الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى السبخ والسبط
وهو العَوْم، سبح بالنَّهر وفيه سَبْحاً وسِبَاحة - بالكسر -: عامَ. وهو سابح، وسَبُوح من سُبَحاء، وسَبَّاحٌ من سبَّاحين.
وقوله تعالى: {والسابحات} ، قيل: هى السّفن، وقيل: أَرواح المؤمنين، وقيل: هى النجوم، استعير السَّبْح لمَرّها فى الفَلَك؛ كقوله تعالى:{كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} . واستعير لسرعة الذهاب فى العمل كقوله {إِنَّ لَكَ فِي النهار سَبْحَاً طَوِيلاً} .
والتسبيح: تنزيه الله تعالى، وأَصله المَرّ السّريع فى العبادة. وجُعل ذلك فى فعل الخير، كما جُعل الإِبعاد فى الشرّ، فقيل: أَبعده الله. وجُعل التَّسبيح عامًَّا فى العبادات، قولاً كان أَو فعلاً أَو نيّة، وقوله تعالى:{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} قيل: من المصلّين، والأَولَى أَن يحمل على ثلاثتِهَا. وقوله:{أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} أَى هلَاّ تعبدونه وتشكرونه، وحُمل ذلك على الاستثناءِ وهو أَن يقول: إِن شاءَ الله، ويدل [على ذلك] قوله:{إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ}
وقوله: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولاكن لَاّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} كقوله: {وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً} . [ {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} ] . وذلك يقتضى أَن يكون سجودا على الحقيقة، وتسبيحا له على وجهٍ لا نفقههُ، بدلالة قوله {ولاكن لَاّ تَفْقَهُونَ} ، ودلالةِ قوله:{وَمَن فِيهِنَّ} بعد ذكر السّماوات والأَرض. ولا يصحّ أَن يكون تقديره: يسبّح له مَن فى السّماوات، ويسبّح له مَن فى الأَرض؛ لأَنَّ هذا ممّا نفقهه، ولأَنه محال أَن يكون ذلك تقديره، ثمّ يعطف عليه بقوله:{وَمَن فِيهِنَّ} .
والأَشياء تسبّح وتسجد، بعضها بالتَّسخير وبعضها بالاختيار، ولا خلاف أَنَّ السماوات والأَرض والدّوابّ مسبِّحات بالتَسخير، من حيث إِنَّ أَحوالها تدلّ على حكمة الله تعالى، وإِنما الخلاف فى السماوات والأَرض هل تسبّح باختيار، والآية تقتضى ذلك.
وسُبحانَ اللهِ أَى تنزيهاً لله من الصّحابة والولد. وهى معرفة ونصبها على المصدر، أَى أُبْرىء الله من السّوءِ براءَةً، أَو معناه السرعة إِليه والخِفَّة فى طاعته. وسبحان مِن كذا: تَعَجُّبٌ منه. وأَنت أَعلم بما فى سبحانِك
أَى بما فى نفسك. وسبّح تسبيحاً: قال: سبحان الله. وسُبّوح قُدّوس - وقد يفتح أوّلهما - كسَمُّور وتَنُّورّ - من صفات الله تعالى؛ لأَنَّه يُسَبَّح ويقَدَّس.
والسُّبْحة - بالضمّ - خَرَزَات يسبَّح بها. والسُّبُحات - بضمتين -: مواضع السجود. وسُبُحات وجه الله: أَنوارُه. وقيل: سُبْحة الله: جلاله.
والتَّسبيح: الصّلاة، ومنه قوله تعالى:{كَانَ مِنَ المسبحين}
وفى بعض الأَخبار أَنَّ تسبيح حَمَلةِ العرش: سبحان الله والحمد لله، ولا إِله إِلَاّ الله، والله أَكبر. وتسبيح ميكائيل مع الكَروبِيِّين: سبحان المعبود بكلّ مكان، سبحان المذكور بكلّ لسان.
وتسبيح جبريل مع الرّوحانيّين: سبحان الملِك القدّوس، سبّوح قدّوس، وربّ الملائكة والرّوح.
وتسبيح الرّضوان: سبحان مَن فى السّماء عرشه، سبحان من فى الأَرض سلطانه، سبحان مَن فى الجنَّة فضله.
وتسبيح مالك خازن النَّار: سبحان مَن فى البرّ بدائِعه، سبحان من فى البحر عجائبُه، سبحان من فى النَّار عذابه.
وتسبيح عزرائيل مع أَعوانه: سبحان من تعزَّز بالقدرة، وقهر العباد بالموت.
وتسبيح آدم عليه السلام: سبحان ذى المُلْك والمَلَكُوت، سبحان ذى القدرة والجَبَرُوت، سبحان الحىّ الذى لا يموت.
وتسبيح نوح عليه السلام: سبحان ذى المجد والنِّعم، سبحان ذى القدرة والكرم، سبحان ذى الجلال والإِكرام.
وتسبيح إِبراهيم: سبحان الأَوّل المبدِىء، سبحان الباقى المغنى، سبحان المسمَّى قبل أَن يسمّى، سبحان العلىّ الأَعلى، سبحان الله وتعالى.
وتسبيح يعقوب: سبحان الَّذى أَحاط بكلّ شىء علماً، سبحان الَّذى أَحصى كلّ شىء عَدَدًا، سبحان حافظ كلّ غائب، ورادّ كل فائت.
وتسبيح يوسف: سبحان الذى تَعَطَّف بالعِزِّ وقال به، سبحان الَّذِى لبس المجد وتكرّم به، سُبحان مَن لا ينبغى التسبيحُ إِلَاّ له.
وتسبيح موسى: سبحان ذى العز الشامخ المنيف، سبحان ذى الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذى المُلْك القاهر القديم، سبحان مَن هو فى علوّه دانٍ وفى دنوّه عال، وفى إِشراقه منير، وفى سلطانه قوىّ، وفى ملكه عزيز، سبحان ربّى العظيم.
وتسبيح عيسى: سبحان الواحد الأَحَد، سبحان الباقى على الأَبد، سبحان الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفْوًا أَحد.
وتسبيح نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم وبحمده، أَستغفرُ الله وأَتوب إِليه. قال النَّبىّ صلى الله عليه وسلم:"مَن قالها كلّ يوم سبعين مرّة حُطَّت عنه خَطاياه ولو كانت مثل زَبَد البحر".
وتسبيح المؤمنين: سبحانك اللَّهمّ وبحمدك، فى أَوّل الصّلاة، وسبحان ربّى العظيم، فى الرّكوع، وسبحان ربّى الأَعلى، فى السّجود.
وقد ذكر الله تعالى (سبحان) فى القرآن فى خمسة وعشرين موضعاً، فى ضمن كلّ واحد منها إِثباتُ صفة من صفات المدح، ونَفْى صفة من صفات الذَّم، وهى:
{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَآ} ، {سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السماوات والأرض} ، {سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ} ، {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} ، {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ} ، {سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} ، {سُبْحَانَكَ اللهم وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} ، {سُبْحَانَهُ هُوَ الغني} ، {وَسُبْحَانَ الله وَمَآ أَنَاْ مِنَ
المشركين} ، {سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ} ، {سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً} ، {سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} ، {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} ، {سُبْحَانَكَ هاذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} ، {سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ} ، {وَسُبْحَانَ الله رَبِّ العالمين} ، {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} ، {سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ} ، {سُبْحَانَ الذي خَلَق الأزواج كُلَّهَا} ، {فَسُبْحَانَ الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ، {سُبْحَانَهُ هُوَ الله الواحد القهار} ، {سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هاذا} ، {سُبْحَانَ رَبِّ السماوات والأرض} ، /، {سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} . {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ} .
وأَمَّا من جهة المعنى فقد ورد على سبعة وجوه:
الأَوّل: بمعنى الصّلاة والخدمة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} ، أَى يصلِّى.
الثانى: بمعنى التعجّب: {سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ} .
الثالث: بمعنى ذكر الحق: {وَيُسَبِّحُ الرعد بِحَمْدِهِ} .
الرّابع: بمعنى التَّوبة: {سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} .
الخامس: بمعنى الاستثناء: {لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} ، أَى لولا تستثنون.
السّادس: بمعنى تنزَّه الحقّ تعالى من العيوب والآفات: {فَسُبْحَانَ الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} .
السّابع: بمعنى التَّنزيه والتَّقديس: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} .