الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(31) بابٌ: في أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ
3042 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِىُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، عَنْ أَبِى جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"إِنَّ أَهْلَ فَارِسَ لَمَّا مَاتَ نَبِيُّهُمْ كَتَبَ لَهُمْ إِبْلِيسُ الْمَجُوسِيَّةَ". [ق 9/ 192]
===
(31)
(بَابٌ: في أَخْذِ (1) الْجزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ)
وهم عبدة النار، فإنهم قائلون بالنور والظلمة، ويدَّعون أن الخير من فعل النور، والشر من الظلمة، وبهذا يعبدون النار
3042 -
(حدثنا أحمد بن سنان الواسطي، نا محمد بن بلال) الكندي، أبو عبد الله البصري التمار، روى عنه البخاري في "الأدب"، وروى هو وأبو داود وابن ماجه عن أحمد بن سنان عنه، قال الآجري عن أبي داود: ما سمعت إلا خيرًا، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عدي: هو يغرب عن عمران، وله عن غير عمران أحاديث غرائب، وليس بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به، قلت: وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال: يهم في حديثه كثيرًا، وقال الذهبي: غلط في حديثه كما يغلط الناس.
(عن عِمْرَان الْقَطَّان، عَنْ أَبِى جَمْرَة) بالجيم والراء، (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ فَارِسَ لَمَّا مَاتَ نَبِيُّهُمْ كَتَبَ لَهُمْ إِبْلِيسُ الْمَجُوسِيَّةَ).
ولعل غرض (2) المصنف بإيراده أن المجوس كانوا في بدء أمرهم مؤمنين
(1) قال في "الهداية"(1/ 401): توضع الجزية على أهل الكتاب والمجوس وعبدة الأوثان من العجم، وفيه خلاف الشافعي، هو يقول: إن القتال واجب، ولا توضع على عبدة الأوثان من العرب ولا المرتدين
…
إلخ، وحاصل المذاهب كما في "الأوجز"(6/ 193) أنها تؤخذ من أهل الكتاب والمجوس فقط عند الشافعية وأحمد، وعن كل مشرك عند مالك، وكذلك عن الحنفية إلا مشركي العرب، فلا يؤخذ منهم عندنا إلا الإِسلام أو السيف، انتهى. (ش).
(2)
وأثبت الجصاص في "أحكام القرآن"(3/ 93): أنهم ليسوا بأهل الكتاب، واستدل بذلك على مذهبه أخذ الجزية من المشركين واستئنى وَثَنِيِّي العرب بروايات أخر، -
3043 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ بَجَالَةَ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَأَبَا الشَّعْثَاءِ، قَالَ: "كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
===
بِنَبِيِّهم، ثم بعد موت نبيهم كتب لهم إبليسُ عبادة النار، فهم من أهل الكتاب كما أن اليهود والنصارى في بدء أمرهم مؤمنين بنبيِّهم، ثم كتب إبليس بعد موت نبيّهم عبادة نبيّهم، فصاروا مشركين، فلهذا أوجب عليهم الجزية كما أوجب على اليهود والنصارى.
3043 -
(حَدَّثَنَا مُسَدَّد، نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ بَجَالَةَ) بفتح الموحدة بعدها جيم، ابن عبدة بفتحتين، التميمي العنبري البصري، كاتب جزء بن معاوية، قال أبو زرعة: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال مجاهد بن موسى: مكي ثقة، وحكى الربيع عن الشافعي أنه قال: بجالة مجهول، رواه البيهقي في "المعرفة "، وذكر في "السنن الكبير" ذلك فقال: ذكر في الحدود أنه مجهول ليس بالمشهور، ولا يعرف أن جزء بن معاوية كان من عمال عمر، وذكره في كتاب الجزية فقال: حديث بجالة متصل ثابت لأنه أدرك عمر، وكان رجلًا في زمانه، وكاتبًا لِعُماله، قال البيهقي: فكأنه وقف على حاله بعد، وذكره ابن حبان في "الثقات"(1).
(يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَأَبَا الشَّعْثَاءِ، قَالَ) أي بجالة: (كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ) بفتح الجيم وسكون الزاء بعدها همزة، هكذا يقوله المحدثون، وضبطه أهل النسب بكسر الزاي بعدها تحتانية ساكنة ثم همزة، ومن قاله بلفظ التصغير فقد صحف، وهو ابن معاوية بن حصن بن عبادة التميمي السعدي، عم الأحنف بن قيس، وهو معدود في الصحابة، وكان
= فتأمل، ولعل المصنف بوَّب بجزية المجوس مستقلًّا، لأن هذا الباب مستدل من قال بعموم الجزية كالحنفية والمالكية، فإنهم ليسوا بأهل كتاب، كذا في "الأوجز"(6/ 194)، واستدلوا أيضًا بما تقدم في "باب في دعاء المشركين". (ش).
(1)
انظر: "تهذيب التهذيب"(1/ 417 - 418).
عَمِّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، إِذْ جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِى مَحْرَمٍ مِنَ الْمَجُوسِ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ، فَقَتَلْنَا فِى يَوْمٍ ثَلَاثَةَ (1) سَوَاحِرَ، وَفَرَّقْنَا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمَجُوسِ وَحَرِيمِهِ فِى كِتَابِ اللَّهِ تعالي، وَصَنَعَ طَعَامًا كَثِيرًا، فَدَعَاهُمْ، فَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ، فَأَكَلُوا وَلَمْ يُزَمْزِمُوا، وَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَتَيْنِ (2) مِنَ الْوَرِقِ. وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ، حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا
===
عامل عمر على الأهواز، ووقع في رواية الترمذي أنه كان على مناذر، قلت: هي من قرى الأهواز.
(عم الأحنف بن قيس، إذ جاءنا كتابُ عمر قبل موته بسنة) وكان ذلك سنة اثنين وعشرين، لأن عمر قُتِلَ سنةَ ثلاث وعشرين (اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ، وفرِّقُوا بين كل ذي محرَمٍ من المجوس) فإنهم كانوا يستحلّون نكاح المحارم، (وانهُوهُم عن الزَّمْزَمَة) قال بجالة:(فقتلنا في يوم ثَلَاثَةَ سواحِرَ، وفرَّقْنا بين كل رجل من المجوس وحريمِه في كتاب الله تعالى).
قال الحافظ (3): قال الخطابي: أراد عمر بالتفرقة بين المحارم عن المجوس منعهم من إظهار ذلك، وإفشاء عقودهم به.
(وصَنَعَ) أي جزء بن معاوية (طعامًا كثيرًا فَدَعَاهم) أي المجوس (فَعَرَضَ السيفَ على فخذه) أي وَضَعَ على فخذه السيف عرضًا تخويفًا لهم (فَأَكَلُوا) أي من الطعام (وَلَمْ يُزَمْزِمُوا) وكانوا يُزَمْزِمُون بكلام خفي عند أكلهم (وَأَلْقَوا وِقْرَ) أي حمل (بغل أو بغلتين من الوَرِقِ) أي الفضة (ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبدُ الرحمن بنُ عوف أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخذها
(1) في نسخة: "ثلاث".
(2)
في نسخة: "بغلين".
(3)
"فتح الباري"(6/ 261).
مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ". [خ 3156، ت 1586، ق 9/ 189، حم 1/ 190]
===
من مجوس هَجَرَ) (1).
قال في "معجم البلدان"(2): قال ابن الحائك: الهَجَر بلغة حمير والعرب العاربة: القرية، فمنها: هجر البحرين، وهجر نجران، [وهجر جازان]، وهجر حصنة من مخلاف مازن، وهجر: مدينة وهي قاعدة البحرين، وقيل: ناحية البحرين كلها هجر، وهو الصواب، وقد فتحت في أيام النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثمان أو عشر على يد العلاء بن الحضرمي.
قال الحافظ (3): قلت: إن كان هذا من جملة كتاب عمر فهو متصل، وتكون فيه رواية عمر عن عبد الرحمن بن عوف، وبذلك وقع التصريح في رواية الترمذي، لكن أصحاب الأطراف ذكروا هذا الحديث في ترجمة بجالة بن عبدة عن عبد الرحمن بن عوف، وليس بجيد.
وأما وجه عدم أخذ الجزية من المجوس لعمر رضي الله عنه قبل شهادة عبد الرحمن بن عوف، فإنه استدل بقوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (4)، فإن مفهومها أن غير أهل الكتاب من اليهود والنصارى لا يشاركهم، ثم لَمّا أَخْبَرَه عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الجزيةَ من مجوس، عَلِمَ أن مفهوم الآية غير معتبر، فكب إلى عُمَّاله أن يأخذوا الجزية عن المجوس، ويسنّوا بهم سنة أهل الكتاب.
(1) بسط القاري (7/ 605) الكلام على ضبطه وتحقيقه والاختلاف في أنه منصرف أَوْ لَا، وحكى عن "القاموس": مذكر منصرف وقد يؤنث ويمنع. (لش).
(2)
(5/ 393).
(3)
"فتح الباري"(6/ 161).
(4)
سورة التوبة: الآية 29.
3044 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِىُّ،
===
قال الحافظ (1): وفي "الموطأ": عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، وهذا منقطع مع ثقة رجاله، قال أبو عمر: هذا من الكلام العام الذي أريد به الخاص؛ لأن المراد سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية، لا في تحريم نسائهم وأكل ذبائحهم.
وقد روى الشافعي وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد حسن عن علي: "كان المجوس أهل كتاب يقرؤونه، وعلم يدرسونه، فشرب أميرُهم الخمر، فوقع على أخته، فلما أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم، وقال: إن آدم كان ينكح أولاده بناته، فأطاعوه، وقتل من خالفه".
وروى عبد بن حميد في تفسير سورة البروج بإسناد صحيح عن ابن أبزى: "لما هزم المسلمون أهلَ فَارِسَ قال عمر: اجتمعوا، فقال: إن المجوس ليسوا أهل كتاب، فنضع عليهم الجزية، ولا من عبدة الأوثان فنُجري عليهم أحكامهم، فقال علي: بل هم أهل الكتاب، فذكر نحوه، فهذا حجة لمن قال:[كان] لهم كتاب.
وأما قول ابن بطال: لو كان لهم كتاب ورفع لرفع حكمه ولما استثنى حال ذبائحهم نكاح نسائهم؟ فالجواب: أن الاستثناء وقع تبعًا للأثر الوارد في ذلك؛ لأن في ذلك شبهة تقتضي حقن الدم بخلاف النكاح فإنه مما يحتاط له، وقال ابن المنذر: ليس تحريم نسائهم وذبائحهم متفقاَ عليه، ولكن الأكثر من أهل العلم عليه.
3044 -
(حدثنا محمد بن مسكين) بن نميلة بالنون، مصغرًا، أبو الحسن (اليمامي) نزيل بغداد، قال البخاري: ثقة مأمون، وقال الآجري عن أبي داود: كان ثقة رحمه الله تعالى، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال مسلمة: لا بأس به، وقال الخطيب: كان ثقة
(1)"فتح الباري"(6/ 261).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِى هِنْدٍ، عَنْ قُشَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَسْبَذِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُمْ مَجُوسُ أَهْلِ هَجَرَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَكَثَ عِنْدَهُ، ثُمَّ خَرَجَ فَسَأَلْتُهُ (1): مَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: شَرٌّ، قُلْتُ: مَهْ، قَالَ: الإِسْلَامُ أَوِ الْقَتْلُ". [ق 9/ 190]
قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَبِلَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخَذَ النَّاسُ بِقَوْلِ
===
(نا يحيى بن حسان، نا هشيم، أنا داود بن أبي هند، عن قشير) مصغرًا (بن عمرو) ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان: مجهول الحال، (عن بجالة بن عبدة، عن ابن عباس قال: جاء رجل من الأسبذيين).
قال في "القاموس": وأسبذ كأحمد: بلدة بهَجَرَ، والأسابذة: ناس من الفرس، ولا تجتمع السين والذَّال في كلمة عربية، قال في "المجمع" (2): هم قوم من المجوس، والواحد أسبذي (3).
(من أهل البحرين، وهم مجوس أهل هجر، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكث عنده، ثم خرج، فسألته: ما قضى الله ورسوله فيكم؟ قال: شر، قلت: مه) أي اكفُفْ واسكتْ عن هذا الكلام، فإنه لا يمكن أن يكون قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم شرًا، أو يقال: إنه مُخَفَّفُ مَا هُوَ.
(قال: الإِسلام أو القتل) أي قضى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسلم وإلا نقتل (قال) أي ابن عباس: (وقال عبد الرحمن بن عوف: قَبِلَ) أي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (منهم) أي من مجوس هَجَرَ (الجزية، قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول
(1) في نسخة: "فسأله".
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(3/ 20).
(3)
قال في "النهاية": هم ملوك عمان بالبحرين، الكلمة فارسية، معناها عبدة الفَرَس؛ لأنهم كانوا يعبدون فرسًا فيما قيل، واسم الفرس بالفارسية: أَسب.