الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب الحَلِفِ بِالأَنْدادِ
3247 -
حدثنا الحَسَنُ بْنُ عَليٍّ، حدثنا عبد الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ فَقالَ في حَلِفِهِ: واللَاّتِ، فَلْيَقُلْ: لا إله إِلَاّ اللهُ، وَمَنْ قالَ لِصاحِبِه. تَعالَ أُقامِرْك، فَلْيَتَصَدَّقْ بِشَيء"(1).
* * *
باب الحلف بالأنداد
[3247]
(حدثنا الحسن بن علي) الحلواني (حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهريّ (عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف) على فعل شيء (فقال في حلفه: واللات) زاد البخاري: "والعزى". اللات والعزى ومناة أصنام ثلاثة كانت في جوف الكعبة، وقيل: كانت اللات بالطائف والعزى بغطفان (2)، وهي التي هدمها خالد بن الوليد، ومناة بقديد، وقيل: بالمشلل، وأما اللات فقيل: إنهم أرادوا به تأنيث اسم الله فصرف الله ألسنتهم عن ذلك الاسم العظيم أن يسمى به غيره كما صرف ألسنتهم عن سب محمد صلى الله عليه وسلم إلى مذمم، فكانوا إذا تكلموا باسمه في غير [السب قالوا (3)]: محمد، فإذا أرادوا أن يذموه، قالوا: مذممًا، حتى
(1) رواه البخاري (4860)، ومسلم (1647).
(2)
في (ر): يقطعان.
(3)
في (ر): السبب فقالوا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تعجبون بما صرف الله عني من أذى قريش يسبون مذممًا وأنا محمد"(1)، ولمَّا نشأ القوم على تعظيم تلك الأصنام وعلى الحلف بها وأنعم الله عليهم بالإسلام (2) بقيت تلك الأسماء تجري على ألسنتهم بغير قصد للحلف بها، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم" من سبق لسانه إلى شيءٍ من ذلك فليقل بعده: لا إله إلا الله" تكفيرًا (3) لتلك اللفظة وتذكيرًا له من الغفلة (4)، وإتمامًا لنعم الله تعالى بالهداية للإسلام، وخص اللات بالذكر في هذا الحديث لأنها أكثر ما كانت تجري على ألسنتهم، وحكم غيرها من أسماء آلهتهم حكمها؛ إذ لا فرق بينها (5).
ولم يذكر في الحلف باللات كفارة، ولو وجبت لوجب تبيينها لتعين الحاجة لذلك، وليس ذلك بكفر وإن كان محرمًا، ألا ترى إلى قوله:"فليقل: لا إله إلا الله". ولم ينسبه إلى الكفر.
(ومن قال لصاحبه: تعالَ) بفتح اللام (أُقَامِرْكَ) بالجزم جواب الأمر، والقمار حرام بالاتفاق، والمعنى: أن من قال ذلك جريًا على عادته الأولى (ف) ليتب و (ليتصدق) والحكمة في تخصيص الصدقة دون غيرها أنها تعويض عن أكل المال بالباطل، فأمروا بأكله بالمعروف والحق.
قال القرطبي: والظاهر وجوب التهليل كما في ما قبله، وهذِه الصدقة
(1) رواه البخاري (3340) بنحوه.
(2)
سقط من (ر).
(3)
في (ر): تكبيرا.
(4)
في النسخ الخطية: العلقة، والمثبت من "المفهم".
(5)
انظر: "المفهم" للقرطبي 4/ 625 - 626.
غير مقدرة فيكفي ما يقع عليها الاسم كما في صدقة المناجاة.
قال الخطابي: يتصدق بقدر ما أراد أن يقامر به (1). وقال بعض الحنفية: بقدر كفارة يمين. وهذا فاسد (2).
قال النووي: والصواب الذي عليه المحققون وهو ظاهر الحديث أنه لا يختص بمقدار، بل يتصدق بما تيسر ويؤيده رواية المصنف ومسلم في رواية معمر:"فليتصدق بشيء".
وفيه دليل لمذهب الجمهور أن العزم على المعصية إذا استقر في القلب (3) كان ذنبًا يكتب عليه فلهذا أمر فيه بالصدقة دون المخاطر كما تقدم (4).
* * *
(1)"معالم السنن" 4/ 45.
(2)
"المفهم" للقرطبي 4/ 626، وانظر:"معالم السنن" 4/ 45.
(3)
مطموسة في (ل).
(4)
"شرح مسلم" للنووي 11/ 107 - 108.
3 -
باب ما جاءَ في تَعْظيمِ اليَمِينِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبيِّ
3246 -
حدثنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا ابن نُمَيْرٍ، حدثنا هاشِمُ بْن هاشِمٍ أَخْبَرَني عبد اللهِ بْنُ نِسْطاسٍ -مِنْ آلِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ- أَنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحْلِفُ أَحَدُ عِنْدَ مِنْبَري هذا عَلَى يَمِينٍ آثِمَةٍ وَلَوْ عَلَى سِواكٍ أَخْضَرَ إِلَاّ تبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النّارِ". أَوْ: "وَجَبَتْ لَهُ النّارُ"(1).
* * *
في تعظيم اليمين على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)
[3246]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا) عبد الله (بن نمير) الهمداني (حدثنا هاشم بن هاشم) الزهري الوقاصي (أخبرني عبد الله بن نَسطاس) بفتح النون وسكون المهملة الأولى، المدني (من آل كثير) بكسر المثلثة (ابن الصلت) بن معدي كرب الكندي. قيل: إنه كان اسمه قليلاً، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا، والأصح أن الذي سماه كثيرا عمر (3). وليس لعبد الله بن نسطاس في السنة غير هذا الحديث (أنه سمع جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحلفُ أحدٌ عند منبري هذا) ولفظ رواية أحمد (4): " لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة" وصحح الحاكم نحوه (5).
(1) رواه ابن ماجه (2325)، ومالك 2/ 727، وأحمد 3/ 344، والنسائي في "السنن الكبرى"(6018)، وابن حبان (4368). وصححه الألباني في "المشكاة"(3778).
(2)
سقط هذا الباب بأحاديثه وشرحها من (ر).
(3)
انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد 5/ 14، "تهذيب الكمال" 24/ 128.
(4)
"المسند" 2/ 518.
(5)
"المستدرك" 4/ 296.
والمراد بقوله "عند المنبر" أي: مما يلي القبر الشريف لحديث: "ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة"(1) وصرح به قبل الباب الثالث في جوامع اللعان. وقد استدل أصحابنا بهذا الحديث على أن من غلظت عليه اليمين بالمكان فليحلف في أشرف مكان في تلك البلدة، فإن كان بالمدينة فعند المنبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن العجلاني وامرأته عند المنبر، وفي كلام الشافعي في "الأم" و"المختصر" على المنبر (2). وفي كلام القاضي حسين فيمن يصعد ثلاثة أوجه: أحدها: المحلف وهما تحته.
(على يمين آثمة) بمد الهمزة أي: يأثم فيها (ولو) كانت يمينه (على سواكٍ أخضرَ) رواية ابن ماجه (3) والحاكم (4)"سواك رطب" وفيه دليل على تغليظ اليمين المباحة في الشيء التافه وهو وجه ضعيف، والمشهور أنها لا تغلظ فيما دون النصاب. قال إبراهيم المروزي: لأنه تافه فلا تؤكد فيه اليمين (إلا تبوأ مقعده من النار) أي: ليستعد لليمين الذي يبوئه النار. يقال: بوأه الله منزلا. أي: أسكنه إياه، وتبوأت منزلا: اتخذته (5)(أو) قال (وجبت له النارُ) فيه جوابان مشهوران: أحدهما: أنه محمول على المستحل لذلك إذا مات على ذلك فإنه
(1) رواه البخاري (1196) ومسلم (1391) من حديث أبي هريرة.
(2)
"الأم" 6/ 726، و"مختصر المزني" المطبوع مع "الأم" ط. المعرفة 8/ 313.
(3)
(2326).
(4)
"المستدرك" 4/ 297.
(5)
انظر: "النهاية" لابن الأثير 1/ 159.
يكفر ويخلد في النار. والثاني: معناه أنه استحق النار، ويجوز عفو الله تعالى عنه، أو حرم عليه دخول الجنة أول وهلة مع الفائزين حتى يدخل النار (1).
* * *
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 1/ 161 - 162.