الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
62 - باب في الصَّلاةِ عَلَى المُسْلِمِ يَمُوتُ في بِلادِ الشِّرْكِ
3204 -
حدثنا القَعْنَبيُّ قال: قَرَأْتُ عَلَى مالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَعَى لِلنّاسِ النَّجاشيَّ في اليَوْمِ الذي ماتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى المُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكبِيراتٍ (1).
3205 -
حدثنا عَبّادُ بْن مُوسَى، حدثنا إِسْماعِيلُ -يَعْني: ابن جَعْفَرٍ- عَنْ إِسْرائِيلَ، عَنْ أَبي إِسْحاقَ، عَنْ أَبي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قال: أَمَرَنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَنْطَلِقَ إِلَى أَرْضِ النَّجاشيِّ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ، قالَ النَّجاشيُّ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ الذي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابن مَريمَ وَلَوْلا ما أَنا فِيهِ مِنَ المُلْكِ لأَتَيْتُهُ حَتَّى أَحْمِلَ نَعْلَيْهِ (2).
* * *
باب الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر
رواية: الصلاة على المسلم يموت (3) في بلاد الشرك.
[3204]
(حدثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي قال: قرأت على مالك ابن أنس، عن ابن شهاب) الزهري (عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس) قال الجوهري (4): النعي خبر الموت، يقال: نعاه له نعيًا (النجاشيَّ) لقب ملك الحبشة، واسمه أَصْحَمة، بفتح الهمزة وسكون الصاد وفتح الحاء المهملتين، والمراد بالنعي هنا إعلام
(1) رواه البخاري (1245)، ومسلم (951).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(37795)، وعبد بن حميد (550)، والروياني (502)، والحاكم 2/ 310. وصححه الألباني في "صحيح السيرة" ص 166.
(3)
انظر: "الصحاح" 6/ 2512.
(4)
سقط من (ع).
الناس بموته ليكثر المصلون عليه ويكثر الدعاء له والترحم عليه، وهذا بخلاف نعي الجاهلية فإنه مكروه وهو المشتمل على ذكر المفاخر والمآثر، وهو المراد بالنهي عن النعي وبهذا يجمع بين الأحاديث والله أعلم (في اليوم الذي مات فيه) قال أصحاب السير: كان ذلك في رجب سنة تسع من الهجرة، وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لإعلامه بموت النجاشي وهو في الحبشة مع بعد ما بين أرض الحبشة والمدينة (1).
واستنبط المصنف من الحديث ما أشار إليه في الترجمة أنه لا يصلى على الغائب إلا إذا وقع موته بأرض ليس فيها من يصلي عليه، وبه قال الخطابي شارح هذا "السنن"(2) واستحسنه الروياني من الشافعية (وخرج بهم) إلى المصلى، وكان لصلاة الجنائز موضع معروف ويدل عليه رواية البخاري: ورحنا قريبًا من موضع الجنائز.
فيه فضيلةُ خروج الإمام ومن أراد الصلاة على الغائب (إلى المصلى) الذي هو خارج البلد وإن صليت في الجامع الذي تصلى فيه (3) الجمعة أو غيره جاز خلافا لمالك وأبي حنيفة (فصفَّ بهم) أي: صلى بهم وهم صفوف خلفه كما تقدم (وكبر) في الصلاة عليه (أربع تكبيرات) فيه: أن عدد التكبيرات في الصلاة على الغائب كالحاضر وشروط صلاة الغائب كسائر الصلوات لكن تتميز بأمور مذكورة في كتب الفقه، وفيه
(1) انظر: "شرح النووي على مسلم" 7/ 21.
(2)
"معالم السنن" 1/ 310.
(3)
سقط من الأصل وأثبتها ليستقيم المعنى.
إثبات الصلاة على الميت وأجمعوا أنها فرض كفاية، وفيه دليل على فضيلة الصلاة على الغائب عن البلد، وهو قول الشافعي وأحمد سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن، وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز.
وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى كقولهما؛ لأنه لو كان مشروعًا للزم أن يفعل ذلك دائمًا، لكن روي أنه صلى بتبوك أيضًا على معاوية بن معاوية (1). واعتذر القائلون بأنه لا يصلى على الغائب بأمور:
أحدها: أن ذلك مخصوص بالنجاشي ليعلم أصحابه بموته مسلمًا ليستغفروا له.
وثانيها: أنه كان قد رفع له وأحضر له حتى رآه فصلى على حاضرٍ بين يديه، كما رفع للنبي صلى الله عليه وسلم] (2) بيت المقدس، أو (3) أن الأرض طويت فصار النجاشي بين يديه.
قالوا: وروى العلاء بن زيد عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم طويت له الأرض حتى دنت جنازة معاوية بن معاوية فصلى عليه ثم رجع، ونزل مع جبريل سبعون ألف ملك يصلون عليه (4).
وثالثها: أنه كان لم يصل عليه أحد؛ لأنه مات بين قومٍ كفار، وكان يكتم إيمانه وينتظر التخلص منهم، فمات قبل ذلك ولم يصل عليه أحد.
(1) انظر: "المغني" 2/ 386.
(2)
انتهى السقط من (ر).
(3)
في (ر): و.
(4)
رواه ابن أب الدنيا في "الأولياء"(21)، وأبو يعلى 7/ 258 (4267) وغيرهم بنحوه.
وعلى هذا فيصلى على الغريق، وأكيل السبُع.
قال القرطبي: وهذا قول ابن حبيب من أصحابنا، ولم ير ذلك مالك.
قال: وهذا الوجه الثالث أقربها، وفي غيره نظر، انتهى (1).
وهذا الثالث قال به بعض أصحاب الشافعي؛ قال أبو سليمان الخطابي من أصحابنا: إنَّ الغائب إنْ كان الحاضرون صلوا عليه لم يصل الغائب عليه، وإن لم يكونوا صلوا عليه صلى الغائب عليه. واستحسنه الروياني من أصحابنا (2).
[3205]
(حدثنا عباد بن موسى) الختلي شيخ مسلم (قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر) المدني (عن إسرائيل، عن أبي إسحق) سليمان (3)(عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري (عن أبيه) أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري (قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض) الحبشة التي ملكها (النجاشي) واسمه أصحمة، وفي "مسند ابن أبي شيبة" في هذا الحديث تسميته: صَحْمَة بحذف الهمزة على وزن: ركوة، ومعنى أصحمة بالعربية عطية، والنجاشي لقب كل من ملك الحبشة كما يقال لكل من ملك المسلمين أمير المؤمنين، ولكل من ملك الروم قيصر، واسمه هرقل (4). وتنازع ابنا عبد الحكم (5) في أنه
(1)"المفهم" 2/ 611.
(2)
انظر: "فتح الباري" 3/ 188.
(3)
هكذا في النسخ الخطية، ولعل سببه أن الشارح ظنه أبا إسحاق الشيباني. وإنما هو أبو إسحاق السبيعي - جد إسرائيل - عمرو بن عبد الله.
(4)
انظر: "المفهم" 2/ 609.
(5)
في (ر): الملك.
يقال له هرقل أو قيصر، وترافعا إلى الشافعي فقال: هو هرقل وهو قيصر، هرقل اسم علم له وقيصر لقب (1).
(فذكر حديثه) أي: حديث الهجرة (قال النجاشي: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولهذا حكم بإسلامه.
(فذكر حديثه) أي: حديث الهجرة (قال النجاشي: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولهذا حكم بإسلامه.
وأخرجه ابن منده وابن الأثير في جملة الصحابة وإن كان لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم ولا رآه، والأولى أن لا يعد في جملة الصحابة؛ لأن اسم الصحبة لا يطلق عليه بحال (2).
(وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم) عليه السلام في قوله تعالى: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (3)، وذكر الإمام أحمد (4) هذا الحديث بكماله عن عبد الله بن مسعود قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن نحو (5) من ثمانين رجلًا منهم عبد الله بن مسعود وجعفر وعثمان بن مظعون وأبو موسى (6) ، فلما دخلا عليه سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وشماله، ثم قالا له: إن نفرًا من بني عمنا نزلوا بأرضك، ورغبوا عنا وعن ملتنا.
قال: وأين هم؟ قالا له: بأرضك فابعث إليهم. فبعث إليهم، فقال جعفر: أنا خطيبكم اليوم، فاتبعوه، فسلم عليه ولم يسجد، فقالوا له:
(1) انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي 2/ 65.
(2)
انظر: "جامع الأصول" لابن الأثير 12/ 956.
(3)
الصف: 6.
(4)
"المسند" 7/ 408 (4400).
(5)
من (ل).
(6)
زاد هنا في (ر): له.
ما لك لا تسجد للملك؟ قال: إنا لا نسجد إلا لله. قال: وما ذاك؟ قال: إنه بعث إلينا رسوله فأمرنا أن لا نسجد لأحد إلا لله، وأمرنا بالصلاة والزكاة. قال عمرو: فإنهم يخالفونك في عيسى ابن مريم.
قال: ما تقولون في عيسى ابن مريم؟ فقالوا: نقول كما قال الله عز وجل هو كلمة الله وروحه ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر ولم يفرضها ولد قال: فرفع عودًا من الأرض ثم قال: يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما تزيدون على ما يقول فيه ما يساوي هذا، مرحبًا بكم وبمن جئتم من عنده، أشهد أنه رسول الله وأنه [الذي نجده في الإنجيل وأنه](1) الذي بشر به عيسى ابن مريم، انزلوا حيث شئتم (والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى) أكون أنا (أحمل نعليه) وأوضئه. وأمر بهدية الآخرين فردت إليهما (2) ثم تعجل عبد الله بن مسعود حتى أدرك بدرًا، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم استغفر له حين بلغه موته.
قال: وقد رويت هذِه القصة عن جعفر وأم سلمة.
(1) سقط من (ر).
(2)
في (ر): إليها.