الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الشيء
قيل: هو ما صحّ أَن يُعلم ويُخبر عنه. وعند كثير من المتكلِّمين: اسم مشترك المعنى؛ إِذ استعمل فى الله وفى غيره، ويقع على الموجود والمعدوم. وعند بعضهم عبارة عن الموجود. وأَصله مصدر شاءَ، فإِذا وُصِف الله تعالى به فمعناه شاءٍ وإِذا وُصِف به غيره فمعناه المَشِىءُ. على الثَّانى قوله تعالى:{الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فهذا على العموم بلا مَثْنَويّة؛ إِذْ كان الشىء ههنا مصدرًا فى معنى المفعول. وقوله: {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً} هو بمعنى الفاعل.
والمشيئة عند أَكثر المتكلَّمين كالإِرادة سواء، وعند بعضهم أَنَّ المشيئة فى الأَصل إِيجاز الشىء وإِصابته، وإِن كان قد يستعمل فى التعارف موضع الإِرادة. فالمشيئة من الله تعالى الإِيجاد، ومن الناس الإِصابة. والمشيئة من الله تقتضى وجود الشىء، ولذلك قيل: ما شاءَ الله كان وما لم يشأ لم يكن، والإِرادة لا تقتضى وجود المراد لا محالة؛ أَلا ترى أَنَّه قال:{يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العسر} ، وقال:{وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ} ، ومعلوم أَنَّه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين النَّاس.
قالوا: و [من] الفرق بينهما أَنَّ إِرادة الإِنسان قد تحصل من غير أَن تَتقدّم إِرادة الله؛ فإِنَّ الإِنسان قد يريد أَلَاّ يموت ويأبى الله ذلك، ومشيئته لا تكون إِلَاّ بعد مشيئته، كقوله:{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} . وروُى أَنه لمَّا نزل قوله تعالى: {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} قال الكفّار: الَامر إِلينا، إِن شئنا استقمنا، وإِن شئنا لم نستقم، فأَنزل الله تعالى:{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} . وقال بعضهم: لولا أَنَّ الأُمور كلّها موقوفة على مشيئة الله، وأَن أَفعالنا متعلِّقة بها، وموقوفة عليها، لما أَجمع النَّاس على تعليق الاستثناءِ به فى جميع أَفعالنا؛ نحو:{ستجدني إِن شَآءَ الله مِنَ الصابرين} ونحوه من الآيات.
والشىء تصغيره شُيَىْءٌ وشِيَىْء بكسر الشين. لا تقل: شُوَىْء. والجمع: أَشياء غير مصروفة. قال الخليل: إِنَّما تُرك صرفها لأَنَّ أَصلها فَعْلاء [جمعت] على غير واحدها؛ كما أَنَّ الشُّعَرَاءَ جمعت على غير واحدها؛ لأَنَّ الفاعل لا يجمع على فُعَلاء، ثمّ استثقلوا الهمزتين فى آخرها، فنقلوا الأُولى إِلى أَوّل الكلمة، فقالوا: أَشياء، كما قالوا: عُقاب بَعَنقاة، وأَيْنُق، وقِسِىّ، فصار تقديرها: لَفْعاءَ. يدل على صحّة ذلك أنها لا تُصرف، وأَنَّها تصغّر على أُشَيّاء، وأَنَّها تجمع على أَشَاوَى وأَصلها أَشاييىءُ،
فقلبوا الهمزة ياء، فاجتمعت ثلاث ياءَات، فحذفت الوسطى، وقلبت الأَخيرة أَلفا، فأُبدلت من الأُولى كما قالوا: أَتيته أَتوْةً. وحكى الأَصمعىّ أَنَّه سَمع رجلا من فصحاءِ العرب يقول لخَلَف الأَحمر: إِنَّ عندك لأَشاوَى، مثال الصّحارَى. ويجمع أَيضًا على أَشايا وأَشْياوات.
قال الأَخفش: هى أَفعِلاءُ، فلهذا لم تصرف؛ لأَنَّ أَصلها أَشْيِئاء، حذف الهمزة الَّتى بين الياءِ والأَلف للتخفيف. قال له المازنىّ: كيف تصغّر العرب أَشْياءَ؟ فقال: أُشَيّاء. فقال له: تركت قولك؛ لأَنَّ كلّ جمع كُسِّر على غير واحده وهو من أَبنية الجمع فإِنَّه يُردّ فى التصغير إِلى واحده؛ كما قالوا: شويعرون فى تصغير الشُعَراءِ. وهذا القول لا يلزم الخليل؛ لأَنَّ فَعْلاءَ ليس من أَبنية الجمع.
وقال الكِسَائىّ: أَشياء أَفعال؛ مثل فَرْخ وأَفراخ، وإِنَّما تركوا صرفها، لكثرة استعمالهم إِيّاها لأَنَّها شُبّهت بفعلاء. وهذا القول يدخُل عليه أَلَاّ يُصرف أَبناء وأَسماء. وقال الفرّاءُ: أَصل شىء شَيْىءٌ مثل شَيّع، فجمع على أَفعِلاءَ؛ مثل هيّن وأَهوناءَ، وليِّن وأَلْيِناء، ثمّ خُفف فقيل شَىْء، كما قالوا: هَيْن ولَيْن. وقالوا: أَشْيَاء، فحذفوا الهمزة الأُولى. وهذا القول يدخل عليه أَلَاّ يجمع على أَشَاوَى.
والشِّيئة: الإِرادة. وكلّ شىء بشيئة الله، مثال شِيعة، أَى بمشيئته. وقد شئت الشىءَ أَشاؤه. وأَشاءَه: أَلجأه.