الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى السمع
وهو قوّة فى الأُذُن، بها تدرِك الأَصوات. وفِعْله يقال له السّمع أَيضًا. وقد سَمِع سَمْعًا. ويعبّر تارة بالسّمع عن الأُذُن نحو:{خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ} . وتارة عن فعله كالسّماع نحو {إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ} ، وتارة عن الفهم، وتارة عن الطَّاعة، تقول: اسمع ما أَقول لك. ولمْ تسمعْ ما قلتُ، أَى لم تفهم
وقوله {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} ، أَى فهِمنا ولم نأْتمر لك. وقوله {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} ، أَى فهمْنَا وارتسَمْنا. وقوله:{وَلَا تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} ، يجوز أَن يكون معناه: فَهِمْنا وهم لا يعملون بموجَبه، وإِذا لم يعمل بموجَبه فهو فى حكم مَن لم يسمع، قال تعالى:{وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ} أَى أَفهمهم بأَن جعل لهم قوَّة يفهمون بها.
وقوله: {واسمع غَيْرَ مُسْمَعٍ} ، فغير مُسْمَع يقال على وجهين:
أَحدهما: دعاء على الإِنسان بالصّمم.
والثَّانى: أَن يقال أَسمعت فلاناً إِذا سَبَبْتُه. وذلك متعارَف فى السّبّ.
ورُوى أَن أَهل الكتاب كانوا يقولون [ذلك] للنبىّ صلى الله عليه وسلم يوهمون أَنَّهم يعظِّمونه ويَدْعون له، وهم يدعون عليه بذلك.
وكلّ موضع أُثبت فيه السّمع للمؤمنين أَو نُفى عن الكافرين أَو حُثَّ على تحرّيه فالقصد به إِلى تصوّر المعنى والتفكر فيه. وإِذا وُصف/ الله بالسّمع فالمراد به علمه بالمسموعات وتحرّيه للمجازاة به، نحو:{قَدْ سَمِعَ الله} وقوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الموتى} أَى إِنك لا تُفهمهم؛ لكونهم كالموتى فى افتقادهم - لسوءِ فعلهم - القوّة العاقلة الَّتى هى الحياة المختصة بالإِنسانية.
وقولُه: {قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ السماوات والأرض أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} أَى (يقوله فيه تعالى) مَن وقف على عجائب حكمته، ولا يقال فيه: ما أَبصره وما أَسمعه لما تقدم ذكره، وأَن الله تعالى لا يوصَف إِلَاّ بما ورد به السّمع. وقولُه فى صفة الكفار:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} معناه: أَنهم يسمعون ويبصرون فى ذلك اليوم ما خَفِىَ عنهم وضلُّوا عنه اليوم؛ لظلمهم أَنفسهم وتركهم النَّظر.
وقولُه: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} أَى يسمعون منك لأَجل أَن يكذِبوا، {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ} أَى يسمعون لمكانهم.
والاستماع: الإِصغاء. وقوله: {أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار} أَى مَن الموجِد لأَسماعهم وأَبصارهم، والمتولِّى بحفظها. والمسْمَع والمِسْمع: خَرْق الأُذُن. وفى دعاءِ النبىّ صلى الله عليه وسلم: يامن لا يشغله سمعٌ عن سمع، ويامَن لا تغلِّطه المسائل، ويامن لا يُبرمه إِلحاح الملحّين، ارزقنى بَرْد عفوك، وحلاوة رحمتك، ورَوْح قربك. وقال الشاعر:
لو يسمعون كما سمعتُ كلامها
…
خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعًا وسجودًا
وقد ورد السّمع فى التنزيل على وجوه:
الأَوّل: بمعنى الإِفهام: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الموتى} أَى لا تفهمهم.
الثانى: بمعنى إِجابة الدّعاءِ: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدعآء} .
الثالث: بمعنى فهم القلب: {أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ} ، {إِنَّهُمْ عَنِ السمع لَمَعْزُولُونَ} أَى سَمْعِ الفؤاد، {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} أَى سمعنا بقلوبنا، وأَطعنا بجوارحنا.
الرّابع: بمعنى سماع جارحة الأُذُن: {سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} ، {نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} ، {سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} أَى سمعنا بالآذان، وعصينا بالجَنَان.
الخامس: بمعنى سَمْع الحقّ تعالى المنزّه عن الجارحة والآلة، المقدّس عن الصِّماخ والمَحارة:{وَكَانَ الله سَمِيعاً بَصِيراً} ، {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} .
وقد يكون السميع بمعنى المُسمِع، قال عمرو بن مَعْدِ يكَرِبَ رضى الله عنه:
أَمِن رَيْحانَةَ الداعى السميعُ
…
يؤرِّقنى وأَصاحبى هُجُوعُ