الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - باب ما جاءَ في حُكْم أرْضِ اليَمَنِ
3037 -
حدثنا هَنّادُ بْنُ السَّريِّ، عَنْ أبِي أُسَامَةَ، عَنْ مُجالِدٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ عامِرِ بْنِ شَهْرٍ قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَتْ لي هَمْدان: هَلْ أَنْتَ آتٍ هذا الرَّجُلَ وَمُرْتادٌ لَنا، فَإِنْ رَضِيتَ لَنا شَيْئًا قَبِلْناهُ وَإِنْ كَرِهْتَ شَيْئًا كَرِهْناهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَجِئْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فرَضِيتُ أَمْرَهُ وَأَسْلَمَ قَوْمي؟ وَكَتَبَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم هذا الكتابَ إِلَى عُمَيْرٍ ذي مَرّانَ قال: وَبَعَثَ مالِكَ بْنَ مِرارَةَ الرَّهاويَّ إِلَى اليَمَنِ جَمِيعًا فَأَسْلَمَ عَكٌّ ذو خَيْوانَ. قال: فَقِيلَ لِعَكٍّ انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخذْ مِنْهُ الأمَانَ عَلَى قَرْيَتِكَ وَمالِكَ. فَقَدِمَ وَكَتَبَ لَهُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ لِعَكٍّ ذي خَيْوانَ إِنْ كانَ صادِقًا في أَرْضِهِ وَمالِهِ وَرَقِيقِهِ فَلَهُ الأَمانُ وَذِمَّةُ اللهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ" .. وَكَتَبَ خالِدُ بْن سَعِيدِ بْنِ العاصِ (1).
3038 -
حدثنا محَمَّد بْنُ أَحْمَدَ القُرَشيُّ وَهارُون بْن عَبْدِ اللهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُمْ، حدثنا فَرَجُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَني عَمّي ثابِتُ بْن سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعِيدٍ -يَعْني: ابن أَبْيَضَ- عَنْ جَدِّهِ أَبْيَضَ بْنِ حَمّالٍ أَنَّهُ كَلَّمَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الصَّدَقَةِ حِينَ وَفَدَ عَلَيْهِ فَقالَ: "يا أَخا سَبَإٍ لا بُدَّ مِنْ صَدَقَةٍ" .. فَقال: إِنَّما زَرْعُنا القطْن يا رَسُولَ اللهِ وَقَدْ تَبَدَّدَتْ سَبَأ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلا قَلِيلٌ بِمَأْرِبٍ. فَصالَحَ نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبْعِينَ حُلَّةِ بَزٍّ مِنْ قِيمَةِ وَفاءِ بَزِّ المَعافِرِ كُلَّ سَنَةٍ عَمَّنْ بَقيَ مِنْ سَبَإٍ بِمَأْرِبَ، فَلَمْ يَزالُوا يُؤَدُّونَها حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وإِنَّ العمّالَ انْتَقَضُوا عَلَيْهِمْ بَعْدَ قَبْضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيما صالَحَ أَبْيَضُ بْن حَمّالٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الحلَلِ السَّبْعِينَ فَرَدَّ ذَلِكَ أبُو بَكْرٍ
(1) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 28، وأبو يعلى في "المسند" 12/ 275 - 277، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 126.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(530).
عَلَى ما وَضَعَة رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ماتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمّا ماتَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه انْتَقَضَ ذَلِكَ وَصارَتْ عَلَى الصَّدَقَةِ (1).
* * *
باب في حكم أرض اليمن
[3027]
(حدثنا هناد بن السري) التميمي الكوفي شيخ مسلم (2)(عن أبي أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن مجالد) بن سعد الهمداني الكوفي، أخرج له مسلم (عن الشعبي) واسمه عامر بن شراحيل الكوفي من شعب همدان (عن عامر بن شهر) بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء (3) بعدها راء مهملة البكيلي الهمداني عداده في أهل الكوفة، لم يرو عنه غير الشعبي، كنيته أبو شهر، وقيل: أبو الكنود، وهو ممن قام على الأسود، وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي، ولم يخرج له من الستة غير المصنف هذا الحديث وحديث في السُّنة: كنت عند النجاشي فقرأ ابن له آية فضحكتُ (4) فقال: أتضحك (5) من كلام الله؟ (6).
(قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: ظهر أمره (فقالت لي همدان) بسكون الميم قبيلة كبيرة، وهمدان اسمه أوسلة بن مالك بن زيد بن ربيعة بن
(1) رواه الطبراني 1/ 277 (806، 807)، والضياء في "المختارة" 4/ 61 (1288). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(531).
(2)
"التقريب"(7320).
(3)
سقط من (ر).
(4)
في (ر): فضحك.
(5)
في (ل): آلضحك؟ .
(6)
"تهذيب التهذيب" 5/ 61 والحديث سيأتي برقم (4736).
أوسلة بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (1)(هل أنت آتٍ) أي جاءٍ إلى (هذا الرجل) الذي ظهر أمره (ومرتاد)(2) أبي طالب وملتمس، وأصله الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ (3) ومساقط الغيث (لنا) أمره (فإن رضيت لنا شيئًا) من أمره (قبلناه) منك وبايعناك عليه (وإن كرهت شيئًا) منه (كرهناه) معك (قلت: نعم) قال: (فجئت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضيت أمره) وأسلمت (وأسلم قومي) بإسلامي (وكتب) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب إلى عمير) بضم العين المهملة وفتح الميم مصغر (ذي مران) رواية: ذي مران -بضم الميم وتشديد الراء المهملة وبعد الألف نون- القيل بن أفلح بن شراحيل الهمداني جد مجالد بن سعيد الصحابي من ملوك حمير. وقال عبد الغني: هو عمير بن ذي مران (4).
(قال) عامر بن شهر: (وبعث) رسول الله صلى الله عليه وسلم (مالك بن مرارة) بضم الميم، قال عبد الغني: مالك مذكور في الصحابة وعمير بن ذي مران.
وقال النمري: ليس مالك مشهور في الصحابة (5)(الرهاوي) قال ابن السمعاني: هو بفتح الراء والهاء وبعد الألف واو نسبة إلى رها وهو بطن من مذحج ينسب إليه مالك بن مرارة الرهاوي الصحابي (6).
(1)"الأنساب" 5/ 647.
(2)
في حاشية (ل): رواية ومرتادا.
(3)
في (ر): الكلام.
(4)
"الإكمال" لابن ماكولا 7/ 240، "أسد الغابة" 4/ 317.
(5)
"الاستيعاب" 3/ 1359.
(6)
"الأنساب" 3/ 108.
قال ابن دريد: ورهاء ممدود؛ بطن، وهو فعال من قولهم: عيش راه أي: ناعم ساكن (1).
وقال عبد الغني بن سعيد: الرها بالفتح قبيلة، وبالضم بلد.
قال ابن سيد الناس: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير ورسولهم إليه بإسلامهم، فكتب إليهم، فكتب إلى همدان: أما بعد، فإن محمدًا يشهد أن لا إلا الله وأنه عبده ورسوله، ثم إن مالك بن مرارة الرهاوي قد حدثني أنك قد أسلمت من أول حمير وقتلت المشركين، فأبشر بخير، وآمرك بحمير خيرًا، ولا تخونوا، ولا تجادلوا، فإن رسول الله هو مولى غنيكم وفقيركم، وإن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي زكاة تزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل، وإن مالكًا قد بلغ الخبر وحفظ الغيب، وآمركم به خيرًا والسلام عليكم ورحمة الله (2).
(إلى اليمن) الذي كان لسبأ سمي بذلك؛ لأنه عن يمين الكعبة كما سمي الشام شامًا لأنه عن شمال الكعبة (3). وقيل: سيت اليمن بذلك قبل أن تعرف الكعبة؛ لأنها عن يمين الشمس، وقيل: سميت بيمن بن قحطان (4). (جميعًا) أي: إلى (5) أهل اليمن جميعها، (فأسلم عك) بفتح العين المهملة وتشديد الكاف (ذو خيوان) بفتح الخاء المعجمة
(1)"المخصص" 3/ 323.
(2)
"الروض الأنف" 4/ 367، "السيرة الحلبية" 3/ 263، "سيرة ابن هشام" 5/ 288.
(3)
"صحيح البخاري" 4/ 179.
(4)
"فتح الباري" 6/ 532، "عمدة القاري" 16/ 191، 24/ 19.
(5)
سقط من (ل).
وسكون المثناة تحت وتخفيف الواو، وبعد الألف نون الهمداني، ولم يذكره النمري في الصحابة، وذكره البزار (1).
(قال) عامر: (فقيل لعك) الهمداني: (انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ منه الأمان على) أهل (قريتك) وعلى أهلك (ومالك، فقدم) على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة تسع (فكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا الكتاب (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قال الشعبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب كما تكتب قريش: باسمك اللهم، حتى نزل عليه:{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} (2) فكتب: بسم الله، حتى نزلت:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} (3) فكتب: بسم الله الرحمن، حتى نزل عليه:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فكتب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (4).
(من محمد رسول الله لعك ذي خيوان) تقدم فيه أن السنة في المكاتبة أن يبدأ الكتاب باسمه قبل المكتوب إليه كما هنا (إن كان صادقًا في) إسلامه وحقوق (أرضه وماله ورقيقه) بقافين الذي يملكه (فله الأمان) على ذلك (وذمة الله) لكل أحد من الله عهد بالحفظ والكلأة، وإذا خالف ما أمر به خذلته ذمة الله تعالى (وذمة محمد رسول الله) صلى الله عليه وسلم، أي: يدخل في عهده وأمانته هو وأرضه وماله ورقيقه، (وكتب) هذا الكتاب (خالد بن سعيد بن العاص) بن أمية بن عبد شمس.
(1)"الإصابة" 2/ 412، وانظر:"جامع الأصول" 12/ 606.
(2)
هود: 41.
(3)
الإسراء: 110.
(4)
"تفسير السمعاني" 4/ 93، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 1/ 92.
قالت بنته أم خالد: كان أبي خامسًا في الإسلام، وكان قرشيًا أمويًّا.
وقال عبد الملك بن محمد بن النيسابوري في "شرف المصطفى"(1): أول من كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص، وقيل: إنه أول من كتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وقيل: إنه أول من أسلم بعد أبي بكر، وسبب إسلامه أنه رأى في المنام أنه وقف على شفير جهنم، وكان أباه يدفعه فيها ورسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحقويه لا يقع فيها ففزع وقال: أحلف بالله إنها لرؤيا حق، فلقي أبا بكر فذكر له ذلك فقال له أبو بكر: أريد بك الخير، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأجياد فأسلم، فعلم والده بذلك فضربه وقال: والله لأمنعنك القوت. فقال خالد: الله يرزقني. وهو الذي كتب هذا الكتاب إلى ذي حمير يدعوهم إلى الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وولد له بها ابنه سعيد، وأقام بها بضع عشرة سنة، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. [وهو باليمن](2).
[3028]
(حدثنا محمد بن أحمد القرشي) لعله الجمحي أبو يوسف، ويحتمل أن يكون النيسابوري، ويحتمل أن يكون ابن مدَّويه قاله ابن حجر (3).
(1) هو عبد الملك بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الخركوشي، أبو سعد: واعظ، من فقهاء الشافعية بنيسابور. ت (407 هـ)"الأعلام" 4/ 163.
(2)
سقط من (ر) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر 2/ 420، "الإصابة" 2/ 236، "الطبقات الكبرى" 4/ 94.
(3)
انظر "التقريب" ص 466 - 467، "تهذيب التهذيب" 9/ 20. وقال المزي في "التهذيب" 24/ 355: فالظاهر أن محمد بن أحمد القرشي الذي روى عنه أبو داود=
(وهارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي شيخ مسلم (أن عبد الله بن الزبير) القرشي الحميدي نسبة إلى الحميدان قبيلة، أخرج له البخاري (1). (حدثهم) قال:(حدثنا فرج بن سعيد) بن علقمة المازني صدوق (2). قال: (حدثني عمي ثابت بن سعيد) وثابت وأبوه سعيد ذكرهما ابن حبان في "الثقات"(3) ابن أبيض (عن أبيه سعيد بن أبيض، عن جده أبيض بن حمال) بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم المازني الشيباني، أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ملح (4) مأرب (5)(أنه كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة) الواجبة وهي الزكاة أن لا تؤخذ منهم (حين وفد عليه) مع قومه.
(فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أخا سبأ) بهمزة مفتوحة بعد الباء؛ لأنه غير منصرف (6)، يحتمل أنه يكون ناداه بهذا اللفظ قبل أن يعرف اسمه كما قال:"يا صاحب السبتيتين" ويحتمل أن يكون ناداه بذلك لما في الأخوة من الملاطفة، ويحتمل غير ذلك.
=أحد هؤلاء الثلاثة والأشبه أنه المدني، وزعم بعض علماء المغرب أنه النيسابوري ويحتمل أن يكون الترمذي فإن ابنه أبا بكر بن أبي داود قد سمع منه وكانت رحلته مع أبيه أبي داود والله أعلم.
(1)
"اللباب" 1/ 392.
(2)
"الكاشف"(4445).
(3)
"الثقات" لابن حبان 6/ 125، 4/ 280.
(4)
في (ر)، (ع): صلح.
(5)
"الإصابة" 1/ 23، "التقريب"(284).
(6)
المنع من الصرف على أنه اسم لحي سموا باسم أبيهم الأكبر وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وفيها وجه آخر بالصرف على أنه اسم للقبيلة أو للمدينة. وبكلا الوجهين قرئ في القرآن. راجع "تفسير أبي السعود" 6/ 280، المصباح المنير" 1/ 322، "معجم البلدان" 3/ 181.
(لا بد من) أخذ (صدقة) وهي الزكاة الواجبة عليكم (فقال: ) يا رسول الله (إنما زرعنا القطن يا رسول الله) ولم نزرع غيره (وقد تبددت) أهل (سبأ) بفتح الهمزة غير منصرف على الأشهر أي: تفرقوا في كل وجه من البلاد كما قال الله تعالى {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (1).
وقد روى فروة بن مسيك المرادي (2) قال رجل: يا رسول الله ما سبأ؟ قال: "رجل ولد له عشرة ولد من العرب فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة، فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة، وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون (3) وحمير وكندة ومذحج وأنمار". فقال: يا رسول الله: وما أنمار؟ قال: "الذين منهم خثعم وبجيلة". أخرجه الترمذي (4).
فلما ظلموا أنفسهم وفرقهم الله تعالى فأما غسان فلحقوا بالشام، وأما الأزد فإلى عثمان، وخزاعة إلى تهامة، ومر الأوس والخزرج إلى يثرب، وكان الذي قدم منهم المدينة عمرو بن عامر جد الأوس والخزرج.
(ولم يبق منهم إلا القليل بمأرب) بفتح الميم وبعد الألف راء مهملة مكسورة وباء موحدة، وقيدها بعضهم بالهمز وهي مدينة باليمن، كان بها دار بلقيس، وكان لنهرهم سد بنته بلقيس بالصخر والقار بين الجبلين وجعلت به ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض، وبنت دونه بركة عظيمة،
(1) سبأ: 19.
(2)
"الإصابة" 5/ 368.
(3)
في (ر): الأشعرون. وفي (ل): الأشقرون. والمثبت من (ع) ومن "سنن الترمذي".
(4)
(3222) وقال الترمذي: حسن غريب.
وجعلت فيها اثني عشر مخرجًا على عدة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء، فإذا استغنوا عنه سدوه، فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتمل السيل من وراء السد، فأمرت بالباب الأعلى ففتح فجرى ماؤه إلى البركة، فكانوا يسقون من الباب الأعلى ثم من الثاني ثم من الثالث الأسفل فلا ينفذ الماء حتى يتولى الماء من السنة المقبلة، فاستمروا على ذلك إلى أن طغوا فسلط الله عليهم الخلد (1) فنقب السد من أسفله فغرقت جناتهم وبيوتهم فغرقوا وتفرقوا حتى صاروا مثلًا فيقال: تفرقوا أيادي سبأ (2).
(فصالح نبي الله صلى الله عليه وسلم) والمفعول محذوف تقديره: صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (على سبعين حلة) بضم الحاء المهملة وتشديد اللام تكون من ثوبين غير لفيفتين إزار ورداء سميا بذلك؛ لأن كل واحد منهما يحل على الآخر (من قيمة) مضاف إلى ما بعده، والمعنى: كل حلة منها تكون بقيمة (وفاء) بالإضافة أيضا (3)، أي: تمام (بز) بفتح الباء الموحدة وتشديد الزاي هي الأمتعة الحسنة والمراد سبعين حلة تامة غير ناقصة من أحسن حلل (معافر) بفتح الميم والعين المهملة غير منصرف وهي برود باليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن من همدان والميم زائدة.
وقال الزمخشري؛ موضع باليمن، والبرود المعافر منسوبة إليه.
وفي الحديث أنه لما بعث معاذًا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم
(1) والخلد هو الفأر الأعمى. انظر: "تاريخ مكة المشرفة" لابن الضياء 1/ 217.
(2)
انظر: المصدر السابق، "معجم البلدان" 3/ 131، "تفسير البغوي" 3/ 676.
(3)
سقط من (ر).
دينارًا أو عدله من المعافري (1).
وهذا الحديث إسناده حسن وهو حجة لأبي حنيفة على أخذ القيمة عما يجب من الزكاة مكان الواجب مع القدرة خلافًا للشافعي محتجًّا برواية الصحيحين (2) عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حر أو عبد. وعندهما كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب (3).
وعند المصنف (4) في هذا الحديث من رواية سفيان بن عيينة وقال: أو صاعًا من دقيق. فأنكروا عليه فتركه سفيان.
قال المصنف: هذِه الزيادة وهم من ابن عيينة.
وأجابوا عن هذا الحديث بأن في رواتة ثابت وأبوه (5) سعيد وهما كما قال الحافظ مجهولان، وأن حديثه صحيفة (6).
(كل) منصوب على الظرفية، وليس بظرف، لكن لما أضيف إلى
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب في زكاة السائمة.
(2)
البخاري (1053)، ومسلم (984).
(3)
البخاري (1506)، ومسلم (985).
(4)
في كتاب الزكاة باب كم يؤدي في صدقة الفطر؟
(5)
في (ر): أبي سعيد. وفي (ع) و (ل): أبوه والصواب أبوه فإن المراد بهما: ثابت بن سعيد بن أبيض وأبوه سعيد بن أبيض.
(6)
قال الحافظ في "التقريب"(815) في ثابت بن سعيد: مقبول. وقال في ترجمة أبيه برقم (2271): مقبول من الثالثة. فالصواب مقبولان بدل مجهولان. ويؤيد هذا قوله بعد ذلك: أن حديثه صحيفة.
(سنة) وهي ظرف أعطي حكمه (عمن بقي من) أهل (سبأ) بن يشجب بن يعرب بن قحطان (بمأرب) قال البكري في "معجم البلدان": هو بفتح أوله وثانيه بعده ألف ثم راء مهملة مكسورة، وهو الأكثر، ويقال: مأرب بإسكان ثانيه وهي بلاد الأزد باليمن، وهناك سيل العرم الذي ذكره الله في كتابه (1).
(فلم يزالوا يؤدونها) كاملة (حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن العمال انتقضوا) أي: نقضوا ذلك (عليهم بعد) ما (قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صالح أبيض بن حمال) المأربي بكسر الراء والموحدة عليه (رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلل السبعين) وأبوا إلا أخذ ما وجب عليهم من الزكاة (فرد ذلك) عليهم (أبو بكر) رضي الله عنه في خلافته وجعله (على ما وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو بكر) وصالحهم عليه (فلما مات أبو بكر انتقض ذلك وصارت) الزكاة (على الصدقة) المعروفة على أمثالهم.
(1)"معجم ما استعجم" 4/ 1170.