الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِن الوَفاء بِالنَّذْر
3312 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا الحارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شعَيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ. قال: " أَوْفي بِنَذْرِكِ" قالَتْ: إِنّي نَذَرْت أَنْ أَذْبَحَ بِمَكانِ كَذا وَكَذا، مَكانٌ كانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْل الجاهِلِيَّةِ. قال:"لِصَنَمٍ" قالَتْ: لا. قال: "لِوَثَنٍ" قالَتْ: لا. قال: "أَوْفي بِنَذْرِكِ"(1).
3313 -
حدثنا داوُدُ بْنُ رَشَيْدٍ، حدثنا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحاقَ، عَنِ الأَوْزاعيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبي كَثِير قالَ: حَدَّثَني أَبُو قِلابَةَ قالَ: حَدَّثَني ثابِت بْنُ الضَّحّاكِ، قال: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوانَةَ، فَأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقال: إِنّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلاً بِبُوانَةَ، فَقالَ النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ كانَ فِيها وَثَنٌ مِنْ أَوْثانِ الجاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ" قالُوا: لا. قال: " هَلْ كانَ فِيها عِيدٌ مِنْ أَعْيادِهِمْ " .. قالُوا: لا. قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَإِنَّهُ لا وَفاءَ لِنَذْرٍ في مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلا فِيما لا يَمْلِكُ ابن آدَمَ "(2).
3314 -
حدثنا الحَسَن بْنُ عَليِّ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ مِقْسَمٍ الثَّقَفيُّ، مِنْ أَهْلِ الطّائِفِ، قال: حَدَّثَتْني سارَّةُ بِنْتُ مِقْسَمٍ الثَّقَفيِّ، أَنَّها سَمِعَتْ مَيْمُونَةَ بِنْتَ كَرْدَمٍ، قالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ أَبي في حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعْتُ النّاسَ يَقُولُونَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلْتُ أُبِدُّهُ بَصَري، فَدَنا إِلَيْهِ أَبي وَهُوَ عَلَى ناقَةِ لَهُ مَعَهُ دِرَّةٌ كَدِرَّةِ الكتّابِ، فَسَمِعْتُ الأعرابَ والنّاسَ يَقولُونَ: الطَّبْطَبِيَّةَ الطَّبْطَبِيَّةَ، فَدَنا إِلَيْهِ أَبي فَأَخَذَ بِقَدَمِهِ قالَتْ: فَأَقَرَّ لَهُ وَوَقَفَ فاسْتَمَعَ مِنْهُ،
(1) رواه البيهقي 10/ 77. وصححه الألباني في "الإرواء" (2588).
(2)
رواه الطبراني 2/ 75 (1341)، والبيهقي 10/ 83. وانظر ما بعده.
وصححه الألباني في "المشكاة"(3437).
فَقال: يا رَسُولَ اللهِ إِنّي نَذَرْت إِنْ وُلدَ لي وَلَدٌ ذَكَرٌ أَنْ أَنْحَرَ عَلَى رَأْسِ بُوانَةَ في عَقَبَةٍ مِنَ الثَّنايا عِدَّةً مِنَ الغَنَمِ. قال: لا أَعْلَمُ إِلا أَنَّها قالَتْ: خَمْسِينَ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " هَلْ بِها مِنَ الأَوْثان شَيء " قال: لا. قال: " فَأَوْفِ بِما نَذَرْتَ بِهِ لله " قالَتْ: فَجَمَعَها فَجَعَلَ يَذْبَحُها فانْفَلَتَتْ مِنْها شاةٌ فطَلَبَها، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَوْفِ عَنّي نَذْري. فَظَفِرَها فَذَبَحَها (1).
3315 -
حدثنا مُحَمَّد بْنُ بَشّارٍ، حدثنا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفيُّ، حدثنا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمِ بْنِ سُفْيانَ، عَنْ أَبِيها نَحْوَهُ مُخْتَصَرٌ مِنْهُ شَيء قال:" هَلْ بِها وَثَنٌ أَوْ عِيدٌ مِنْ أَعْيادِ الجاهِلِيَّةِ " قال: لا. قُلْت: إِنَّ أُمّي هذِه عَلَيْها نَذْرٌ وَمَشْى أَفَأَقْضِيهِ عَنْها، وَرُبَّما قالَ ابن بَشّارٍ: أَنَقْضِيهِ عَنْها؟ قال: "نَعَمْ"(2).
* * *
باب ما يؤمر بالوفاء بالنذر
[3313]
(حدثنا داود بن رشيد) أبو الفضل الخوارزمي، مولى بني هاشم، شيخ مسلم (حدثنا شعيب بن إسحاق) بن عبد الرحمن الأموي الدمشقي، أخرج له الشيخان (عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) قال (حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة) [عبد الله بن زيد الجرمي (قال: حدثني ثابت بن الضحاك) بن خليفة بن ثعلبة الأشهلي الأنصاري](3) قال أبو قلابة: أخبرني أنه بايع تحت الشجرة، كما
(1) رواه ابن ماجه (2131)، وابن أبي شيبة 7/ 587 (12575)، وأحمد 6/ 366. وانظر ما سلف برقم (2103). وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه"(1733).
(2)
رواه أحمد 4/ 64. وانظر ما قبله.
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ر).
أخرجه مسلم (1).
قال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في "الحلية"(2): حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى المروزي، حدثنا داود بن عمرو، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد الطائفي، قال: حدثتني عمتي سارة بنت مقسم، أن ميمونة بنت كردم حدثتها: أنها حجت مع أبيها كردم بن سفيان، عام حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني حضرت جيش عثران"(3) بعض أعوام الجاهلية، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك العام، قال: وأن طارق بن المرقع، قال: من يعطيني رمحًا بثوابه؟ قلت: ما ثوابه؟ قال: أزوجه أول ابنة تولد لي، فأعطيته رمحي، ثم مكثت ما شاء الله، فبلغني أنه ولدت له ابنة وأنها بلغت، فأتيته فقلت: أدخل على أهلي؟ فحلف أن لا يفعل حتى أصدق (4) صداقا [جديدا مؤتنفا](5) غير الرمح، فحلفت أن لا أفعل، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال:"أرى أن تدعها عنك". قال: فعرف الكراهة في وجهي قال: "لا تأثم ولا يأثم صاحبك". قالت: وسأله أبي. الحديث.
(قال: نذر رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا الرجل هو: كَرَدم بفتح
(1) رواه البخاري (4171)، مسلم (110).
(2)
9/ 38 - 39.
(3)
هكذا في الحلية و (ل) وأما في (ر): غيران.
(4)
زاد هنا في (ر): له.
(5)
سقط من (ر).
الكاف والدال بن سفيان الثقفي، كما صرح باسمه الإمام أحمد فيما خرجه (1)(أن ينحر إبلاً ببُوانة) بُوانة -بضم الباء الموحدة وتخفيف الواو وبعد الألف نون ثم تاء تأنيث-، هضبة من وراء ينبع (2) قريبة من ساحل البحر، وقيل: بفتح الباء، كذا ذكره ابن الأثير (3).
وقال الحافظ المنذري: إنها أسفل مكة دون يلملم (4).
وقال البكري في "معجم البلدان"(5): هي على وزن فعالة موضع من الشام من ديار بني عامر، وأنشد للشماخ:
نظرت وسهب من بوانة بيننا
…
وأفيح من روض الرباب عميق
وذكر هذا الحديث (فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً) يعني: ثلاثة لرواية أحمد في "مسنده"(6): عن عمرو بن شعيب، عن ابنة كردم، عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلي، فقال:"إن كان على وثن من أوثان الجاهلية فلا"(ببُوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية يعبد؟ ) ورواية أحمد (7): عن ميمونة بنت كردم قالت: كنت ردف أبي فسمعته
(1)"المسند" 3/ 419.
(2)
في (ر): الينبع.
(3)
"النهاية" 1/ 430.
(4)
انظر: "عون المعبود" 9/ 101.
(5)
"معجم ما استعجم" للبكري 2/ 24.
(6)
4/ 64.
(7)
"المسند" 6/ 366.
يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني كنت نذرت أن أنحر ببوانة. فقال:"أبها وثن أو طواغية"(1)؟ قال: لا. فقال له: "أوف بنذرك". وفي رواية له (2): عن كردم بن سفيان أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر نذره في الجاهلية، فقال له:"ألوثن أو لنصب؟ " قال: لا، ولكن لله. قال:"فأوف الله ما جعلت له أنحر على بوانة وأوف بنذرك"، وفي لفظٍ له: إني نذرت أن أنحر عددًا من الغنم (3). وذكر (4) بمعناه رواية أبي نعيم في "الحلية"(5) نحوه وزاد: قالت: فجعل أبي يذبحهن، فانفلتت شاة، فجعل يتبعها ويقول: اللهم أوف عني (6) نذري. قالت: فأخذها (7) فذبحها (8). (قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيدٌ من أعيادهم؟ فقالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوفِ) بفتح الهمزة (بنذرك) وحمله الشافعية، ومن وافقهم على أنه: نذر الذبح بها مع تفرقة اللحم بها على أهلها، فحينئذٍ يتعين أهل البلد الذي نذر الذبح فيه؛ فإن لم ينو تفرقة اللحم بها لم يلزمه الذبح، ووجه الوجوب: أنه طاعة وقربة؛ لأن نذره يتضمن نفع فقراء ذلك البلد بإيصال اللحم إليهم، فهذِه قربة فيلزمه
(1) هكذا في النسخ الخطية، وفي "مسند أحمد": أمطاغية.
(2)
3/ 419.
(3)
6/ 366.
(4)
في (ل): وذكره.
(5)
في النسخ: الجاهلية، وقد رواه أبو نعيم في "الحلية".
(6)
في (ل): علي والمثبت من (ع).
(7)
في (ر): فأخذتها.
(8)
"الحلية" 6/ 38.
الوفاء بها، كما لو نذر التصدق على أهل بلد، وهذا إذا لم يكن بذلك المكان ما لا يجوز النذر له والذبح فيه، ككنيسة أو وثن (1) أو صنم أو نحوه مما يعظمه الكفار أو غيرهم، مما لا يجوز تعظيمه، كشجرة أو عين ماء لم يرد فيه تعظيم من الشرع، فإن كان بها شيء من ذلك لم يجز النذر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"هل فيها وثن من أوثان الجاهلية؟ " ولأن فيه تعظيم لغير ما عظم الله، فيشبه تعظيم الكفار للأصنام، وفي قوله:"هل فيها عيد من أعيادهم؟ " يعني من أعياد الكفار الجاهلية تحذير من تعظيم أعيادهم المختصة بهم بالذبح فيها أو الطبخ أو إيقاد الشمع والزيت فيها، أو التجمل فيها بأنواع الزينة، فإنَّ هذا كله تعظيمٌ لأعيادهم وتعظيم أعيادهم تعظيم لهم.
وقد عمت هذِه المصيبة في بلادنا وغيرها في العيد المعروف (بخميس البيض) فإنه يحصل فيه سلق بيض كثير، وصبغه بالحمرة والصفرة وغير ذلك، ويحصل بذلك القمار به، وكذا خبز الفطير به حتى لا يكاد يستعملونه إلا في خميس البيض، وأفحش من ذلك إيقادهم النيران الكبيرة في الأزقة والطرقات، وخروج النساء مجتمعين بالرجال يضربون بالدفوف ويبيتون على النيران، وغير ذلك من المفاحش العظيمة والمناكر الذميمة، ومع ذلك فلا تكاد تجد من ينكر ذلك من الحكام والقضاة والمشايخ والصالحين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
(فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم) فيه ما تقدم.
[3312]
(حدثنا مسدد، حدثنا الحارث بن عبيدٍ أبو قدامة) الإيادي
(1) في (ر): دين.
البصري المؤذن، أخرج له مسلم في العلم (1) وصفة الجنة (2)(عن عبيد الله ابن الأخنس) النخعي الخزاز.
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) تقدم مرات، وفي "مسند أحمد" من حديث عمرو بن شعيب، عن ابنة كردم، عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنى نذرت أن أنحر ببوانة. قال: "فيها من وثن؟ قال: أوف بنذرك"(3).
(أن أمرأةً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني نذرتُ أني أضرب (4) على رأسك بالدف) بضم الدال وفتحها لغة، سمي بذلك؛ لأن الأصابع يدفونه، هو الذي يلعب به، وهذا له سبب بينه ابن حبان فيما أخرجه من حديث بريدة وقال: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه، فجاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني نذرت إن ردك الله سالمًا أن أضرب على رأسك بالدف. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن نذرت فافعلي وإلا فلا". فقالت: إني كنت نذرت. فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضربت بالدف يعني: على رأسه (5).
وفي رواية أحمد (6): أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى.
(1)(2667).
(2)
(5497)(2838).
(3)
4/ 64.
(4)
في (ر): أجرب.
(5)
10/ 232 (4386).
(6)
انظر: "المسند" 5/ 353 بدون لفظ (وأتغنى) إنما هو عند الترمذي في "سننه"(7)(3690).
(قال: أوفي) بإثبات ياء ضمير المخاطبة (بنذركِ) استدل به على (1) جواز الضرب بالدف في غير العرس والختان كقدوم الغائب وكل سرور وحادث من ولادة وشفاء مريض ونحو ذلك على الأصح، والثاني لا يجوز لأثر عمر، ولما روى البيهقي عن ابن عباس: الدف حرام (2).
قال الأصحاب: إن صح حديث الناذرة دل على أنه لا يكره في جميع الأحوال. وقد صححه الترمذي وذكره ابن حبان في "صحيحه"، ورواه الفاكهي في "تاريخ مكة" بسند حسن (3).
ويدخل في إطلاق الحديث ما فيه الجلاجل وما ليس فيه، وهو الصحيح. والمراد بالجلاجل الحلق الصغار التي تعمل على المزاهر، ولا يتخذون منه صنوجًا كاتخاذ العجم.
وقال ابن أبي الدم: المراد بها الصنوج، وقيد الخوارزمي وابن أبي عصرون الإباحة بالضرب من غير زفن، فأما الذي يزفن به وينقر فلا يحل الضرب به (4).
قال الزركشي: وهو كما قالا؛ فإن الضرب به من العارفات (5) بالصنعة يشتمل على ما لا يشتمل عليه الصوت.
(1) سقط من (ل).
(2)
"سنن البيهقي الكبرى" 10/ 222 (20789).
(3)
انظر: "التلخيص الحبير" 4/ 487.
(4)
"الزواجر عن اقتراف الكبائر" 2/ 292.
(5)
في (ر): المفارقات.
(قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا مكان) بالجر بدل من مكان الأول (كان يذبحُ فيه أهلُ الجاهلية قال) الذبح (لصنم؟ قالت: لا. قال: لوثن؟ قالت: لا) قال في "النهاية"(1): الفرق بين الوثن والصنم أن الوثن كل ما (2) له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي يُعمل ويُنصب فيُعبدُ من دون الله تعالى، والصنم الصورة بلا جثة. ومنهم من لم يفرق بينهما وأطلقهما على المعنيين. وقد يطلق الوثن على غير الصورة، كحديث عدي بن حاتم: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال لي: " ألق هذا الوثن عنك (3) ".
(قال: أوفي بنذركِ) بالمكان الذي ذكرتيه في نذرك إن كنتِ قلتِ مع نذرك الصدقة على فقراء ذلك المكان أو نويتيه بقلبك (4) وإلا فلا.
قال الرافعي ما معناه: وإذا انعقد النذر لانضمام لفظ التصدق أو نيته فهل يجب التصدق باللحم على فقرائها؟
جعله الإمام: على قولين مأخوذين من الخلاف في نقل الصدقات (5) إن لم يجز النقل وهو الأصح وجب التصدق عليهم، وعلى الأصح إذا ذبح في المكان المنذور لا يجوز نقل لحمه من تلك البلد إلى بلدٍ
(1)"النهاية" 5/ 328.
(2)
سقط من (ر).
(3)
الحديث رواه الترمذي في "السنن"(3095) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث.
(4)
في (ر): فعليك.
(5)
في (ر): التصدقات.
آخر، كما لا يجوز الذبح في غير ذلك المكان، وكذا من نذر تفرقة دراهم على فقراء القدس أو الخليل، أو لسرج زيت في قناديله، أو لطبخ الزيت في عدس الخليل أو حشيشته تعين ذلك، وأما من قال: هذِه البقرة نذر للخليل فالظاهر أنه لا يتعين ذبحها في الخليل، بل لو أبيعت وصرف ثمنها في سماط الخليل عليه السلام إذ لم يعهد في طبيخه لحم غير القيدين فينصرف النذر إلى ذلك المعهود.
* * *