الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - باب في أَخْذ الجِزْيَةِ مِنَ المَجُوسِ
3042 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سِنانٍ الواسِطيُّ، حدثنا مُحَمَّد بْنُ بِلالٍ، عَنْ عِمْرانَ القَطّانِ، عَنْ أَبي جَمْرَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: إِنَّ أَهْلَ فارِسَ لّمَا ماتَ نَبِيُّهُمْ كَتَبَ لَهُمْ إِبْلِيسُ المَجُوسِيَّةَ (1).
3043 -
حدثنا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حدثنا سُفْيانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ سَمِعَ بَجالَةَ يُحَدِّثُ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ وَأَبا الشَّعْثاءِ قالَ: كنْتُ كاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعاوِيَةَ عَمِّ الأحنَفِ بْنِ قَيْسٍ إِذْ جاءَنا كِتابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ اقْتُلُوا كُلَّ ساحِرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذي مَحْرَمٍ مِنَ المَجُوسِ وانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ. فَقَتَلْنا في يَوْمٍ ثَلاثَةَ سَواحِرَ وَفَرَّقْنا بَيْنَ كُلِّ رَجُلٍ مِنَ المَجُوسِ وَحَرِيمِهِ في كِتابِ اللهِ وَصَنَعَ طَعامًا كَثِيرًا فَدَعاهُمْ فَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ فَأَكَلُوا وَلَمْ يُزَمْزِمُوا وَألْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنَ الوَرِقِ وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الجِزْيَةَ مِنَ المَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَها مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ (2).
3044 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن مِسْكِينٍ اليَماميُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ حَسّانَ، حدثنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنا داوُدُ بْنُ أَبي هِنْدٍ، عَنْ قُشَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بَجالَةَ بْنِ عَبْدَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: جاءَ رَجُلٌ مِنَ الأسبَذِيِّينَ مِنْ أَهْلِ البَحْرَيْنِ -وَهُمْ مَجُوسُ أَهْلِ هَجَرَ- إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَكَثَ عِنْدَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَسَألْتُهُ ما قَضَى الله وَرَسُولُهُ فِيكُمْ؟ قال: شَرٌّ. قُلْتُ: مَهْ! قالَ: الإِسْلامُ أَوِ القَتْلُ. قال: وقالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَبِلَ مِنْهُمُ الِجزْيَةَ. قالَ ابن عَبّاسٍ: فَأَخَذَ النّاسُ بقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ وَتَرَكُوا ما سَمِعْتُ أَنا مِنَ الأسبَذيِّ (3).
(1) رواه البيهقي 9/ 192، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" 2/ 353 (1913). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2683).
(2)
رواه البخاري (3156، 3157).
(3)
رواه البيهقي 9/ 190، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 125. وضعفه الألباني (537).
باب أخد الجزية من المجوس
[3042]
(حدثنا أحمد بن سنان) القطان (الواسطي) شيخ الشيخين (ثنا محمد بن بلال) الكندي البصري التمار، أخرج له البخاري في كتاب الأدب، وذكره ابن حبان في "الثقات"(1)(عن عمران) بن داود أبو العوام (القطان) البصري، أخرج له البخاري في باب وجوب الصلاة تعليقًا، وفي غزوة ذات الرقاع (2)(عن أبي جمرة) بفتح الجيم نصر بن عمران الضبعي البصري، احتج به الشيخان (3) (عن ابن عباس قال: إن أهل فارس) قال المسعودي: هم من ولد [هذرام بن أرفشخذ](4) بن سام بن نوح عليه السلام، ولد بضعة عشر كلهم كان فارسًا فسموا الفرس بالفروسية، وكان الفرس على دين الصابئة ثم تمجسوا وبنوا بيوت النيران وعبدوها (5)(لما مات نبيهم) فيه التصريح بأن المجوس كان لهم نبي.
وروى الشافعي (6) وعبد الرزاق (7) بإسناد حسن عن علي: كان المجوس لهم كتاب يدرسونه وعلم يقرؤونه (8).
(1) 9/ 60.
(2)
"تهذيب التهذيب" 8/ 115.
(3)
"التقريب"(7122).
(4)
هكذا في الأصول. وفي "مروج الذهب"(إرم بن إرفخشذ).
(5)
"مروج الذهب" 1/ 102، و"أخبار الزمان" 1/ 101.
(6)
في "المسند"(817).
(7)
في "المصنف" 6/ 70.
(8)
في (ر): يعرفونه.
وفي الحديث تصريح بأنه كان لهم نبي.
قال ابن عطية (1): كان النبي الذي بعث لهم اسمه زرادشت (كتب لهم إبليس المجوسية) أي: ما جعلوه دينًا لهم وتعبدوا به، وهو قولهم بالأصلين وهما النور والظلمة [يزعمون أن الخير من فعل النور وأن الشر من فعل الظلمة](2) وغير ذلك مما أمرهم به إبليس فأطاعوه.
[3043]
(حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار سمع بجالة) بفتح الباء الموحدة والجيم المخففة بن عبدة العنبري ثم البصري (3)، (يحدث عمرو بن أوس) الثقفي (وأبا الشعثاء) جابر بن زيد الأزدي من أئمة التابعين. وفيه أن بجالة (4) لم يقصد عمرو بن دينار بالتحديث، وإنما حدث غيره فسمعه، وهذا من وجوه التحمل بالاتفاق، وإنما اختلفوا هل يجوز أن يقول: حدثنا؟ والجمهور الجواز.
(قال: كنت كاتبًا لجزء) بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة (5)(ابن معاوية) بن حصن بن عبادة التميمي السعدي (عم الأحنف بن قيس) وهو معدود في الصحابة (6).
قال ابن عبد البر: الأصح صحبته (7)،
(1) في "المحرر الوجيز" 3/ 25.
(2)
سقط من (ر). وانظر: "المحرر الوجيز" 2/ 313.
(3)
"التقريب"(645).
(4)
في (ر) هنا زيادة: لما، وهي مقحمة.
(5)
"الإصابة" 1/ 339 (761)، وانظر:"التقريب"(287).
(6)
"الإصابة" 1/ 479 (1151).
(7)
الذي نقله ابن حجر عن ابن عبد البر في "الإصابة" 1/ 479 أنه قال: ولا تصح=
ووقع في رواية الترمذي (1) أنه كان على مناذر بفتح الميم والنون المخففة وبعد الألف معجمة مكسورة، كذا لليشكري، يعني: من قرى الأهواز، وذكر البلاذري أنه عاش إلى خلافة معاوية وولي لزياد بعض عمله (2). (إذ جاءنا كتاب عمر) بن الخطاب (قبل موته بسنة) وكان ذلك سنة اثنين وعشرين؛ لأن عمر قتل سنة ثلاث (اقتلوا كل ساحر) ووقع في رواية سعيد بن منصور (3) زيادة فقال: اقتلوا كل ساحر وكاهن.
وقد اختلف في قتل الساحر، فقال ابن المنذر:[إذا أقر الساحر](4) إنه سحر بكلام يكون كفرًا وجب قتله إن لم يتب، وكذلك لو ثبت عليه بينة ووصفت البينة كلامًا يكون كفرًا، وإن كان الكلام الذي ذكر أنه سحر به ليس بكفر لم يجز قتله، وقد يجوز أن يكون الساحر الذي أمر بقتله كان سحره كفرًا فيكون ذلك موافقًا للسنة.
وأما قول ابن المنذر: روينا عن عائشة أنها باعت ساحرة كانت سحرتها وجعلت ثمنها في الرقاب فهو محمول على أن سحرها لم يكن كفرًا، فإن قال الساحر: الغالب على سحري السلامة فهذا عمد خطأ فيه الدية مغلظة في ماله؛ لأنه ثبت بإقراره والعاقلة لا تحمل الإقرار.
=صحبته. وهذا نص كلامه: قال أبو عمر كان عامل عمر على الأهواز وقيل: له صحبة ولا يصح. قلت: وقد تقدم غير مرة أنهم كانوا لا يؤمرون في ذلك الزمان إلا الصحابة. اهـ.
(1)
(1586).
(2)
"الإصابة" 1/ 479 (1151).
(3)
(2181).
(4)
سقط من (ر).
وقال أبو حنيفة: لا يجب عليه القود؛ لأنه لم يقتل بحديده، فإن تكرر منه ذلك قيل لأنه من السعي في الأرض للفساد.
فإن احتج بحديث جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم: "حق الساحر ضربة بالسيف" فإن صح حمل (1) على أن الساحر الذي أمر بقتله يكون سحره كفرًا فيكون ذلك موافقًا للأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"؛ فإن هذا (2) الحديث صحيح (3)، ودماء المسلمين محظورة الاستباحة إلا بيقين، ولا يقين مع الاختلاف (4).
(وفرقوا بين كل ذي (5) محرم من المجوس) قال الخطابي (6): أراد عمر بالتفرقة بين محارم المجوس منعهم من إظهار ذلك، وإذا ترافعوا إلينا في هذِه الأنكحة فرقنا بينهم وبين المحارم كما يفعل ذلك في المسلمين، ولم يحملهم عمر على هذِه الأحكام فيما بينهم وبين أنفسهم إذا خلوا. وعلى أهل الكتاب أن لا يكشفوا عن أمورهم التي يتدينون بها ويستعملونها فيما بينهم.
وقد روى سعيد بن منصور (7) من وجه آخر عن بجالة ما يبين سبب ذلك ولفظه: أن فرقوا بين المجوس وبين محارمهم كيما نلحقهم (8) بأهل
(1) سقط من (ر).
(2)
سقط من (ر).
(3)
أخرجه البخاري (6878)، ومسلم (4468).
(4)
"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي، البقرة: 102 وانظر: "شرح السنة" 10/ 240.
(5)
سقط من الأصل والمثبت من "السنن".
(6)
انظر: "سنن أبي داود" مع "معالم السنن" 3/ 285.
(7)
(2181).
(8)
في الأصل بياض والمثبت من "سنن سعيد بن منصور".
الكتاب. فهذا يدل على أن ذلك عند عمر شرط في قبول الجزية منهم.
(وانهوهم عن الزمزمة) بزاءين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة هو كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خفي لا يكاد يفهم (1) بالنطق (2) به، وما كانوا يدينون به، ومنه حديث [قباث بن أشيم] (3): والذي بعثك بالحق ما تحرك به لساني ولا تزمزمت به شفتاي.
وروى الحافظ شجاع الدين شيرويه في كتابه المسمى بـ "الفردوس": أن إبليس أول من تغنى وزمزم، ثم حدا ثم ناح.
فهذا وحديث الباب دالان على ذم الزمزمة المذكورة، وفي معناها الصوت الذي يزمه العمالون تحت يد المنشد المطرب حتى ينشد الأشعار ويمسكون عنه.
(فقتلنا في يوم) واحد (ثلاثة سواحر) هو محمول على أن سحرهم كان كفرًا كما تقدم (وفرقنا بين كل رجل من المجوس و) بين (حريمه) أي محارمه بدليل الرواية المتقدمة، يعني: يفرق بينهم إذا أظهروا ذلك وترافعوا إلينا، كما أن النصارى إذا أظهروا صوت نواقيسهم أو صليبهم يؤاخذون بذلك ويؤدبوا على إظهاره.
والمعتمد في المحرم الذي يفرق بينهم ما جاء (في كتاب الله) تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} (4) الآية، (وصنع) بجالة (طعامًا
(1)"النهاية" لابن الأثير 2/ 779.
(2)
في (ر): بالنظر.
(3)
في (ع): قبان بن أسلم، وفي (ر): قباب بن مسلم، والمثبت من (ل) ومن "المستدرك" 3/ 724 و"المعجم الأوسط" للطبراني (4909).
(4)
النساء: 23.
كثيرًا ودعاهم) إليه، (فعرض) بتشديد الراء (السيف على فخذه) أي: عرضه عليه بالعرض تخويفًا لهم، (فأكلوا) من الطعام الذي صنعه لهم (ولم يزمزموا) عند الأكل خوفًا منه، وفي رواية الترمذي:(1) فأكلوا بغير زمزمة (2). (وألقوا) من الأخلة -وهو جمع خلال مثل عماد وأعمدة- والظاهر أن الخلال هو المستعمل لإخراج ما بين الأسنان من الطعام، وكانت من فضة وألقوا (وقر) بكسر الواو وسكون القاف هو الحمل، قال الجوهري: أكثر ما يستعمل الوقر في البغل والحمار، والوسق في حمل البعير (3).
(بغل) من الخلة (أو) وقر (بغلين) من أخلة الورق يعني الفضة والنقرة (4) فكأنهم كانوا يأكلون بالأخل المتخذة من النقرة، وهذا يدل على كثرتهم، وأنهم لم يجسروا أن يستعملوا الفضة بحضرة أمير المؤمنين (من الورق، ولم يكن عمر رضي الله عنه أخذ الجزية من المجوس حتى شهد) عنده (عبد الرحمن بن عوف) فإن كان هذا من جملة كتاب عمر فيكون متصلا ويكون فيه رواية عمر عن عبد الرحمن بن عوف، وبذلك وقع التصريح في رواية الترمذي (5) ولفظه: فجاءنا كتاب عمر:
(1) من هنا بدأ سقط في (ر).
(2)
أخرجه عبد الرزاق 6/ 49، 10/ 180، وأبو يعلى في "مسنده" 2/ 166 (860)، والبيهقي في الكبرى 8/ 247. ولم أجد هذا اللفظ عند الترمذي كما عزاه المصنف. ولم يعزها ابن حجر إلى الترمذي وهذا النقل عنه. انظر:"فتح الباري" 6/ 261.
(3)
"الصحاح" مادة: وقر.
(4)
القطعة المذابة من الذهب والفضة. انظر: "القاموس المحيط" 1/ 626.
(5)
في "السنن"(1512) وقال: حديث حسن.
انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية فإن عبد الرحمن بن عوف أخبرني .. فذكره.
وروى أبو عبيد (1) بإسناد صحيح عن حذيفة: لولا أني رأيت أصحابي تأخذ الجزية من المجوس ما أخذتها.
وفي "الموطأ"(2): عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن عمر قال: لا أدري ما أصنع بالمجوس. فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب". وهذا منقطع مع ثقة رجاله.
قال أبو عمر: هذا من الكلام العام الذي أريد به الخاص؛ لأن المراد سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية فقط، واستدل بقوله:"سنة أهل الكتاب" على أنهم ليسوا أهل كتاب (3).
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس) أهل (هجر) بفتح الهاء والجيم وهي مدينة البحرين. وهجر لا ينصرف ولا يدخلها الألف واللام.
وروى الشافعي عن مالك، عن ابن شهاب (4): أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين. قال الشافعي: وكانت المجوس يدينون غير دين أهل الأوثان ويخالفون أهل الكتاب من اليهود والنصارى في بعض دينهم (5).
(1) في "الأموال" برقم (92).
(2)
(616) رواية يحيى بن يحيى.
(3)
"التمهيد" 2/ 116.
(4)
في (ل) و (ع): حبان. والمثبت من "الأم" للشافعي 4/ 174.
(5)
"الأم" 4/ 173 وبقية كلامه: وكان أَهْلُ الكِتَابِ اليَهُودِ وَالنَّصَارى يَخْتَلِفُونَ في بَعْضِ=
وفي الحديث دليلٌ على قبول خبر الواحد؛ فإن عمر قبل خبر عبد الرحمن بن عوف بمفرده.
وأن الصحابي الجليل قد يغيب عنه حكم ما اطلع عليه غيره من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأحكامه، وأنه لا نقص عليه في ذلك.
وفيه التمسك بالمفهوم فإن عمر فهم من قوله أهل الكتاب اختصاصهم بذلك حتى حدثه عبد الرحمن بن عوف بإلحاق المجوس بهم فرجع إليه.
[3044]
(حدثنا محمد بن مسكين اليمامي) ويقال: الأيامي كما تقدم، (حدثنا يحيى بن حسان) التنيسي احتج به الشيخان (1)(حدثنا هشيم، أخبرنا داود بن أبي هند) دينار البصري حافظا صواما دهره (2)(عن قشير بن عمرو) ذكره ابن حبان في "الثقات"(3)(عن بجالة) تقدم وهو (ابن عبدة) بفتح المهملة والموحدة، ويقال فيه: عبد بالسكون بلا هاء (4). (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل من الأسيذيين) قال المنذري: كذا وقع في النسخ المعتمدة المسموعة بضم الهمزة وفتح السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر الذال المهملة وياء
=دِينِهِمْ وكان المَجُوسُ بِطَرَفٍ من الأَرْضِ لَا يَعْرِفُ السَّلَفُ من أَهْلِ الحِجَازِ من دِينِهِمْ ما يَعْرِفُونَ من دِينِ النَّصَارى وَالْيَهُودِ حتى عَرَفُوهُ وَكَانُوا والله تَعَالَى أَعْلَمُ أَهْلَ كِتَابٍ يَجْمَعُهُمْ اسْمٌ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ مع اليَهُودِ وَالنَّصَارى.
(1)
"التقريب"(7229).
(2)
"الكاشف"(1466).
(3)
"الثقات" 7/ 348.
(4)
"التقريب"(635) و"الثقات" لابن حبان 4/ 83.
النسب. قال: وصوابه الأسبذي بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وبعدها باء موحدة وذال معجمة مكسورة وياء النسب، منسوب إلى مدينة يقال لها: أَسْبَذ، وكانوا ينزلونها. وقيل: إلى اسم فرسٍ كانوا يعبدونها في جاهليتهم.
وقال ابن الجواليقي: أسبذ؛ قال أبو عبيد: اسم قائد من قواد كسرى على البحرين فارسي وقد تكلمت به العرب (1).
(من أهل البحرين) البلد المشهور بالعراق (وهم مجوس أهل هجر) بفتح الهاء والجيم قصبة بلاد البحرين، وقيل: هجر اسم يشمل جميع نواحي البحرين كما يقال: الشام والعراق. وكان غالب أهلها إذ ذاك المجوس.
(إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكث عنده ثم خرج فسألت) ابن عباس لما خرج من عنده: (ما قضى الله) تعالى (ورسوله صلى الله عليه وسلم فيكم؟ قال: شر) على أنه خبر مبتدأ محذوف، وفي (قضى) ضمير مفعول محذوف والتقدير: فسأله ما الذي قضاه الله فيكم؟ فقال يعني: الذي قضاه شر علينا، فهو نظير قوله تعالى:{مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (2).
(قلت: مه؟ ) أي: فماذا، فأبدلت ألف ما الاستفهامية هاء للتوقف والسكت كما في حديث طلاق ابن عمر: قلت فمه؟ قال: الذي قضاه فينا (قال: الإسلام أو القتل) يعني: ولا يقبل منهم الجزية؛ لأنهم مجوس ليسوا أهل كتاب.
(1) انظر: "الأنساب" للسمعاني 1/ 128، و"اللباب" 1/ 50.
(2)
النحل: 24.
(قال: وقال عبد الرحمن بن عوف) بل (قبل منهم الجزية) وسنَّ بهم سنة أهل الكتاب لأنهم أهل كتاب لما روى الشافعي (1) وعبد الرزاق (2) وغيرهما (3) بإسنادٍ حسن (4)، عن علي: كان المجوس أهل كتاب يقرؤونه وعلم يدرسونه فشرب أميرهم الخمر فوقع على أخته، فلمَّا أصبح دعا أهل الطمع فأعطاهم وقال: إن آدم كان ينكح أولاده بناته، فأطاعوه، وقتل من خالفه فأسري على كتابهم وما في قلوبهم منه فلم يبق عندهم منه شيء.
وروى عبد بن حميد (5) في تفسير سورة البروج بإسنادٍ صحيح عن ابن أبي مريم: لمَّا هزم المسلمون أهل فارس قال عمر: اجتمعوا. فقال: إن المجوس ليسوا أهل كتاب فنضع عليهم ولا من عبدة الأوثان فتجري عليهم أحكامهم. فقال علي: بل هم أهل كتاب. فذكر نحوه. لكن قال: وقع على ابنته. وقال في آخره: فوضع الأخدود لمن خالفه.
فهذا حجة لمن قال: كان لهم كتاب.
(قال ابن عباس: فأخذ الناس بقول عبد الرحمن) بن عوف (وتركوا ما سمعت أنا من الأسبذي) تقدم قال ابن حجر: وعلى هذا فبجالة يرويه عن ابن عباس سماعًا وعن عمر كتابةً، وكلاهما عن عبد الرحمن بن عوف (6).
(1)"الأم" 4/ 173.
(2)
في "المصنف" 6/ 70.
(3)
أخرجه أبو يعلى الموصلي (301).
(4)
"فتح الباري" 6/ 261.
(5)
انظر: "الدر المنثور" 15/ 337.
(6)
انظر: "فتح الباري" 6/ 261.