الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى سام وسين وسوى
السآمة: المَلالَةُ ممّا يطول لُبثه، فِعْلا كان أَو انفعالا، قال تعالى:{لَاّ يَسْأَمُ الإنسان مِن دُعَآءِ الخير} .
{مِن طُورِ سَيْنَآءَ} قرىء بفتح السّين وكسرها. والأَلف في (سَيْنَاءَ) بالفتح ليس إِلَاّ للتأْنيث، لأَنَّه ليس فى كلامهم فَعلال. وفى (سِيْنَاءَ) بالكسر يصحّ [أَن تكون] الأَلف فيه كالأَلف فى عِلباءَ وحِرْباء، [وأَن تكون الأَلف للإِلحاق بسِرواحٍ] . وقيل طور سينين.
والمساواة: المعادلة. واستوَى الشيئان، وتساويا، وساوَى أَحدهما صاحبه. وساوَى بين الشيئين، وسوَّى بينهما، وساويت هذا بهذا وسوّيته به. قال الرّاعى:
بجُرْدٍ عليهنّ الأجلَّةُ سُوِّت
…
بضيف الشتاءِ والبنينَ الأَصاغرِ
أَى يصونها صيانة الضيوف والأَطفال. وسوَّيتُ المعوجّ فاستوَى.
واستوى يقال على وجهين:
أَحدهما: يُسند إِلى فاعلَين فصاعدًا، نحو استوَى زيدٌ وعمرو فى كذا، أَى تساويا.
والثَّانى: أَن يقال لاعتدال الشىء فى ذاته، نحو قوله تعالى:{ذُو مِرَّةٍ فاستوى} .
ومتى عُدِّى بعلى اقتضى معنى الاستيلاءِ نحو: {الرحمان عَلَى العرش استوى} ، وقيل: استوى له ما فى السّماوات وما فى الأَرض بتسويته تعالى إِيّاه، كقوله تعالى:{ثُمَّ استوى إِلَى السمآء فَسَوَّاهُنَّ} . وقيل معناه: استوى كلّ شىء فى النسبة إِليه، فلا شىء أَقرب إِليه من شىء؛ إِذْ كان تعالى ليس كالأَجسام الحالَّة فى مكان دون مكان. وإِذا عدّى بإِلى اقتضى معنى الانتهاء إِليه، إِمّا بالذَّات، وإِمّا فى الرّفعة، أَو فى الصّفة.
وقوله: {خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ} ، أَى جعل خَلْقَك على ما اقتضت الحكمةُ. وقوله:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} إِشارة إِلى القُوَى التى جعلها مقوّية للنفْسِ فنَسب الفعل إِليه، ولا شك أَنَّ الفعل كما يصحّ أَن ينسب إِلى الفاعل يصحّ أَن ينسب إِلى الآلة وسائر ما تفتقر إِليه؛ نحو سيف قاطع.
وهذا الوجه أَولَى من قول من قال: أَراد {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} يعنى الله تعالى، فإِنَّ (ما) لا يعبَّر به عن الله تعالى؛ إِذ هو موضوع للجنس ولم يَرِدْ به سَمْع يصحّ.
وقوله: {الذي خَلَقَ فسوى} فالفعل منسوب إِلى الله تعالى. وقوله تعالى: {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} ، فتسويتها تتضمّن بناءها وتزيينها المذكور فى قوله تعالى:{إِنَّا زَيَّنَّا السمآء الدنيا} .
والسّوىّ يقال فيما يُصان عن الإِفراط والتَّفريط، من حيث العددُ والكيفيّة. ورجل سوِىٌّ: استوى أَخلاقُه وخَلِيقته عن الإِفراط والتفريط. وقوله: {قَادِرِينَ على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ} ، قيل: يجعل كفّه كخُف الجَمَل لا أَصابع له، وقيل: بل يجعل أَصابعه كلها على قَدْر واحد، حتى لا ينتفع بها، وذلك أَنَّ الحكمة فى كون الأَصابع متفاوتة فى القَدْر والهيئة ظاهرة؛ إِذْ كان تعاونها على القبض أَن تكون كذلك.
وقوله: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا} أَى سوّى بلادهم بالأَرض، نحو:{خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا} . وقيل: سوّى بلادهم بهم، نحو قوله:{لَوْ تسوى بِهِمُ الأرض} ، وذلك إِشارة إِلى ما قال عن الكفار:{وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ تُرَاباً} .
ومكان سُوًى وسَوَاءُ: وَسَط. وقيل: سواءٌ، وسِوًى، وسُوًى، أَى يستوى طرفاه. ويستعمل ذلك وصفًا وظرفًا، وأَصل ذلك مصدر.
وقوله: {فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ} ، أَى عَدْلٍ من الحُكْم. وقوله:{سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا} أَى يستوى الأَمران فى أَنهما لا يُغنيان.
وقد يستعمل سِوًى وسواءٌ بمعنى غير، قال:
فلم يَبقَ منها سِوَى هامدٍ
وقال:
وما قَصَدتْ من أَهلها لِسَوائكا
وعندى رجلٌ سِواكَ، أَى مكانك وبدَلُك.
والسِّىّ: المُساوِى، مثل عِدْل ومُعادل، تقول: سِيّانٍ زيدٌ وعمرو. وأَسْواءٌ: جمع سِىّ، مثل نِقْض وأَنقاض، يقال قوم أَسواءٌ، أَى مستوون. والمساواة متعارَفة فى المُثْمَنَات، يقال: هذا الثَّوب يساوى كذا، وأَصله من ساواه فى القَدْر.