الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 - باب في إِحْيَاءِ المَواتِ
3073 -
حَدَّثَنَا محَمَّدُ بْن المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ هِشامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ أَحْيا أَرْضًا مَيْتَةً فَهيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظالِمٍ حَقٌّ"(1).
3074 -
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ بْن السَّريِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةٌ، عَنْ محَمَّدٍ - يَعْنِي: ابن إِسْحاقَ - عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ أَحْيا أَرْضًا مَيْتَةً فَهيَ لَهُ". وَذَكَرَ مِثْلَهُ قال: فَلَقَدْ خَبَّرَنِي الذي حَدَّثَنِي هذا الحَدِيثَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا في أَرْضِ الآخَرَ فَقَضَى لِصاحِبِ الأرضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْها. قال: فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُها بِالفُئوسِ وَإِنَّهَا لَنَخْلٌ عمٌّ حَتَّى أُخْرِجَتْ مِنْها (2).
3075 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سَعِيدٍ الدَّارِميُّ، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن إِسْحاقَ بإسْنادِهِ وَمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنَّهُ قالَ عِنْدَ قَوْلِهِ مَكانَ الذي حَدَّثَنِي هذَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْريّ، فَأَنا رَأَيْنَا الرَّجُلَ يَضْرِبُ في أُصُولِ النَّخْلِ (3).
3076 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن عَبْدَةَ الآمُليُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن عُثْمانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن المُبَارَكِ، أَخْبَرَنا نافِعُ بْن عُمَرَ، عَنِ ابن أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُرْوَةَ قال: أَشْهَدُ أَنَّ
(1) رواه الترمذي (1378). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2698).
(2)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 118، والدارقطني 3/ 35، والبيهقي 6/ 99، 142، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 282، وابن. الجوزي في "التحقيق" 2/ 213 (1560).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2699).
(3)
رواه البيهقي 6/ 99، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 283.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2699).
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الأَرْضَ أَرْضُ اللهِ والعِبادَ عِبادُ اللهِ، وَمَنْ أَحْيا مَواتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ جاءَنا بهذا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الذِينَ جاؤوا بِالصَّلَواتِ عَنْهُ (1).
3077 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا محَمَّد بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ أَحاطَ حائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهيَ لَهُ"(2).
3078 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مالِك، قالَ هِشامٌ: العِرْقُ الظَّالِمُ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ في أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَسْتَحِقَّها بِذَلِكَ. قالَ مالِكٌ: والعِرْقُ الظَّالِمُ كُلُّ ما أُخِذَ واحْتُفِرَ وَغُرِسَ بِغَيْرِ حَقٍّ (3).
3079 -
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْن بَكّارٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنِ العَبَّاسِ السّاعِديِّ -يَعْني: ابن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ- عَنْ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِديِّ قال: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَبُوكَ فَلَمَّا أَتَى واديَ القُرى إِذا امْرَأَةٌ في حَدِيقَةٍ لَها فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأصحابِهِ: "اخْرُصُوا". فَخَرَصَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقالَ لِلْمَرْأَةِ: "أَحْصي ما يَخْرُجُ مِنْها". فَأَتَيْنَا تَبُوكَ فَأَهْدى مَلِك أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَة بَيْضاءَ وَكَساهُ بُرْدَةً وَكَتَبَ لَهُ يَعْنِي: بِبَحْرِهِ. قال: فَلَمَّا أَتَيْنَا واديَ القُرى قالَ لِلْمَرْأَةِ: "كَمْ كانَ في حَدِيقَتِكِ؟ ". قالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعي
(1) رواه البيهقي 6/ 142، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 283.
قال الحافظ في "الدراية" 2/ 244: رجال إسناده ثقات.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2700).
(2)
رواه أحمد 5/ 12، 21، والبزار في "المسند" 10/ 409 (4552)، وابن الجارود في "المنتقى"(1015)، والبيهقي 6/ 148. وضعفه الألباني (551).
(3)
رواه ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 284.
قال الألباني في "صحيح أبي داود"(2701): إسناده صحيح مقطوع.
فَلْيَتَعَجَّلْ" (1).
3080 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحِدِ بْن غِياثٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الواحِدِ بْن زِيادٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَش، عَنْ جامِعِ بْنِ شَدّادٍ، عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ زَيْنَبَ أَنَّها كانَتْ تَفْلي رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَنِسَاءُ مِنَ المُهاجِراتِ وَهُنَّ يَشْتَكِينَ مَنازِلَهنَّ أَنَّها تَضِيقُ عَلَيْهِنَّ وَيُخْرَجْنَ مِنْها فَأَمَرَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُوَرَّثَ دُورَ المُهَاجِرِينَ النِّساءُ فَماتَ عَبْدُ اللهِ بْن مَسْعُودٍ فَوَرِثَتْهُ امْرَأَتُهُ دَارًا بِالمَدِينَةِ (2).
* * *
باب إحياء الموات
قال الماوردي والروياني: حد الموات عند الشافعي ما (3) لم يكن عامرًا ولا حريمًا لعامر قرب من العامر أو بعد.
وعند أبي حنيفة: هو ما بعد من العامر ولم يبلغه الماء.
قال ابن الرفعة: هو قسمان: أصلي: وهو ما لم يعمر قط. وطارئ: وهو ما خرب بعد عمارته.
واعلم أن بقاع الأرض إما مملوكة أو محبوسة على الحقوق العامة أو الخاصة، وإما منفكة عن الحقوق الخاصة والعامة وهي الموات (4).
[3073]
(حَدَّثَنَا محمد بن المثنى، حَدَّثَنَا عبد الوهاب) بن عبد المجيد
(1) رواه البخاري (1481)، ومسلم (1392).
(2)
رواه أحمد 6/ 363، والبيهقي 6/ 156.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(2703).
(3)
سقط من (ر).
(4)
"الأم" 4/ 41، و"الحاوي" 7/ 480 و"مغني المحتاج" 2/ 361 و"العناية شرح الهداية" 14/ 306.
الثقفي البصري (حَدَّثَنَا أيوب) بن أبي تميمة السختياني (عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير (عن سعيد بن زيد) بن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة السابقين الأولين (1)(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحيا) وصفة الإحياء عند الشافعي معتبرة بالعرف فيما يراد به الإحياء (2).
(أرضَا ميتةَ) الميتة والموات والموتان بفتح الميم والواو (3) هي الأرض التي لم تعمر قط. وقال الأزهري وغيره: كل شيء من متاع الأرض لا روح فيه (4) فيقال له: موتان (5).
(فهي له) أي: تملك بإحياء الأرض، وفي رواية:" فهو أحق"(6)، وذلك إنما يكون بحفره أو بحجره أو إجراء الماء ونحو ذلك من الإحياء، فمن فعل ذلك فقد ملك الأرض سواء أذن السلطان أم لا، وإلى هذا ذهب الشافعي وأكثر العلماء.
وقال أبو حنيفة: لا يملكها بالإحياء إلا بإذن السلطان (7).
ومحل الخلاف أن هذا الحديث حكم أو فتوى، فمن قال بالأول قال: لابد من الإذن، ومن قال بالثاني قال: لا يحتاج إليه، وهذا
(1)"الإصابة" 3/ 103.
(2)
"الأم" 4/ 41، و"الحاوي" 7/ 486.
(3)
قال ابن الأثير في "النهاية" 4/ 809: وفيه لغتان: سكون الواوِ وفَتحها مع فتح الميم.
(4)
في (ر): فيها.
(5)
"تحرير ألفاظ التنبيه" 1/ 231.
(6)
أخرجها البخاري (2335).
(7)
"الأم" 4/ 41، و"شرح السنة" للبغوي 8/ 271، و"شرح النووي على مسلم" 14/ 165 و"عمدة القاري" 18/ 474، و"البحر الرائق شرح كنز الدقائق" 8/ 239.
نظير حديث: "من قتل قتيلًا فله سلبه"(1).
(وليس لعرق) فروي بالتنوين (ظالم) نعت راجع لصاحب العرق أي: لذي عرق ظالم، وقد يرجع إلى العرق أي: عرق ذي ظلمة، ويروى بغير تنوين على الإضافة فيكون الظالم صاحب العرق أحد عروق الشجر (2)، والمراد به: ما غرس بغير (حق).
وفيه دليل على أن الغاصب إذا أحدث فعلًا زادت به (3) قيمة المغصوب أنه لا يستحق شيئًا على ذلك؛ لأنه ظالم في فعله وأن من بنى في أرض الغير أو غرس أو زرع أو أجرى ماء أو غير ذلك من التصرفات فإنه ينقض (4).
[3074]
(حَدَّثَنَا هناد بن السري حَدَّثَنَا عبدة) - بسكون الموحدة - بن سليمان الكلابي المقرئ (عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة عن أبيه) عروة [بن الزبير](5) رضي الله عنه مرسلًا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحيا أرضًا) يعني (ميتة) كما قبله (فهي له. وذكر مثله) أي: مثل الحديث قبله.
وللنسائي (6): "من أحيا أرضًا ميتة فله (7) فيها أجر وما أكلت العوافي
(1)"الفروق" للقرافي 1/ 359، و"قواعد الأحكام في مصالح الأنام" 2/ 121. والحديث أخرجه البخاري (3142) ومسلم (1751).
(2)
"مشارق الأنوار" 1/ 328 وانظر: "شرح السنة" للبغوي (8/ 230، 8/ 271، و"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 6/ 474.
(3)
سقط من (ر).
(4)
انظر: "الأم" 3/ 246 - 249، "التمهيد" 22/ 285، "العزيز شرح الوجيز" 11/ 313.
(5)
سقط من (ر).
(6)
في "السنن الكبرى" 3/ 404 (5725، 5726).
(7)
في (ر): كله.
منها فهو صدقة".
(قال) عروة بن الزبير (ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث) المذكور (أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وكان قد (غرس أحدهما نخلًا في أرض الآخر) يعني بغير إذن المالك [ولهذا بوب عليه كثير من المحدثين باب الغصب ويدل عليه تتمة الحديث ولهذا روى ابن أيمن (1) في "مصنفه" بلفظة: أن رجلا غصب رجلا أرضا فزرع فيها](2) فارتفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقضى لصاحب الأرض بالزرع، وقضى للغاصب بالنفقة (3). (فقضى لصاحب الأرض بأرضه) التي يملكها (وأمر صاحب النخل) المرزوعة بغير إذن المالك (أن يخرج نخله منها) بلا أرش نقص؛ لأنه متعدٍ.
قال البغوي: من غصب أرضًا فزرعها أو غرسها اقتلع زرعه وغراسه، ولا شيء له، وعليه مثل أجر الأرض من يوم أخذها واستعملها، وضمان نقصان دخل الأرض بالغرس أو القلع، وإن أدرك الزرع فهو لمن كان البذر له؛ لأنه تولد من عين ماله على قول عامة أهل العلم.
واعلم أن الصحيح (4) في مذهب الشافعي أن لمالك الأرض أن يكلفه القلع، وله الأرش إن نقص به (5).
(1) في الأصل بياض. والمثبت من "التلخيص الحبير" 3/ 133.
(2)
سقط من (ر).
(3)
ذكره ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 133.
(4)
في (ل): المصحح.
(5)
"الحاوي" 7/ 170، و"المجموع" 14/ 260.
(قال) المحدث: (فلقد رأيتها) يعني: النخل (وإنها لتضرب أصولها بالفؤوس) بضم الفاء والهمزة الممدودة جمع فأس كفلس وفلوس، والفأس مهموز مؤنث، ويجوز قلب همزته ألفًا (1). (وإنها لنخل عم) بضم العين المهملة وتشديد الميم أصله عمم بضم العين والميم الأولى فسكنت الميم الأولى وأدغمت في الثانية، واحدتها عميمة كسرر جمع سرير، قال أبو عبيد؛ نخل عم هي التامة في طولها والتفافها واعتدالها (2)، ومنه قيل للمرأة: عميمة، إذا كانت كذلك (3) في خلقها واعتدالها ويقال للبيت إذا طال: قد أعتم (4)(حتى أخرجت منها) تلك الأصول المغصوبة.
[3075]
(حَدَّثَنَا أحمد بن سعيد) بن صخر (الدارمي) شيخ الشيخين وغيرهما (5)(حَدَّثَنَا وهب) بن جرير بن حازم الأزدي (6)(عن أبيه) جرير ابن حازم الأزدي، رأى جنازة أبي الطفيل (7)(عن) محمد (ابن إسحاق بإسناده) المتقدم (ومعناه، إلا أنه قال عند قوله) ولقد أخبرني (مكان الذي حدثني هذا (8) فقال) فيه: حدثني (رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)
(1)"النهاية" 3/ 765.
(2)
سقط (ر).
(3)
سقط من (ر).
(4)
"غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 296.
(5)
انظر: "تهذيب التهذيب" 1/ 128، و"الكاشف"(32).
(6)
"تهذيب التهذيب" 11/ 141.
(7)
"الكاشف"(768).
(8)
سقط من الأصل، واستدركناه من المطبوع.
قال (وأكثر) بالثاء المثلثة، وفي بعضها بالموحدة (ظني) أي: الغالب على ظني في الرجل (أنه أبو سعيد الخدري) رضي الله عنه، وقال (فأنا رأيت الرجل يضرب) بيده (في أصول النخل) الذي غرست بغير إذن المالك.
[3076]
(حَدَّثَنَا أحمد بن عبدة الآملي) ص دوق، وهو بمد الهمزة المفتوحة وضم الميم وتخفيف اللام (1) نسبة إلى آمل طبرستان (2)(حَدَّثَنَا عبد الله بن عثمان) بن جبلة العتكي عبدان، كتب كُتُب ابن المبارك بقلم واحد، شيخ البخاري (3)(4) [(حَدَّثَنَا عبد الله بن المبارك أخبرنا نافع بن عمر) الجمحي المكي (5).
(عن) عبد الله بن عبيد الله (بن أبي مليكة) زهير المكي (عن عروة) بن الزبير رضي الله عنهما (قال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن) بفتح الهمزة (الأرض) جميعها (أرض الله) إضافة تكريم، وكذا (والعباد عباد الله) وعباد الله مشتركون في أرض الله ويتساوون في الانتفاع بها (و) كل (من أحيا) أرضًا (مواتًا فهو أحق به) أي: أولى بملك ما أحياه والانتفاع به من غيره كما تقدم. قال عروة: وقد (جاءنا بهذا) الحديث (عن النبي صلى الله عليه وسلم) الرجال الثقات المرضيون (الذين جاؤوا بالصلوات) الخمس (عنه) وهذا تأكيد لما أخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الذين حدثوه به أكابر الصحابة.
(1) في (ر): الميم.
(2)
"التقريب"(75)، و"الأنساب" 1/ 67.
(3)
قال ابن حجر: جبلة؛ بفتح الجيم والموحدة ابن أبي رواد بفتح الراء وتشديد الواو العتكي بفتح المهملة والمثناة. "التقريب"(3465). و"تهذيب التهذيب" 5/ 274.
(4)
من هنا بدأ سقط في (ر).
(5)
"التقريب"(7080).
[3077]
(حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل، حَدَّثَنَا محمد بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة العبدي الكوفي (حَدَّثَنَا سعيد) بن أبي عروبة.
(عن قتادة) بن دعامة (عن الحسن) بن أبي الحسن البصري (عن سمرة) بن جندب رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحاط) أي: جعل (حائطًا على أرض) جواز الحوطة من جميع جوانبه (فهي له) فيه حجة لأحمد ابن حنبل أن من حوط جدارًا على موات فإنه يملكه.
وقال الشافعي: إن قصد زراعتها فلا يملكها حتى يستخرج لها ماء ويزرعها وإن قصد سكناها فحتى يقطعها ويسقفها، وهذا الحديث حمله الشافعية على من لم يقصد دارًا وإنما قصد حوشًا أو نحوه، ولهذا قال البغوي وغيره: الإحياء يختلف باختلاف قصد المحيي من الأرض ويعتبر في جميع مقاصده عرف الناس (1).
[3078]
(حَدَّثَنَا أحمد بن عمرو بن السرح) شيخ مسلم (2)(أخبرنا) عبد الله (ابن وهب أخبرني مالك قال هشام) بن عروة القرشي أحد الأعلام: المراد بقوله (العرق الظالم: أن يغرس الرجل في أرض غيره) زرعًا أو غراسًا (فيستحقها) أي: يستحق العروق المزروعة أو المغروسة في أرضه على سبيل العقوبة والحرمان (بذلك) الذي ظلم به المالك واغتصبه بالزرع في أرضه.
(قال مالك: والعرق الظالم) هو (كل ما أخذ) من أرض الغير ظلمًا (واحتفر) فيه (وغرس بغير حق) فيأخذه ويعمل به.
(1)"شرح السنة" 8/ 271.
(2)
"التقريب"(85).
[3079]
(حَدَّثَنَا سهل بن بكار) بن بشر الدارمي روى عنه البخاري في مواضع (1)(حَدَّثَنَا وهيب بن خالد) الباهلي (عن عمرو بن يحيى) ابن عمارة المازني.
(عن العباس) بالموحدة والسين المهملة (الساعدي يعني) العباس (ابن سهل بن سعد) الساعدي أخرج له البخاري.
(عن أبي حميد) المنذر، وقيل: عبد الرحمن بن سعد (2) بن المنذر (الساعدي) منسوب إلى ساعدة بن كعب بن الخزرج بطن من الأنصار (3). (قال: غزوت) وللبخاري (4): غزونا (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) غزوة (تبوك فلما أتى وادي القرى) بضم القاف مدينة قديمة بين المدينة والشام وأغرب ابن قرقول (5) فقال أنها من أعمال المدينة (6).
(إذا امرأة في حديقة) قال الخليل: كل أرض ذات شجر أحدق بها حاجز فهي حديقة ويقال للقطيعة من النخل حديقة. قال شيخنا ابن
(1)"التقريب"(2651).
(2)
في الأصل سعيد والمثبت من مصادر الترجمة؛ انظر: "الإصابة" 7/ 94، و"تهذيب الكمال" 33/ 264.
(3)
"التقريب"(8065).
(4)
(1481).
(5)
هو الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن قرقول الوهراني الحمزي وحمزة من قرى بجاية ومولده المرية إحدى مدائن الأندلس. وكان رحالًا في العلم نقالًا فقيهًا، نظارًا أديبًا نحويًا، عارفا بالحديث ورجاله، بديع الكتابة. وله كتاب "مطالع الأنوار على صحائح الآثار" طُبع بتحقيقنا، توفي سنة (569 هـ) وله أربع وستون سنة. وانظر:"تبصير المنتبه" 1/ 351 و"سير أعلام النبلاء" 20/ 520.
(6)
"مطالع الأنوار" 6/ 268.
حجر: لم أقف على اسم هذِه المرأة في شيء من الطرق (1).
وقد استدل بقوله: (فإذا امرأة) على جواز الابتداء بالنكرة بشرط الإفادة. قال ابن مالك: لا يمتنع الابتداء بالنكرة المحضة على الإطلاق بل إذا لم تحصل فائدة فلو اقترن بالنكرة المحضة قرينة تحصل بها الفائدة جاز بها (2) الابتداء بها نحو: انطلقت فإذا سبع في الطريق (3).
والظاهر أن المتبوع في الابتداء في قوله: (فإذا امرأة) في الحديث وإذا سبع في المثال هو كونه بعد إذا الفجائية إذا برحت (4) العادة أن لا يخلو الحال من أن بها جسد امرأة أو أسد والخبر في الحديث والمثال محذوف تقديره: فإذا امرأة واقفة في حديقة وإذا سبع واقف في الطريق والجار والمجرور متعلق بالخبر.
(لها) وفي رواية سليمان بن بلال عن عمرو بن يحيى عند مسلم (5): فأتينا على حديقة امرأة (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: اخرصوا) بضم الراء، زاد سليمان: فخرصنا (6).
قال ابن حجر: ولم أقف على اسم من خرص منهم (7) وأمره صلى الله عليه وسلم
(1)"فتح الباري" 3/ 345.
(2)
سقط من (ل).
(3)
"فتح الباري" 3/ 345.
(4)
هكذا في الأصول.
(5)
(1392).
(6)
"فتح الباري" 3/ 345.
(7)
السابق.
بالخرص ليس المراد به حقيقة الخرص ومعرفة ما يخرج من حمل تلك النخيل من التمر كما يفعله الخارص بل أمرهم بذلك؛ ليمتحنهم قال النووي في كتاب معجزات النبي صلى الله عليه وسلم من "شرح مسلم": فيه استحباب امتحان العالم أصحابه بمثل هذا للتمرين، انتهى (1). ويدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرصه كما سيأتي.
(فخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم) نخل تلك الحديقة وجمع ما يحصل من تمرها فكان (عشرة أوسق) وفيه من الفقه أن الإمام إذا رأى حديقةً لإنسان فيها نخل كثيرة، أو بستان فيه عنب، أو زرع يجيء منه من المغل ما تجب فيه الزكاة، أو علم ذلك ولم يره أنه يرسل إلى ذلك الموضع من يخرصه، أو يقدر ما يخرج منه، ليؤخذ منه الزكاة عند وجوبها وإن لم يطلب المالك ولا اختاره، فإن السكوت عند ذلك سبب لتضييع حق الفقراء خصوصًا في زماننا هذا الذي كثر فيه ترك أداء الزكاة حتى بلغني من بعض الملائمَ أنه لا يعلم بوجوب الزكاة في ذلك ولو علمه ما تركه، وقد اندرس الخرص حتى لم نر أحدًا فعله في بلادنا مع كثرة ما فيها من أشجار العنب في بيت المقدس والرملة وغزة وغيرها، ولا أعلم أحدًا أخرج منه زكاة، فنسأل الله العافية والسلامة في الدين.
وفيه من الفقه أن الإمام لا يكفيه خرص الخارص بل له أن يغير خرص غيره إن تيسر ذلك كما في الحديث فلعلهم أخطؤوا، وكذا إن
(1)"شرح مسلم" للنووي 15/ 42.
أمكن للإمام أن يعتبر ما شك فيه بالقيمة فلعلهم أخطؤوا في ذلك، ولا يتساهل في قبول شهادة البنائين في قيمة الأملاك فقد وجدتهم يترخصون ويشيدون بالقيمة بذلك المكان مع أنها أكثر من ذلك لما يأخذوه من الأجرة على شهادتهم ممن يشتري الملك.
(فقال للمرأة: أحصي)(1) بفتح الهمزة (ما يخرج منها) أي: احفظي قدر كيلها ولفظ مسلم (2): "أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء الله تعالى".
وأصل الإحصاء العد بالحصى؛ لأنهم كانوا لا يحسنون الكتابة، فكانوا يضبطون العد بالحصى (فأتينا) لفظ مسلم: وانطلقنا حتى قدمنا (تبوك) زاد في الصحيحين واللفظ للبخاري (3) قال: "أما إنها ستهب الليلة (4) ريح شديدة فلا يقومن أحد ومن كان معه بعير فليعقله"، فعقلناها، وهبت ريح شديدة فقام رجل فألقته بجبل طيء (فأهدى ملك أيلة) بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام مفتوحة بلدة قديمة بساحل البحر وهي: آخر الحجاز وأول الشام (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم])(5) وزاد مسلم: فقال: وجاء رسول ابن العلما صاحب أيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب.
وفي "مغازي ابن إسحاق": فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه
(1) سقط من (ع).
(2)
(1392).
(3)
(1481).
(4)
سقط من (ع) والمثبت من "الصحيح".
(5)
إلى هنا انتهى سقط (ر).
يُحَنَّةُ بن رؤبة صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية (1).
وكذا رواه إبراهيم الحربي في الهدايا (2) من حديث علي.
فاستفيد من ذلك اسمه واسم أبيه. ولعل العلماء - المذكورة في مسلم - اسم أمه، ويحنا بضم التحتانية المهملة وتشديد النون، ورؤبة بضم الراء وسكون الواو وبعدها موحدة (3).
(بغلة بيضاء) اسمها دلدل، قال النووي: ظاهر لفظه هنا أنه أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وكانت غزوة تبوك سنة تسع من الهجرة، وقد كانت هذِه البغلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، وحضر عليها غزوة حنين كما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة، وكانت حنين عقب فتح مكة سنة ثمانٍ.
قال القاضي: ولم يرو أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم بغلةً غيرها، فيحمل قوله على أنه أهداها له قبل ذلك، وقد عطف الإهداء على المجيء، وهي تقتضي الترتيب عند بعضهم (4).
(وكساه بردة) [لفظ مسلم: فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهدى له بردا
(1)"سيرة ابن هشام" 2/ 525.
(2)
في (ر): الحدايا.
(3)
"فتح الباري" 3/ 345.
(4)
"شرح مسلم" للنووي 13/ 112، 114، وقال ابن حجر في "الفتح" 3/ 346: وتعقب بأن الحاكم أخرج في "المستدرك" عن ابن عباس أن كسرى أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها بحبل من شعر، ثم أردفني خلفه الحديث. وهذِه غير دلدل، ويقال: أن النجاشي أهدى له بغلة وأن صاحب دومة الجندل أهدى له بغلة وأن دلدل إنما أهداها له المقوقس، وذكر السهيلي أن التي كانت تحته يوم حنين تسمى فضة وكانت شهباء، ووقع عند مسلم في هذِه البغلة أن فروة أهداها له.
وكتب له] (1) ذكر ابن إسحاق الكتاب وهو بعد البسملة: هذِه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنا بن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر، لهم ذمة الله ومحمد النبي
…
وساق بقية الكتاب (2).
(يعني: ببحره) لفظ الصحيحين (3): وكتب له ببحرهم أي: ببلدهم، فإن البحار القرى (4) {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (5) قيل: في المدن والقرى، أو المراد: وكتب له بأهل بحرهم؛ لأنهم كانوا سكانًا بساحل البحر، أي أنه أمَّره عليهم بما التزموه من الجزية، وفي بعض الروايات: ببحرتهم أي: ببلدتهم، وقيل: البحرة الأرض (6).
([قال]: فلما أتينا وادي) بنصب الياء (القرى) لفظ مسلم: ثم قدمنا حتى أتينا وادي القرى (قال للمرأة: كم كان في حديقتك؟ ) أي: كم جاء في حديقتك؟ كما في البخاري: كم جاء ثمر حديقتك؟ وفي رواية مسلم: فسأل المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها؟ (قالت: عشرة) بالنصب تقديره: بلغ ثمرها عشرة (أوسق) ويجوز النصب على حذف مضاف تقديره: جاء قدر عشرة أوسق، وقيل: على حذف حرف الجر، أو هو منصوب على الحال (خرص) بالنصب إما بدل أو بيان، ويجوز الرفع فيهما تقديره: الحاصل عشرة أوسق، وهو خرص (رسول
(1) سقط من (ر).
(2)
انظر: "سيرة ابن هشام" 2/ 525، و"الروض الأنف" للسهيلي 4/ 300.
(3)
البخاري (1481) ومسلم (1392).
(4)
"النهاية" 1/ 247 و"شرح النووي لمسلم" 15/ 41.
(5)
الروم: 41.
(6)
"فتح الباري" 3/ 346.
الله صلى الله عليه وسلم) وذكر مسلم هذا الحديث في كتاب المناقب، وبوب عليه: باب إصابة النبي صلى الله عليه وسلم في الخرص.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني متعجل إلى المدينة) قال ذلك لما سلك عراب؛ لأنها أقرب إلى المدينة (فمن أحب (1) منكم أن يتعجل معي) إلى المدينة (فليتعجل) أي: إني سألك طريق المدينة فمن أراد منكم فليأت معي، يعني: ممن له اقتدار على ذلك دون بقية الجيش.
وفي هذا الحديث مشروعية الخرص، واختلف القائلون: هل هو واجب أو مستحب؛ فحكى الصيمري من الشافعية وجها بوجوبه؛ لقوله في الحديث: "اخرصوا". وصيغة الأمر للوجوب.
وقال الجمهور: هو مستحب، إلا إن تعلق به حق لمحجور مثلًا. وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف الأول قول مالك، والثاني قول الشافعي ومن تبعه (2). وقوله في الحديث: خرصنا لأحد وجهي الشافعي أنه لابد في الخرص من اثنين، وفيه مشروعية الهدية ومجازاتها، وقبول هدايا المشركين (3).
[3080]
(حَدَّثَنَا عبد الواحد بن غياث) المربدي (4) البصري، صدوق، صاحب حديث (5). (حدثنا عبد الواحد بن زياد) العبدي،
(1) في المطبوع: أراد.
(2)
"فتح الباري" 3/ 346.
(3)
انظر: شرح صحيح البخاري" فيبن بطال 3/ 528، 7/ 130.
(4)
بكسر الميم، وسكون الراء، وفتح الباء المنقوطة بواحدة وكسر الدال المهملة، هذِه النسبة إلى المربد، وهو موضع بالبصرة. "الأنساب" 5/ 251.
(5)
"تهذيب الكمال" 18/ 466 و"الكاشف" للذهبي (3506).
مولاهم البصري (حَدَّثَنَا) سليمان بن مهران (الأعمش، عن جامع بن شداد) أبي صخرة الحازمي (عن كلثوم (1) عن زينب) قال المنذري: لم تنسب، ويظن أنها امرأة عبد الله بن مسعود، انتهى (2). وامرأة ابن (3) مسعود هي أنصارية، قيل: هي زينب بنت عبد الله الثقفية، وقيل: بنت معاوية (4)(أنها كانت تفلي) بفتح التاء الفوقية وسكون الفاء (رأس) أي: شعر رأس (رسول الله صلى الله عليه وسلم) لتأخذ القمل منه، فلعل كان بينهما
(1) في الأصل بياض. وكلثوم هو كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق روى عن زينب بنت جحش عند أبي داود وأم سلمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهما. انظر: "تهذيب الكمال" 24/ 205.
(2)
هذا وهم والصواب: أنها زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وليس لكلثوم بن علقمة رواية عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عند أبي داود. وقال البوصيري في "الإتحاف"(3562): وَقَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثنَا شَرِيكٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ كُلْثُومٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ
…
وذكره. ففيه بيان المبهم.
وقد أورده المزي في "تحفة الأشراف" 11/ 330 تحت ترجمة ابن عساكر التي قال فيها: ومن مسند زينب، ولم تنسب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو القاسم: وأظنها امرأة ابن مسعود.
ثم قال معلقا على هذا الكلام لابن عساكر: وأما قوله: وأظنها امرأة عبد الله بن مسعود، فهو بعيد جدًّا؛ لأنه ليس بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم محرمية فكيف تفلي رأسه؟ والأشبه أنها زينب بنت جحش زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم، انتهى. ومع هذا فلم يورد في ترجمة كلثوم أنه روى عن زينب الثقفية ولا في ترجمتها أنه روى عنها بينما صرح في شيوخ كلثوم أنه روى عن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
في الأصول: أبي. وهو خطأ. ويدل عليه ما جاء بعده فالكلام على امرأة عبد الله بن مسعود وليس على امرأة أبي مسعود.
(4)
"تهذيب الكمال" 35/ 188.
محرمية (1).
(وعنده امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه (2) ونساء من المهاجرات) التي هاجرن (3) مع أزواجهن من مكة إلى المدينة (وهن يشتكين) من (منازلهن أنها تضيق) بفتح أوله وكسر ثانيه (عليهن) أي تضيق عليهن سكناها فلا يسعن إلا بضيق (ويخرجن) بضم الأول وفتح الثالث (منها) أي: من المنازل (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تورث) بضم أوله وفتح الواو والراء المشددة (دور) مفعول مقدم (المهاجرين) إلى المدينة، يعني: الدور التي أقطعها النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين بالمدينة إقطاع تمليك يتصرفوا فيه بالبيع ونحوه.
(النساء) بالرفع نائب عن الفاعل المحذوف، قال في "النهاية": تخصيص النساء بتوريث الدور يعني: عن أزواجهن المهاجرين دون بقية الوارث، يشبه أن يكون على معنى القسمة بين الورثة، وخصَّهن بها؛ لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن، فاختار لهن المنازل
(1) هذا الكلام لا حاجة إليه لما سبق بيانه أن زينب هي: بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما جاء ذكر امرأة عبد الله، ولكن ليس في هذا الموضع، وإنما في موضع السائلة كما أخرج الطبراني في "الكبير" 23/ 321 (733): حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز ثنا عاصم بن علي ثنا قيس بن الربيع، عن جامع بن شداد، عن كلثوم الخزاعي، عن أم سلمة: أنها كانت تفلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت زينب امرأة عبد الله بن مسعود فجعلت تكلمني وأكلمها .. الحديث.
وهذا إسناد فيه: قيس بن الربيع الأسدي أبو محمد الكوفي صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. كما في "التقريب"(5573).
(2)
في الأصول بياض.
(3)
في (ر): جاهدن.
للسكنى، قال: ويجوز أن تكون الدور في أيديهن على سبيل الرفق بهن لا التمليك كما كانت حجر النبي صلى الله عليه وسلم في أيدي نسائه بعده (1).
(فمات عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فورثته) بفتح الواو وكسر الراء المخففة أي: ورثت منه (امرأته) برفع التاء فاعل، والتقدير: ورثت منه امرأته، وحذف حرف الجر كثير (دارًا بالمدينة) ويحكى عن سفيان بن عيينة أنه قال: كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم في معنى المعتدات؛ لأنهن لا ينكحن، وللمعتدة السكنى، فجعل لهن سكنى البيوت ما عشن، ولا يتملكن رقابها (2)، انتهى.
ويحتمل أن يكون نساء المهاجرين لما كنَّ غرباء في المدينة ليس لهن فيها أهل ولا عشيرة ينتقلن إليهن عند موت أزواجهن جعلن على حكمهن لا أنه ميراث حقيقي، والله أعلم.
* * *
(1)"النهاية" 5/ 380.
(2)
"شرح السنة" للبغوي 8/ 283.