الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 - باب ما جاء في الرِّكازِ وَما فِيهِ
3085 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسَيَّب وَأَبِي سَلَمَةَ سَمِعا أَبا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"في الرِّكَازِ الخُمُسُ"(1).
3086 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْن العَوَّامِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ قال: الرِّكاز الكَنْزُ العاديُّ (2).
3087 -
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسافِرٍ، حَدَّثَنَا ابن أَبِي فدَيْكٍ، حَدَّثَنَا الزَّمْعيُّ، عَنْ عَمَّتِهِ قُرَيْبَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُمِّها كَرِيمَةَ بِنْتِ الِمقْدادِ، عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هاشِمٍ أَنَّها أَخْبَرَتْهَا قالَتْ: ذَهَبَ الِمقْدادُ لحِاجَتِهِ بِبَقِيعِ الخَبْخَبَةِ فَكذا جُرَذٌ يُخْرِجُ مِنْ جُحْرٍ دِينارًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُخْرِجُ دِينارًا دِينارًا حَتَّى أَخْرَجَ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينارًا، ثُمَّ أَخْرَجَ خِرْقَةً حَمْراءَ -يَعْني: فِيها دِينارٌ - فَكانَتْ ثَمانِيَةَ عَشَرَ دِينارًا فَذَهَبَ بِها إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ وقالَ لَهُ: خذْ صَدَقَتَها. فَقالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ هَوَيْتَ إِلَى الجُحْرِ؟ ". قالَ: لا. فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا"(3).
* * *
باب ما جاء في الركاز
[3085]
(حَدَّثَنَا مسدد حَدَّثَنَا سفيان) بن عيينة (عن الزهري عن سعيد ابن المسيب وأبي سلمة) بن [عبد الرحمن](4) أنهما (سمعا أبا هريرة
(1) رواه البخاري (1499، 6912)، ومسلم (1710).
(2)
رواه ابن أبي شيبة 23/ 417 (33374).
قال الألباني في "صحيح أبي داود"(2707): إسناده صحيح مقطوع.
(3)
رواه ابن ماج" (2508). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (554).
(4)
في الأصل: (ابن أبي عبد الرحمن) والصواب أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. انظر: "تهذيب الكمال" 33/ 370.
يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في الركاز) وهو دفين الجاهلية سمي بذلك؛ لأنه ركز في الأرض أي: غرز من قولهم: ركزت الرمح أي: غرزته، وقيل: سمي بذلك لخفائه في الأرض، ومنه قوله تعالى:{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} (1) أي: صوتًا خفيًّا (2). (الخمس) زاد البيهقي (3) من طريق عبد الله بن سعيد (4) بن أبي سعيد، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة مرفوعًا: قيل: يا رسول الله وما الركاز قال: "الذهب والفضة التي خلقت في الأرض يوم خلقت". وتابعه حبان بن علي عن عبد الله ابن سعيد وقال: أصله في الصحيح (5).
وإنما وجب فيه الخمس بخلاف المعدن فالواجب فيه ربع العشر؛ لما في الركاز من عدم المؤنة في تحصيله أو خفته بخلاف الركاز.
[3086]
(حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي العابد (حَدَّثَنَا
(1) مريم: 98.
(2)
"تحرير ألفاظ التنبيه" 1/ 115 و"مختار الصحاح"(267).
(3)
في "السنن الكبرى" 4/ 152.
(4)
قال البيهقي في "السنن" 4/ 152: وهو ضعيف جدًّا جرحه أحمد بن حنبل ويحيى ابن معين وجماعة من أئمة الحديث، وقال الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن الشافعي البغدادي عنه: قد روى أبو سلمة وسعيد وابن سيرين ومحمد بن زياد وغيرهم عن أبي هريرة حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس لم يذكر أحد منهم شيئًا من الذي ذكر المقبري في حديثه، والذي روى ذلك شيخ ضعيف إنما رواه عبد الله بن سعيد المقبري، وعبد الله قد اتقى الناس حديثه، فلا يجعل خبر رجل قد اتقى الناس حديثه حجة.
(5)
هذا كلام الحافظ مع تصرف في بعض كلماته، ها هو بتمامه كما في "التلخيص الحبير" 2/ 396: وَتَابَعَهُ حِبَّانُ بْنُ عَلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اللهِ مَتْرُوكُ الحَدِيثِ وَحِبَّانُ ضَعِيفٌ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا قَدَّمْنَا.
عباد بن العوام) بن عمر بن عبد الله بن المنكدر الكلابي (عن هشام عن الحسن رضي الله عنه قال: الركاز الكنز العادي) أي: القديم كأنه نسب إلى عاد وهم قوم هود عليه السلام وكل قديم منسوب إلى عاد وإن لم يدركهم وفي حديث قس: " شجرة عادية" أي: قديمة (1). وهذا الأثر لم يوجد في أكثر النسخ فلذلك أضربت (2) عن بسط معناه (3).
[3087]
(حَدَّثَنَا جعفر بن مسافر) الليثي الهذلي مولاهم قال النسائي: صالح (4). وقال ابن حبان في "الثقات": كتب عن ابن عيينة ربما أخطأ (5)(حَدَّثَنَا) محمد بن إسماعيل (ابن أبي فديك حَدَّثَنَا) موسى بن يعقوب (الزمعي) قال أبو المظفر السمعاني: بفتح الزاي وسكون الميم وفي آخرها عين مهملة هذِه النسبة إلى الجد والمشهور بها: موسى بن يعقوب بن عبيد الله بن وهب بن زمعة القرشي وكان ثقة، انتهى. ووثقه يحيى بن معين (6).
(عن عمته قريبة) بفتح القاف وكسر الراء وبعد التحتانية باء موحدة (7)(بنت عبد الله بن وهب) بن زمعة (عن أمها كريمة) بفتح الكاف (بنت
(1)"النهاية" لابن الأثير 3/ 421.
(2)
هنا انتهى السقط من (ع).
(3)
وهو موجود في نسخة "معالم السنن" برقم (3086). وقال المزي في "تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف" 13/ 172 (18555): حديث عن الحسن، قال: الركاز الكنز العادي. (د) في الخراج والإمارة عن يحيى عن عباد بن العوام، عن هشام بن حسان به. في رواية ابن داسة.
(4)
"تهذيب الكمال" 5/ 110.
(5)
"الثقات" 8/ 161.
(6)
"الأنساب" للسمعاني 3/ 164.
(7)
"التقريب"(8664) و"التوضيح" لابن ناصر 7/ 207.
المقداد) بن عمرو (1)(عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم) زوجة المقداد بن عمرو البهراني حليف بني زهرة، يعرف بالمقداد بن الأسود؛ لتبنيه له وولدت له عبد الله وكريمة، وقتل ابنها عبد الله يوم الجمل مع عائشة (2).
(أنها أخبرتها قالت: ذهب) في ذات يوم (المقداد) بن الأسود يعني: زوجها الحاجته) أي: لحاجة الإنسان في خربة (ببقيع) بفتح الموحدة الثانية (الخبخبة)(3) قال البكري في "معجم البلدان": بقيع الخبجبة بخاء معجمة وجيم وباءين كل واحدة منهما معجمة بنقطة واحدة بالمدينة بناحية بئر أبي أيوب قال: والخبجبة شجرة كانت تنبت هناك.
وقال السكوني عن العرب: البقيع قاع ينبت الذرق.
وقال الخليل: البقيع من الأرض موضع فيه أروم شجر وبه سمي بقيع الغرقد. قال الأصمعي: قطعت غرقدات في هذا الموضع حين دفن فيه عثمان بن مظعون فسمي بقيع الغرقد. انتهى كلام البكري (4).
وقال غيره: يقال: بجيمين مفتوحتين (5). والظاهر أن الخاء والجيم في كلام البكري مفتوحتين وفي بعض النسخ بضم الخاء وفتح الجيم] (6).
قال السهيلي: هو بفتح الخاء المعجمة وباء موحدة ساكنة وجيم
(1) ذكرها ابن حبان في "الثقات" 5/ 343.
(2)
"الإصابة" 8/ 3، و 6/ 202.
(3)
قال الشيخ عوامة: تحت هذا الحديث برقم (3081)(الخبخبة) من الأصول كلها إلا (ظ) ففيها الخبجبة.
(4)
"معجم ما استعجم" 1/ 265، 266.
(5)
"القاموس المحيط" 1/ 100.
(6)
انتهى السقط الحاصل في (ر).
مفتوحة وباء أخرى (1). وغيره يقول: بخاءين معجمتين مفتوحتين وباءين موحدتين (2).
(فإذا) رواه ابن ماجة (3) بأوضح من هذا ولفظه عن المقداد بن عمرو (4): أنه خرج ذات يومٍ إلى البقيع - وهو المقبرة - لحاجته، وكان الناس لا يذهب أحدهم في حاجة إلا في اليومين والثلاثة، وإنما يبعر كما تبعر الإبل، ثم دخل خربة، فبينما هو جالس لحاجته إذ رأى (جرذ) بضم الجيم وفتح الراء المهملة بعدها ذال معجمة، ضرب من الفأر، والجمع جرذان بكسر الجيم كصرد وصردان، وقيل: الجرذ: الذكر الكبير من الفأر (5). قال ابن سيده: وهو أكدر في ذنبه سواد (6).
(يخرج من جحر) بضم الجيم وإسكان المهملة هو الثقب المستدير النازل، جمعه جحر بكسر الجيم وفتح الحاء (دينارًا) زاد ابن ماجة: ثم دخل فأخرج آخر، (ثم لم يزل يخرج) من ذلك الجحر (دينارًا دينارًا) رواية: يعني (حتى أخرج سبعة عشر دينارًا، ثم أخرج خرقة) لفظ ابن ماجة: أخرج بعض خرقة (حمراء، يعني: فيها دينار، فكانت ثمانية عشر دينارًا).
هذا الحديث له ذكر في عجائب مخلوقات الله تعالى، فإن منها صنف الفأر، وما خلق الله فيه من الحذق وأودعه من إدراك المعاني، وساقوا
(1)"الروض الأنف" 2/ 253.
(2)
انظر: "النهاية" لابن الأثير 2/ 9.
(3)
في "السنن"(2508).
(4)
في (ر): عمر.
(5)
"شرح النووي على مسلم" 1/ 192.
(6)
"المحكم والمحيط الأعظم" 7/ 358.
غرائب كثيرة في تحيله في التوصل إلى استخراج المطعوم مما يستطيع فيه ليأكل من ضيقه بأن يضع فيه ذنبه حتى يصل به إلى المطعوم من سمن ونحوه، ثم يخرجه ويلحسه، فإذا نفد أدخله مرّة أخرى، وكذا إذا أراد أخذ جوزة ونحوها مما لا يقدر على حمله إلى بيته فيلتف عليها، ثم يجيء الآخر ويجذبه بذنبه إلى بيته، وكذا هنا، قيل: إن سبب إخراج هذا الذهب أن هذا الصحابي أو غيره ممن اتفق له أنه رأى فأرًا فأخذه ليقتله، فخرجت فأرة أخرى فأخرجت دينارًا، ثم انتظرته ليطلقه، فلم يطلقه، فأخرجت دينارًا آخر، وهكذا وهو لا يطلق الممسوك حتى أخرجت الخرقة الحمراء ليعلم أنه لم يبق شيء، وأن هذِه الخرقة هي الوعاء التي كانت فيه، فأطلق الفأر الممسوك، والله أعلم بصحة ذلك، والقدرة صالحة لأعظم من ذلك.
(فذهب بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره) زاد ابن ماجة: خبرها (وقال له: خذ صدقتها) الواجبة فيها يا رسول الله (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم) زاد ابن ماجة: ارجع بها لا صدقة (هل هويت) بفتح الهاء والواو وتاء الخطاب (إلى الجحر؟ ) فيه حذف تقديره: هل أهويت يدك في الجحر؟ [ويدل على هذا الحذف رواية ابن ماجة ولفظه: ثم قال: "لعلك أتبعت يدك في الجحر"](1) قلت: لا. ولعل هذِه لغة في أهوى يده وبيده إلى الشيء ليأخذه بمعنى مدها نحوه وأمالها إليه، حكاه في "النهاية" (2). أو: هو من هوى بفتح الواو إذا سقط أي: أهبط يده إلى الجحر ليأخذه (3).
(1) سقط من (ر).
(2)
"النهاية" 5/ 665.
(3)
انظر: "مختار الصحاح"(ص 705).
(قال: لا) وسؤاله صلى الله عليه وسلم للمقداد عن إدخال يده في الجحر عقب استفتائه عن حكم صدقة الذهب يدل بالالتزام على أن إدخال اليد علة لوجوب الصدقة، فإن كان أدخل يده في الجحر وجبت الزكاة، وإن لم يكن أدخلها لم تجب، فلما أخبره أنه لم يدخل يده، قال له:"ارجع بها لا صدقة فيها" كما في رواية ابن ماجة، والمعنى: لا صدقة فيها؛ لأنك لم تدخل يدك في الجحر لإخراجه، وهذا آخر مسالك العلة المسمى بالإيماء والتنبيه (1) ونظيره:"أينقص الرطب إذا جف؟ " قال: نعم. قال: "فلا إذًا"(2).
فإن قيل: ذهب القاضي أبو حامد المروزي والإمام الرازي وغيره كما قال الشيخ أبو إسحاق في "التبصرة" إلى أنه لا يجوز تعليل الحكم الوجودي بالعدمي، وقولكم هنا: سقط وجوب صدقة الذهب لعدم إدخال اليد وعدم إدخال: عدم، فلا يكون علة لحكم السقوط.
فالجواب: أن هذا ليس من هذا الباب، بل هذا من تعليل الحكم العدمي بالوصف العدمي، وهو جائز بلا خلاف، وتقديره عدم الصدقة في الدنانير (3) عدم إدخال اليد. مع أن الذي عليه أكثر المتقدمين منهم القاضي أبو بكر الطيب والشيخ أبو إسحاق وأبو الوليد الباجي إلى جواز تعليل الوجودي بالعدمي؛ لأنه لا معنى للعلة إلا المُعَرِّف، وهو غير منافٍ للعدم، ومثاله علة تحريم متروك التسمية عدم ذكر اسم الله (4).
(1) انظر: "الإحكام" للآمدي 3/ 72.
(2)
سيأتي برقم (3359).
(3)
في الأصل: (الدنيا). ولعل المثبت هو الصواب.
(4)
انظر: "البحر المحيط" للزركشي 4/ 134، و"الإبهاج" 3/ 148، و"الإحكام" 3/ 229، و"المحصول" للرازي 5/ 438 و"نهاية السول" 2/ 297.
ويؤخذ من ذكر هذِه العلة التي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم علة أنه لو أدخل يده في الجحر وأخرج الدنانير منه لكان ركازًا يجب فيه الخمس، ولكان فيه دليل على أن الركاز لا يشترط فيه النصاب؛ لأن الثمانية عشر دينارًا دون النصاب.
(فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: بارك الله) تعالى (لك فيها) قال الخطابي: هو محمول على بيان الأمر في اللقطة إذا عُرِّفَتْ سنة، فلم تُعْرَفْ كانت لآخذها (1).
قلت: وهذا الاحتمال بعيد، وأقرب منه أن يحمل على صحة الاكتفاء بأصل التعريف مرّة واحدة في هذِه الصورة، فإنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمها بحضرة الصحابة وعلى رؤوس أشهادهم، وعرفوا أنه التقطها كما قال: من الخربة، ولم يعرفها أحد ولا عرف صاحبها، وما وقع بمحضر الصحابة لذكره لها لا يخفى أمره [عن الغائبين] (2) فإن هذا الحكم ينقل إلى من يحضر لقوله عليه السلام:"ليبلغ الشاهد منكم الغائب"(3). فلما لم يعرفها الحاضرون والغائبون كان ذلك كافيًا في التعريف، إذ هو أبلغ من تعريفه إياها عند الخربة سنة.
وقد أشار إمام الحرمين إلى الاكتفاء بمثل هذا، فإنه ذكر هذا عقب قوله: لم يصر أحد من الأصحاب إلى إسقاط التعريف، وقد يحمل على أن هذا الموجود في خربة عادته ليست ملكًا لمسلم، فيكون ركازًا، والثمانية عشر دينارًا دون النصاب، فلا صدقة. ويدلى على هذا قول
(1)"معالم السنن" 3/ 303.
(2)
سقط من (ر).
(3)
أخرجه البخاري (105).
البغوي في "شرح السنة" في الحديث الذي رواه المصنف والنسائي وغيرهما من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا من مزينة قال: يا رسول الله، ما نجد في السبيل العامر من اللقطة؟ قال:"عرفها حولًا". قال: يا رسول الله، ما نجد في الخراب العادي؟ قال:"فيه وفي الركاز الخمس".
ثم قال البغوي: إن وجد في الأرض العادية التي لم يجر عليها ملك في الإسلام أنه ركاز يجب فيه الخمس، والباقي للواجد (1). وما ذكرناه من الركاز الذي هو دون النصاب لا خمس، وهو على مذهب الشافعي.
وله قول بوجوب الخمس فيما دودن النصاب؛ لعموم قوله عليه السلام: "وفي الركاز الخمس"(2).
وفي هذا الحديث دليل على أنه يستحب للإمام ونحوه إذا رأى من فعل شيئًا فيه نفعٌ للمسلمين أو لبعضهم أن يدعو له. ووجهه أن المقداد لم يأخذ المال ويأكله على محمل يحمله، بل أتى بالمال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: خذ منه الصدقة. فلما رأى احتراصه على دينه واهتمامه به دعا له بالبركة وفيه علم من أعلام النبوة، فإنه لما دعا له فيه بالبركة لم يزل ينفق منه في حياته إلى أن مات لما رأى فيه من كثرة البركة.
* * *
(1)"شرح السنة" 8/ 320.
(2)
انظر: "التنبيه"(60) و"الحاوي" 3/ 337 و"المجموع" 6/ 101.