الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى صوب
صاب المَطَرُ بمكان كذا، وصاب أَرضَهم يَصُوبها، كقولك: مَطَرها وجادها. وسقاهم صَوْبُ السّماءِ وصيِّبُها، قال تعالى:{أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السمآء} . وسحابٌ صَيِّب، وغَيْث صيِّب.
وأَصابته مُصيبة، ومُصَاب، ومصيبات ومصائب، قال الله تعالى:{الذين إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ} . وسهم صائب ومُصيب. وصاب السّهمُ نحو الرّمِيَّة وهو يَصُوب نحوَه. وَرَمى فأَصاب. وأَصاب فى رأيه. ورأىٌ مصيب وصائب. وأَصاب الصّواب، وصوّبت رأيه. وقال تعالى:{رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ} .
والصّواب يقال على وجهين: أَحدهما باعتبار الشىء فى نفسه، يقال: هذا صواب: إِذا كان محمودًا أَو مرضيّا فى العقل والشرع؛ نحو قوله: تحرِّى العدلِ صوابٌ، (والكرَم صواب) . الثانى باعتبار الفاعل إِذا أَدرك المقصود بحسب ما يقصده، فيقال: أَصاب كذا، أَى وجد ما طلب، (كقولك: أَصابه بالسهم) وذلك على أَضرب:
الأَوّل: أَن يقصد ما يَحسن قصدُه وفعله فيفعلَه، وذلك هو الصّواب التَّامّ المحمود عليه.
والثانى: أَن يقصد ما يحسن فعله فيتأَتَّى منه غيره؛ لتقديره بعد بذل جهده أَنه صواب. وذلك هو المراد بما يُرْوَى: كلُّ مجتهد مصيب. ومنه: مَن اجتهد فأَصاب فله أَجران، وإِن أَخطأَ فله أَجر.
والثالث: أَن يقصد صوابا فيتأَتَّى منه خطأ لعارض (من خارج) ؛ نحو من يقصد رَمْى صيدٍ فأَصاب إِنسانًا، فهذا معذور.
وَالرَّابع: أَن يقصد ما يقبح فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يقصده، فيقال: أَخطأَ فى قصده فأَصاب الذى قصده، (أَى وجده) .
والصَوْب: الإِصابة، يقال: صابَه وأَصابَه. وجُعل الصَوْب لنزول المطر إِذا كان بقدر ما ينفع، وإِلى هذا القدر من المطر أَشار تعالى بقوله:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً بِقَدَرٍ} . قال الشاعر:
فَسَقَى دِياركِ غيرَ مُفسِدِها
…
صَوْبُ الرّبيع ودِيمةٌ تَهْمِى
وقيل: الصَيَب: السّحاب المختصّ بالصَوْب، وهو فَيْعِل من صاب يَصُوب، وقيل: هو السّحاب. قيل: هو المطر، وقيل: هو الغيم ذو المطر. وأَصله صَيْوب فأبدل وأدغم. وقال ابن دريد: أَصله صَوِيب، على فَعِيل.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من يُردِ الله بهُ خيرًا يُصِب منه"، أَى من أَراد به خيرًا ابتلاه بالمصائب لِيُثِيبَهُ عليها. يقال: مصيبة ومُصَابة.
وقد أَجمعت العرب على همز المصائب وأَصلها الواو، كأَنَّهم شبّهوا الأَصل بالزائد. ويجمع أَيضًا على مَصاوِب على الأَصل. وقال تعالى:{وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} .
وأَصاب جاءَ فى الخير والشرّ، قال تعالى:{إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ} . وقال بعضهم: الإِصابة فى الخير اعتبارًا بالصَوْب، أَى المطر، وفى الشرّ اعتبارًا بإِصابة السّهم.