الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى الزين
الزِّينة: ما يُتزيَّن به. وكذلك الزِّيان. والزَّين: ضدّ الشَيْن، والجمع أَزيان. وزانة وأَزانَه وأَزْيَنه بمعنى، فتزَّين هو وازدان وازَّيَّنَ وازْيَانَّ وازْيَنَّ. وقمرٌ زَيَانٌ: حَسَنٌ، وامرأَةٌ زائن: متزيّنة.
والزِّينة فى الحقيقة: ما لا يَشين الإِنسانَ فى شىءٍ من أَحواله، لا فى الدُّنيا ولا فى الآخرة. فأَمّا ما يزينه فى حالة دون حالة فهو من وجهٍ شَيْن.
والزِّينة بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسيّة؛ كالعلم والاعتقادات/ الحسنة. وزينة بدنيَّة، كالقوّة وطول القامة وتناسب الأَعضاءِ. وزينة خارجيّة؛ كالمال والجاه.
وقوله تعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمان وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} هو من الزينة النفسيّة. وقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} حُمِل على الزِّينة الخارجيَّة، وذلك أَنَّه قد رُوى أَنَّ أَقواماً كانوا يطوفون بالبيت عُراةً، فنُهوا عن ذلك بهذا الآية. وقيل: بل زينة الله فى هذه الآية هى الكَرَم المذكور فى قوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ} .
وقوله: {فَخَرَجَ على قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} هى الزينة الدّنيوية: من الأَثاث والمال والجاه.
وقد نسب الله - تعالى - تزيين الأَشياءِ إِلى نفسه فى مواضع، وإِلى الشيطان فى مواضع، وفى أَماكن ذكره غير مُسَمَّى فاعلُه. قال - تعالى - فى الإِيمان:{وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} ، وفى الكفر:{زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} . وممّا نسبه إِلى الشيطان: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ} . ممّا لم يسمَّ فاعله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات} ، {وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المشركين قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} أَى زَيّنَهُ شركاؤهم.
وقوله: {وَزَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ} ، {إِنَّا زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِزِينَةٍ الكواكب} ، {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} إِشارة إِلى الزِّينة المدرَكة بالبصر للخاصّة والعامّة، وإِلى الزينة المعقولة الَّتى تعرفها الخاصّة، وذلك إِحكامها وسيرها.
وتزيين الله تعالى للأَشياءِ قد يكون بإِداعها مزيَّنة كذلك. قال الشاعر:
الرّوض يزدان بالأَنوار فاغِمة
…
والحُرّ بالبرّ والإِحسان يزدانُ
وقال آخر:
وإِذا الدُرّ زان حُسْنَ وجوهٍ
…
كان للدُرّ حسنُ وجهك زينا
وقال:
لكلّ شيى حسن زينة
…
وزينة العاقل حسن الأَدب
قد يشرِّف المرءُ بآدابه
…
يوماً وإِن كان وضيع النَّسب
وقد وردت الزِّينة فى القرآن على عشرين وجها:
الأَول: زينة الدّنيا: {وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} .
الثَّانى: زينة بالملابس: {تُرِدْنَ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا} أَى ثيابها.
الثالث: زينة ستر العورة: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} .
الرّابع: زينة قارُون بماله ورجاله: {فَخَرَجَ على قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} .
الخامس: زينة النّساء بالْحُلِىّ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} ، {مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} .
السادس: زينة العجائز بالثياب الفاخرة: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ} .
السابع: زينة العيد: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة} .
الثامن: زينة عاريّة القِبْط: {حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ القوم} .
التاسع: زينة آل فرعون: {آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً} .
العاشر: زينة أَهل الدّنيا فيها: {المال والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا} .
الحادى عشر: زينة المسافرين بالمراكب: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} .
الثانى عشر: زينة حبّ الشَّهوات: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات} أَى حُسِّنَ فى أَعينهم وقلوبهم.
الثانى عشر أيضا: زينة العصيان فى أَعين ذو الخذلان: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} .
الثالث عشر: زينة قتل الوِلدان: {وكذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المشركين قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} .
الرابع عشر: زينة الحياة لذوي الطغيان: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الحياة الدنيا} .
الخامس عشر: زينة أَحوال الماضين والباقين فى عيون الكفَّار استدراجاً لهم: {فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} .
السادس عشر: زينة الشَّيطان الضلال لمتَّبعيه: {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ} . {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ} .
السابع عشر: زينة الله لأَعدائه خذلانهم: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} .
الثامن عشر: زينة السّماء لأُولى الأَبصار/: {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} .
التاسع عشر: زينة الأَرض بالنَّبات والرياحين: {أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت} أَى تلوّنت بالأَلوان.
العشرون: زينة الفَلَك بالكواكب: {زَيَّنَّا السمآء الدنيا بِزِينَةٍ الكواكب} .
الحادى والعشرون: زينة الأَفلاك السّبع بالسّيّارات السّبع: {وَزَيَّنَّا السمآء الدنيا بِمَصَابِيحَ} .
[الثانى والعشرون] : زينة الإِيمان فى قلوب العارفين: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} .
أُنشِدنا لبعض المحدَثين:
سبحان مَنْ زيّن الأَفلاك بالقمر
…
وزيّن الأَرض بالأَنهار والشَجَر
لا كالسّراج ولا كالشَّمس زاهره
…
لا كالجواهر والياقوت والدُررِ
وجَنَّة الخلد بالأَنوار زيَّنها
…
والقصرُ زيَّنه بالحُور والسُرُور
وزيَّن النفس بالأَعضاءِ مستويا
…
والرأْس زيَّنه بالسمع والبصر
وزيَّن القلبَ بالأَنوار نوّره
…
لا كالنجوم ولا كالشمس والقمر
(انتهى آخر الجزء الأَول ولله الحمد. يتلوه أَوّل الجزء الثَّانى إِن شاءَ الله تعالى) .