الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى سلم
السَّلام والسّلامة: التعرّى من الآفات الظَّاهرة والباطنة، قال تعالى:{إِلَاّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أَى من الدّغَل، هذا فى الباطن، وقال تعالى:{مُسَلَّمَةٌ لَاّ شِيَةَ فِيهَا} هذا فى الظَّاهر. يقال: سَلِمَ يسلَم سلامةً، وسَلَاماً، وسلَّمه الله.
وقوله: {ادخلوها بِسَلامٍ} أَى بسلامة. والسّلامة الحقيقية ليست إِلَاّ فى الجنَّة؛ لأَنَّ فيها بقاء بلا فناء، وغنىً بلا فقر، وعزًّا بلا ذلّ، وصحّة بلا سقم.
وقوله: {يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ سُبُلَ السلام} أَى السّلامة. وقيل: السّلام: اسم من أَسماءِ الله تعالى، وكذا قيل فى قوله:{لَهُمْ دَارُ السلام} . قيل: وُصف الله بالسّلام من حيث لا يلحقه العيوب والآفات الَّتى تلحق الخَلْق.
وقوله: {سَلَامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} ، و {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} ، كل ذلك من النَّاس والملائكة بالقول، ومن الله بالفعل، وهو إِعطاء ما تقدّم ذكره ممّا يكون فى الجنَّة من السّلامة.
وقوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلَاماً} أَى نطلب منكم السّلامة، فيكون (سلاماً) منصوباً بإِضمار فعل. وقيل: معناه: قالوا سَدَادًا من القول، فيكون صفة لمصدر محذوف.
وقوله: {إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ} إِنَّمَا رفع الثَّانى لأَنَّ الرفع فى باب الدّعاء أَبلغ، فكأَنَّه يجرى فى باب الأَدب المأمور به فى قوله:{فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ} . ومن قرأَ (سِلْمٌ) فلأَن السّلام لمّا كان يقتضى السِّلْم وكان إِبراهيم عليه السلام قد أَوجس منهم فى نفسه خِيفة، فلمّا رآهم مسلِّمين تصوّر من تسليمهم أَنَّهم قد بذلوا له سِلْمًا، فقال فى جوابهم:(سِلْم) تنبيهًا أَنَّ ذلك حصل من جهتى لكم، كماحصل من جهتكم لى.
وقوله: {إِلَاّ قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً} هذا لا يكون لهم بالقول فقط، بل ذلك بالقول والفعل جميعاً. وقوله:{فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} هذا فى الظَّاهر أَنَّه سلّم عليهم، وفى الحقيقة سؤال الله السلامة منهم.
و {سَلَامٌ على نُوحٍ فِي العالمين} ، وكذلك البواقى، كلّ ذلك تنبيه من الله أَنَّه جعلهم بحيث يُثْنَى عليهم، ويُدْعَى لهم.
والسَّلَام، والسَّلَم، والسَّلْم: الصّلح. وقوله: {وَلَا تَقُولُواْ لِمَنْ ألقى إِلَيْكُمُ السلام لَسْتَ مُؤْمِناً} ، قيل: نزلت فيمن قُتل بعد إِقراره بالإِسلام ومطالبته بالصّلح.
وقوله: {يُدْعَوْنَ إِلَى السجود وَهُمْ سَالِمُونَ} أَى مستسلمون.
وقوله: {وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ} ، وقرىء: سَلَما وسِلْما، وهما مصدران وليسا بوصفين، تقول: سلِم سِلْماً وسَلَما، ورَبِحَ ربْحاً ورَبَحاً. وقيل: السَّلْم اسم بإِزاءِ الحرب: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا} ، لأَنَّ كلّ واحد من المتحاربين يخلُص ويسلّم من أَذى الآخر، ولهذا يبنى على مفاعلة، فيقال: المسالمة.
والإِسلام: الدّخول فى السَّلْم - وهو أَن يَسلَم كلُّ واحد منهما أَن يناله أَلم من صاحبه، ومصدر أَسلمت الشىء إِلى فلان إِذا أَخرجته إِليه. ومنه السَّلَم/ فى البيع.
والإِسلام فى الشرع على ضربين:
أَحدهما: دون الإِيمان، وهو الاعتراف باللِّسان. وبه يُحقَن الدّم، حصل معه الاعتقاد أَولم يحصل، وإِياه قَصَد بقوله:{قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولاكن قولوا أَسْلَمْنَا} .
والثانى: فوق الإِيمان. وهو أَن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب، ووفاء بالفعل، والاستسلامُ لله تعالى فى جميع ما قَضَى وقَدَّر؛ كما ذكر عن إِبراهيم عليه السلام فى قوله:{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالمين} .