الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة (390): فإذا أحرم الصَّرُورَة بحجَّة نفلٍ انعقدت عن فرضه
.
وعن أحمد: أنَّها تقع نفلاً، كقول أبي حنيفة.
استدَّل أصحابنا بالحديث المتقدِّم، وقالوا: معنى قوله: " حجَ عن نفسك ": استدم هذا الحجَّ بعزم أنَّه لك.
قالوا: وله ألفاظٌ صريحةٌ فيما قلنا.
2045 -
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا محمَّد بن مخلد ثنا محمَّد بن الحسن بن نافع الباهليُّ ثنا أبو بكر الكليبيُّ ثنا الحسن بن ذكوان ثنا عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عبَّاس قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: لبَّيك عن شُبْرمة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل حججت قطُّ؟ " قال: لا. قال: " هذه عنك، وحجَّ عن شُبْرمة"(1).
2046 -
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وثنا الحسين، بن إسماعيل قال: حدَّثني هارون بن إسحاق الهمدانيُّ ثنا عَبْدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة (2) عن عَزْرَة عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبَّيك عن شبرمة. فقال: " هل حججت قطُّ؟ " قال: لا. قال: "فاجعل هذه عنك، ثم لبِّ عن شُبْرمة "(3).
2047 -
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا يعقوب بن عبد الرَّحمن المذكِّر ثنا حميد بن الرَّبيع ثنا محمَّد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عَزْرَة عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال: سمع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً يلبِّي عن شُبْرمة،
(1)"سنن الدارقطني": (2/ 269).
(2)
قوله: (عن قتادة) سقط من مطبوعة "سنن الدارقطني".
(3)
"سنن الدارقطني": (2/ 270).
فقال: "أحججت؟ " قال: لا. قال: " لبِّ عن لفسك، ثمَّ لبِّ عن شُبْرمة"(1).
قال المصنِّف: في هذه الأحاديث مقال:
أمَّا الأوَّل: ففيه الحسن بن ذكران، قال أحمد: أحاديثه أباطيل (2).
وقال يحيى: ضعيفٌ (3).
وفي الحديث الثَّاني: عَزْرَة، قال يحيى: لا شيء (4).
وفي الثَّالث: حميد بن الرَّبيع، قال يحيى: كذَّاب (5).
ز: الحديث الأوَّل: لم يخرِّجه أصحاب " السُّنن "، وكلام المؤلِّف في الحسن بن ذكوان دون الرَّاوي عنه فيه تقصير؛ فإنَّ الحسن روى له المخاريُّ في "صحيحه"(6)، وروى عنه يحيى القطَّان وابن المبارك، وقال النَّسائيُّ: ليس بالقويِّ (7). وذكره ابن حِبَّان في "الثِّقات"(8)، وتكلَّم فيه غير واحد، وقال
(1)"سنن الدارقطني": (2/ 270).
(2)
"الضعفاء الكبير" للعقيلي: (1/ 223 - رقم: 272) من رواية أحمد بن محمَّد بن هانئ.
(3)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (3/ 13 - رقم: 43) من رواية إسحاق بن منصور.
(4)
كلمة ابن معين هذه في عزرة بن قيس اليحمدي البصري كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 21 - رقم: 110) من رواية ابن أبي خيثمة.
وقد اختلف في تعيين (عزرة) الذي في الإسناد كلما سيشير إليه المنقح، وكلما ذكر الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب":(7/ 174 - رقم: 369) في ترجمة عزرة بن عبد الرحمن، وفي " النكت الظراف ":(4/ 429 - رقم: 5564).
(5)
"الكامل" لابن عدي: (2/ 280 - رقم: 444): "تاريخ بغداد" للخطيب: (8/ 164 - رقم: 4269).
(6)
" النعديل والتجريح " للباجي: (2/ 474 - رقم: 219). (7)"الضعفاء والمتروكون": (ص: 86 - رقم: 152).
(8)
"الثقات": (6/ 163).
ابن عَدِيٍّ: يروي أحاديث لا يرويها غيره، على أنَّ يحيى القطَّان وابن المبارك قد رويا عنه، وناهيك به جلالة أن يرويا عنه، وأرجو أنَّه لا بأس به (1).
وأمَّا الرَّاوي عنه: فهو أبو بكر الكليبيُّ، واسمه عبَّاد بن صُهيب، وقد تركوه. قاله البخاريُّ (2)، وقال ابن أبي حاتم: روى عنه من لم يفهم العلم (3). وقال ابن المدينيِّ: ذهب حديثه (4). وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، ترك حديثه (5). وقال النَّسائيُّ (6) والدُّولابيُّ (7): متروك الحديث. وقد روي عن ابن معين أنَّه قال: عبَّاد بن صهيب أثبت من أبي عاصم النَّبيل! (8) وما أطنُّ ذلك يثبت عنه، والله أعلم.
وأمَّا الرَّاوي عن الكليبي فهو: محمَّد بن الحسن بن نافع أبو عوانة الباهليُّ البصريُّ، قدم بغداد، روى عنه ابن مخلد والصَّفَّار أحاديث مستقيمة. قاله الخطيب (9).
وأمَّا الحديث الثَّاني: فرواه أبو داود عن إسحاق بن إسماعيل
(1)"الكامل": (2/ 318 - رقم: 449).
(2)
"التاريخ الكبير": (6/ 43 - رقم: 1643)؛ "الضعفاء الصغير": (ص: 460 - رقم: 228).
(3)
"الجرح والتعديل": (6/ 81 - رقم: 417).
(4)
المرجع السابق.
(5)
المرجع السابق.
(6)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 164 - رقم: 411).
(7)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 346 - رقم: 1179).
(8)
"الكامل" لابن عدي: (4/ 347 - رقم: 1179) من رواية ابن أبي داود عن يحيى بن عبد الرحيم الأعمش عن ابن معين.
(9)
"تاريخ بغداد": (2/ 184 - رقم: 596).
وهنَّاد (1)، ورواه ابن ماجة عن محمَّد بن عبد الله بن نمير (2)، ثلاثتهم عن عَبْدة بن سليمان به.
وقال يحيى بن معين: أثبت النَّاس سماعًا من سعيد: عَبْدة بن سليمان (3).
وقد تابعه أبو يوسف القاضي ومحمَّد بن بشر العبديُّ ومحمَّد بن عبد الله الأنصاريُّ عن سعيد بن أبي عروبة.
ورواه الحسن بن صالح بن حيٍّ ومحمَّد بن جعفر (غُنْدر) عن سعيد موقوفًا.
ورواه عبد الوهَّاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس موقوفًا، ولم يذكر عَزْرَة في إسناده.
وكذلك رواه عمرو بن الحارث المصريُّ عن قتادة، وقال في روايته:(عن قتادة أنَّ سعيد بن جبير حدَّثه) وذلك معدودٌ في أوهامه، فإنَّ قتادة لم يلق سعيد بن جبير، فيما قاله يحيى بن معين (4) وغيره، والله أعلم.
وقال الأثرم: قال أبو عبد الله في هذا الحديث: رفعه خطأٌ. وقال: رواه عدَّةٌ موقوفًا على ابن عبَّاس (5).
وقال البيهقيُّ: ومن رواه مرفوعًا حافظٌ ثقةٌ، فلا يضره خلاف من
(1)"سنن أبي داود": (2/ 449 - رقم: 1807).
(2)
"سنن ابن ماجة": (2/ 969 - رقم: 2903).
(3)
"الكامل" لابن عدي: (3/ 394 - رقم: 822) من رواية ابن أبي مريم عنه.
وانظر: "من كلام ابن معين في الرجال" لابن طهمان: (ص: 110 - رقمي: 355 - 356).
(4)
"سؤالات ابن الجنيد": (ص: 362 - رقم: 373)، وانظر:(ص: 317 - رقم: 180)، و"التاريخ" برواية الدوري:(4/ 100 - رقم: 3354).
(5)
"شرح العمدة" لابن تيمية: (1/ 291 - المناسك).
خالفه، وعَزْرَة هذا هو: عَزْرَة بن يحيى، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال (1): سمعت أبا عليٍّ الحافظ يقول ذلك. وقد روى قتادة عن عَزْرَة بن تميم، وعن عَزْرَة بن عبد الرَّحمن (2) 0 انتهى ما ذكره.
وعَزْرَة راوي هذا الحديث ليس هو عَزْرَة بن يحيى، ولا يعرف في الرُّواة عَزْرَة بن يحيى، وإنَّما هو عَزْرَة بن عبد الرَّحمن الخزاعيُّ، وقد روى له مسلمٌ في "صحيحه"(3)، ووثَّقه ابن المدينيِّ (4)، وقال ابن معين: عَزْرَة الذي يروي عنه قتادة ثقةٌ (5). وقال النَّسائيُّ: عَزْرَة الذي يروي عنه قتادة ليس بذاك القوي (6).
(1) انظر: "معرفة علوم الحديث": (ص: 287).
(2)
"سنن البيهقي": (4/ 336).
(3)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (2/ 119 - 120 - رقم: 1299).
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (7/ 21 - رقم: 112) من رواية ابن البرَّاء عنه.
(5)
"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 159 - رقم: 3696).
(6)
عزاه الحافظ ابن حجر في "التهذيب": (7/ 174 - رقم: 369) إلى كتاب "التمييز" للنسائي.
(تنبيه) أورد الحافظ المزي في "تهذيب الكمال": (20/ 48 - رقم: 3918) كلمة النسائي هذه في ترجمة عزرة بن تميم، فتعقب الحافظ ابن حجر ذلك في "التهذيب" بقوله:(روى أبو داود وابن ماجة من طريق عبدة بن سليمان عن سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس في قصة شبرمة، فوقع عندهما (عزرة) غير منسوب، وجزم البيهقي بأنه عزرة بن يحيى، ونقل عن أبي علي النيسابوري أنه قال: روى قتادة أيضًا عن عزرة ابن ثابت وعن عزرة بن عبد الرحمن، وعلى هذا فقتادة قد روى عن ثلاثة كل منهم اسمه: عزرة، فقول النسائي في " التمييز ":(عزرة الذي روى عنه قتادة ليس بذاك القوي) لم يتعين في عزرة بن نميم كما ساقه فيه المؤلف (المزي) فليتفطن لذلك) ا. هـ والحافظ ابن عبد الهادي هنا حمل كلام النسائي على عزرة بن عبد الرحمن.
وهذا الإشكال لا يزيله إلا الاطلاع على كلام النسائي في كتابه " التمييز " وهو غير موجود، وبالنظر إلى عبارة النسائي مجردة عن سياقها يكون كلام الحافظ ابن حجر وجيها، ولكن ثَمَّ احتمال وارد، وهو أن الحافظ المزي اطلع في سياق كلام النسائي على ما يفيد أنه أراد: عزرة ابن تميم، والله أعلم.
وقول المؤلِّف: (وفي الحديث الثَّاني: عزرة، قال يحيى: لا شيء) وهمٌ فاحش، فإنَّ قول يحيى هذا إنَّما هو في عزرة بن قيس اليحمديِّ البصريِّ، الذي روى عنه مسلم بن إبراهيم وأحمد بن إسحاق الحضرميُّ؛ وأمَّا راوي هذا
الحديث فإنَّ يحيى وثَّقه كما ذُكر.
وأمَّا الحديث الثَّالث: فلم يروه أحدٌ من أصحاب " السُّنن " من حديث محمَّد بن بشر عن سعيد.
وحميد بن الرَّبيع راويه عن محمَّد بن بشر: قال ابن عَدِيٍّ: كان يسرق الحديث، ويرفع أحاديث موقوفة (1). وقال محمَّد بن عثمان بن أبي شيبة: قال أبي: أنا أعلم النَّاس بحميد بن الرَّبيع، هو ثقةٌ، لكنه شره يدلِّس (2). قال
الدَّارَقُطْنِيُّ: تكلَّموا فيه (3). وقال البرقانيُّ: رأيت الدَّارَقُطْنِيَّ يحسن القول فيه (4).
ويعقوب بن عبد الرَّحمن شيخ الدَّارَقُطْنِيِّ هو: أبو يوسف الجصَّاص، في حديثه وهمٌ كثيرٌ، والله أعلم O.
احتجوا:
2048 -
بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: ثنا محمَّد بن مخلد ثنا عبيد الله بن
(1)"الكامل" لابن عدي: (2/ 280 - رقم: 444).
(2)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (8/ 165 - رقم: 4269).
(3)
في "الميزان" للذهبي: (1/ 611 - رقم: 2327): (تكلموا فيه بلا حجَّة)، وفي "تاريخ بغداد" للخطيب:(8/ 165 - رقم: 4269): (ذكر أبو عبد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطني عن حميد بن الربيع فقال: تكلم فيه يحيى بن معين، وقد حمل الحديث عنه الأئمة ورووا عنه، ومن تكلم فيه لم يتكلم فيه بحجَّة) ا. هـ
(4)
"تاريخ بغداد" للخطيب: (8/ 164 - رقم: 4269).