الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - باب الاستثْناءِ في اليمِين بَعْدَ السّكُوت
3385 -
حدثنا قُتَيْبَة بْن سَعِيدٍ، حدثنا شَرِيكٌ، عَنْ سِماكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللْهِ صلى الله عليه وسلم قال:"والله لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، والله لأغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، والله لأغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" .. ثُمَّ قال: "إِنْ شاءَ اللهُ".
قالَ أَبُو داودَ: وَقَدْ أَسْنَدَ هذا الحَدِيثَ غَيْرُ واحِدٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ سِماكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَسْنَدَه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقالَ الوَلِيدُ بْن مُسْلِمٍ: عَنْ شَرِيكٍ: ثُمَّ لم يَغْزُهمْ (1).
3386 -
حدثنا محَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، أَخْبَرَنا ابن بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سِماكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ يَرْفَعهُ قال:"والله لأغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" .. ثُمَّ قال: "إِنْ شاءَ اللهُ" .. ثمَّ قال: "والله لأغْزُوَنَّ قُرَيْشًا إِنْ شاءَ اللهُ" .. ثُمَّ قال: "والله لأغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" .. ثمَّ سَكَتَ ثمَّ قال: "إِنْ شاءَ اللهُ".
قالَ أبو داوُدَ: زادَ فِيهِ الوَلِيدُ بنُ مسلِمٍ: عَن شَرِيكٍ قال: ثمَّ لَمْ يَغْزُهمْ (2).
* * *
(1) رواه عبد الرزاق 6/ 385 (11306)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 180، والبيهقي 10/ 47. وانظر التالي.
ورواه عن ابن عباس موصولا أبو يعلى (2674)، والطبراني 11/ 282 (11742)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 179، والبيهقي 10/ 47.
قال ابن عدي: الأصل في هذا الحديث مرسل.
وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى": الصحيح مرسل. ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 329.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
(2)
السابق. وضعف هذا الإسناد الألباني في "ضعيف أبي داود".
باب في الاستثناء في اليمين بعد السكوت
[3285]
(حدثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء البلخي (حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة) أرسله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله لأغزون) فيه استحباب اليمين في الأمور المهمة تأكيدًا لأمرها باللفظ وتصميم الهمة، ووجهه أن البيعة على الغزو من أعظم فروض الكفايات، وقد أمر الله تعاني نبيه صلى الله عليه وسلم بالحلف في ثلاثة (1) مواضع مهمة فقال: في {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ} يعني البعث والنشور {لَحَقٌّ} (2). وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} (3)، والثالث:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (4).
(قريشَا) فيه أن من أقسم في بيعة الجهاد فيكون القسم على اسم جهة الجهاد وهو غزو قريش دون غيرها من القبائل.
(والله لأغزون قريشا. ثم قال) في الثالثة (إن شاء الله) كذا رواية ابن حبان (5) من حديث مسعر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس مثله إلا [أنه قال في آخره: ثم سكت فقال: "إن شاء الله"، وفي الحديث دلالة على صحة الاستثناء بالسكتة] (6). وقد أجمع العلماء
(1) في (ر): ثلاث.
(2)
يونس: 53.
(3)
سبأ: 3.
(4)
التغابن: 7.
(5)
"صحيح ابن حبان"(4343).
(6)
ما بين المعقوفتين بياض في (ل) وساقط من (ر) والمثبت من (ع).
على تسمية (إن شاء الله) استثناء، وأنه متى استثنى بيمينه بشرطه لم يحنث فيها. ومن شرطه أن يكون الاستثناء بلسانه فلا ينفعه الاستثناء بالقلب في قول عامة أهل العلم، ولا نعلم (1) في ذلك خلافًا بين أهل العلم. ويدل على ذلك قوله في الحديث: ثم قال: "إن شاء الله". وفي الحديث المتقدم: "من حلف فقال إن شاء الله"(2). والقول هو النطق باللسان، ولأن اليمين لا ينعقد بالنية فكذلك الاستثناء، لكن روي عن أحمد: أنه إن كان مظلومًا فاستثنى في نفسه رجوت أن يجوز إذا خاف على نفسه، وهذا في حق الخائف (3) على نفسه؛ لأن يمينه غير منعقدة، أو لأنه بمنزلة المتأول، أما في حق غيره فلا (4).
(قال المصنف: وقد أسند هذا الحديث غير واحد، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس) رضي الله عنهما، ورواه البيهقي موصولا ومرسلًا (5). قال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه: الأشبه إرساله. وقال ابن حبان في "الضعفاء": رواه مسعر وشريك عن سماك أرسلاه مرةً ووصلاه أخرى (6).
[3286]
(حدثنا محمد بن العلاء) بن غريب الهمداني (حدثنا) محمد
(1) في (ر): نعلمه. والمثبت من "المغني".
(2)
سبق قريبًا برقم (3261).
(3)
في (ر): الحقائق.
(4)
انظر: "المغني" لابن قدامة 11/ 227.
(5)
"السنن الكبرى" 10/ 47.
(6)
"المجروحين" 2/ 308، انظر:"التلخيص الحبير" 4/ 403.
(ابن بِشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة وهو ابن الفرافصة ابن المختار العبدي الكوفي قال: كان عند مسعر ألف حديث أو أقل كتبتها إلا عشرة (1)(عن مسعر) بن كدام الهلالي الكوفي.
(عن سماك، عن عكرمة يرفعه) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قال: والله لأغزون قريشا) ثم قال (إن شاء الله) هو موافق لقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (ثم قال؟ والله لأغزون قريشا) ولم يقيده بوقت فكان عامًّا في الأزمنة المستقبلة. (إن شاء الله) وعلى هذا فيجوز أن يكون (إن) بمعنى (إذ) الزمانية كما قيل في قوله: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"(2). والأصل في (إذ) للماضي، وقد تقع للاستقبال كقوله تعالى:{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} (3) فإن (يعلمون) مستقبل لفظًا ومعنى لدخول حرف التنفيس عليه.
(ثم قال) في الثالثة (والله لأغزون قريشا. ثم سكت، ثم قال) بعد سكوته (إن شاء الله) هذا مما استدل به لرواية عن أحمد أنه قال: يجوز الاستثناء بعد السكوت إذا لم يطل الفصل بينهما. ووجهه أن هذا الاستثناء كان بالقرب من غير أن يخلط كلامه بغيره. ونقل عنه إسماعيل بن سعيد مثل هذا وزاد قال: ولا أقول فيه يقول هؤلاء. يعني: من لم ير ذلك إلا متصلًا، ويحتملُ كلامُ الخرقي هذا؛ لأنه
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 465.
(2)
رواه مسلم (249) من حديث أبي هريرة مرفوعا.
(3)
غافر: 70 - 71.
قال (1): إذا لم يكن بين اليمين والاستثناء كلام. ولم يشترط اتصال الكلام وعدم السكوت. وهذا قول الأوزاعي، قال في رجل حلف قال: لا أفعل كذا وكذا. ثم سكت ساعة (2) لا يتكلم ولا يحدث نفسه بالاستثناء، فقال له إنسان: قل: إن شاء الله. فقال: إن شاء الله. أيكفر يمينه؟ قال: أراه قد استثنى.
وقال قتادة: له أن يستثني قبل أن يقوم أو (3) يتكلم. وحجته هذا الحديث، واحتج به أحمد (4).
(قال المصنف: زاد عليه الوليد بن مسلم) عالم أهل الشام في عصره (عن) القاضي (شريك) بن عبد الله النخعي، عن سماك بن حرب (ثم لم يغزهم) أي: ولم يكفر عن يمينه؛ لأنه استثنى وإن كان بعد السكوت.
وقد يجاب عن هذِه الرواية على قول الجمهور والرواية المشهورة عن أحمد بأن هذا السكوت محمول على سكوت تنفس وانقطاع صوت ونحوه.
* * *
(1) سقط من الأصل، والمثبت من "المغني".
(2)
سقط من الأصل، والمثبت من "المغني".
(3)
في (ر، ع): يقول و. والمثبت من (ل).
(4)
انظر: "المغني" لابن قدامة 11/ 227.