]
3040 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، حَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ هَانِئٍ أَبُو نَعِيمٍ النَّخَعِيُّ، نَا شَرِيكٌ، عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عن زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ،
===
وقال الشافعي رحمه الله: يضع على كل حالم دينارًا أو ما يعدل الدينار، الغني والفقير في ذلك سواء، لقوله عليه السلام لمعاذٍ:"خذ من كل حالم دينارًا أو عدله معافر"، من غير فصل بين غني وفقير.
ومذهبنا منقول عن عمر وعثمان وعلي، ولم ينكر عليه أحد من المهاجرين والأنصار، وما رواه محمول على أنه كان ذلك صلحًا.
3039 -
(حدثنا النفيلي، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله).
3040 -
(حدثنا العباس بن عبد العظيم، حدثني عبد الرحمن بن هانئ) بن سعيد الكوفي (أبو نعيم النخعي) الصغير، ابن بنت إبراهيم النخعي، عن أحمد: ليس بشيء، وقال يحيى بن معين: بالكوفة كَذَّابانِ أبو نعيم النخعي وأبو نعيم ضرار بن صرد، وقال أبو داود والنسائي: ضعيف، وقال أبو حاتم الرازي: لا بأس به، يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ربما أخطأ، وقال البخاري: فيه نظر، وهو في الأصل صدوق، وقال العجلي: ثقة، وقال العقيلي: ضعفه أبو نعيم الفضل بن دكين، وقال ابن عدي: عامةُ ما لَه لا يُتَابع له عليه الثقات.
(نا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن زياد بن حدير) بمهملات مصغرًا، الأسدي، أبو المغيرة، قال أبو حاتم: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود حديثًا واحدًا لعَلِيِّ في نصارى [بني] تغلب، وقال: منكر، وكان أميرًا على الكوفة.
قَالَ (1) عَليٌّ: "لَئِنْ بَقِيتُ لِنَصَارَى بَنِى تَغْلِبَ لأَقْتُلَنَّ الْمُقَاتِلَةَ وَلأَسْبِيَنَّ الذُّرِّيَّةَ، فَإِنِّى كَتَبْتُ الْكِتَابَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم (2) أَنْ لَا يُنَصِّرُوا أَبْنَاءَهُمْ".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثُ مُنْكَرٌ، وَبَلَغَنِي عن أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ إِنْكَارًا شَدِيدًا. وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ شِبْهُ الْمَتْرُوكِ، وَأَنْكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ هَانِئٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَلَمْ يَقْرَأهُ أَبُو دَاوُدَ في الْعَرْضَةِ الثَّانيَةِ.
3041 -
حَدَّثَنَا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو الْيَامِيُّ، نَا يُونُسُ- يَعْنِي
===
(قال علي) أي ابن أبي طالب: (لَئِنْ بَقِيتُ لِنَصَارَى بَنِى تَغْلِبَ لأَقْتُلَنَّ الْمُقَاتِلَةَ وَلأَسْبِيَنَّ الذُّرِّيَّةَ) لأنهم نقضوا العهد (فَإِنِّى كَتَبْتُ الْكِتَابَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لَا يُنَصِّرُوا أَبْنَاءَهُمْ) فنصَّروهم.
(قال أبو داود: هذا حديث منكر (3)، وبلغني عن أحمد) أي ابن حنبل (أنه كان ينكر هذا الحديث إنكارًا شديدًا (4)، وهو عند بعض الناس شِبْهُ المتروك، وأنكروا هذا الحديث على عبد الرحمن بن هانئ، قال أبو علي) وهو اللؤلؤي تلميذ أبي داود:(ولم يقرأه) أي هذا الحديث (أبو داود في العرضة الثانية) أي لمّا عَرَضَ أبو داود كتابه "السنن" على الناس مرة ثانية لم يقرأ هذا الحديث فيها.
3041 -
(حدثنا مصرف بن عمرو اليامي، نا يونس- يعني
(1) في نسخة: "قال: قال علي: ".
(2)
زاد في نسخة: "على".
(3)
أي: رفعه، وقد بسط صاحب "العون" (8/ 201) الآثار في أن القصة لعمر رضي الله عنه[انظر:" تهذيب الآثار" لابن جرير الطبري (4/ 224)]. (ش).
(4)
انظر: "العلل ومعرفة الرجال"(3/ 386) رقم (5691).
ابْنَ بُكَيْرٍ -، نَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانيُّ، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْقُرَشِيِّ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى أَلْفَىْ حُلَّةٍ: النِّصْفُ فِى صَفَرٍ، والنصف (1) فِى رَجَبٍ، يُؤَدُّونَهَا إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَعَارِيَةِ ثَلَاثِينَ دِرْعًا، وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، وَثَلَاثِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ السِّلَاحِ يَغْزُونَ بِهَا، وَالْمُسْلِمُونَ ضَامِنُونَ لَهَا حَتَّى يَرُدُّوهَا (2) عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ بِالْيَمَنِ كَيْدٌ أَوْ غَدْر (3) ، عَلَى أَنْ لَا تُهْدَمَ لَهُمْ بَيْعَةٌ، وَلَا يُخْرَجُ لَهُمْ قَسٌّ، وَلَا يُفْتَنُوا (4) عَنْ دِينِهِمْ، مَا لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا، أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبَا"(5). [ق 9/ 187]
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَقَدْ أَكَلُوا الرِّبَا.
===
ابن بكير-، نا أَسْبَاطُ بنُ نَصْر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي، عن ابن عباس قال: صَالَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أَهْلَ نجران) أي نصاراهم (على ألفي حلة) في السنة (النصفُ في صفر، والنصفُ في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعًا، وثلاثين فرسًا، وثلاثين بعيرًا، وثلاثين من كلِّ صنفٍ من أصناف السلاح) من السيوف والرماح والقسي، وغير ذلك (يَغْزون بها) فيعطونها عارية.
(وَالْمُسْلِمُونَ ضَامِنُونَ لَهَا حَتَّى يَرُدُّوهَا عَلَيْهِمْ) بعد الفراغ من الغزوِ (إِنْ كَانَ بِالْيَمَنِ كَيْدٌ) أي حرب (ذات غدر) أي المعاهدون من أهل اليمن إذا غدروا، فعليهم أن يعطوا ذلك السلاح وغيرها عاريةً (على أن لا تُهْدَمَ لهم بيعةٌ، ولا يُخْرَجُ لهم قَسٌّ) وهو رئيس النصارى في العلم والدين (ولا يُفْتَنُوا عن دينهم ما لمِ يُحدِثوا حَدَثًا، أو يأكُلُوا الربا، قال إسماعيل) بن عبد الرحمن: (فقد أكَلُوا الربا) وقد نقضوا العهد.
(1) في نسخة: "والبقية".
(2)
في نسخة: "يردونها".
(3)
في نسخة: "غدرة"، وفي نسخة:"الغدرة".
(4)
في نسخة: "لا يفتنون".
(5)
زاد في نسخة: "قال أبو داود: إذا نقضوا بَعْضَ ما اشترَطَ عليهم فقد أَحْدَثُوا".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقد ذكر الشيخ ابن القيم (1) في "هديه" قصة قدوم وقد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفصلًا، وهي طويلة لا يناسب هذا المختصر، ولكن أنقل الكتاب الذي كتب لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما كَتَبَ محمدٌ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنجرانَ، إذ كان عليهم حُكمه في كل ثمرة، وفي كل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق، فَأَفْضَلَ عليهم، وتَرَكَ ذلك كلَّه على ألفي حُلة، في كل رجب ألفُ حُلَّةٍ، وفي كل صَفَر ألفُ حُلَّة، وكل حُلَّة أوقية، ما زادت على الخراج أو نقصت على الأواقي، فبحساب، وما قَضَوْا من دروع أو خيل أو ركاب أو عرض أُخِذَ منهم بحساب، وعلى نجران مثواة رسلي ومتعتهم بها عشرين فدونه، ولا يُحبس رسولٌ فوق شهر، وعليهم عاريةٌ ثلاثين درعًا، وثلاثين فرسًا، وثلاثين بعيرًا، إذا كان كَيْدٌ باليمن ومغدرة، وما هَلَكَ مما أعارُوا رسولي من دروع أو خيلٍ أو ركاب فهو ضمانٌ على رسولي حتى يُؤَدِّيَه إليهم، ولنجرانَ وحسبها جوارُ الله وذمةُ محمد النبيّ على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وتبعهم، وأن لا يُغَيِّروا مما كانوا عليه، ولا يُغَيَّر حقٌّ من حقوقهم ولا ملَّتهم، ولا يُغَيَّرُ أسقُفٌّ من أسقُفِّيَّتِه، ولا [راهب من رهبانيته، ولا وافه] عن وَفَهِيَّتِهِ (2).
وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم ريبة ولا دمُ جاهلية، ولا يُحْشَرُونَ، ولا يُعَشّرُون، ولا يطأ أرضَهم جيشٌ، ومن سأل منهم حقًّا فبينهم النّصفُ غيرَ ظالمين ولا مظلومين، ومن أكل الربَا من ذي قبل، فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوارُ الله وذمةُ محمد النبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتي الله بأمره ما نَصَحُوا وأصلحوا فيما عليهم غير منقلبين بظلم".
شهد أبو سفيان بن حرب، وغيلان بن عمرو، ومالك بن عوف، والأقرع بن حابس الحنظلي، والمغيرة بن شعبة.
(1)"زاد المعاد"(3/ 634).
(2)
في "النهاية"(5/ 211) الوافه: القَيِّم على البيت الذي فيه صليب النصارى بلغة أهل الجزيرة، وبعضهم يرويه بالقاف، والصواب الفاء.