الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتاب القطائع
36 - باب في إِقْطاعِ الأَرَضِيْنَ
3058 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْن مَرْزوقٍ، أَخْبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ سِماكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وائِلٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ (1).
3059 -
حَدَّثَنَا حَفْصٌ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا جامِعُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وائِلٍ بإسْنادِهِ مِثْلَهُ (2).
3060 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ داوُدَ، عَنْ فِطْرِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قال: خَطَّ لي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم دارًا بِالمَدِينَةِ بِقَوْسٍ وقالَ: "أَزِيدُكَ أَزِيدُكَ"(3).
(1) رواه الترمذي (1381)، وأحمد 6/ 399. وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 69، والألباني في "صحيح أبي داود" (2691).
(2)
رواه الطبراني 22/ 9 (4).
(3)
رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 2/ 37 (714، 715)، وأبو يعلى 3/ 45 (1464)، والبيهقي 6/ 145. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (545).
3061 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ واحِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلالَ بْنَ الحارِثِ المُزَنيَّ مَعادِنَ القَبَلِيَّةِ وَهيَ مِنْ ناحِيَةِ الفرْعِ فَتِلْكَ المَعادِنُ لا يُؤْخَذُ مِنْها إِلَّا الزَّكاةُ إِلَى اليَوْمِ (1).
3062 -
حَدَّثَنَا العَبّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حاتِمٍ وَغَيْرُهُ قالَ العَبّاسُ: حَدَّثَنَا الحُسَين ابْن محَمَّدٍ، أَخْبَرَنا أَبُو أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ المُزَنيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلالَ بْنَ الحارِثِ المُزَنيَّ مَعادِنَ القَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّها وَغَوْرِيَّهَا - وقالَ غَيْرُ العَبّاسِ: جَلْسَها وَغَوْرَهَا - وَحَيثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ وَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا ما أَعْطَى مُحَمَّد رَسُولُ اللهِ بِلالَ بْنَ الحارِثِ المُزَنيَّ أَعْطاهُ مَعادِنَ القَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّها وَغَوْرِيَّهَا". وقالَ غَيْرُ العَبَّاسِ: "جَلْسَها وَغَوْرَها وَحَيْثُ يَصلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ".
قالَ أَبُو أُوَيْس: وَحَدَّثَني ثَوْرُ بْن زَيْدٍ مَوْلَى بَني الدِّيلِ ابْنِ بَكْرِ بْنِ كِنانَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ مِثْلَهُ (2).
3063 -
حَدَّثَنَا محمَّد بْنِ النضْر، سَمِعْت الحُنَيِنِيَّ قالَ: قَرأتُه غَيْرَ مَرِةٍ - يعْنِي: كتابَ قَطِيعَة النبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَال أبو دَاوُد: وحَدَّثَنَا غير واحد عن حسين بن محمد، أخبرنا أبو أويس، حدثني كثير بن عبد الله، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ بِلالَ بْنَ الحارِثِ المُزَنِيَّ مَعادِنَ
(1) رواه البيهقي 4/ 152، 6/ 151، والبغوي في "شرح السنة" 6/ 60 - 61 (1588). والحديث ضعفه الشافعي فيما نقله عنه البيهقي 4/ 152، وضعفه ابن عبد البر في "التمهيد" 7/ 33، والألباني في "ضعيف أبي داود"(546).
(2)
رواه أحمد 1/ 306، والبيهقي 6/ 145.
وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في "شرح المسند" 3/ 237 (2786)، وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(2692).
القَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّها وَغَوْرِيَّهَا - قالَ ابنُ النَّضْر: وجَرسَها وَذَاتِ النُّصُبِ، ثم اتفقا - وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ، وَلَمْ يُعْط بلالَ بن الحارث حَقَّ مُسْلِمٍ، وَكَتَبَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَذا ما أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ بِلالَ بْنَ الحارِثِ المُزَنيَّ أَعْطاهُ مَعادِنَ القَبَلِيَّةِ جَلسَها وَغَوْرَها، وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ".
قالَ أَبُو أُوَيْسٍ: وَحَدَّثَني ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ (1). زَادَ ابن النضْر: وَكَتَبَ أُبيُّ بن كَعْب.
3064 -
حَدَّثَنَا قتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَمُحَمَّد بْن المُتَوَكِّلِ العَسْقَلَانِيُّ - المَعْنَى واحِدٌ - أَنَّ محَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ المَأْرِبِيَّ حَدَّثَهُمْ أَخْبَرَني أَبِي، عَنْ ثُمامَةَ بْنِ شُراحِيلَ، عَنْ سُمَيّ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شُمَيْرٍ - قال: ابن المُتَوَكِّلِ ابن عَبْدِ المَدانِ - عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاسْتَقْطَعَهُ الِملْحَ - قالَ ابن المُتَوَكِّلِ: الذي بِمَأْرِبَ - فَقَطَعَهُ لَهُ فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قالَ رَجُلٌ مِنَ المَجْلِسِ: أَتَدْري ما قَطَعْتَ لَهُ إِنَّما قَطَعْتَ لَهُ المَاءَ العِدَّ. قال: فانْتَزَعَ مِنْهُ. قال: وَسَأَلَهُ عَمَّا يُحْمَى مِنَ الأَرَاكِ قالَ: "مَا لَمْ تَنَلْهُ خِفافٌ". وقالَ ابن المُتَوَكِّلِ: "أَخْفافُ الإِبِلِ"(2).
3065 -
حَدَّثَنَا هارُون بْن عَبْدِ اللهِ، قال: قال مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ المَخْزُوميُّ: "ما لَمْ تَنَلْهُ أَخْفافُ الإِبِلِ". يَعْني: أَنَّ الإِبِلَ تَأْكُلُ مُنْتَهَى رُؤوسِها وَيُحْمَى ما فَوْقَهُ (3).
3066 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ القرَشيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا فَرَجُ ابْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَني عَمِّي ثابِتُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ سَأَلَ
(1) رواه البزار في "المسند" 8/ 322 (3395).
وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(2693).
(2)
رواه الترمذي (1380)، وابن ماجة (2475).
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(2694).
(3)
قال الألباني في "ضعيف أبي داود"(2/ 547): ضعيف جدا مقطوع.
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَنْ حِمَى الأرَاكِ فَقالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا حِمَى في الأَراكِ". فَقال: أَراكَةً في حِظِاري. فَقالَ النَّبِيُّ عليه السلام: "لَا حِمَى فِي الأَرَاكِ". قالَ فَرَجٌ: يَعْني: بِحِظاري الأَرْضَ التي فِيها الزَّرْعُ المُحاطُ عَلَيْها (1).
3067 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ أَبُو حَفْصٍ، حَدَّثَنَا الفِرْيابيُّ، حَدَّثَنَا أَبانُ قالَ عُمَرَ - وَهُوَ ابن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي حازِمٍ - قالَ: حَدَّثَني عُثْمانُ بْن أَبي حازِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ صَخْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا ثَقِيفًا، فَلَمّا أَنْ سَمِعَ ذَلِكَ صَخْرٌ رَكِبَ فِي خَيْلٍ يُمِدّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ انْصَرَفَ وَلَمْ يَفْتَحْ، فَجَعَلَ صَخْرٌ يَوْمَئِذٍ عَهْدَ اللهِ وَذِمَّتَهُ أَنْ لا يُفارِقَ هذا القَصْرَ حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُفَارِقْهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَخْرٌ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ ثَقِيفًا قَدْ نَزَلَتْ عَلَى حُكْمِكَ يا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا مُقْبِلٌ إِلَيْهِمْ وَهُمْ في خَيْلٍ. فَأَمَرَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلاةِ جامِعَةً فَدَعا لأحمَسَ عَشْرَ دَعَواتٍ: "اللَّهُمَّ بارِكْ لأَحْمَسَ فِي خَيْلِها وَرِجالِهَا". وَأَتاهُ القَوْمُ فَتَكَلَّمَ المُغِيرَة بْن شُعْبَةَ فَقال: يا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ صَخْرًا أَخَذَ عَمَّتي وَدَخَلَتْ فِيما دَخَلَ فِيهِ المُسْلِمُونَ. فَدَعاهُ فَقالَ: "يا صَخْرُ إِنَّ القَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِماءَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ فادْفَعْ إِلَى المُغِيرَةِ عَمَّتَهُ". فَدَفَعَها إِلَيْهِ وَسَأَلَ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم ماءَ لِبَنِي سُلَيْمٍ قَدْ هَرَبُوا عَنِ الإِسْلامِ وَتَرَكُوا ذَلِكَ الماءَ. فَقال: يا نَبيَّ اللهِ أَنْزِلْنِيهِ أَنا وَقَوْمي. قالَ: "نَعَمْ". فَأَنْزَلَهُ وَأَسْلَمَ -يَعْني: السُّلَمِيِّينَ - فَأَتَوْا صَخْرًا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمُ المَاءَ فَأَبَى فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يا نَبِيَّ اللهِ أَسْلَمْنَا وَأَتَيْنَا صَخْرًا لِيَدْفَعَ إِلَيْنَا ماءَنَا فَأَبَى عَلَيْنا. فَأَتَاهُ فَقالَ: "يا صَخْرُ إِنَّ القَوْمَ إِذا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوالَهُمْ وَدِماءَهُمْ فادْفَعْ إِلَى القَوْمِ ماءَهُمْ". قال: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللهِ. فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَغَيّر عِنْدَ ذَلِكَ حُمْرَةً حَيَاءً مِنْ أَخْذِهِ الجارِيَةَ وَأَخْذِهِ
(1) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/ 420 (2472)، والطبراني 1/ 278 (808)، والضياء في "المختارة" 4/ 56 - 57 (1283).
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(2695).
الماءَ (1).
3068 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ المَهْريُّ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، حَدَّثَنِي سَبْرَة بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ الجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ في مَوْضِعِ المَسْجِدِ تَحْتَ دَوْمَةٍ فَأَقامَ ثَلاثًا ثمَّ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَإِنَّ جُهَيْنَةَ لِحَقُوهُ بِالرَّحْبَةِ فَقالَ لَهُمْ:"مَنْ أَهْلُ ذي المَرْوَةِ". فَقالُوا: بَنُو رِفاعَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ. فَقالَ: "قَدْ أَقْطَعْتُهَا لِبَني رِفاعَةَ". فاقْتَسَمُوها فَمِنْهُمْ مَنْ بَاعَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَمْسَكَ فَعَمِلَ ثُمَّ سَأَلْتُ أَبَاهُ عَبْدَ العَزِيزِ عَنْ هذا الحَدِيثِ فَحَدَّثَني بِبَعْضِهِ وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ كلِّهِ (2).
3069 -
حَدَّثَنَا حُسَين بْن عَليٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى -يَعْني: ابن آدَمَ- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابُن عَيَّاشٍ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْماءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ نَخْلًا (3).
3070 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْن عُمَرَ وَمُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ - المَعْنَى واحِدٌ - قالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن حَسّانَ العَنْبَريُّ حَدَّثَتْنِي جَدَّتاي صَفِيَّةُ وَدُحَيْبَةُ ابنتا عُلَيْبَةَ وَكانَتَا رَبِيبَتَي قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ وَكانَتْ جَدَّةَ أَبِيهِمُا أنَها أَخْبَرَتْهُمَا قالَتْ: قَدِمْنا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَتْ: تَقَدَّمَ صاحِبي - تَعْني: حُرَيْثَ بْنَ حَسَّانَ وافِدَ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ - فَبايَعَهُ عَلَى الإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ ثُمَّ قال: يَا رَسُولَ اللهِ اكْتُبْ بَيْنَنا وَبَيْنَ بَني تَمِيمٍ بِالدَّهْناءِ أَنْ لا يُجَاوِزَها إِلَيْنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا مُسافِرٌ أَوْ مُجَاوِرٌ. فَقالَ: "اكْتُبْ لَهُ يا غُلامُ بِالدَّهْناءِ". فَلَمّا رَأَيْتهُ قَدْ أَمَرَ لَهُ بِها شُخِصَ بي وَهيَ وَطَني وَداري فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ لَمْ يَسْأَلُكَ السَّوِيَّةَ مِنَ الأرضِ إِذْ سَأَلَكَ إِنَّما هيَ هذِه الدَّهْناء عِنْدَكَ مُقَيَّدُ الجَمَلِ وَمَرْعَى الغَنَمِ وَنِساءُ بَنِي تَمِيمٍ وَأَبْناؤُهَا وَراءَ ذَلِكَ. فَقالَ: "أَمْسِكْ يا غُلامُ
(1) رواه البيهقي 9/ 114. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (3/ 547).
(2)
رواه البيهقي 6/ 149. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (548).
(3)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 103، والترمذي في "العلل الكبير" 1/ 574، والطبراني 24 (215). وروى البخاري (3151)، ومسلم (2182) نحوه.
صَدَقَتِ المِسْكِينَةُ، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ يَسَعُهُما الماءُ والشَّجَرُ وَيَتَعاوَنَانِ عَلَى الفُتَّانِ" (1).
3071 -
حَدَّثَنَا محَمَّد بْن بَشَّارِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ بْن عَبْدِ الواحِدِ حَدَّثَتْنِي أُمُّ جَنُوب بِنْتُ نُمَيْلَةَ، عَنْ أُمِّها سُوَيْدَةَ بِنْتِ جابِرٍ، عَنْ أُمِّها عَقِيلَةَ بِنْتِ أَسْمَرَ بْنِ مضَرِّسٍ، عَنْ أَبِيها أَسْمَرَ بْنِ مضَرِّسٍ قال: أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَبايَعْتُهُ فَقالَ: "مَنْ سَبَقَ إِلَى ماءٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ". قال: فَخَرَجَ النّامق يَتَعادَوْنَ يَتَخَاطُّونَ (2).
3072 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أقطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ فَأَجْرى فَرَسَهُ حَتَّى قَامَ ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ فَقالَ:"أَعْطُوهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ السَّوْطُ"(3).
* * *
باب في إقطاع الأرضين
[3058]
(حَدَّثَنَا عمرو بن مرزوق) الباهلي، روى له البخاري (4) مقرونًا (حَدَّثَنَا شعبة، عن سماك) بن حرب.
(عن علقمة بن وائل) بن حُجْر (5)(عن أبيه) وائل بن حجر الكندي
(1) رواه الترمذي (2814). وحسنه ابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/ 459، وأقره الحافظ في "الإصابة" 4/ 391، وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(2697).
(2)
رواه ابن سعد 7/ 73، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 61، والبيهقي 6/ 142. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (549).
(3)
رواه أحمد 2/ 156، والبيهقي 6/ 144.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(550).
(4)
(291).
(5)
انظر: "تهذيب الكمال" 20/ 312، و"تهذيب التهذيب" 7/ 247.
وكان قيلًا (1) من أقيال حضرموت وكان أبوه من ملوكهم، ووفد على رسول الله فأسلم (2) ويقال أنه بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه قبل قدومه، فلما دخل عليه رحب به وقرب مجلسه وبسط له رداءه فأجلسه عليه مع نفسه وقال:"اللهم بارك في وائل وولده وولد ولده"، واستعمله على الأقيال من حضرموت وكتب معه ثلاثة كتب منها كتاب إلى المهاجر بن أبي أمية، وكتاب إلى الأقيال والعباهلة (3).
(أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضًا) قال الشيخ قطب الدين في "المورد الهني": كتب له كتابًا: أن له ما في يديه من الأرضين والحصون، وأن يؤخذ منه من كل عشرة واحد أي: مما يخرج من الأرض (بحضرموت) بفتح الميم من اليمن، قال اليشكري: لغة هذيل حضرموت بضم الميم (4).
قال أبو الفتح: لما رأى من لغته ضم الميم أنه اسم علم، وأن الاسمين قد ركبا معًا تمم الشبه بضم الميم؛ ليكون على وزن عضرفوط قال: فإذا اعتقدت هذا ذهبت في ترك صرفه إلى التعريف وتأنيث البلد (5)(6).
(1) قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 388: وأما قيل بقاف مفتوحة فهو اسم للملك من ملوك حمير.
(2)
سقط من (ر).
(3)
"غريب الحديث" للخطابي 1/ 285.
(4)
انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 455 و"المحكم والمحيط الأعظم" 3/ 124.
(5)
في (ر): البلاد. وفي "المعجم": البلدة.
(6)
"معجم ما استعجم" 2/ 455 و"المحكم والمحيط الأعظم" 3/ 124.
[3059]
(حَدَّثَنَا حفص بن عمر) قال (حَدَّثَنَا جامع بن مطر) الحَبَطي البصري، وثقه ابن معين (1).
(عن علقمة بن وائل) بن حجر (بإسناده) المتقدم و (مثله) في معناه.
[3060]
(حَدَّثَنَا مسدد، حَدَّثَنَا عبد الله بن داود) بن عامر الهمداني الكوفي، أخرج له البخاري والأربعة.
(عن فطر) بكسر الفاء وسكون الطاء المهملة وهو ابن خليفة، وثقه أحمد وابن معين (2) (حدثني أبي) خليفة: وثق (3)(4).
(عن) مولاه (عمرو بن حريث) بضم الحاء وفتح الراء المهملتين مصغر، ابن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، عمر دهرًا كثيرًا (5).
(قال: خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم دارًا بالمدينة بقوس) كان في يده (وقال) لي: (أزيدك) عليه شيئًا، وذكر أزيدك (أزيدك) مرتين هو (6) من التأكيد بإعادة اللفظ، لا أنه يزيده مرتين. وللمصنف في أول الحديث: انطلق بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا غلامٌ شاب فدعا لي بالبركة ومسح رأسي وخط لي دارًا بالمدينة
…
الحديث.
(1)"الجرح والتعديل" 2/ 535.
(2)
"تهذيب التهذيب" 8/ 2.
(3)
في (ر) و (ح): ووثق.
(4)
"الكاشف"(1411).
(5)
"الإصابة" 4/ 619.
(6)
سقط من (ر).
والظاهر أن المدينة هنا ليست مدينة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البكري: أهل المدينة أسلموا راغبين غير مكرهين، ومن أسلم على شيء فهو له، وقيل: لأنه من أرض المدينة (1)، ولم يكن من المدينة النبوية (2).
[3061]
(حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) واسم أبي عبد الرحمن فروخ مولى المنكدر بن عبد الله المزني (3).
(عن غير واحد) هكذا رواه مالك في "الموطأ"(4) عن جميع الرواة مرسلًا، ولم يختلف فيه عن مالك، وذكر أبو عمر: أن الدراوردي عن ربيعة، عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه، ثم قال: وإسناد ربيعة فيه صالح حسن (5). ولفظ مالك في "الموطأ" عن غير واحد من علمائهم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث) بن عصيم (المزني) لما قدم عليه سنة خمس في وفد مزينة وكان ينزل الأشعر والآخر وراء المدينة، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيق (معادن القبلية) بفتح القاف والباء منسوب إلى قبل بفتح القاف والباء الموحدة وهي ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام.
قال المنذري: وهذا هو المحفوظ في الحديث، وفي كتاب الأمكنة:
(1) هكذا في الأصل والذي في "المعجم" للبكري 3/ 953: مزينة.
(2)
"معجم ما استعجم" 3/ 953.
(3)
"التقريب"(1550).
(4)
(584).
(5)
"التمهيد" 3/ 237، 238.
معادن القِلَبة بكسر القاف وفتح اللام ثم باء يعني: موحدة (1)(وهي من ناحية الفرع) بضم الفاء والراء ثم عين مهملة وبعضهم يسكن الراء وهو موضع بأعلى المدينة واسع على طريق مكة، وفيه مساجد النبي صلى الله عليه وسلم ومنابره وقرى كثيرة (2).
قال ابن حازم: وهي لقريش والأنصار ومزينة، وقيل غير ذلك. الفرع قرية من ناحية الربذة عن يسار السقيا (3) بينها وبين المدينة ثمانية برد (4) (فتلك المعادن) يعني: التي بها (لا يؤخذ منها إلا الزكاة) فإذا أقطع الإمام أحد الرعية ممن فيه نفع للمسلمين شيئًا من المعادن الباطنة، وهي ما كان جوهره مستكنًّا لا يوصل إليه إلا بالعمل كمعادن الذهب والفضة والنحاس والحديد جاز إقطاعه سواء احتاج المأخوذ منها إلى سبك وتخليص أم لا. وهذا الحديث حجة في جواز ذلك.
وإذا جاز الإقطاع صار المقطع أحق بها، وله منع الناس منها ويؤخذ من عده صلى الله عليه وسلم وأن فيها الزكاة أن مصرف المعادن في مستحقها مصرف سائر الزكوات (5)، وهذا هو المذهب عند الشافعية، وفيه وجه: أن مصرف المعادن مصرف الفيء، وعلى هذا لا يصلح عده من الزكوات.
وفي هذا الحديث حجة لمذهب الشافعي: أن واجب المعدن ربع
(1)"النهاية" لابن الأثير 14/ 4، و"معجم ما استعجم" 3/ 1047 و"لسان العرب" 11/ 534.
(2)
"الروض المعطار" ص (438).
(3)
في الأصول بياض والمثبت من "معجم البلدان" 4/ 252.
(4)
"معجم البلدان" 4/ 252.
(5)
في (ر): الزكاة
العشر من الفضة كغيره من الزكوات، وبه قال أحمد، ويدل عليه أيضًا إطلاق قوله عليه السلام: في الرقة ربع العشر، خلافًا لأبي حنيفة حيث قال: إن الواجب الخمس (1).
قال الراوي: واستمر هذا الحكم معمولًا به (إلى اليوم) يعني: زمن الراوي، وكذا استمر الحكم بعد الراوي إلى زماننا.
[3062]
(حَدَّثَنَا العباس بن محمد بن حاتم) بن واقد الدوري، وثقه النسائي (2)، وقال أبو حاتم (3): صدوق (وغيره، قال العباس: حَدَّثَنَا الحسين بن محمد) بن بهرام المروزي المؤذن نزيل بغداد (4) قال: (أنبأنا أبو أويس) عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك الأصبحي المدني، أخرج له مسلم (5) قال (حَدَّثَنَا كثير بن عبد الله بن عمرو بن أعوف بن، زيد المزني (6) عن أبيه) عبد الله بن عمرو (7).
(عن جده) عمرو بن عوف بن زيد المزني، مهاجري أحد البكائين، شهد الخندق رضي الله عنه (8)(أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه معادن القبلية) تقدم.
(1)"المجموع" 6/ 90، وانظر:"الحاوي" للماوردي 7/ 481 و"المجموع" 15/ 231.
(2)
"تهذيب التهذيب" 5/ 113.
(3)
في "الجرح والتعديل" 6/ 212.
(4)
"التقريب"(1345).
(5)
"تهذيب الكمال" 15/ 166.
(6)
"تهذيب الكمال" 24/ 136.
(7)
"التقريب"(3503).
(8)
"الإصابة" 4/ 666.
قال المنذري: هكذا وقع هاهنا جرسها بجيم مكسورة وراء مهملة، والمحفوظ باللام وفتح الجيم (1)(جلسيها)(2) بفتح الجيم وسكون اللام وكسر السين المهملة وتشديد ياء النسب.
قال الأصمعي: وكل مرتفع من الأرض جلس (3)(وغوريها) بفتح الغين المعجمة وكسر الراء وتشديد ياء النسب، فكما أن ما ارتفع من الأرض نجد، وكذا ما انخفض منها غور، والمراد بهذا الحديث أنه أقطعه [من هذِه الأرض] (4) جميع مهادها ووهادها فيقول من الأول: جلس يجلس فهو جالس إذا أتى نجدًا، ومن الثاني غار إذا أتى الغور وأغار أيضًا، وهي لغة قليلة.
(قال غيره: جلسها وغورها) كما تقدم، إلا أنه بنصب السين والراء وحذف ياء النسب فيهما (وحيث يصلح الزرع من قدس) بضم القاف
(1) وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 604: وَوَقع فِي أبي دَاوُد: (جِرسها) بِكَسْر الجِيم ثمَّ رَاء مُهْملَة، وَالْمَحْفُوظ بِاللَّامِ وَفتح الجِيم.
(2)
قال الشيخ عوامة في طبعته. الجيم مفتوحة ومضمومة في (ص) ومفتوحة في (ك) و (ظ) و (س). ومكسورة في (ح) وعلى حاشية (س): جلس الرجل إذا أتى جلسا بفتح الجيم يعني نجدا. وقال غيره جِلسها. في (ك): وقال غير العباس: وعلى الجيم فتحة وكسرة في (ح) وفتحة فقط في (ص، ك، س، ظ). فاقتصار (ح) على كسر الجيم في حالة النسبة لابد له من مأخذ واعتار لما عرفته من دقة ضبطها ولهذه المغايرة في حين أن كتب اللغة لم تذكر إلا فتح الجيم من جلس بمعنى نجد دون الضم أو الكسر.
(3)
"شرح السنة" للبغوي 8/ 280 و"غريب الحديث" لابن قتيبة 1/ 265، و"البدر المنير" 5/ 603، وانظر:"النهاية" 1/ 792.
(4)
سقط من (ر).
وسكون الدال، كذا ضبطه في "النهاية" (1) والمنذري قالا: وهو جبل معروف، وقيل فيه: قديس، والأول المشهور (2).
قال المنذري: ولا ينصرف على معنى الجبلة، وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة. قال أبو عبيد: الجلسي بلاد نجد، والغور بلاد تهامة فعلى قول جواز الإقطاع يكون المقطع أحق بها، وله منع الناس منها.
قال الماوردي (3) والبغوي (4) وغيرهما: وهل تملك هذِه المعادن بالإحياء؟ للشافعي فيه قولان:
أحدهما: تملك رقبة المعدن (5) ويجوز له بيعه، وينقل إلى ورثته، فعلى هذا إذا وصل إلى النيل ملك، كما لو حفر بئرًا في موات، فالملك لا يحصل حتى يصل إلى الماء.
والقول الثاني: إقطاعه إقطاع (6) إرفاق فلا يملك الرقبة، بخلاف الأرض فإنها إذا أحييت ثبت إحياؤها، والمعدن يحتاج أن يعمل فيه كل يوم حتى يرتفق منه، فتملك الارتفاق بالعمل مدة مقامه، وإذا تركه زال حكم الإقطاع عنه وعاد إلى الإحياء.
(1) 4/ 42.
(2)
"البدر المنير" 5/ 604.
(3)
"الحا وي" 7/ 500.
(4)
"شرح السنة" 8/ 280.
(5)
في (ر): المقدر.
(6)
سقط من (ر).
قال الماوردي في "الأحكام السلطانية": ومن أحيى مواتًا بإقطاعٍ أو غيره فظهر فيه بالإحياء معدن ظاهر وباطن ملكه المحيي على التأبيد كما يملك ما استنبطه من العيون واحتفره من الأنهار (1).
(ولم يعطه حق مسلم) معين، لكن قد يقطع ما فيه حقوق المسلمين من غير تعيين، وهذا نوعٌ من الإقطاع ارتفاقًا من غير تمليك كالمقاعد من الأسواق يرتفق للرجل، فيكون أولى به وبما حواليه قدر ما يضع عليه متاعه للبيع ويقف فيه المشتري.
قال البغوي: فيجوز للسلطان إقطاعه من غير تمليك (2).
(وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم) أي: كتب له بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فيه الابتداء بالبسملة في المكاتبة إلى الملوك وغيرهم، وفي كتب الأوقاف والصدقات ونحوها:(هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث) بن عاصم (المزني أعطاه معادن القبلية جلسيها وغوريها) أي: كل نجد ووهدة من أرض المعادن القبلية. ([وقال غيره]) رواية: (جلسها وغورها أوحيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه) بلال بن الحارث (حق مسلم) تعين له.
(قال أبو أويس: ) عبد الله بن [عبد الله](3) المذكور (وحدثني ثور) بفتح المثلثة (بن زيد مولى بني الديل بن بكر بن كنانة) الديلي مولاهم
(1) الباب: السابع عشر فصل: في بيان إقطاع المعادن.
(2)
"شرح السنة" 8/ 281.
(3)
سقط من (ع).
المدني، وثقه ابن معين، وقال أحمد وغيره: صالح الحديث (1)(عن عكرمة، عن ابن عباس مثله) كما تقدم.
[3063]
(حَدَّثَنَا محمد بن النضر) بسكون الضاد المعجمة بن مساور المروزي، ذكره ابن حبان في "الثقات" (2) (قال: سمعت) إسحاق بن إبراهيم (الحنيني)(3) بضم الحاء المهملة وفتح النون الأولى ثم ياء التصغير نسبة إلى جده الأعلى حثين مولى عبد الله بن عباس (4)، والحنيني مدني كان مالك يعظم الحنيني ويكرمه لدينه وعبادته (قال) عن هذا الحديث (قرأته غير مرّة يعني) هذا الكتاب (كتاب قطيعة) أي: كتاب إقطاع (النبي صلى الله عليه وسلم) بلالا.
(قال [أبو داود]) المصنف: (وحَدَّثَنَا غير واحد، عن حسين بن محمد) قال: (حَدَّثَنَا أبو أويس) عبد الله بن عبد الله، قال:(حدثني كثير بن عبد الله) بن عمرو بن عوف (عن أبيه، عن جده رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع [بلال] بن الحارث المزني [معادن القبليةِ] جلسيها وغوريها) كما تقدم، (قال) محمد (بن النضر) في روايته:(وجرسها) بكسر الجيم وسكون الراء، قال المنذري: المحفوظ فتح الجيم وسكون الراء وزاد (وذات) بالنصب (النُّصُبِ) بضم النون والصاد المهملة بعدها باء موحدة، قال مالك: بينها وبين المدينة أربع برد (5). قال البكري: كانت فيه أنصابٌ
(1)"تهذيب الكمال" 4/ 416.
(2)
9/ 97.
(3)
انظر: "الأنساب" 2/ 282.
(4)
"تهذيب الكمال" 14/ 439.
(5)
"مشارق الأنوار" 1/ 276، و"معجم البلدان" 5/ 287، و"فتح الباري" 2/ 566.
في الجاهلية. قال: وروى مالك من طريق سالم بن عبد الله أن أباه ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك (1)، وكانت الجاهلية تنصب أصنامًا وتعبدها وتذبح لها، ومنه قول الأعشى:
وذا النصب المنصوب لا تعبدَنَّه
…
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدوا (2)
(ثم اتفقا) في الرواية (و) أقطعه (حيث يصلح الزرع) بخلاف ما لا يصلح للزراعة فلا يدخل في الإقطاع (من) أرض (قدس، ولم يعط بلال بن الحارث) المزني أرضًا فيها (حق مسلم، وكتب له) أُبي بن كعب بأمر (النبي صلى الله عليه وسلم: هذا ما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني أعطاه معادن) الأراضي (القبلية، جلسها وغورها) بحذف ياء النسب منهما كما تقدم (وحيث يصلح الزرع من قدس) فما لا يصلح للزرع ولا للغراس مما لا ينتفع به فلا يدخل في الإقطاع، (ولم يعطه) ما يتعلق به (حق مسلم) ولو حريم بئره أو داره.
وفي "شرح السنة"(3): عن عبد الله بن مغفل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من احتفر بئرًا فليس لأحد أن يحفر حوله أربعين ذراعًا". (زاد) محمد (ابن النضر) في روايته (وكتب) كتاب الإقطاع (أبي بن كعب) رضي الله عنه.
[3046]
(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد الثقفي) البلخي، (ومحمد بن المتوكل العسقلاني) نسبة إلى عسقلان مدينة بساحل الشام من أرض (4) فلسطين،
(1)"معجم ما استعجم" 4/ 1309.
(2)
"النهاية" 5/ 140.
(3)
8/ 281.
(4)
ليست في (ل).
ينسب إليها جماعة، وإلى عسقلان بلخ ملحمة منها. قال السمعاني: مضيت إليها وسمعت بها الحديث من جماعة (1).
واشتقاق عسقلان من العساقيل وهو من السراب (2)، أو من العسقيل وهي الحجارة الضخمة (3).
(المعنى واحد: أن محمد بن يحيى بن قيس) السبائي (4) بفتح السين المهملة والباء المخففة بعدها همزة (المأربي) بفتح الميم وسكون الألف وكسر الراء بعدها باء موحدة نسبة إلى مأرب من صنعاء اليمن على ثلاثة أيام، ذكر المسعودي أن مأرب اسم الملك الذي كان يملك البلدة.
ومحمد بن يحيى هذا كنيته أبو عمر اليماني، وثقه الدارقطني وغيره (5)(حدثهم) قال (أخبرني أبي)(6) يحيى بن قيس وهو صدوق (7)(عن ثمامة) بضم المثلثة (ابن شراحيل) اليماني صدوق.
(1)"الأنساب" 4/ 190، 191.
(2)
في الأصول (التراب)، والمثبت من كتب اللغة والبلدان؛ انظر:"معجم ما استعجم" 3/ 943 و"النهاية" 3/ 469 و"الجيم" للشيباني باب: العين و"القاموس المحيط" 1/ 1334.
(3)
"معجم ما أستعجم" 3/ 943.
(4)
هكذا في الأصول وفي مصادر الترجمة بعضها بالمد وبعضها بغير مد وانظر: "تهذيب الكمال" 5/ 27 وضبطها ابن حجر في التقريب (6393): بفتح المهملة والموحدة والهمزة المكسورة بغير مد.
وقال الزبيدي في "تاج العروس" 1/ 265 كلاهما صحيح. يعني: المد وعدمه.
(5)
"تهذيب الكمال" 6/ 27.
(6)
سقط من (ع، ر) والمثبت من "السنن".
(7)
"الكاشف"(6231).
قال الدارقطني: لا بأس به (1).
(عن سمي بن قيس) اليماني ذكره ابن حبان في "الثقات"(2)، ولم يرو عنه المصنف والترمذي غير هذا الحديث.
(عن شمير) بضم الشين المعجمة وفتح الميم مصغر، وهو ابن عبد المدان (3)(قال) محمد (ابن المتوكل) شمير (بن عبد المدان) [بفتح الميم والدال المهملة.
قال ابن ماكولا ويقال فيه: شمير بن حمل (4). وشمير ذكره ابن حبان في "الثقات"] (5).
(عن أبيض بن حمال) بفتح الحاء المهملة والميم المشددة الحميري المأربي بكسر الراء والباء الموحدة (6)(أنه وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه) أي: ساله أن يقطعه من الجواهر الظاهرة التي أودعها الله بعض بقاع الأرض (الملح، قال) محمد (ابن المتوكل) في روايته (الذي بمأرب) بكسر الراء كما تقدم (فقطعه له) قال ابن سيده: يقال: قطع السلطان لفلان كذا وأقطعه كذا وكذا والأشهر أقطعه، انتهى. وقد جاءت السنة باللغتين.
(1)"تهذيب الكمال" 4/ 403.
(2)
"تهذيب الكمال" 12/ 140.
(3)
"التقريب"(2823).
(4)
"الإكمال" 4/ 373.
(5)
سقط من (ر). وانظر: "الثقات" 4/ 370.
(6)
"الإصابة" 1/ 23.
(فلما أن ولى قال) له (رجل من المجلس) وهو الأقرع بن حابس التميمي (1) كما جاء مصرحًا به في رواية الدارقطني (2) من رواية ثابت وسعيد (أتدري) يا رسول الله (ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العد) بكسر العين وتشديد الدال المهملتين وهو الماء الدائم الذي لا ارتفاع لمادته، جمعه له بمداد كحمل وأحمال، وقيل: هو ما يجمع ويعد للورود، ورده الأزهري ورجح الأول (3)، ومنه الحديث: نزلوا أعداد مياه الحديبية (4). أي: ذوات المادة كالعيون والآبار الذي ينبع، وإنما قال الأقرع بن حابس ذلك؛ لأنه كان ورد عليه في الجاهلية وعرفه. (قال) أبيض:(فانتزع) بضم التاء وكسر الزاي، وفي بعضها بفتحهما، (منه) وفي رواية الشافعي (5): قال: فلا إذًا.
وفي الحديث دليل على أن الحاكم إذا حكم بشيء ثم تبين له أن الحق في خلافه نقضه وعليه رده، لكن قال في رواية الشافعي: فأراد أن يقطعه.
قال الماوردي وغيره: إذا أقطعت المعادن الظاهرة كالكحل والملح والقار والنفط فهو كالماء الذي لا يجوز إقطاعه بل يأخذه من ورد إليه، فإن أقطع كان المقطع هو وغيره فيها سواء، وإن منعهم المقطع كان بالمنع
(1) ترجمته في "الإصابة" 1/ 101.
(2)
في "السنن" 3/ 76 برقم (286).
(3)
"النهاية" 3/ 415، و"الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" 1/ 259، و"تاج العروس" 8/ 354.
(4)
"صحيح البخاري"(2731).
(5)
في "الأم" 4/ 42.
متعديًا، ومن أخذه كان مالكًا له (1).
(قال) أبيض: (وسأله عما يحيى) بضم الياء وفتح الميم (من الأراك) شجر معروف له حمل كعناقيد العنب واسمه الكَبَاث (2) بفتح [(3) الكاف، وإذا نضج سمي المرد. وفي حديث الزهري عن بني إسرائيل: وكأن عنبهم الأراك (4).
(قال: ما لم تنله خفاف) كذا الرواية بكسر الخاء ويشبه أن تحمل هذِه الرواية على ما فسره الأصمعي فإنه قال: الخف: الجمل المسن (5) أي: ما قرب من المرعى لا يحيى بل يترك لمسان الإبل وما في معناها من الضعاف التي لا تقوى على الإمعان في طلب المرعى (6). (وقال ابن المتوكل: أخفاف) ما لم تنله (الإبل) وهذِه الرواية المشهورة أي: ما لم تبلغه أفواه الإبل بمشيها إليه.
قال البغوي: أراد بهذا الحديث أن يحمي من الأراك ما بعد عن حضرة العمارة فلا تبلغه الإبل الرائحة إذا أرسلت في المرعى (7).
(1)"الحاوي" 7/ 491 و"الأحكام السلطانية": فصل في إقطاع المعادن.
(2)
في (ح) الكتاب والمثبت من (ل) ومن كتب الغريب والشروح؛ انظر: "عمدة القاري" 30/ 425 و"النهاية في غريب الحديث" 1/ 84، وأما ضبطه فقال ابن حجر في "الفتح" 1/ 177: الكباث بفتحتين مخففا هو ثمر الأراك. وقال في 6/ 439: والكباث بفتح الكاف والموحدة الخفيفة وآخره مثلثة هو ثمر الأراك.
(3)
من هنا بدأ سقط في (ر) بمقدار ورقة.
(4)
"النهاية" لابن الأثير 1/ 84.
(5)
"غريب الحديث" للخطابي 1/ 478.
(6)
"النهاية في غريب الحديث " 2/ 130.
(7)
"شرح السنة" للبغوي 8/ 278.
قال: وفيه دليل على أن الكلأ والمرعى في غير الملك لا يمنع من السارحة وليس لأحد أن يستأثر به دون سائر الناس، فأما ما كان في ملك الرجل من الكلأ والأراك فمملوك له وله منعه من (1) غيره كسائر الأشجار (2).
[3065]
(حدثني هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي شيخ مسلم (3)(قال: قال محمد بن الحسن) بن زبالة القرشي (4)(المخزومي) المدني أحد المكثرين، قال: قوله (ما لم تنله أخفاف الإبل يعني: أن الإبل تأكل) من المرعى (منتهى) ما تصل إليه (رؤوسها، ويحمى) منه (ما فوقه) أي: ما فوق ذلك مما لم تصله رؤوسها.
[3066]
(حَدَّثَنَا محمد بن أحمد القرشي، حَدَّثَنَا عبد الله بن الزبير) الحميدي شيخ البخاري.
(حَدَّثَنَا فرج بن سعيد) بن علقمة المأربي صدوق (5)(حدثني عمي ثابت بن سعيد (6) عن أبيه) سعيد بن أبيض (7).
(عن جده عن أبيض بن حمال) الحميري (8).
(1) في "شرح السنة": عن.
(2)
"شرح السنة" للبغوي 8/ 278.
(3)
"تهذيب التهذيب" 11/ 9.
(4)
"تهذيب التهذيب" 9/ 101.
(5)
"التقريب"(5382)، و"الكاشف"(4445).
(6)
"تهذيب التهذيب" 2/ 6.
(7)
"التقريب"(2271).
(8)
"تهذيب التهذيب" 1/ 165.
[قال العلائي: يقال: ثابت سمع من أنس ومعين](1) وأبوه سعيد يعد في أهل اليمن تابعي (2)، ذكرهما ابن حبان في "الثقات" (3) عن أبيض بن حمال رضي الله عنه (أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حمى الأراك) قال في "النهاية": يشبه أن تكون هذِه الأراكة التي سأل عنها يوم إحياء الأرض وحظر عليها قائمةً فيها فملك الأرض بالإحياء ولم يملك الأراكة، فأما الأراك إذا نبت في ملك رجل فإنه يحميه ويمنع غيره منه (4).
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حمى) أي: لا يجوز أن يحيى (في الأراك) ثمرها ولا فروعها ولا شيء منها (فقال) أريد بالأراك الذي سألتك عنه (أراكة) واحدة هي (في حظاري) بكسر الحاء المهملة وفتحها حائط الحظيرة المتخذ من خشب أو قش يعمل للإبل يقيها من البرد والريح أي: أراكة ثابتة في أرضي التي فيها زرعي المحاط عليها بالحظيرة التي جعلتها عليها (5)(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حمى في الأراك) جميعه.
(قال فرج) بن سعيد (يعني) الأراكة الثابتة (بحظاري) قال في "النهاية": بفتح الحاء وبكسرها. انتهى (6).
والظاهر أن الياء التي في آخر حظاري مشددة وهي ياء النسب أضيفت
(1) هكذا في الأصل، ويبدو أن هذِه الجملة مقحمة هنا.
(2)
"التاريخ الكبير" 3/ 459، و"تهذيب الأسماء واللغات" 1/ 302.
(3)
"الثقات" 4/ 280، 6/ 125 وانظر:"الجرح والتعديل" 4/ 3.
(4)
"النهاية" 1/ 1055.
(5)
"النهاية" 1/ 1055.
(6)
"النهاية" 1/ 997.
إلى الأرض، وفي "النهاية" (1): كانت تلك الأراكة التي ذكرها في الأرض التي أحياها قبل أن يحييها فيه بملكها بالإحياء وملك الأرض دونها؛ إذ كانت مرعى للسارحة، وفي حديث المرأة التي دفنت ثلاثة فقال:"لقد احتظرت بحظاري النار "(2). والاحتظار فعل الحظار، أراد: لقد احتميت بحمى عظيم من النار يقيك حرها ويؤمنك دخولها (3)(الأرض التي فيها الزرع المحاط) بالحظار (عليها).
[3067]
(حَدَّثَنَا عمر بن الخطاب) السجستاني (4) الحافظ نزيل الأهواز (أبو حفه) مات سنة 264 (5).
(حَدَّثَنَا) محمد بن يوسف (الفريابي) بكسر الفاء وسكون الراء وتخفيف المثناة تحت وبعد الألف موحدة الضبي.
(حَدَّثَنَا أبان) الأفصح: عدم الصرف وهو ابن عبد الله (قال عمر) بن الخطاب شيخ المصنف: أبان هذا (وهو) أبان (ابن عبد الله بن أبي حازم) البجلي الأحمسي وثقه ابن معين وقال أحمد: صدوق (6).
(قال: حدثني عثمان بن أبي حازم (7) عن أبيه) أبي حازم، ولا يعرف اسمه فإن المزي لم يتعرض له (عن جده صخر) ابن العيلة بفتح العين
(1) زاد هنا في (ل): بفتح الحاء. وليست في (ح)، وهو الصواب.
(2)
أخرجه مسلم (2636).
(3)
"النهاية" 1/ 997.
(4)
بكسر المهملة والجيم وسكون المهملة بعدها مثناة. "التقريب"(4889).
(5)
"تهذيب الكمال" 21/ 326، و"تهذيب التهذيب" 7/ 387.
(6)
"تهذيب الكمال" 2/ 14.
(7)
"تهذيب الكمال" 19/ 349.
المهملة وسكون المثناة تحت بن عبد الله بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن علي بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار أبي حازم الأحمسي البجلي ليس له في السنة غير هذا الحديث، وهو من أفراد المصنف (1).
وقد اختلف في هذا الحديث رواه أبو نعيم الفضل بن دكين، عن أبان كرواية الفريابي هذِه.
ورواه أبو أحمد الزبيري، عن أبان بن عبد الله، عن صخر. كذا ذكره في "الأطراف" للمزي.
ورواه معمر وغير واحد عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن العيلة.
ومحمد بن أبي الحسن الأسدي، عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم وكثير بن أبي حازم، عن صخر.
ورواه وكيع عن أبان، عن عمومته، عن جده صخر. وحكم المزي تبعًا لابن عساكر بعد أن زاد رواية محمد بن الحسن وما بعدها أن رواية الباب وهي رواية الفريابي ومتابعة أبي نعيم له أصح (2).
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفًا) قبيلة نزلوا الطائف وانتشروا في البلاد (فلمَّا أن سمع ذلك صخر) بن العيلة (ركب في خيل) من عشيرته (يُمِد) بضم الياء وكسر الميم (النبي صلى الله عليه وسلم) فيه يمد أي يمده بالخيل التي معه فينصره على عدوه، وفي هذا منقبة عظيمة لصخر رضي الله عنه (فوجد نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انصرف) عن ثقيف (ولم يفتح) بفتح أوله وثالثه يعني: القصر
(1)"تهذيب الكمال" 13/ 124.
(2)
"تحفة الأشراف" 4/ 160.
الذي لثقيف (فجعل صخر يومئذٍ) عليه (عهد الله وذمته) أي: حقه وخدمته عليه في وفاء ما التزمه (أن لا يفارق) ولا يترك قتال أهل (هذا القصر حتى ينزلوا (1) على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم) وأنفذ الله تعالى عهده وذمته لما علم من صدق نيته واستمر محاصرًا للقصر (فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيحكم فيهم بما أراه الله تعالى ويقضي فيهم بحكم الله تعالى.
(فكتب إليه صخر) بن العيلة (أما بعد) بضم الدال؛ لأنه قطع عن الإضافة وتقدير ذلك: أما بعد حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإن ثقيفًا قد نزلت) من القصر (على حكمك يا رسول الله) وفيه دليل على جواز مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على حكم مسلم عدل صالح للحكم (وأنا مقبل إليهم) للاجتماع بهم (وهم في خيل) أي: في عدد كبير وقوة.
(فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة) منصوب على الإغراء، أي: الزموها ولا تأثير لحرف الجر في الصلاة؛ لأنها جاءت على لفظ الحكاية (فدعا) نصب على الحال.
وقال بعض الفقهاء: يرفعان على المبتدأ والخبر، ويرفع الأول وينصب الثاني وبالعكس.
والمراد بالحديث أنه أمر مناديًا أن يقول: الصلاة جامعة. وليست هذِه الصلاة فرضًا؛ فإن الفرائض يؤذن لها، فدعا بعد الصلاة
(1) ورد بعدها في الأصل: نسخة: حتى نزلوا.
(لأحمس)] (1) بمهملات بوزن أحمر، وهو أخو بجيلة بفتح الموحدة وكسر الجيم، ينسبون إلى أحمس بن الغوث (2) ابن أنمار، وبجيلة امرأة قبله (3). تنسب إليها القبيلة المشهورة (4) (عشر دعوات) ورواية الصحيحين: فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات (5)، وفي رواية: فدعا لأحمس بالبركة. وفيه استمالة النفوس بالدعاء لهم.
وفيه: إذا فعل رجل من قبيلة معروفًا يدعا له ولأهل قبيلته إكرامًا له (6) وفيه منقبة لصخر ولقومه.
وفيه تخصيص أنه كان يدعو وترا فيه تخصيص لعموم حديث أنس: كان إذا دعا دعا ثلاثًا (7)، فتحمل رواية أنس على الغالب، وكان الزيادة على الثلاث لمعنى اقتضى ذلك، وهو ظاهر في فعل صخر وما حصل بفعله محاصرة ثقيف وإنزالهم على حكمه صلى الله عليه وسلم، ودحض الكفرة ونصرة الإسلام بنفسه وبما معه من عشيرته.
(اللهم بارك لأحمس في خيلها) فيه الدعاء لخيول المجاهدين وفرسانهم (ورجالها)(8) بفتح الراء جمع راجل كصحب جمع صاحب،
(1) إلى هنا انتهى سقط (ر).
(2)
في (ع): الغور.
(3)
هذه الكلمة هنا هكذا في الأصول الثلاثة ولعلها زائدة.
(4)
"توضيح المشتبه" 9/ 31.
(5)
البخاري (3020) ومسلم (2476).
(6)
سقط من (ر).
(7)
"صحيح مسلم"(1794).
(8)
ورد بعدها في الأصل: نسخة: ورجلها.
ولفظ الصحيحين: ورجالها، وكذا هنا في أكثر النسخ.
(وأتاه القوم) أي: من ثقيف مسلمين (فتكلم المغيرة بن شعبة) الثقفي (فقال: يا رسول الله، إن صخرًا أخذ عمتي و) قد (دخلت) بإسكان تاء التأنيث هي (فيما دخل فيه المسلمون) وشاركتهم فيه، فصارت من المسلمين، لها ما لهم وعليها ما عليهم (فدعاه) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال: يا صخر، إن القوم) من الكفار (إذا أسلموا) بعد أن وقعوا في الأسر وقبل أن يحكم الحاكم عليهم بشيء (أحرزوا دماءهم وأموالهم) أي: عصموها ومنعوها من الإتلاف كأنهم جعلوها في حرز وحصن حصين بإسلامهم؛ لأنهم أسلموا وهم أحرار وأموالهم لهم، فلا يجوز أخذها منهم ولا استرقاقهم.
وأخرج الإمام الحافظ أبو يعلى (1) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "من أسلم على شيء فهو له"، لكن ضعفه ابن عدي (2) بياسين الزيات راوده عن الزهري.
قال البيهقي (3): وإنما يروى عن ابن أبي مليكة وعن عروة مرسلًا، ومرسل عروة أخرجه سعيد بن منصور برجال ثقات.
(فادفع إلى المغيرة) بن شعبة (عمته) فإنها قد أسلمت وأحرزت دمها ومالها (فدفعها إليه) وكذا لو أسلموا بعد الحكم عليهم بالقتل؛ فإنه يسقط؛ لأن من أسلم عصم دمه ولم يجز استرقاقهم إن أسلموا قبل أن
(1)(5847).
(2)
في "الكامل" 7/ 184.
(3)
في "السنن الكبرى" 9/ 113.
يسترقهم (وسأل) صخر (نبي الله صلى الله عليه وسلم: ما لبني سليم) بضم السين وفتح اللام مصغر، وهو سليم بن منصور بن عكرمة قبيلة كبيرة من قيس عيلان؛ فإنهم (قد هربوا عن الإسلام وتركوا ذلك الماء) الذي كان لهم (فقال: يا نبي الله أنزلنيه) بفتح (1) الهمزة (أنا وقومي)(2) أحمس وبجيلة (قال: نعم، فأنزله) هو وقومه على ذلك الماء لينتفع به هو وقومه، لكن لا يصيروا أحق من غيرهم؛ لأن الماء لا يجوز إقطاعه والناس فيه سواء من ورد إليه (وأسلم) بعد ذلك (يعني) القوم من (السلميين) (3) جمع سُلَمِي بضم السين وفتح اللام وكسر الميم نسبة إلى سليم المذكورين (فأتوا صخرًا رضي الله عنه فسألوه أن يدفع إليهم الماء) الذي لهم وهو نازل عليه هو وقومه (فأبى) أي: أن يدفع إليهم مياههم التي نزل عليها لينتفعوا به في المستقبل، وأما الماء الذي انتفع به في مدة إقامته عليه فمضى حكمه على الجواز دون رجوع بشيء.
(فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله) تعالى إنا قد (أسلمنا وأتينا صخرًا) وسألناه (ليدفع إلينا ماءنا) وفي بعض النسخ: الماء، يعني: الذي لنا، (فأبى) أي: امتنع (علينا، [فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم] (4) فقال) له (يا صخر إن القوم إذا أسلموا) فقد (أحرزوا أموالهم ودماءهم) وإن الماء الذي نزلت عليه من جملة أموالهم التي يستحقون الانتفاع بها (فادفع إلى
(1) في (ر): بهمزة.
(2)
في (ر): قوس.
(3)
في (ر): المسلمين.
(4)
في المطبوع: فأتاه.
القوم ماءهم) يعني: الماء الذي لهم (قال: نعم يا نبي الله) وارتحل عن مياههم.
والظاهر أن المراد بالماء الأراضي التي هي على مسرعة الماء التي كانوا نازلين بها لا نفس الماء كما تقدم، فلما ارتحلوا عنها صارت كالفيء يتصرف فيها الإمام بالإقطاع وغيره، وهذا الماء الذي نزلوا عليه إما أن يكون نهرًا أو بئرًا، فما احتفره الآدميون من الأنهار لما أحيوه من الأرضين، فيكون النهر بينهم ملكًا لهم مشتركًا، وأما الآبار فما يحتفر ليرتفق لما مر كالبادية إذا انتجعوا أرضًا وحفروا فيها بئرًا لشربهم وشرب مواشيهم كانوا أحق بمائها ما أقاموا عليها وعليهم بدل الفضل من مائها للشاربة دون غيرهم، فإذا ارتحلوا صارت سابلة، فإن عادوا إليها بعد الارتحال كانوا هم وغيرهم سواء، ويكون السابق إليها أحق، وإن احتفروا لأنفسهم ملكًا فإذا استنبطوا ماءها استقر الملك عليها بكمال الإحياء [ثم يصير](1) مالكًا لها ولحريمها.
واختلف في حريمها (2)، فعند الشافعي: يعتبر بالعرف في مثلها (3).
وقال أبو حنيفة: حريم البئر الناضح خمسون ذراعًا، وإذا استقر ملكه على البئر وحريمها فهو أحق بمائها، قاله جميعه الماوردي في "الأحكام السلطانية"(4).
(1) في (ر): فيصير.
(2)
في (ر): تحريمها.
(3)
في (ر): أمثلها.
(4)
الباب الخامس عشر في إحياء الموات واستخراج المياه. فصل: في بيان أن لحافر الآبار ثلاثة أحوال.
(فرأيت وجه (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة) يجوز أن يكون منصوبًا بحذف الحرف أي: يتغير بحمرته، ويجوز أن يكون تمييزًا لإبهام يتغير كقولهم: طاب زيد نفسًا: أي: طابت نفسه (حياءً) منصوب على المفعول له، أي: تغير وجهه حياء به منه (من أخذه الجارية) وهي عمة المغيرة بن شعبة منه، ووجه حيائه أن الأمر برد الماء إنما كان استطابة النفس عنه؛ لأن الكافر إذا هرب عن ماله كان فيئًا فملكه عليه السلام ثم جعله لصخر، فلا ينتقل ملكه عنه إليهم بإسلامهم، لكنه استطاب قلب صخر ترغيبًا لهم في الدين، وكذا الجارية.
ويحتمل أنهم لما نزلوا على حكمه عليه السلام كان السبي والمال موقوفًا على رأيه عليه السلام، فرأى أن ترد المرأة ولا تسبى (2).
(وأخذه) منه (الماء) الذي كان نزل عليه لبني سليم كما تقدم.
[3068]
(حَدَّثَنَا سليمان بن داود المهري) بفتح الميم كما تقدم، (أنبأنا) عبد الله (ابن وهب، حدثني سبرة) بفتح السين المهملة وسكون الموحدة (3)(ابن عبد العزيز بن الربيع الجهني) أخو حرملة، ذكره ابن حبان في "الثقات"(4).
(عن أبيه) عبد العزيز بن الربيع الجهني بن سبرة، أخرج له مسلم (5)
(1) سقط من (ع).
(2)
"معالم السنن" 3/ 295.
(3)
"التقريب"(6207).
(4)
"الثقات" 8/ 351.
(5)
"تهذيب التهذيب" 6/ 299.
(عن جده) الأعلى سبرة بن معبد بن عوسجة الجهني، توفي في زمن معاوية (1)(أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في موضع) بين المدينة وتبوك [(2) وصار هذا الموضع الذي نزله في طريقه هو (المسجد) المعروف بذي المروة، وعد في "المورد الهني" المساجد التي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بين تبوك والمدينة وعد الرابع عشر منها مسجد بذي المروة من أعمال المدينة بينها وبين المدينة ثمانية برد (3)(تحت دومة) بفتح الدال المهملة والميم واحدة الدوم دومة غير منصرف.
قال في "النهاية": هي ضخام الشجر، وقيل: هو شجر المقل والمعروف في بلادنا بشجر النبق (فأقام) تحتها (ثلاثًا) وفيه استحباب نزول المسافر في ظل شجرة إن وجد وإلا فظل غيرها؛ لأن أماكن الظل أرفق بالمسافر وغيره، ولهذا تولى موسى عليه السلام إلى الظل أي إلى ظل شجرة سمرة فجلس في ظلها من شدة الحر وهو جائع.
(ثم خرج إلى تبوك) وهي أقصى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي من أدنى أرض الشام، وذكر القتيبي من رواية موسى بن شيبة عن محمد بن كليب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء في غزوة تبوك وهم في حسبها بقدح والحسب مستنقع الماء فقال: "ما زلتم تبكونها بعد؟ " فسميت تبوك ومعنى "تبكونها" تدخلون فيها السهم وتحركونه ليخرج ماؤها (وإِن) بنو (جهينة لحقوه) وهو (بالرحبة) بفتح الراء والحاء المهملتين
(1)"الإصابة" 3/ 31.
(2)
من هنا بدأ سقط في (ر).
(3)
انظر: "جوامع السيرة" لابن حزم ص (255)، و"خلاصة الوفا" للسمهودي: الفصل الثالث في بقية المساجد المتعلقة بغزواته صلى الله عليه وسلم وعمره.
والموحدة، والأصل في الرحبة الفضاء الواسع ثم سمي بها مواضع. (فقال لهم: من أهل ذي المروة؟ ) التي أقمنا بها، والمروة بفتح الميم وسكون الراء قرية بوادي القرى على ليلة من أعمال المدينة (فقالوا) هم (بنو رفاعة من جهينة. فقال: قد أقطعتها) يعني قرية المروة البني رفاعة) الجهنيين (فاقتسموها) بينهم (فمنهم من باع) قسمه منها وهذا يدل على أن ما أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم كان إقطاع تمليك؛ فإن ما جاز للإمام التصرف فيه ونفذت فيه أوامره ضربان: ضرب إقطاع تمليك يصح بيعه والتصرف فيه بأنواع التمليك وضرب إقطاع استغلال. (ومنهم من أمسك) قسمه (فعمل) فيه بالاستغلال ونحوه.
قال ابن وهب أحد الرواة (ثم سألت أباه) يعني (عبد العزيز عن هذا الحديث) الذي رواه ابنه عنه (فحدثني ببعضه ولم يحدثني به كله) وفيه دليل على جواز اقتصار المحدث على بعض الحديث الذي رواه.
[3069]
(حَدَّثَنَا حسين بن علي) بن الأسود العجلي الكوفي، قال أبو حاتم: صدوق (1)(حَدَّثَنَا يحيى بن آدم) بن سليمان الأموي الكوفي (2)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن عياش (3) عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير.
(عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير نخلًا) بالخاء المعجمة.
قال الخطابي: والنخل مال ظاهر يتعين كالمعادن الظاهرة فيشبه أن
(1)"الجرح والتعديل" 3/ 56.
(2)
"تهذيب الكمال" 31/ 188.
(3)
"تهذيب التهذيب" 12/ 140.
يكون إنما أعطاه ذلك من الخمس الذي هو سهمه وكان أبو إسحاق المروزي يتأول قطع النبي صلى الله عليه وسلم الدور على معنى العارية (1). فعلى هذا لا يجري فيه مجرى الإرث ولا التصرف الذي يزيل الملك كالبيع والهبة ونحوهما.
[3070]
(حَدَّثَنَا حفص بن عمر، وموسى بن إسماعيل) التبوذكي (المعنى واحد قالا: حَدَّثَنَا عبد الله بن حسان العنبري) التميمي أخرج له البخاري في كتاب"الأدب"(2).
(حدثتني جدتاي صفية) بنت عليبة (3)(و) أختها (دحيبة) بضم الدال وفتح الحاء المهملتين وبسكون المثناة تحت ثم باء موحدة العنبرية (4) ذكرهما ابن حبان في "الثقات" وهما (ابنتا عليبة) بضم العين المهملة وفتح اللام وسكون المثناة تحت ثم باء موحدة بعدها هاء.
وعليبة هو ابن حرملة بن إياس العنبري، المعنى وجده حرملة، صحابي (5) له حديث في "مسند أبي داود الطيالسي"(6) وكانت صفية ودحيبة جدتا عبد الله أم أبيه وأم أمه (وكانتا ربيبتي قيلة) بفتح القاف وسكون المثناة تحت (بنت مخرمة) العنبرية الصحابية (7) وفي
(1)"معالم السنن" 3/ 296.
(2)
"التقريب"(3273) وانظر: "الأدب المفرد"(222) و (1178).
(3)
"الثقات" لابن حبان 6/ 480، و"تهذيب الكمال" 35/ 217.
(4)
"الثقات" لابن حبان 6/ 295، و"تهذيب الكمال" 35/ 178.
(5)
"تعجيل المنفعة"(756).
(6)
(1206).
(7)
"الإصابة" 8/ 83.
"الاستيعاب" أن قيلة روت عنها صفية ودحيبة ابنتا عليبة وهي ربيبتهما (1). والصحيح هما ربيبتاها وهي جدة أبيهما؛ وهذا من التربية والحضانة أي: ربتهما. وحديث قيلة هذا ساقه مطولًا الطبراني في "معجمه الكبير"(2) برجال ثقات (3) وأخرجه الترمذي مختصرًا وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن حسان (4).
(وكانت جدة أبيهما) عليبة بن حرملة (أنها أخبرتهما قالت: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: تقدم صاحبي تعني) به (حريث) بضم الحاء وفتح المهملتين وسكون المثناة تحت ثم ثاء مثلثة (ابن حسان) الشيباني (5)(وافد بكر بن وائل) قبيلة كبيرة (فبايعه على الإسلام عليه وعلى قومه، ثم قال: يا رسول الله اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء) بفتح الدال والنون يمد ويقصر وهو موضع معروف ببلاد بني تميم (6) أي: اكتب بيننا كتابًا نرجع إليه عند التنازع ونعمل بما فيه (7). ثم فسر ما يكتب بينهم بقوله (أن لا يجاوزها) أي: لا يتعداها (إلينا) من هو (منهم أحد إلا [مسافر أو مجاور])(8) بالراء في آخره غير مقيم وهو أن يجاور فيها
(1)"الاستيعاب" 4/ 1906.
(2)
"المعجم الكبير" 25/ 7.
(3)
"مجمع الزوائد" 5/ 630.
(4)
"سنن الترمذي"(2814).
(5)
"الإصابة" 1/ 569.
(6)
انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 559، و"معجم البلدان" 2/ 493.
(7)
هنا في (ل) محو وطمس وبعض الحروف غير الواضحة وهي ساقطة من (ر) وهذِه الحروف والطمس ليست في (ع) والكلام فيها تام على ما أثبتناه.
(8)
في بعض نسخ "السنن": إلا مجتازا أو مسافرا وفي بعضها إلا مسافر أو مجاور، =
قدر حاجته ثم يرتحل (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (اكتب له يا غلام) لعله زيد بن ثابت فإنه أحد كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان عمره حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة إحدى عشرة سنة (1)(بالدهناء) بأن تكون إقطاعا له يستعملها وأن لا يجاوزها إلا مسافر أو مجاور قالت قيلة (فلما رأيته) رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد أمر له بها شخص) بضم الشين وكسر الخاء المعجمتين يقال للرجل إذا أتاه ما يقلقه قد شخص به كأنه رفع من الأرض لشدة قلقه وانزعاجه، ومنه شخوص المسافر لخروجه من منزله لحاجة تعروه، ومنه حديث عثمان: إنما يقصر الصلاة من كان شاخصًا أي: مسافرًا أو بحضرة عدو (بي وهي وطني) الذي ألفته (وداري) التي نشأت بها، فلم أستطع السكوت.
(فقلت) له (يا رسول الله، إنه لم يسألك السوية) أي المتوسطة (من) معالي (الأرض) وأسا فلها في الشرف والعلو والشدة والسهولة (إذ سألك) ما سأل، و (إنما هي هذِه الدهناء) التي هي عندك في الأراضي (عندك مقيد) بضم الميم وفتح القاف وتشديد المثناة تحت رواية بكسر القاف تقيد (الجمل) بفتح الجيم والميم أرادت أنها مخصبة ممرعة فالجمل إذا وقف في مكان منها لا يتعدى موضعه ولا يبرح منه إلى مكان آخر غيره لما يستغنى به من كثرة المرعى في المكان الذي وقف فيه فصار المكان الواقف فيه كأنه مقيد فيه بقيد في رجله أي: هي كما يمنع
= وعلى الراء علامة الإهمال، وفي بعضها أو مجاوز بالزاي المعجمة. انظر طبعة الشيخ عوامة (3065).
(1)
"تهذيب الكمال" 10/ 27.
القيد عن التصرف ومنه حديث عائشة قالت لها امرأة: أقيد جملي. أرادت أنها تعمل لزوجها شيئًا يمنعه من غيرها من النساء فكأنها تربطه وتقيده عن إتيان غيرها (ومرعى) هي أرض (الغنم) أي: أكثر الأراضي مرعى للغنم وأخصبها (و) أن (نساء بني تميم وأبناؤها) من (وراء ذلك) الموضع التي هي فيه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع مدحها لأرض الدهناء (أمسك) بفتح الهمزة وكسر السين (يا غلام) عن الكتابة له (صدقت) المرأة (المسكينة) قيلة، لعله سماها مسكينة؛ لأنها كانت أرملة لا زوج لها لما ورد:"مسكين من لا زوجة له مسكينة امرأة لا زوج لها"(1).
وقال في "النهاية": أراد بتسميتها المسكينة الضعف ولم يرد الفقر (2).
(المسلم أخو المسلم) هو كالتعليل لما بعده، فإذا كانوا إخوة فينبغي أن يواسيه في عيشه (يسعهما الماء والشجر) يتساويان فيه، فأمرهما صلى الله عليه وسلم بحسن المجاورة، ونهاهما عن سوء المشاركة وإن لم يتسع لهما الماء والشجر فيوسعوا أخلاقهما لما في الحديث:"إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم"(3) أي: لا تتسع أموالكم لعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم ومعاشرتهم بالمواددة وملاطفة الكلام لتحصل الألفة واجتماع القلوب (ويتعاونان) رواية: يتعاونون بمساعدة أحدهما (4) الآخر (على الفتان) قال في "النهاية": يروى بضم الفاء
(1) أخرجه البيهقي في "الشعب" 4/ 382 وأبو نعيم في "المعرفة" 1/ 121 (6411).
(2)
"النهاية" لابن الأثير 2/ 961.
(3)
"مسند أبي يعلى" 11/ 228 و"مصنف ابن أبي شيبة" 8/ 331 (25842).
(4)
سقط من (ر).
وفتحها، فالضم على أنه جمع فاتن أي: يعاون أحدهما الآخر على الذين يضلون الناس عن اتباع الحق ويفتنونهم، وبالفتح هو الشيطان؛ لأنه يفتن الناس عن دينهم، وفتان من أبنية المبالغة (1) انتهى. كما أن أكال: الكثير الأكل من أبنية المبالغة، فحذر الله ابن آدم وأمره بالاحتراز عن الشيطان ووسوسته وغروره وتزيينه القبائح، وتحسينه الأفعال الردية في قلوب بني آدم. وقد نهى الله تعالى عن الافتتان به في قوله تعالى:{لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} (2)، فحذر الله أولاد آدم منه؛ لأن من قدر على إخراج أبويكم من الجَنَّة بوسوسته مع قدرة الله تعالى، فبأن يقدر على فتنتكم بطريق الأولى.
وسئل المصنف رحمه الله عن الفتان في هذا الحديث، فقال: هو الشيطان، وهذا يدل على أن الرواية المشهورة عنده فتح الفاء من الفتان.
[3071]
(حَدَّثَنَا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد (3) المعجمة وهو بندار شيخ البخاري (حدثني عبد الحميد بن عبد الواحد) الغنوي البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات"(4)(حدثتني أم جنوب) بفتح الجيم وضم النون المخففة وبعد الواو باء موحدة، لم يذكر لها في
(1)"النهاية" 3/ 777.
(2)
الأعراف: 27.
(3)
في الأصل: (وتخفيف)، والمثبت هو الصواب. والصواب تشديد. قال ابن حجر في "هدي الساري" 1/ 209: بشار بالباء الموحدة وتشديد الشين المعجمة والد بندار محمد بن بشار.
(4)
"الثقات" 8/ 400 وانظر: "تهذيب الكمال" 16/ 455.
"التهذيب" اسم (1)(2)(بنت نميلة)[بضم النون مصغر](3) لا يعرف حالها (4)(عن أمها سويدة) بالتصغير (بنت جابر (5) عن أمها عقيلة) بفتح العين وكسر القاف (بنت أسمر) بفتح الهمزة وسكون المهملة (6)(ابن مضرس) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وكسر الراء المهملة المشددة وبعد الراء سين مهملة (عن أبيها أسمر بن مضرس) الطائي (7).
قال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد حديثًا غير هذا، وهو حديث غريب، وهو كما قال؛ فليس في الكتب الستة سوى هذا، وهو من أفراد المصنف. لكن صححه الضياء وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي صاحب "المختارة"(8).
وفيه أن المياه الظاهرة كالأنهار والعيون التي أنبعها الله تعالى ولم يستنبطها الآدميون لا يجوز للإمام إقطاعها.
(قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته) على الإسلام فذكرت عنده المياه (فقال: من سبق إلى ماء) يحتمل أن يكون المراد بماء هنا واحد المياه، ويحتمل أن تكون لفظة ماء نكرة موصوفة بمعنى شيء كما قال
(1)"تهذيب الكمال" 35/ 336، "تهذيب التهذيب" 12/ 488.
(2)
ذكر في (ر) هنا: (نميلة بضم المثناة الفوقية). وهي زائدة ولا معنى لها هنا.
(3)
في (ر): مصغر بضم النون وياء التصغير.
(4)
"التقريب"(8712).
(5)
"التقريب"(8613).
(6)
"التقريب"(8641).
(7)
"التقريب"(498).
(8)
انظر: "البدر المنير " 7/ 61، و"التلخيص الحبير" 3/ 150.
سيبويه في قوله تعالى: {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} (1) المراد: شيء لدي عتيد (2). أي: معد (3) لجهنم بإغوائي إياه أو حاضر (4) وحمل (ما) على أنها بمعنى شيء أولى؛ لأنها أعم، وحمل اللفظة الدالة على العموم أولى (5) من حملها على الخصوص؛ لأن العام أكثر فائدة، وإذا قلنا بالعموم في (ماء) فيدخل فيه مياه العيون والآبار، وكل ما كان جوهرًا بارزًّا كمعادن الكحل والملح والقار والنفط؛ فإنه كالماء الذي لا يجوز إقطاعه والناس فيه سواء، فكل من سبق إلى شيء منها فهو أحق حتى ينتقل عنه بعد الاكتفاء ويدخل في عموم (ما)(6) من سبق إلى بقعة من المسجد أو الشارع أو غيرهما مما يأتي، وعلى هذا فجملة (لم يسبقه) وما بعده فعلية (7) في محل جر صفة لما سواء قلنا المراد: ما من المياه أو شيء لم يسبق (8).
(إليه مسلم) احتراز من الكافر الأصلي ذميًّا كان صاحب كتاب أو غيره، أو كان مرتدًّا فإنه لا حق له (فهو له) أي: فهو أحق بما (9) سبق
(1) ق: 23.
(2)
"الكتاب" 2/ 106.
(3)
في (ر): متعد.
(4)
"تفسير البيضاوي" 1/ 228.
(5)
سقط من (ع).
(6)
سقط من (ر).
(7)
في (ل) و (ع): فعيلة. وفي (ر): عليه. والمثبت بدلالة السياق. وانظر: "فيض القدير" 6/ 192.
(8)
في (ل): يستبق.
(9)
في (ر): مما.
إليه من غيره يأخذ منه قدر كفايته، فإن طلب زيادة على كفايته فالأصح إزعاجه والثاني لا يزعج لحق سبْقِه، وعلى الأصح فهذا الحديث محمول على ما لم يضر الغير، فإن لم يسبق أحد غيره بأن جاؤوا معًا تحاصوا فيه إما بقسمة الماء إن لم يفضل عنهم أو بالمهايأة عليه.
(قال) أسمر (فخرج الناس) حين سمعوا الأسبق (يتعادون) بفتح الدال من العدو أي: يتجارون على أرجلهم إلى الذي جعله للأسبق (يتخاطون) بضم الطاء المشددة وسكون الواو (1) أصله: يتخاططون بفتح الطاء الأولى وضم الثانية، فأدغمت الطاء الأولى في الثانية فسكنت واستمرت الثانية على ضمها كما في قوله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ} (2) أصلها: شاققوا بفتح الأولى وضم الثانية ثم أدغما؛ ووزنها: يتفاعلون. من الخط، والمراد: أنهم جعلوا يتعادون إلى الأرض التي أقطعها لهم كما بوب عليه المصنف: باب إقطاع الأرضين، ليختط (3) كل إنسان منهم في الأرض لنفسه (4) مكانًا يصير أحق به، وذلك بأن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطًّا؛ ليعلم أنه قد سبق إلى هذا المكان الذي علمه كما فعل في الكوفة والبصرة، وكان سبب تخطيطهم في الكوفة أن سعد بن أبي وقاص لما افتتح القادسية نزل المسلمون الأنبار فآذاهم البق، فخرج فارتاد لهم موضع الكوفة وقال:
(1) في (ر): الراء.
(2)
الأنفال: 13.
(3)
في (ر): ليحفظ.
(4)
سقط من (ر).
تكوفوا في هذا الموضع أي: اجتمعوا فيه للإقامة فتعادوا إلى الاختطاط في ذلك الموضع أيهم يسبق إلى الأحسن (1). كما فعلوا في هذا الحديث.
ومن هذا المعنى حديث: أنه صلى الله عليه وسلم ورث النساء خططهن دون الرجال (2).
والخطط بكسر الخاء جمع خطة، وهي الأرض التي يختطها الإنسان لنفسه بأن يعلم عليها علامة كما تقدم ويخط عليها بمسيرته حدود ما اختطه ليعلم أنه سبق إليه وحازه دون غيره.
قال في "النهاية": ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى نساء منهن أم عبد خططًا يسكُنَّها بالمدينة شبه القطائع ولا حظ للرجال فيها (3).
[3072]
(حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا حماد بن خالد) الخياط القرشي نزيل بغداد، أخرج له مسلم في الصيد (4).
(عن عبد الله بن عمر) بن حفص بن (5) عاصم بن عمر بن الخطاب، أخرج له مسلم (6).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير)
(1)"النهاية" 4/ 389، و"غريب الحديث" 2/ 189، و"معجم ما أستعجم" 4/ 1142.
(2)
أخرجه أحمد 44/ 600. والطبراني في "الكبير" 24/ 56، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 156 من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما.
(3)
"النهاية" لابن الأثير 2/ 117.
(4)
"التقريب"(1496).
(5)
في (ر): عن.
(6)
في (ر) هنا: في الصيد. وهي زيادة ليست في (ل) و (ع). وقد روى له مسلم مقرونا.
انظر: "الكاشف" للذهبي (2870).
ابن العوام من أرض المدينة قدر (حضر) بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة ثم راء هو عدو (فرسه) يقال: أحضر يحضر فهو محضر إذا عدا بنفسه أو بفرسه، ومنه حديث ورود النار:"ثم يصدرون عنها بأعمالهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كحضر الفرس"(1).
فيه دليل على أنه لا (2) يشترط في الإقطاع أن يكون ما أقطعه معلومًا حالة الإقطاع، بل يجوز أن ما يعلم لقطع في المستقبل كما أنه يجوز أن يقدر (3) ما يصل إليه سهمه إذًا، وقدر ما ينتهي إليه فرسه [في عدوها ونحو ذلك.
(فأجرى) الزبير (فرسه) في أرض المدينة (حتى قام) فرسه أي وقف ومنه حديث: حين قام قائم الظهيرة أي: حين وقفت الشمس في وقت الظهيرة] (4) وهذِه الأرض التي أقطعها للزبير من أموال بني النضير؛ [لما روت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير](5).
(ثم) لما وقف فرسه (رمى بسوطه) فيه دليل على [حمل](6) الراكب السوط والعصا للفرس والحمار والجمل، وفيه جواز ضرب الراكب دابته إذا احتاج إليه.
(1) أخرجه الترمذي (3159) والدارمي (2810) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(2)
سقط من (ر).
(3)
في (ر): قدر.
(4)
سقط من (ر).
(5)
سقط من (ر).
(6)
زيادة يقتضيها السياق.
(فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (أعطوه من) الأرض إلى (حيث بلغ السوط) الذي رمى به.
وهذا القدر الذي هو بلوغ سوطه في الرمي لا يدخل في إقطاعه حضر فرسه، فإن هذا ليس من عدو الفرس، بل هو من رمية (1) راكبها، فلعله لما رمى سوطه علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد زيادة على حضر فرسه منتهى رميته فطابت نفس النبي صلى الله عليه وسلم بهذِه الزيادة تألفًا لقلب الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * *
(1) في الأصل (رميته)، والمثبت الملائم للسياق.