الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى شقو وشك
الشَّقَاوة معروف، وقد شَقِىَ يَشْقَى شِقْوة - بالكسر - وشَقَاوة وشَقَاء. فالشِقوة كالرِّدّة. والشقاوة كالسّعادة من حيث الإِضافة، وكما أَنَّ السّعادة فى الأَصل ضربان: سعادة أُخرويّة، وسعادة دنيويّة، ثم السعادة الدّنيويّة ثلاثة أَضرب: نفسيّة، وبدنيّة، وخارجية، كذلك الشقاوة على هذه الأَضرب. وفى الشَّقاوة الأُخرويّة قال تعالى:{فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يشقى} . وفى الدنيويّة قال: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة فتشقى} . وقيل: قد وُضع الشَقَاءُ موضع التعب، نحو شَقِيت فى كذا، وكلّ شقاوة تعب، وليس كلّ تعب شقاوة.
والشَّكّ: اختلاف النقيضين عند الإِنسان وتساويهما. وذلك قد يكون لوجود أَمارتين متساويتين عنده فى النَّقيضين، أو لعدم الأَمارة فيهما، والشكّ ربّما كان فى الشىء هل هو موجود أَو غير موجود، وربّما كان فى جنسه، أَىْ مِن أَىّ جنس هو، وربّما كان فى بعض صفاته، وربّما كان فى الغَرَض الذى لأَجله أُوجد. والشكّ ضرب من الجهل. وهو أَخصّ
منه؛ لأَنَّ الجهل قد يكون عدم العلم بالنَّقيضين رأسًا. وكل شكّ جهل، وليس كلّ جهل شكًّا.
وأَصله إِمّا من شككت الشىء: خزقته. قال:
وشَكَكْتُ بالرّمح الأَصمّ لَهاتَه
…
ليس الكريمُ على القَنا بمحرَّم
وكأَنَّ الشكّ الخَزَق فى الشىء، وكونُه بحيث لا يجد الرَّأىُ مستقَرًّا يثبت فيه، ويعتمد عليه. ويجوز أَن يكون مستعارًا من الشكّ وهو لصوق العَضُد بالجنب، وذلك أَن يتلاصق النقيضان فلا مدخل للفهم والرّأى ليتخلّل ما بينهما، ويشهد لهذا قولهم: التبس الأَمُر، واختلط، وأَشكل، ونحو ذلك من الاستعارات.