المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٣

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌21 - باب ما جاء في سَهم الصَّفيّ

- ‌22 - باب كَيْفَ كانَ إِخْراج اليَهُودِ من المَدِينَة

- ‌23 - باب في خبَرِ النَّضيرِ

- ‌24 - باب ما جاءَ في حُكْم أَرْضِ خَيْبَرَ

- ‌25 - باب ما جاء في خَبرِ مكَّةَ

- ‌26 - باب ما جَاءَ في خَبَرِ الطّائِفِ

- ‌27 - باب ما جاءَ في حُكْم أرْضِ اليَمَنِ

- ‌28 - باب في إخْراج اليَهُودِ مِنْ جَزِيرَة العَرب

- ‌29 - باب في إِيقاف أرْضِ السَّواد وَأَرْضِ العَنْوَةِ

- ‌30 - باب في أَخْذِ الجِزْيَةِ

- ‌31 - باب في أَخْذ الجِزْيَةِ مِنَ المَجُوسِ

- ‌32 - باب في التَّشْدِيدِ في جِبايَةِ الجِزْيَةِ

- ‌33 - باب في تَعْشِير أَهْل الذِّمَّةِ إذا اخْتلَفُوا بالتِّجاراتِ

- ‌34 - باب في الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ في بَعْضِ السَّنَةِ هَلْ عَلَيْهِ جِزْيةٌ

- ‌35 - باب فِي الإِمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا المُشْرِكِينَ

- ‌كِتاب القطائع

- ‌36 - باب في إِقْطاعِ الأَرَضِيْنَ

- ‌37 - باب في إِحْيَاءِ المَواتِ

- ‌38 - باب مَا جاءَ في الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الخَرَاجِ

- ‌39 - باب في الأَرْضِ يَحْمِيهَا الإِمامُ أَوِ الرَّجُلُ

- ‌40 - باب ما جاء في الرِّكازِ وَما فِيهِ

- ‌41 - باب نَبْشِ القُبُورِ العادِيَّةِ يَكُونُ فِيْهَا المالُ

- ‌كِتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌1 - باب الأَمْراضِ المُكَفِّرِةُ لِلذُّنُوبِ

- ‌2 - باب إذا كانَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ عَمَلًا صالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ

- ‌3 - باب عِيادَةِ النِّساءِ

- ‌4 - باب في العِيادَةِ

- ‌5 - باب في عيادَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌6 - باب المَشْي في العِيادةِ

- ‌7 - باب في فَضْلِ العِيَادَةِ عَلَى وُضُوء

- ‌8 - باب في العِيَادَةِ مِرارًا

- ‌9 - باب في العِيَادَة مِنَ الرَّمَدِ

- ‌10 - باب الخُرُوج مِنَ الطَّاعُونِ

- ‌11 - باب الدُّعاء لِلْمَرِيضِ بِالشِّفاء عِنْدَ العِيادَةِ

- ‌12 - باب الدُّعاءِ لِلْمَرِيضِ عِنْدَ العِيَادَةِ

- ‌13 - باب في كراهِيَةِ تمَنّي المَوْتِ

- ‌14 - باب مَوْتِ الفَجْأَةِ

- ‌15 - باب في فضْلِ مَنْ ماتَ في الطّاعُونِ

- ‌16 - باب المَريضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفارهِ وَعانَتِهِ

- ‌17 - باب ما يُسْتحَبُّ منْ حُسْنِ الظَّنِّ بالله عِنْدَ المَوْتِ

- ‌18 - باب ما يُسْتَحَبُّ منْ تَطْهيرِ ثِيابِ المَيِّتِ عِنْدَ المَوْتِ

- ‌19 - باب ما يُسْتَحَبُّ أنْ يُقالَ عِنْدَ المَيِّتِ مِنَ الكَلامِ

- ‌20 - باب في التَّلْقِينِ

- ‌21 - باب تَغْمِيضِ المَيِّتِ

- ‌22 - باب في الاسْتِرْجاعِ

- ‌23 - باب في المَيِّتِ يُسَجَّى

- ‌24 - باب القِراءَةِ عِنْدَ المَيِّتِ

- ‌25 - باب الجُلُوسِ عِنْدَ المُصِيبَةِ

- ‌26 - باب في التَّعْزِيَةِ

- ‌27 - باب الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ

- ‌28 - باب في البُكاءِ عَلى الميِّتِ

- ‌29 - باب في النَّوْحِ

- ‌30 - باب صَنْعَةِ الطَّعَام لأَهْلِ المَيِّتِ

- ‌31 - باب في الشَّهِيد يُغَسَّلُ

- ‌32 - باب في سَتْر المَيِّتِ عنْدَ غَسْلهِ

- ‌33 - باب كَيْفَ غُسْلُ المَيِّتِ

- ‌34 - باب في الكَفَنِ

- ‌35 - باب كَراهِيَةِ المُغَالَاةِ فِي الكَفَنِ

- ‌36 - باب في كَفِنِ المَرْأَةِ

- ‌37 - باب في المِسْكِ للْمَيِّتِ

- ‌38 - باب التَّعْجِيلِ بِالجَنَازَةِ وَكَراهِيَةِ حَبْسِها

- ‌39 - باب في الغُسْلِ مِنْ غَسْلِ المَيِّتِ

- ‌40 - باب في تَقْبِيلِ المَيِّتِ

- ‌41 - باب في الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ

- ‌42 - باب في المَيِّتِ يُحْمَلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ وَكَرَاهَةِ ذَلِكَ

- ‌43 - باب في الصُّفُوف علَى الجَنَازَةِ

- ‌44 - باب اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزَ

- ‌45 - باب فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى الجَنَائِزِ وتشْيِيعِها

- ‌46 - باب في النّار يُتْبَعُ بها المَيِّتُ

- ‌47 - باب القِيامِ لِلْجَنَازَةِ

- ‌48 - باب الرُّكُوبِ فِي الجَنَازَةِ

- ‌49 - باب المشْى أَمَامَ الجَنَازَةِ

- ‌50 - باب الإِسْرَاعِ بِالجَنَازَةِ

- ‌51 - باب الإِمامِ لا يُصَلّي عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسهُ

- ‌52 - باب الصَّلاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَتْهُ الحُدُودُ

- ‌53 - باب في الصَّلاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌54 - باب الصَّلاةِ على الجَنازَةِ في المَسْجِدِ

- ‌55 - باب الدَّفْنِ عنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِها

- ‌56 - باب إذا حَضَرَ جَنائِزَ رِجالٍ وَنِساءٍ، مَنْ يقَدِّمُ

- ‌57 - باب أَيْيَ يَقومُ الإمامُ مِنَ المَيِّتِ إِذا صَلَّى عَلَيْهِ

- ‌58 - باب التَّكْبير عَلَى الجَنازةِ

- ‌59 - باب ما يُقْرَأُ علَى الجَنازَةِ

- ‌60 - باب الدُّعاءِ لِلْمَيِّتِ

- ‌61 - باب الصَّلاة على القَبْرِ

- ‌62 - باب في الصَّلاةِ عَلَى المُسْلِمِ يَمُوتُ في بِلادِ الشِّرْكِ

- ‌63 - باب في جَمْعِ المَوْتَى في قَبْرٍ والقَبْرُ يُعَلَّمُ

- ‌64 - باب في الحَفّارِ يجِدًا لعَظْمَ هَلْ يَتَنَكَّبُ ذَلِكَ المَكانَ

- ‌65 - باب في اللَّحْدِ

- ‌66 - باب كَمْ يَدْخلُ القَبْرَ

- ‌67 - باب في المَيِّت يدْخَلُ منْ قِبَلِ رِجْلَيهِ

- ‌68 - باب الجُلُوسِ عِنْدَ القَبْرِ

- ‌69 - باب في الدُّعاءِ لِلْمَيِّتِ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ

- ‌70 - باب الرَّجُلِ يمُوتُ لَهُ قَرابَةُ مُشْرِكٍ

- ‌71 - باب في تَعْمِيقِ القَبْرِ

- ‌72 - باب في تَسْوِيةِ القَبْرِ

- ‌73 - باب الاسْتِغْفار عِنْد القَبْرِ لِلْمَيِّتِ في وَقْتِ الانْصِرافِ

- ‌74 - باب كَراهِيَة الذَّبْحِ عِنْدَ القَبْرِ

- ‌75 - باب المَيِّتِ يُصَلّى علَى قَبْرِهِ بَعْدَ حِينٍ

- ‌76 - باب في البِناءِ عَلى القَبْرِ

- ‌77 - باب في كَراهِيَةِ القُعُودِ على القَبْرِ

- ‌78 - باب المَشْى في النَّعْل بَيْنَ القُبُورِ

- ‌79 - باب في تَحْوِيلِ المَيِّتِ مِنْ موْضعِهِ لِلأَمْرِ يَحْدِّثُ

- ‌80 - باب في الثَّناءِ عَلَى المَيِّتِ

- ‌81 - باب في زِيارةِ القُبُورِ

- ‌82 - باب في زِيارَةِ النِّساء القُبُورِ

- ‌83 - باب ما يَقُولُ إِذا زارَ القُبُورَ أوْ مَرَّ بِها

- ‌84 - باب المُحْرِمِ يَمُوتُ كيْف يُصْنَعُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الأَيْمَانُ وَالنُّذُور

- ‌2 - باب فِيمَنْ حَلف يَمِينًا لِيَقْتَطِعَ بها مالًا لأحَدٍ

- ‌3 - باب التغْلِيظ فِي اليَمينَ الفَاجِرَة

- ‌4 - باب الحَلِفِ بِالأَنْدادِ

- ‌5 - باب في كَراهِيةِ الحَلِفِ بِالآباءِ

- ‌6 - باب في كَراهِيَةِ الحَلِفِ بِالأَمانَةِ

- ‌7 - باب لَغْوِ اليَمِينِ

- ‌8 - باب المَعارِيضِ في اليَمينِ

- ‌9 - باب ما جاءَ في الحَلِفِ باِلبَراءَةِ وبمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌10 - باب الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لا يَتأَدَّمَ

- ‌11 - باب الاسْتثْناءِ في اليَمِينِ

- ‌12 - باب ما جاءَ في يَمِينِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ما كانتْ

- ‌13 - باب في القَسَمِ: هَلْ يَكُونُ يَمينًا

- ‌14 - باب فِيمَنْ حَلَف عَلى الطَّعام لا يَأكلُهُ

- ‌15 - باب اليَمِينِ في قَطيعَةِ الرَّحِم

- ‌16 - باب فِيمَنْ يحْلِف كاذِبًا متَعَمِّدًا

- ‌17 - باب الرَّجُلِ يُكَفّرُ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ

- ‌18 - باب كَمِ الصّاعُ في الكَفّارَةِ

- ‌19 - باب في الرَّقبةِ المُؤْمِنَةِ

- ‌20 - باب الاستثْناءِ في اليمِين بَعْدَ السّكُوت

- ‌21 - باب النَّهْى عنِ النَّذْرِ

- ‌22 - باب ما جاءَ في النَّذْرِ في المَعْصِيَةِ

- ‌23 - باب مَنْ رَأى علَيْهِ كَفّارَةً إذا كانَ في معْصِيَةٍ

- ‌24 - باب منْ نَذَرَ أَنْ يُصَلّيَ في بَيْت المقْدِسِ

- ‌28 - باب في النَّذْرِ فِيما لا يمْلِكُ

- ‌27 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِن الوَفاء بِالنَّذْر

- ‌29 - باب فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمالِهِ

- ‌25 - باب في قَضاءِ النَّذْرِ عنِ المَيِّتِ

- ‌26 - باب ما جاءَ فِيمَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ صِيامٌ صامَ عَنْهُ وَليُّهُ

- ‌30 - باب مَنْ نَذَرًا نَذْرًا لا يُطِيقُهُ

- ‌31 - باب مَنْ نَذَر نَذْرًا لَمْ يسَمِّهِ

- ‌32 - باب مَنْ نَذَرَ في الجاهِلِيَّةِ ثمّ أَدْرَكَ الإِسْلامَ

الفصل: ‌17 - باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت

‌17 - باب ما يُسْتحَبُّ منْ حُسْنِ الظَّنِّ بالله عِنْدَ المَوْتِ

3113 -

حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حدثنا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبي سُفْيانَ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاثٍ قالَ: "لا يَمُوتُ أَحَدُكُمْ إِلَاّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ"(1).

* * *

باب ما يستحب من حسن الظن [بالله](2) عند الموت

[3113]

(حدثنا مسدد، حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق أحد الأعلام في الحفظ والعبادة (حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم الواسطي تابعي مشهور، قال: جاورت جابر بن عبد الله ستة أشهر بمكة (3).

(عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث: لا يموتن) نسخة: لا يموت (أحدكم إلا وهو يحسن الظن) لا يستقيم هذا النهي على ظاهره؛ لأنهم نهوا عن الموت، والموت مما لا ينهى عنه فرجع حاصله إلى أن ينهى الإنسان عن أن يؤخذ على حالة يدركه الموت وهو على غير حسن الظن بالله، (4) تعالى؛ فالنهي في الحقيقة نهى عن كونه يكون على خلاف حسن الظن إذا مات، وهذا على سعة الكلام والتفنن (5) فيه، كقولك: لا تُصَلِّ إلا وأنت

(1)(3989).

(2)

من المطبوع.

(3)

انظر: "تهذيب الكمال" 13/ 440.

(4)

إلى هنا انتهى السقط من (ر).

(5)

اضطرب رسمها في النسخ وتعذر قراءتها. والمثبت أقرب معنى ولفظًا للمرسوم.

ص: 321

خاشع، نهي في الظاهر عن فعل الصلاة، ومطلق الصلاة لا ينهى عنها، لكن معناه: لا تكن صلاتك إلا على الخشوع، فرجع معناه إلى أن يكون النهي عن حالة هي غير حالة الخشوع.

فهي (1) في الحديث كناية تلويحية؛ فإن قلت: فأي نكتة في إدخال حرف النهي على الموت؟ والنهي (2) عن إساءة الظن وترك الخشوع؟

فالجواب كما أشار إليه الزمخشري: أن الصلاة أو الموت إذا قصد بالنهي عنهما النهي عن حالة يقعان فيها إرادة للفضيلة (3) والخيرية كان أبلغ مما إذا قصد نفي الفضيلة والخيرية ابتداءً (4).

فإن قلتَ: هذا يناقض ما قالوه في قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا} (5) الآية في معنى النهي عن حال الكفر، لا عن ذاته؛ لأنَّ كيف سؤالٌ عن الحال، وهو استفهام إنكار في معنى النهي، وعليه سؤال مشهور وهو: لم لا أنكر عليهم ذات الكفر؛ فإنه منكر لا حاله؟

وجوابه: أن إنكار الذات مستتبع لإنكار الحال؛ لأن حال الشيء تابعة لذات الشيء، فلو أنكر الذات وهو المنكر هنا، إلا أنه لم يكن في المبالغة، كما إذا أنكر الحال فيتبعها إنكار الذات؛ لأن مقتضى الظاهر إنكار الذات؛ فإذا أنكر لم يكن من الكناية في شيء، فأما إذا

(1) في (ر)، (ع): فيه.

(2)

في (ر): بتفضيله.

(3)

في (ر، ل): ولم نهى. والمثبت من (ع).

(4)

انظر: "الكشاف" 1/ 329.

(5)

البقرة: 28.

ص: 322

أنكر الحال لينتفي الذات كان كناية، وكان أبلغ لما يلزم من نفيها نفيه بطريق برهاني؛ لأنه إذا أنكر أن يكون لكفرهم حال يوجد عليها، وقد علم أن كل موجود لا ينفك عن حال، فإذا نفى اللازم ينتفي (1) الملزوم.

والجواب عن المناقضة بين الحديث والآية أن الأبلغية وعدمها باعتبار العدول عن مقتضى الظاهر فيهما؛ فإن المقتضى في الآية إنكار ذات الكفر، فعدل إلى إنكار الحال ليلزم منه إنكار الذات على سبيل الكناية [وها هنا المقتضى](2) نفي الفضيلة، فعدل إلى نفي الذات ليلزم منه نفي الفضيلة على سبيل الكناية.

والحاصل أن في العدول عن الظاهر مبالغة ليست في ارتكاب الظاهر، ولهذا قال صاحب "المفتاح":[ولأمر ما تجد](3) أرباب البلاغة وفرسان الطراد يستكثرون من هذا الفن، وأنه في علم البيان يسمى: بالكناية (4).

(بالله) عند الموت، وفيه النهي عن سوء الظن بالله تعالى، وهو أن يظن عند الموت أنه يعذبه، بل الأمر بأن يحسن بالله تعالى بأن الله تعالى سيرحمه، وأما في حال الصحة (5) ففيه وجهان:

أحدهما: أن الأرجح أن يكون خوفه أرجح ليكون مرتدعًا عن

(1) في (ر): لينتفي.

(2)

في (ر): لا مقتضى.

(3)

في (ر): ولا من ما يجد.

(4)

انظر: "مفتاح العلوم" للسكاكي (174).

(5)

في (ر): الضجر.

ص: 323

المعصية، حكاهما القاضي والمتولي وغيرهما.

والثاني: يستوي خوفه ورجاؤه؛ لأن الخوف رادع عن المعصية، والرجاء حاثٌّ على طلب الثواب (1) من الله، وصححه النووي بأن الغالب في القرآن اقتران الترغيب والترهيب، كقوله تعالى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} (2).

قال: وقد تتبعت الأحاديث الواردة في الرجاء والخوف وجمعتها في "رياض الصالحين"، وكانت أحاديث الرجاء أضعاف أحاديث الخوف، انتهى (3).

ويشهد له ثناء الله على خواص عباده بالجمع بين الخوف والرجاء {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (4)، وقوله تعالى:{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (5).

وقال الغزالي: الرجاء والخوف دواءان تداوى بهما القلوب ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن غلب على القلب داء الأمن من مكر الله والاغترار به فالخوف أفضل، وإن غلب القنوط فالرجاء أفضل (6).

(1) في (ل) و (ر): الصواب، والمثبت من (ع).

(2)

الانفطار: 13 - 14.

(3)

انظر: "المجموع" 5/ 108 - 109.

(4)

الإسراء: 57.

(5)

الأنبياء: 90.

(6)

"إحياء علوم الدين" 4/ 164 ط دار المعرفة.

ص: 324