الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب فِيمَنْ يحْلِف كاذِبًا متَعَمِّدًا
3275 -
حدثنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حدثنا حَمّادٌ، أَخْبَرَنا عَطَاءُ بْن السّائِبِ، عَنْ أَبي يحيى، عَنِ ابن عَبّاسٍ: أَنَّ رَجُلَينِ اخْتَصَما إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ النَّبيُّ الطّالِبَ البَيِّنَةَ، فَلَمْ تَكُنْ لَه بَيِّنَةٌ فاسْتَحْلَفَ المَطْلُوبَ فَحَلَفَ باللهِ الذي لا إله إِلا هُوَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"بَلَى قَدْ فَعَلْتَ، ولكن قَدْ غُفِرَ لَكَ بِإخلاصِ قَوْلِ لا إله إِلَاّ اللهُ". قالَ أبو داوُدَ: يُرادُ مِنْ هذا الحَدِيثِ أَنَّهُ، يَأْمُرْهُ بِالكَفّارَةِ (1).
* * *
باب فيمن يحلف كاذبًا متعمدًا هل يكفِّر عن يمينه
[3275]
(حدثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (حدثنا حماد) بن سلمة (حدثنا عطاء بن السائب) أخرج له البخاري مقرونًا بأبي بشر جعفر بن أبي وحشية (2)، وأبو وحشية اسمه إياس (عن أبي يحيى) زياد القرشي المكي مولى قيس بن مخرمة.
(عن ابن عباس) رضي الله عنهما (أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل رسول صلى الله عليه وسلم الطالب) لحقه أن يحضر (البينة) إن كانت له، ويحتمل أن يكون التقدير: سأل الطالب أله بينة؟ كما تقدم في حديث الكندي والحضرمي الذين (3) اختصما إليه [فقال للحضرمي](4): ألك بينة؟
(1) رواه أحمد 1/ 253، والنسائي في "السنن الكبرى"(6006).
وصححه الألباني في "الصحيحة"(3064).
(2)
في (ر): وحشة.
(3)
في النسخ: الذي، والمثبت الصواب.
(4)
سقط من (ر).
وهذا هو المشهور، وأغرب الذهلي في "أدب القضاء" فقال: لا يقول ذلك؛ لأنه لو قال: لا بينة لي. ثم أقامها لم يقبل منه. أي: على أحد الوجهين (فلم تكن له عليه بينة فاستحلف المطلوب) منه الحق، وهذا محمول على أن المدعي طالب يمينه، فإن الحاكم ليس له أن يستحلفه قبل مسألة المدعي وطلبه؛ لأن اليمين حق له فلم يجز استيفاؤها من غير مطالبة مستحقها كنفس الحق. فإن استحلفه الحاكم من غير مسألة (1) المدعي أو بادر المنكر فحلف لم يعتد بيمينه لأنه (2) أتى بها في غير وقتها. وإذا سألها المدعي أعادها له؛ لأن الأولى لم تكن يمينه بكونها بغير طلبه. وظاهر الحديث في إطلاقه خلاف هذا (3).
(فحلف) المطلوب منه اليمين (بالله الذي لا إله إلا هو) أنه ليس له عليه حق (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، قد فعلت) ذلك وأنت كاذب في يمينك متعمدًا للكذب (ولكن قد غفر) الله تعالى (لك) ما فعلت (بإخلاص) أخلصته في (قول لا إله إلا الله) يعني أنه لما استحلفه فسأله أن يحلف بالله كان له أن يقتصر في يمينه بالله فقط، ويكفيه ذلك في سقوط الدعوى عنه، فلما زاد في يمينه (لا إله إلا هو) من تلقاء نفسه دون طلب دلت شهادته هذِه لله بالوحدانية على إخلاصه في سره لله تعالى، فإن الإخلاص في التوحيد يضاده التشريك في الإلهية، فلما نفى هذا الحالف التشريك في الإلهية كان إخلاصًا في التوحيد، وكل
(1) في (ر): مطالب والمثبت من "المغني".
(2)
سقط من النسخ الخطية، والمثبت من "المغني".
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة 11/ 442.
شيء صفي مما يشوبه فهو خالص كما قال تعالى: {لَبَنًا خَالِصًا} (1) يعني: مما يشوبه من الفرث (2) والدم.
قال سهل: الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركته لله خاصة.
(قال أبو داود) المصنف (يراد من هذا الحديث أنه لم يأمره بالكفارة) مع أنه كاذب في يمينه متعمد فهو واجب عليه. ويحتمل أنه علم من حاله إعساره عنها فأخر أمره بها إلى وقت وجوبها عليه إذا أيسر، وليس في الحديث ما يدل على أنه أسقطها عنه.
* * *
(1) سورة النحل (آية 66).
(2)
في (ر): القرب.