الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (377): يكره إفراد يوم الجمعة والسَّبت بالصِّيام إلا أن يوافق
عادةً.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يكره.
لنا عشرة أحاديث.
الحديث الأوَّل: حديث جويرية، وقد ذكرناه في مسألة التَّطوُّع بالصَّوم، وذكرناه من حديث عبد الله بن عمرو (1).
1948 -
الحديث الثَّاني: قال الإمام أحمد: حدَّثنا ابن نُمير أنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا يوم الجمعة، إلا وقبله أو بعده يوم "(2).
أخرجاه في "الصَّحيحين"(3).
1949 -
الحديث الثَّالث: قال أحمد: وحدَّثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرد يوم الجمعة بصومٍ (4)
ز: حديث عوف هذا لم يخرِّجه أحدٌ من أئمة "الكتب السِّتَّة" O.
1950 -
الحديث الرَّابع: قال مسلم بن الحجَّاج: حدَّثنا أبو كريب ثنا حسين الجُعفيُّ عن زائدة عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
(1) ر قم: (1897)، ورقم:(1898).
(2)
"المسند": (2/ 495).
(3)
"صحيح البخاري": (3/ 498) ة (فتح- 4/ 232 - رقم:1985).
"صحيح مسلم": (3/ 154)؛ (فؤاد- 2/ 801 - رقم: 1144).
(4)
"المسند": (2/ 394).
قال: " لا تخصُّوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي، ولا تخصُّوا يوم الجمعة بصيامٍ من بين الأيَّام، إلا أن يكون في صومٍ يصومه أحدكم "(1).
انفرد بإخراجه مسلمٌ.
1951 -
الحديث الخامس: قال أحمد: حدَّثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن عاصم عن محمَّد بن سيربن عن أبي الدَّرداء قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا الدَّرداء، لا تختصَّ ليلة الجمعة بقيامٍ دون الليالي، ولا يوم الجمعة بصيامٍ دون الأيَّام "(2).
ز: محمَّد بن سيرين: لم يلق أبا الدَّرداء، فهو منقطعٌ، والمشهور حديث ابن سيرين عن أبي هريرة، وقد روى النَّسائيُّ حديث أبي الدَّرداء فقال:
1952 -
أخبرنا أبو بكر بن عليٍّ ثنا محمَّد بن عبد الله المُخَرِّميُّ ثنا الأسود بن عامر ثنا إسرائيل عن عاصم عن محمَّد بن سيربن عن أبي الدَّرداء قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: " يا أبا الدَّرداء، لا تخصَّ يوم الجمعة بصيامٍ دون الأيام، ولا تخصَّ ليلة الجمعة بقيامٍ دون الليالي "(3) O.
1953 -
الحديث السَّادس: قال أحمد: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن عبد الحميد بن جُبير بن شيبة سمع محمَّد بن عبَّاد بن جعفر قال: سألتُ جابرًا: أنهى رسول الله عن صيام يوم الجمعة؟ قال: نعم وربِّ هذا البيت (4).
ز: هذا الحديث مخرَّج في "الصَّحيحين" من حديث عبد الحميد، رواه
(1)"صحيح مسلم": (3/ 154)؛ (فؤاد- 2/ 801 - رقم: 1144).
(2)
"المسند": (6/ 444).
(3)
"السنن الكبرى": (2/ 141 - رقم: 2752).
(4)
"المسند": (3/ 312).
البخاريُّ عن أبي عاصم عن ابن جريج عنه (1)؛ ورواه مسلمٌ عن محمَّد بن رافع عن عبد الرَّزَّاق عن ابن جريج، وعن عمرو النَّاقد عن سفيان بن عيينة (2).
قال البخاريُّ: زاد غير أبي عاصم: أن يفرد بصومٍ.
قال البيهقيُّ: هذه الزِّيادة ذكرها يحيى بن سعيد القطَّان عن ابن جريج إلا أنَّه قصر بإسناده، فلم يذكر فيه: عبد الحميد بن جُبير، وقد رويت هذه الزِّيادة في حديث أبي هريرة وغيره (3) O.
1954 -
الحديث السَّابع: قال أحمد: وحدَّثنا إبراهيم بن إسحاق الطَّالْقَانِيُّ ثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن حسَّان قال: سمعت عبد الله بن [بُسر](4) يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا يوم السَّبت إلا فيما افترض عليكم "(5).
ز: رواه أبو القاسم الطَّبرانيُّ عن الحسين بن إسحاق التَّستريِّ عن محمَّد ابن الصَّبَّاح الجَرْجَرَائيِّ عن الوليد ثنا يحيى
…
فذكره (6).
ويحيى بن حسَّان هذا: لا بأس به، فقد وثَّقه غير واحده.
1955 -
الحديث الثَّامن: قال أحمد: وحدَّثنا يزيد بن هارون أنا محمَّد ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مَرثد بن عبد الله اليَزَنيِّ عن حذيفة
(1)"صحيح البخاري": (3/ 489)؛ (فتح- 4/ 232 - رقم:1984).
(2)
"صحيح مسلم": (3/ 153 - 154)؛ (فؤاد- 2/ 801 - رقم: 1143).
(3)
"سنن البيهقي": (4/ 302).
(4)
في الأصل و (ب): (بشر) خطأ، والتصويب من "التحقيق" و"المسند".
(5)
"المسند": (4/ 189).
(6)
مسند " عبد الله بن بسر " ضمن الجزء المخروم من "المعجم الكبير"، وخرجه من طريق الطبراني: الضياءُ في "المختارة": (9/ 104 - رقم: 92).
الأَزْدِيِّ عن جنادة الأَزْدِيِّ قال: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة- في سبعة من الأَزْدِ، أنا ثامِنُهم- وهو يتغدَّى، فقال:" هلمُّوا إلى الغداء ".
فقلنا: يا رسول الله، إنَّا صيامٌ. قال:" أصمتم أمس؟ " قلنا: لا. قال: " فتصومون غدًا؟ " قلنا: لا. قال: " فأفطروا ". قال: فكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا خرج وجلس على المنبر، دعا بإناء من ماء، فشرب وهو على المنبر، والنَّاس ينظرون، يريهم أنَّه لا يصوم يوم الجمعة (1).
ز: هذا حديثٌ حسنٌ، وقد رواه النَّسائيُّ فقال:
1956 -
أخبرنا الرَّبيع بن سليمان ثنا ابن وهب قال: حدَّثني الليث بن سعد- وذكر آخر قبله- عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن حذيفة البَارِقِيِّ عن جُنادة الأزْدِيِّ أنَّهم دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية نفرٍ- وهو ثامنهم-، فقرَّب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا يوم جمعةٍ، فقال:" كلوا ". قالوا: صيامٌ.
قال: " صمتم أمس؟ " قالوا: لا. قال: " فصائمون غدًا؟ " قالوا: لا.
قال: " فأفطروا ".
1957 -
أخبرني أحمد بن بكَّار ثنا محمَّد عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن حذيفة الأزْدِيِّ عن جنادة الأَزْدِيِّ قال: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ثامن سبعة من قومي من الأَزْدِ-
…
فذكره نحوه (2).
كذا رواه عن أحمد بن بكَّار، ولم يذكر (أبا الخير) في روايته، وقد رواه
(1) لم نقف عليه في مطبوعة "المسند"، وقد ساق إسناده الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند":(2/ 208 - رقم: 2115) وفي "إتحاف المهرة": (4/ 79 - رقم: 3980).
ومسند جنادة الأزدي من المسانيد التي فُقدت من "مسند الإمام أحمد"، وقد ذكره الحافظ ابن عساكر في " ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في المسند ":(ص: 45 - رقم: 63) وعيَّن موضعه فقال: (جنادة الأزدي، في الخامس عشر من مسند الأنصار) أ. هـ
(2)
"السنن الكبرى": (2/ 145 - 146 - رقمي: 2773 - 2774).
البخاريُّ في "تاريخه" عن محمَّد بن سلام (1) عن محمَّد بن سلمة، وذكر فيه (أبا الخير)(2)، وكذلك رواه عامَّة أصحاب ابن إسحاق عنه، فإمَّا أن يكون
(1) اختلف العلماء اختلافًا كبيرًا في ضبط اسم والد محمَّد (سلام) هل هو بالتشديد أم بالتخفيف؟
انظر: " تلخيص المتشابه في الرسم " للخطيب: (1/ 126 - 127)، و" الإكمال " لابن ماكولا:(5/ 405)، "فتح الباري" لابن رجب:(2/ 288 - رقم: 347)، " توضيح المشتبه " لابن ناصر الدين:(5/ 219)، وقد استقصى أقوال أغلب العلماء في ذلك العلامة الحافظ المعلمي في تعليقه على " الإكمال " لابن ماكولا:(5/ 405 - 409)، ويحسن أن يضاف إلى ما نقله كلام الحافظ ابن رجب الذي في "الفتح"، تتميما للفائدة، والله الموفق.
(2)
البخاري- رحمه الله ذكر هذه الرواية في ثلاثة مواضع من "تاريخه": الموضع الأول: (2/ 233 - رقم: 2298) في ترجمة جنادة بن مالك الأزدي، قال: (حدثني محمَّد بن سلام حدثنا محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق عن ابن أبي حبيب عن حذيفة الأزدي عن جنادة الأزدي
…
) فلا ذكر لأبي الخير في هذا الموضع كما ترى، ثم أعاده في: الموضع الثاني: (3/ 97 - رقم: 337) في ترجمة حذيفة الأزدي، قال:(حذيفة الأزدي عن جنادة الأزدي: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا تاسع تسعة. قاله محمَّد بن سلام حدثنا محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب).
الموضع الثالث: (8/ 244 - رقم: 3259) في ترجمة يزيد بن عبد الله اليزني- هو أبو الخير مرثد اليزني-، قال:(يزيد بن عبد الله اليزني عن حذيفة الأزدي عن جنادة الأزدي قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عنه يزيد بن أبي حبيب) ا. هـ
وفي ترجمة مرثد بن عبد الله أبو الخير اليزني: (7/ 416 - رقم: 1826) ذكر أن يزيد بن أبي حبيب روى عنه.
فأمام هذا الإشكال نحن بين احتمالين:
الأول: أن يكون ثَمَّ اختلاف بين الرواة: فبعض الرواة ذكر واسطة بين ابن أبي حبيب وحذيفة كما في الروايات السابقة؛ وبعضهم لم يذكر واسطة كما في رواية أحمد بن بكار ومحمَّد بن سلام.
ويقوي هذا الاحتمال تكرار ذكر الإسناد على هذا الوجه في موضعين (الأول والثاني).
وعلى هذا يكون عمدة ما جاء في الموضع الثالث وفي ترجمة مرثد= الإسناد الآخر الذي فيه ذكر الواسطة، ويكون البخاري لم يسنده.
الثاني: أن يكون سقط ذكر أبي الخير من النسخة الخطية، ويقوي هذا الاحتمال مايلي:
أ- ما جاء في الموضع الثالث وفي ترجمة مرثد.
ب- ما ذكره الحافظ ابن عبد الهادي هنا، وسبقه إليه الحافظ المزي في "تحفة الأشراف":(2/ 438 - رقم: 3248)، بل هذا الكلام بحروفه هناك، والله تعالى أعلم.
الوهم من أحمد بن بكَّار، أو ممن دونه.
إلا أنَّ البخاريَّ ذكر هذا الحديث في ترجمة جنادة بن مالك الأزديِّ، ووهم في ذلك، فإنَّ أسد بن موسى وقتيبة بن سعيد روياه عن ابن لهيعة- وهو الذي كنَّى النَّسائيُّ عن اسمه- عن يزيد بن أبي حبيب وقالا: جنادة بن أبي أميَّة، وكذلك رواه يحيى بن بكير عن الليث عن يزيد، إلا أن قتيبة لم يذكر (حذيفة البَارِقيَّ).
وذكر ابن أبي حاتم: جنادة الأَزْدِيَّ هذا، ولم ينسبه، وذكر له هذا الحديث؛ ثمَّ ذكر جنادة بن أبي أميَّة الدَّوسيَّ مفردًا؛ ثمَّ ذكر جنادة بن مالك الأَزْدِيَّ كن مفردًا؛ ولم يصنع شيئًا في الفرق بين جنادة الأَزْدِيِّ وابن أبي أميَّة O.
1958 -
الحديث التَّاسع: قال أحمد: حدَّثنا أبو عاصم ثنا ثور عن خالد بن مَعْدان عن عبد الله بن بُسر عن أخته الصَّمَّاء أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصوموا يوم السَّبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغها "(1).
ز: هذا الحديث رواه أصحاب " السُّنن الأربعة "(2)، وحسَّنه التِّرمذيُّ، وفي إسناده اختلافٌ قد ذكره النَّسائيُّ وغيره.
وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخٌ.
وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط البخاريِّ ولم يخرجاه (3).
(1)"المسند": (6/ 368).
(2)
"سنن أبي داود": (3/ 175 - رقم: 2413)؛ "الجامع" للترمذي: (2/ 112 - رقم: 744)؛ "السنن الكبرى" للنسائي: (2/ 143 - رقم: 2760 وما بعده)؛ "سنن ابن ماجة": (1/ 550 - رقم: 1726).
(3)
"المستدرك": (1/ 435).
وقال مالك: هذا كذبٌ (1).
1959 -
وقال البيهقيُّ: أخبرنا أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن أبي طاهر الدَّقَّاق- ببغداد- أنا أحمد بن سلمان الفقيه أنا عبد الملك بن محمَّد ثنا أبو عاصم ثنا ثور بن يزيد [ح](2)، وأخبرنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصَّفَّار ثنا البَاغَنْدِيُّ ثنا أبو عاصم عن ثور عن خالد بن مَعْدان عن عبد الله ابن بُسر عن أخته الصَّماء قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تصوموا يوم السَّبت، وإن لم يجد أحدكم إلا عودًا فليمضغه ". لفظ حديث الدَّقَّاق، وفي رواية ابن عبدان:" لا يصومنَّ أحدكم يوم السَّبت إلا فيما افترض عليه، وإن لم يجد إلا لحاء شجرةٍ فليمضغه ".
ورواه أيضًا الوليد بن مسلم وغيره عن ثور، أخرجه أبو داود في " كتاب السُّنن ".
1960 -
وأخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا عليُّ بن حمشاذ العدل ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا أبو النَّضر ثنا الليث عن معاوية بن صالح عن ابن عبد الله بن بُسر عن أبيه عن عمَّته الصَّماءأنَّها كانت تقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم السَّبت، ويقول:" إن لم يجد أحدكم إلا عودًا أخضر فليفطر عليه ".
1961 -
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدَّثني محمَّد بن صالح بن هانئ ثنا محمَّد بن إسماعيل بن مهران ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ثنا ابن وهب قال: سمعت الليث يحدِّث عن ابن شهاب أنَّه كان إذا ذكر له أَنَّه نهى عن صيام يوم السَّبت قال: هذا حديثٌ حمصيٌّ (3).
(1)"سنن أبي داود": (3/ 177 - رقم: 2416).
(2)
زيادة من "سنن البيهقي".
(3)
انظر: تعليق محمَّد عوامة على "سنن أبي داود": (3/ 177 - رقم: 2415) وليحرر.
1962 -
وأخبرنا أبو عليٍّ الروذباريُّ أنا محمَّد بن بكر ثنا أبو داود ثنا محمَّد بن الصَّبَّاح بن سفيان ثنا الوليد عن الأوزاعيِّ قال: مازلت له كاتمًا، ثمَّ رأيته انتشر! يعني حديث ابن بُسْر هذا في صوم السَّبت.
قال البيهقيُّ: وقد مضى في حديث جويرية بنت الحارث في الباب قبله، ما دلَّ على جواز صوم يوم السَّبت، وكأنَّه أراد بالنَّهي تخصيصه بالصَّوم على طريق التَّعظيم له، والله أعلم.
1963 -
وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن حليم المروزيُّ أنا أبو المُوَجِّه ثنا عبدان أنا عبد الله- هو: ابن المبارك- ثنا عبد الله بن محمَّد بن عمر بن عليٍّ عن أبيه أنَّ كُريبًا- مولى ابن عبَّاس- أخبره أنَّ ابن عبَّاس وناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثوني إلى أمِّ سلمة، أسألها عن أيِّ الأيام كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كثر لها صيامًا، فقالت: يوم السَّبت والأحد. فرجعت إليهم فأخبرتهم، فكأنهم أنكروا ذلك، فقاموا بأجمعهم إليها، فقالوا: إنَّا بعثنا إليك هذا في كذا وكذا، فذكر أنَّك قلت كذا وكذا. فقالت: صدق، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كان يصوم من الأيَّام: يوم السَّبت، ويوم الأحد، وكان يقول:" إنَّهما يوما عيد المشركين، وأنا أريد أن أخالفهم "(1).
1964 -
وقال النَّسائيُّ: أخبرنا كثير بن عبيد الحمصيُّ ثنا بقيَّة بن الوليد عن عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن محمَّد بن عمر- وهو [ابن](2) عليٍّ- عن أبيه عن كُريب أنَّ ابن عبَّاس بعث إلى أمِّ سلمة وإلى عائشة، يسألهما: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يصوم من الأيَّام؟ فقالتا: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى كان أكثر صومه: يوم السَّبت والأحد، ويقول:" هما عيدان لأهل الكتاب، فنحن نحبُّ أن نخالفهم ".
(1)"سنن البيهقي": (4/ 302 - 303).
(2)
في الأصل: (أبو)، والتصويب من (ب) و"السنن الكبرى".
ورواه عن محمَّد بن حاتم المروزيِّ عن حِبَّان عن ابن المبارك نحو رواية عبدان (1).
وعبد الله بن محمَّد بن عمر وأبوه: ذكرهما ابن حِبَّان في كتاب
"الثِّقات"(2)، وحديثهما قليل.
وليس في هذا الحديث دليلٌ على إفراد السَّبت بالصَّوم، والله أعلم O.
1965 -
الحديث العاشر: قال أحمد: حدَّثنا إسحاق (3) ثنا ابن لَهيْعة ثنا موسى بن وَرْدَان عن عبيد الأعرج قال: حدَّثتني جدَّتي- يعني الصَّمَّاء- أنَّها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم السَّبت وهو يتغدَّى، فقال:" تعالي فكلي ". فقالت: إنِّي صائمة. فقال لها: " أصمت أمس؟ " قالت: لا. قال: "كلي، فإنَّ صيام يوم السِّبت لا لك، ولا عليك "(4).
ز: هذا الحديث بهذا الإسناد لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب " السُّنن ".
وابن لهيعة: ضعيفٌ.
وموسى بن وَرْدَان: وُثِّق وضُعِّف.
وعبيد الأعرج: لا يعرف.
1966 -
وقال أبو يعلى الموصليُّ: ثنا الحكم بن موسى ثنا مبشر بن إسماعيل ثنا حسَّان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بُسْر المازنيُّ يقول: ترون
(1)"السنن الكبرى": (2/ 146 - رقمي: 2775 - 2776).
(2)
"الثقات": (5/ 353)، (7/ 1 - 2)، وقال في عبد الله:(يخطئ ويخالف) ا. هـ
(3)
كذا في الأصل و"التحقيق"، وفوقها بالأصل:(كذا) وفي " الهامش ": (يحيى بن إسحاق) ثم (صح)، وفي (ب) و"المسند":(يحيى بن إسحاق).
(4)
"المسند": (6/ 368).
يدي هذه بايعت بها رسول الله-صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقول:" لا تصوموا يوم السَّبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليفطر عليها "(1).
رواه الإمام أحمد بن حنبل (2) والنَّسائيُّ (3) والطَّبرانيُّ (4) وأبو حاتم البستيُّ (5) من رواية حسَّان بن نوح، وقد روى عنه غير واحد، وهو حمصيٌّ محلُّه الصِّدق، والله أعلم O.
احتجُّوا:
1967 -
بما رواه ابن شاهين: ثنا محمَّد بن هارون الحضرميُّ ثنا عمرو ابن عليٍّ ثنا ميمون بن زيد ثنا ليث عن طاوس عن ابن عبَّاس أنَّه لم ير النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أفطر يوم جمعة قطُّ (6).
1968 -
طريق آخر: قال أبو الطَّيب الطَّبريُّ: أنا أبو أحمد الغِطْرِيُّ ثنا أبو خليفة ثنا عليُّ بن المدينيِّ ثنا حفص بن غياث عن ليث بن أبي سليم عن عمير بن أبي عمير عن ابن عمر قال: ما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم مفطرًا في يوم جمعة قطُّ.
والجواب من وجهين:
(1) لم نقف عليه في " مسند أبي يعلى- رواية ابن حمدان "، وقد خرجه من طريقه: الضياءُ في "المختارة": (9/ 58 - رقم: 40) من رواية محمَّد بن إبراهيم المقرئ عنه، وهو صاحب الرواية الكبيرة لـ "مسند أبي يعلى".
(2)
"المسند": (4/ 189).
(3)
"السنن الكبرى": (2/ 143 - رقم: 2759).
(4)
مسند " عبد الله بن بسر " ضمن الجزء المخروم من "المعجم الكبير"، وخرجه من طريق الطبراني: الضياءُ في "المختارة": (9/ 59 - رقم: 42).
(5)
"الإحسان": (8/ 379 - رقم: 3615).
(6)
" ناسخ الحديث ومنسوخه ": (ص: 327 - رقم: 388).
أحدهما: أنَّ الطَّريقين تدور على ليث، وهو متروكٌ، تركه يحيى القطَّان (1) ويحيى بن معين (2) وابن مهدي (3) وأحمد (4)، وقال ابن حِبَّان الحافظ: اختلط في آخر عمره، فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثِّقات بما ليس من حديثهم (5).
والثَّاني: أنَّا نحمله على أنَّه كان يصوم قبله أو بعده.
ز: هذا الحديث لم يخرِّجه أحدٌ من أصحاب " السُّنن الأربعة ".
وقوله في الإسناد الأوَّل: (ميمون بن زيد) وهمٌ، إنَّما هو يزيد (6)، وهو أبو إبراهيم السَّقاء، بصريٌّ، روى عن ليث والحسن بن ذكوان، روى عنه [سريج](7) بن النُّعمان وعمرو بن عليٍّ الفلاس ونصر بن عليٍّ، قال أبو حاتم الرَّازيُّ: ليِّن الحديث (8).
وعمير بن أبي عمير- في الإسناد الثَّاني-: غير معروف، قال ابن أبي حاتم: عمير بن أبي عمير، روى عن ابن عمر، روى عنه ليث بن أبي سليم.
سمعت أبي يقول ذلك.
(1) انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(2)
انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(3)
انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(4)
انظر ما سيأتي في كلام المنقح.
(5)
" المجرحون ": (1/ 231).
الذي في "التاريخ الكبير" للبخاري: (7/ 341 - رقم: 1466)؛ و" الجرح " لابن أبي حاتم: (8/ 239 - رقم: 1081)، و"الثقات" لابن حبان:(9/ 173): (ميمون ابن زيد). لكن قال الحافظ الذهبي في "الميزان": (4/ 233 - رقم: 8963): (ميمون ابن زيد- أو: ابن يزيد-) ا. هـ
(7)
في الأصل و (ب): (شريح) خطأ.
(8)
"الجرح والتعديل" لابنه: (8/ 239 - رقم: 1081).
قال عثمان بن سعيد (1): قلت ليحيى بن معين: عمير بن أبي عمير الذي يروي عنه ليث بن أبي سليم؟ قال: لا أعرفه (2).
وقول المصنِّف في ليث: (تركه القطَّان وابن معين وابن مهدي وأحمد) فيه نظرٌ، وإنَّما أخذه من كلام ابن حِبَّان (3)، فإنَّه قال ذلك، وقد قال الفلاس: كان يحيى لا يحدِّث عن ليث بن أبي سليم، ولا عن حجَّاج بن أرطأة، وكان عبد الرَّحمن يحدِّث عن سفيان وغيره عنهما (4). وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين: ليث بن أبي سليم ضعيفٌ، إلا أنَّه يكتب حديثه (5). وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث، ولكن حدَّث عنه النَّاس (6).
وقول المصنِّف: (هو متروكٌ) خطأٌ، ولا ينبغي إطلاق هذه العبارة فيه، وقد قال عبد الرَّحمن بن مهدي: ليث بن أبي سليم وعطاء بن السَّائب ويزيد بن أبي زياد، ليث أحسنهم حالاً عندي (7). وقال أبو داود: سألت يحيى عن ليث، فقال: ليس به بأس (8). وقال ابن عَدِيٍّ: قد روى عنه شعبة والثَّوريُّ وغيرهما من ثقات النَّاس، ومع الضَّعف الذي فيه يكتب حديثه (9).
وقد سأل البرقانيُّ الدَّارَقُطْنِيَّ عنه، فقال: صاحب سنَّة، يخرِّج حديثه. ثمَّ
(1) هو في "التاريخ": (ص: 159 - رقم: 561).
(2)
"الجرح والتعديل": (6/ 377 - رقم: 2089).
(3)
في "المجروحين": (2/ 231). وذكره ابن الجوزي في "الضعفاء": (3/ 29 - رقم: 2815) وصرح بنسبته إلى ابن حبان.
(4)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (4/ 16 - رقم: 1569)؛ "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 178 - رقم: 1014).
(5)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (4/ 17 - رقم: 1569)؛ "الكامل" لابن عدي: (6/ 88 - رقم: 1617).
(6)
"العلل" برواية عبد الله: (2/ 379 - رقم: 2691).
(7)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 178 - رقم: 1014).
(8)
" سؤالات أبي عبيد الآجري ": (1/ 304 - رقم:498).
(9)
"الكامل": (6/ 90 - رقم: 1617).
قال: إنَّما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد حسب (1). وقد استشهد به البخاريُّ في " الصَّحيح "(2)، وروى له مسلم مقرونًا بغيره (3)، وروى له أصحاب " السُّنن "(4)، والله أعلم.
1969 -
وقال ابن ماجة: ثنا إسحاق بن منصور أنا أبو داود ثنا شيبان عن عاصم عن زرٍّ عن عبد الله بن مسعود قال: ما رأيت (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الجمعة (6).
1970 -
وقال النَّسائيُّ: أخبرنا عمرو بن عليٍّ ثنا أبو داود ثنا شيبان عن عاصم عن زرٍّ عن ابن مسعود أنَّ رسول الله-صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيَّام من كلِّ شهر، وقلَّ ما رأيته يفطر يوم الجمعة (7).
ورواه التِّرمذيُّ من رواية شيبان، وقال: قلَّ ما كان يفطر يوم الجمعة.
وقال: حسنٌ غريبٌ (8).
وقال أبو عمر بن عبد البرِّ في " الاستذكار ": اختلفت الآثار عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في صيام يوم الجمعة، فروى ابن مسعود أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيَّام من كلِّ شهرٍ، وقال: وقلَّ ما رأيته يفطر يوم الجمعة. وهو حديثٌ صحيحٌ.
(1)"سؤالات البرقاني": (ص: 58 - رقم: 421 - ط: الهند).
(2)
"تهذيب الكمال" للمزي: (24/ 288 - رقم: 5017).
(3)
" المدخل إلى الصحيح " للحاكم: (3/ 190 - رقم: 1727)؛"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/ 160 - رقم: 1399).
(4)
"تهذيب الكمال" للمزي: (24/ 288 - رقم: 5017).
(5)
في مطبوعة "سنن ابن ماجة": (قلما رأيت)، وما ذكره المنقح موافق لما أثبته المزي في " تحفة الأشراف ":(7/ 23 - رقم: 9206).
(6)
"سنن ابن ماجة": (1/ 549 - رقم: 1725).
(7)
"السنن الكبرى": (2/ 143 - رقم: 2758).
(8)
"الجامع": (2/ 110 - ر قم: 742).