المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌15 - باب اليمين في قطيعة الرحم - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٣

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌21 - باب ما جاء في سَهم الصَّفيّ

- ‌22 - باب كَيْفَ كانَ إِخْراج اليَهُودِ من المَدِينَة

- ‌23 - باب في خبَرِ النَّضيرِ

- ‌24 - باب ما جاءَ في حُكْم أَرْضِ خَيْبَرَ

- ‌25 - باب ما جاء في خَبرِ مكَّةَ

- ‌26 - باب ما جَاءَ في خَبَرِ الطّائِفِ

- ‌27 - باب ما جاءَ في حُكْم أرْضِ اليَمَنِ

- ‌28 - باب في إخْراج اليَهُودِ مِنْ جَزِيرَة العَرب

- ‌29 - باب في إِيقاف أرْضِ السَّواد وَأَرْضِ العَنْوَةِ

- ‌30 - باب في أَخْذِ الجِزْيَةِ

- ‌31 - باب في أَخْذ الجِزْيَةِ مِنَ المَجُوسِ

- ‌32 - باب في التَّشْدِيدِ في جِبايَةِ الجِزْيَةِ

- ‌33 - باب في تَعْشِير أَهْل الذِّمَّةِ إذا اخْتلَفُوا بالتِّجاراتِ

- ‌34 - باب في الذِّمِّيِّ يُسْلِمُ في بَعْضِ السَّنَةِ هَلْ عَلَيْهِ جِزْيةٌ

- ‌35 - باب فِي الإِمَامِ يَقْبَلُ هَدَايَا المُشْرِكِينَ

- ‌كِتاب القطائع

- ‌36 - باب في إِقْطاعِ الأَرَضِيْنَ

- ‌37 - باب في إِحْيَاءِ المَواتِ

- ‌38 - باب مَا جاءَ في الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الخَرَاجِ

- ‌39 - باب في الأَرْضِ يَحْمِيهَا الإِمامُ أَوِ الرَّجُلُ

- ‌40 - باب ما جاء في الرِّكازِ وَما فِيهِ

- ‌41 - باب نَبْشِ القُبُورِ العادِيَّةِ يَكُونُ فِيْهَا المالُ

- ‌كِتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌1 - باب الأَمْراضِ المُكَفِّرِةُ لِلذُّنُوبِ

- ‌2 - باب إذا كانَ الرَّجُلُ يَعْمَلُ عَمَلًا صالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ

- ‌3 - باب عِيادَةِ النِّساءِ

- ‌4 - باب في العِيادَةِ

- ‌5 - باب في عيادَةِ الذِّمِّيِّ

- ‌6 - باب المَشْي في العِيادةِ

- ‌7 - باب في فَضْلِ العِيَادَةِ عَلَى وُضُوء

- ‌8 - باب في العِيَادَةِ مِرارًا

- ‌9 - باب في العِيَادَة مِنَ الرَّمَدِ

- ‌10 - باب الخُرُوج مِنَ الطَّاعُونِ

- ‌11 - باب الدُّعاء لِلْمَرِيضِ بِالشِّفاء عِنْدَ العِيادَةِ

- ‌12 - باب الدُّعاءِ لِلْمَرِيضِ عِنْدَ العِيَادَةِ

- ‌13 - باب في كراهِيَةِ تمَنّي المَوْتِ

- ‌14 - باب مَوْتِ الفَجْأَةِ

- ‌15 - باب في فضْلِ مَنْ ماتَ في الطّاعُونِ

- ‌16 - باب المَريضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفارهِ وَعانَتِهِ

- ‌17 - باب ما يُسْتحَبُّ منْ حُسْنِ الظَّنِّ بالله عِنْدَ المَوْتِ

- ‌18 - باب ما يُسْتَحَبُّ منْ تَطْهيرِ ثِيابِ المَيِّتِ عِنْدَ المَوْتِ

- ‌19 - باب ما يُسْتَحَبُّ أنْ يُقالَ عِنْدَ المَيِّتِ مِنَ الكَلامِ

- ‌20 - باب في التَّلْقِينِ

- ‌21 - باب تَغْمِيضِ المَيِّتِ

- ‌22 - باب في الاسْتِرْجاعِ

- ‌23 - باب في المَيِّتِ يُسَجَّى

- ‌24 - باب القِراءَةِ عِنْدَ المَيِّتِ

- ‌25 - باب الجُلُوسِ عِنْدَ المُصِيبَةِ

- ‌26 - باب في التَّعْزِيَةِ

- ‌27 - باب الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ

- ‌28 - باب في البُكاءِ عَلى الميِّتِ

- ‌29 - باب في النَّوْحِ

- ‌30 - باب صَنْعَةِ الطَّعَام لأَهْلِ المَيِّتِ

- ‌31 - باب في الشَّهِيد يُغَسَّلُ

- ‌32 - باب في سَتْر المَيِّتِ عنْدَ غَسْلهِ

- ‌33 - باب كَيْفَ غُسْلُ المَيِّتِ

- ‌34 - باب في الكَفَنِ

- ‌35 - باب كَراهِيَةِ المُغَالَاةِ فِي الكَفَنِ

- ‌36 - باب في كَفِنِ المَرْأَةِ

- ‌37 - باب في المِسْكِ للْمَيِّتِ

- ‌38 - باب التَّعْجِيلِ بِالجَنَازَةِ وَكَراهِيَةِ حَبْسِها

- ‌39 - باب في الغُسْلِ مِنْ غَسْلِ المَيِّتِ

- ‌40 - باب في تَقْبِيلِ المَيِّتِ

- ‌41 - باب في الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ

- ‌42 - باب في المَيِّتِ يُحْمَلُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ وَكَرَاهَةِ ذَلِكَ

- ‌43 - باب في الصُّفُوف علَى الجَنَازَةِ

- ‌44 - باب اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الجَنَائِزَ

- ‌45 - باب فَضْلِ الصَّلاةِ عَلَى الجَنَائِزِ وتشْيِيعِها

- ‌46 - باب في النّار يُتْبَعُ بها المَيِّتُ

- ‌47 - باب القِيامِ لِلْجَنَازَةِ

- ‌48 - باب الرُّكُوبِ فِي الجَنَازَةِ

- ‌49 - باب المشْى أَمَامَ الجَنَازَةِ

- ‌50 - باب الإِسْرَاعِ بِالجَنَازَةِ

- ‌51 - باب الإِمامِ لا يُصَلّي عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسهُ

- ‌52 - باب الصَّلاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَتْهُ الحُدُودُ

- ‌53 - باب في الصَّلاةِ عَلَى الطِّفْلِ

- ‌54 - باب الصَّلاةِ على الجَنازَةِ في المَسْجِدِ

- ‌55 - باب الدَّفْنِ عنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِها

- ‌56 - باب إذا حَضَرَ جَنائِزَ رِجالٍ وَنِساءٍ، مَنْ يقَدِّمُ

- ‌57 - باب أَيْيَ يَقومُ الإمامُ مِنَ المَيِّتِ إِذا صَلَّى عَلَيْهِ

- ‌58 - باب التَّكْبير عَلَى الجَنازةِ

- ‌59 - باب ما يُقْرَأُ علَى الجَنازَةِ

- ‌60 - باب الدُّعاءِ لِلْمَيِّتِ

- ‌61 - باب الصَّلاة على القَبْرِ

- ‌62 - باب في الصَّلاةِ عَلَى المُسْلِمِ يَمُوتُ في بِلادِ الشِّرْكِ

- ‌63 - باب في جَمْعِ المَوْتَى في قَبْرٍ والقَبْرُ يُعَلَّمُ

- ‌64 - باب في الحَفّارِ يجِدًا لعَظْمَ هَلْ يَتَنَكَّبُ ذَلِكَ المَكانَ

- ‌65 - باب في اللَّحْدِ

- ‌66 - باب كَمْ يَدْخلُ القَبْرَ

- ‌67 - باب في المَيِّت يدْخَلُ منْ قِبَلِ رِجْلَيهِ

- ‌68 - باب الجُلُوسِ عِنْدَ القَبْرِ

- ‌69 - باب في الدُّعاءِ لِلْمَيِّتِ إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ

- ‌70 - باب الرَّجُلِ يمُوتُ لَهُ قَرابَةُ مُشْرِكٍ

- ‌71 - باب في تَعْمِيقِ القَبْرِ

- ‌72 - باب في تَسْوِيةِ القَبْرِ

- ‌73 - باب الاسْتِغْفار عِنْد القَبْرِ لِلْمَيِّتِ في وَقْتِ الانْصِرافِ

- ‌74 - باب كَراهِيَة الذَّبْحِ عِنْدَ القَبْرِ

- ‌75 - باب المَيِّتِ يُصَلّى علَى قَبْرِهِ بَعْدَ حِينٍ

- ‌76 - باب في البِناءِ عَلى القَبْرِ

- ‌77 - باب في كَراهِيَةِ القُعُودِ على القَبْرِ

- ‌78 - باب المَشْى في النَّعْل بَيْنَ القُبُورِ

- ‌79 - باب في تَحْوِيلِ المَيِّتِ مِنْ موْضعِهِ لِلأَمْرِ يَحْدِّثُ

- ‌80 - باب في الثَّناءِ عَلَى المَيِّتِ

- ‌81 - باب في زِيارةِ القُبُورِ

- ‌82 - باب في زِيارَةِ النِّساء القُبُورِ

- ‌83 - باب ما يَقُولُ إِذا زارَ القُبُورَ أوْ مَرَّ بِها

- ‌84 - باب المُحْرِمِ يَمُوتُ كيْف يُصْنَعُ بِهِ

- ‌كِتَابُ الأَيْمَانُ وَالنُّذُور

- ‌2 - باب فِيمَنْ حَلف يَمِينًا لِيَقْتَطِعَ بها مالًا لأحَدٍ

- ‌3 - باب التغْلِيظ فِي اليَمينَ الفَاجِرَة

- ‌4 - باب الحَلِفِ بِالأَنْدادِ

- ‌5 - باب في كَراهِيةِ الحَلِفِ بِالآباءِ

- ‌6 - باب في كَراهِيَةِ الحَلِفِ بِالأَمانَةِ

- ‌7 - باب لَغْوِ اليَمِينِ

- ‌8 - باب المَعارِيضِ في اليَمينِ

- ‌9 - باب ما جاءَ في الحَلِفِ باِلبَراءَةِ وبمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلامِ

- ‌10 - باب الرَّجُلِ يَحْلِفُ أَنْ لا يَتأَدَّمَ

- ‌11 - باب الاسْتثْناءِ في اليَمِينِ

- ‌12 - باب ما جاءَ في يَمِينِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ما كانتْ

- ‌13 - باب في القَسَمِ: هَلْ يَكُونُ يَمينًا

- ‌14 - باب فِيمَنْ حَلَف عَلى الطَّعام لا يَأكلُهُ

- ‌15 - باب اليَمِينِ في قَطيعَةِ الرَّحِم

- ‌16 - باب فِيمَنْ يحْلِف كاذِبًا متَعَمِّدًا

- ‌17 - باب الرَّجُلِ يُكَفّرُ قَبْلَ أَنْ يَحْنَثَ

- ‌18 - باب كَمِ الصّاعُ في الكَفّارَةِ

- ‌19 - باب في الرَّقبةِ المُؤْمِنَةِ

- ‌20 - باب الاستثْناءِ في اليمِين بَعْدَ السّكُوت

- ‌21 - باب النَّهْى عنِ النَّذْرِ

- ‌22 - باب ما جاءَ في النَّذْرِ في المَعْصِيَةِ

- ‌23 - باب مَنْ رَأى علَيْهِ كَفّارَةً إذا كانَ في معْصِيَةٍ

- ‌24 - باب منْ نَذَرَ أَنْ يُصَلّيَ في بَيْت المقْدِسِ

- ‌28 - باب في النَّذْرِ فِيما لا يمْلِكُ

- ‌27 - باب ما يُؤْمَرُ بِهِ مِن الوَفاء بِالنَّذْر

- ‌29 - باب فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمالِهِ

- ‌25 - باب في قَضاءِ النَّذْرِ عنِ المَيِّتِ

- ‌26 - باب ما جاءَ فِيمَنْ ماتَ وَعَلَيْهِ صِيامٌ صامَ عَنْهُ وَليُّهُ

- ‌30 - باب مَنْ نَذَرًا نَذْرًا لا يُطِيقُهُ

- ‌31 - باب مَنْ نَذَر نَذْرًا لَمْ يسَمِّهِ

- ‌32 - باب مَنْ نَذَرَ في الجاهِلِيَّةِ ثمّ أَدْرَكَ الإِسْلامَ

الفصل: ‌15 - باب اليمين في قطيعة الرحم

‌15 - باب اليَمِينِ في قَطيعَةِ الرَّحِم

3272 -

حدثنا مُحَمَّدُ بْن الِمنْهالِ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زرَيْعٍ، حدثنا حَبِيبٌ المعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الأنصارِ كانَ بَيْنَهُما مِيراثٌ فَسَأَلَ أَحَدُهما صاحِبَهُ القِسْمَةَ فَقال: إِنْ عدْتَ تَسْألني عَنِ القِسْمَةِ فَكُلُّ مالٍ لي في رِتاجِ الكَعْبَةِ. فَقالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّ الكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ مالِكَ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَكَلِّمْ أَخاكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلا نَذْرَ في مَعْصِيَةِ الرَّبِّ وَفي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَفِيما لا تَمْلِكُ"(1).

* 32 - حدثنا أَحْمَد بْن عَبْدَةَ الضَّبّيُّ، حدثنا المُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَني أَبي عَبد الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شعَيبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"لا نَذْرَ إِلَاّ فِيما يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ، وَلا يَمِينَ في قَطِيعَهِ رَحِمٍ"(2).

3274 -

حدثنا المنْذِرُ بْن الوَلِيِدِ، حدثنا عبد اللهِ بْن بَكْرٍ، حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْن الأخنَسِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شعَيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا نَذْرَ وَلا يَمِينَ فِيما لا يَمْلِكُ ابن آدمَ وَلا في مَعْصِيَةِ اللهِ وَلا في قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها فَلْيَدَعْها وَلْيَأْتِ الذي هُوَ خيرٌ، فَإنَّ تَرْكها كَفّارَتُها".

قالَ أبو داوُدَ: الأحَادِيثُ كُلُّها، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"وَلْيُكَفّرْ، عَنْ يَمِينِهِ" .. إِلا فِيما لا يُعْبَأُ بِهِ.

قالَ أَبُو داوُدَ: قُلْتُ لأحمَدَ: رَوى يَحْيِى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللهِ فَقال:

(1) رواه ابن حبان (4355)، والإسماعيلي في "المعجم في أسامي الشيوخ" 3/ 747 (364)، والحاكم 4/ 300، والبيهقي 10/ 33، 65 - 66.

وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".

(2)

رواه أحمد 2/ 185. وسلف برقم (2191)، (2192)، وانظر التالي.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

ص: 621

تَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكانَ أَهْلاً لِذَلِكَ، قالَ أَحْمَد: أَحادِيثهُ مَناكِيرُ وَأَبُوهُ لا يُعْرَفُ (1)

* * *

باب اليمين في قطيعة الرحم

[3272]

(حدثنا محمد بن المنهال) الضرير، أخرج له الشيخان (حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا حبيب) بن أبي قريبة البصري (المعلّم، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه: أن أخوينِ من الأنصار كان بينهما ميراث) من عقارٍ: دارٍ أو غيرها (فسأل أحدُهما صاحبَه القسمةَ) ليتمكن من كمال تصرفه ويتخلص من سوء المشاركة واختلاف الآراء في المال المشترك (2).

(فقال) له المسئول حين غضب من قوله وشق عليه طلبُ القسمة (إن عُدتَ تسألُني) برفع اللام (القسمة) فيما بيني وبينك (فكل مال لي) نسخة: فكل مالي (في رِتاج) بكسر الراء (الكعبة) أي: يخرج من ملكي وينتقل إلى أموال الكعبة، ينفق فيما ينفق فيه مالها. والمراد أن ماله يكون لها. وأصل الرتاج الباب جمعه: رتج ككتاب وكتب، ويجمع على أرتجة في القلة كحمار وأحمرة. وليس المراد هنا الباب فقط، وإنما المراد جميع الكعبة فعبر بالبعض عن الكل، فينفق (3) المال في كسوتها والنفقة عليها ونحو ذلك من أمرها، وإنما استعمل الباب هنا لأن منه يدخل

(1) رواه الترمذي (1181)، والنسائي 7/ 10، وابن ماجه (2111)، وأحمد 2/ 212. وانظر ما قبله. وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(7549).

(2)

انظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني 4/ 418.

(3)

في (ر): فيبقى.

ص: 622

إليها، ومنه حديث مجاهد عن بني إسرائيل: كانت الجراد تأكل مسامير رتجهم (1). أي: أبوابهم.

(فقال له عمر) قال المنذري: هذا الحديث منقطع؛ لأن سعيد بن المسيب لم يصح سماعه من عمر بن الخطاب (2). (إن الكعبة) أدام الله شرفها (غنيةٌ عن مالك) الذي يحتاجه لكثرة ما لها من الأموال والأعيان الموقوفة عليها. فقدم رضي الله عنه ذكر العلة على الحكم المعلول، وليس هذا المعنى هو العلة للحكم بمفرده، بل الظاهر أن العلة مركبة من ثلاثة معانٍ: أحدها هذا.

والثاني: المعنى الذي أشار إليه عمر رضي الله عنه في استدلاله بالحديث الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أنه "لا نذر في معصية الرب"، ووجهه أن الصدقة بجميع المال معصية أو كالمعصية في حق من لا يصبر، أو لما يلحقه بصدقة جميع ماله من الضرر اللاحق به وبزوجته وأولاده وذوي (3) رحمه، ولنهيه كعب بن مالك حين قال: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة (4). وأمره أن يمسك عليه بعض ماله. والثالث: أنه لم يرد بإخراج ماله للكعبة ابتغاء وجه الله كما سيأتي في الحديث بعده ولا أخرجه مخرج القربة والبر والطاعة لله، بل أخرجه مخرج اليمين، يمين اللجاج والغضب، ومقصوده الأعظم من ذلك منع

(1) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" 3/ 94.

(2)

"عون المعبود" 9/ 164.

(3)

سقط من (ر).

(4)

رواه البخاري (4418) ومسلم (2769).

ص: 623

صاحبه من ذكر القسمة كما تقدم والحث على تركه ذلك، ولهذا أخرجه عمر مخرج اليمين وألزمه كفارة اليمين بقوله (كَفِّرْ عن يمينك) كفارة اليمين (وَكَلِّم أخاك) ولم يقل: صاحبك، كما تقدم، بل فيه إشارة إلى أن العلة في أمره بتكليمه صاحبه وشريكه كونه أخاه، والمؤمن أخو المؤمن لا يهجره ولا يخذله ولا يظلمه

الحديث بمعناه (1).

ثم قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا) ينعقد (يمين عليك ولا) وفاء (نذر) يلزمك (في معصية الرب) ولا كفارة في يمينه إذا حنثت كما قال سعيد بن جبير؛ لأن هذا عنده من لغو اليمين؛ فإن مذهبه أن حلف اليمين في ما لا ينبغي له فعله لغو لا كفارة عليه في الحنث فكيف بالمعصية؟

وقال قوم: من حلف على فعل معصية فكفارتها تركها، واستدلوا بأن الحنث في ترك المعصية المحلوف عليها طاعة وفعل الطاعة لا كفارة فيه.

والمشهور عند الجمهور أن عليه كفارة على كون اليمين غير طاعة فيلزمه الكفارة للمخالفة في اليمين على المعصية لا في ترك المعصية، ولتعظيم اسم الله تعالى إذ حلف به ولم يبر يمينه بما حلف به الاسم المعظم، واستدل الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم في البخاري: "من حلف على

(1) رواه مسلم عن أبي هريرة (2564) بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه".

ص: 624

يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير وليكفِّر عن يمينه" (1). لكن الاستدلال بهذا لا يظهر؛ فإنه قال: "فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير". فإن لفظة: خير (2) أفعل تفضيل يدل على أن المتروك فيه خير قليل، والذي يفعله أكثر خير منه، والمعصية (3) ليست من هذا؛ إذ لا خير فيها البتة.

وعلى قول الجمهور يحمل الحديث على أن التقدير: لا إثم عليك في ترك معصية الرب. قال الصيمري (4) من أصحابنا: لو حلف بالطلاق أنه يصوم يوم الفطر لم يصمه وطلقت امرأته ولزمه الحنث.

وأما قولنا: لا وفاء لنذر في معصية لأن هذا النذر غير صحيح، والباطل لا يلزم الوفاء به، ونذر المعصية كالقتل والزنا ونذر المرأة أن تصلي وتصوم في أيام حيضها أو في يومي العيد، ولا يلزمه فيه كفارة يمين.

وعن الربيع (5): عليه الكفارة للحديث الآتي: "من نذر معصية

(1) انظر: "المغني" لابن قدامة 11/ 173 والحديث سبق تخريجه.

(2)

سقط من الأصل والسياق يقتضيه.

(3)

في (ر): الوصية.

(4)

في (ل): (الصميري) وهو: عبد الواحد بن الحسين بن محمد القاضي أبو القاسم الصيمري، نزيل البصرة، أحد أئمة المذهب، قال الشيخ أبو إسحاق: كان حافظاً للمذهب، حسن التصانيف، والصيمري بفتح الصاد المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الميم وفي آخرها الراء أراه والله أعلم منسوبا إلى نهر من أنهار البصرة يقال له الصيمر عليه عدة قرى. انظر:"طبقات الشافعية الكبرى" لعبد الوهاب السبكي 3/ 339.

(5)

هو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادى مولاهم الشيخ أبو محمد=

ص: 625

فكفارته كفارة يمين". وفي تعليق القاضي حسين: لو نذر أن يعتكف حينًا فالأصح انعقاد نذره.

(و) لا (في قطيعة الرحم) هذا من عطف الخاص على العام؛ لأن قطيعة الرحم (1) من أعظم المعاصي كما في قوله تعالى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (2)[فكما أن جبريل وميكال](3) ذكرا مع أنهما داخلان في الملائكة لكونهما أفضل الملائكة فكذلك قطيعة الرحم لما كانت أعظم المعاصي ذكرت بعد ذكر المعصية (4) وإن كانت داخلة فيها (و) لا (فيما لا يملك) إذا كان معينًا كان يقول: إن شفى الله مريضي فلله عليَّ أن أعتق عبد فلان، أو أتصدق بثوبه ونحو ذلك، فأما إذا التزم في الذمة شيئًا لا يملكه فيصح نذره مثاله: إن شفى الله مريضي فلله عليَّ أن أعتق رقبة، وهو في ذلك الحال لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره، وإذا شفى الله (5) مريضه ثبت النذر في ذمته ويجب عليه إذا قدر عليه (6).

=المؤذن صاحب الشافعي وراوية كتبه والثقة المثبت فيما يرويه، ولد الربيع سنة أربع وسبعين ومائة ومات يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لإحدى وعشرين ليلة خلت من شوال سنة سبعين ومائتين وصلى عليه الأمير خمارويه بن أحمد بن طولون. "طبقات الشافعية الكبرى" لعبد الوهاب السبكي.

(1)

سقط من (ل).

(2)

البقرة: 98.

(3)

سقط من (ر).

(4)

في (ل): المعيص. وفي (ر): القضية.

(5)

سقط من (ل، ع) والمثبت من (ر).

(6)

انظر: "شرح مسلم" للنووي 11/ 101.

ص: 626

[3274]

(حدثنا المنذر بن الوليد) العبدي الجارودي البصري شيخ البخاري (حدثنا عبد الله بن بكر) بن حبيب السهمي (حدثنا عبيد الله) بالتصغير (ابن الأخنس) أبو مالك النخعي الخزاز (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) تقدم مرات (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر) أي: لا ينعقد نذر (ولا يمين فيما لا يملكُ ابن آدم) ولفظ مسلم: "لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد"، وفي رواية ابن حُجر (1):"لا نذر في معصية الله"(2).

[3273]

(حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن، حدثنا أبي: عبدُ الرحمن عن (3) عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نذر إلا فيما يُبتغى به وجه الله، ولا يمين في قطيعة رحم) هذا وحديث المنذر كلاهما في أصل ثبت وزاد فقال (الأحاديث كلها: فليكفر عن يمينه إلا فيما [لا](4) يعبأ به) وهذا في آخر حديث فيه ذكر سبب هذا القول، ومنه: أسرت امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء فكانت المرأة في الوثاق، وكان القوم يريحون (5) نعمهم بين يدي بيوتهم فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى تنتهي إلى العضباء فلم ترغ قال: وناقة منوقة فقعدت في عجزها ثم زجرتها، فانطلقت

(1) هو أحد رجال إسناده عند مسلم وهو علي بن حجر السعدي شيخ مسلم والبخاري.

(2)

رواه مسلم (1641) عن عمران بن حصين رضي الله عنه.

(3)

في (ر): ابن.

(4)

سقط حرف النفي (لا) من النسختين وأثبته من "السنن" المطبوع.

(5)

في (ر): يذبحون.

ص: 627

ونذروا بها فطلبوها فأعجزتهم. قال: ونذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا: العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال:"سبحان الله (1) بئس ما جزتها، لا وفاء لنذر في معصية الله (2) ولا فيما لا يملك"(3). انتهى.

ووجه كون فعلها معصية أنها نذرت أنها تهلك (4) ملك الغير فتكون عاصية بهذا القصد.

قال القرطبي: وهذا ليس بصحيح؛ لأن المرأة لم يتقدم لها بيان تحريم ذلك، ولم تقصد ذلك، وإنما معنى ذلك أن من أقدم على ذلك مع بيان أن ذلك محرم كان عاصيًا بذلك القصد، ولا يدخل في ذلك المعلق قال: كقوله: إن ملك هذا البعير فهو هدي أو صدقة؛ لأن ذلك الحكم معلق على ملكه لا ملك غيره، وليس ملكًا في الحال فلا نذر. قال: وقد تقدم الكلام على هذا في الطلاق والعتق المعلقين على الملك، وأن الصحيح لزوم المشروط عند وقوع الشرط (5). انتهى. وهذا على مذهبه، وتقدم نذر ما لا يملك قبله (ولا في معصية الله) فيه دليل على أن من نذر معصية حرم عليه الوفاء بها، وأنه لا يلزمه على

(1) سقط من (ر).

(2)

سقط من (ر).

(3)

رواه مسلم (ح 1641).

(4)

في (ر): تملك.

(5)

"المفهم" للقرطبي 4/ 614.

ص: 628

ذلك حكم بكفارة يمين ولا غيره؛ إذ لو كان هناك لبينه للمرأة التي نذرت نحرها (1) لأنه (2) لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وعليه جمهور العلماء (ولا) نذر (في قطيعة رحم) كما تقدم (ومن حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها) أي: فليدع المحلوف عليه في اليمين، وقوله:"فرأى خيرًا منها" أي: لدنياه أو لأخراه أو موافقًا ورواه ما لم يكن إثمًا يستحب له الورع (وليأت الذي هو خير) في دينه أو دنياه كما تقدم، يعني: من الاستمرار على موجب اليمين والتمادي عليه؛ فإن الإتيان بالأفضل أفضل وتلزمه الكفارة، وهذا متفق عليه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالأشعريين في أنه تحلل عن يمينه وحملهم على الظهر؛ لأنه خير وأنفع لهم، والأنفع تارةً يكون من جهة الثواب وكثرته وهو (3) الذي أشار إليه في حديث عدي حيث قال:"فليأت التقوى". وقد يكون من حيث المصلحة الدنيوية التي تطرأ عليه (4) بسبب (5) تركها حرج كثير ومشقة، وهي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"لأن يَلَجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يكفر". يعني بذلك أن استمرارك على مقتضى يمينك إذا أفضى بك إلى الحرج وهو المشقة قد يفضي به إلى تأثيم، فالأولى به أن يفعل ما شرع الله له (6) من تحنيثه نفسه وفعل الكفارة (7)

(1) في (ر): نحوها.

(2)

سقط من (ر).

(3)

في (ر): وهذا.

(4)

في النسخ الخطية: (عليها) والمثبت من "المفهم".

(5)

في (ر): ليسير.

(6)

في (ر): به.

(7)

"المفهم" للقرطبي 4/ 631 - 632.

ص: 629

(فإن) بتشديد النون (تركها كفارتها) أي: تركه ما حلف عليه في اليمين كفارةً ليمينه حين (1) حلف على المفضول وترك الأفضل، وذكر أبو بكر البيهقي أن حديث عمرو هذا لم يثبت، وقد نطقت الأخبار الثابتة (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الكفارة لازمة لمن حنث في يمينه.

(قال [أبو داود]) المصنف (والأحاديث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم: وليكفر عن يمينه إلا ما لا (3) يعبأ به) انتهى. وقال أيضًا (قلت لأحمد: روى يحيى بن سعيد، عن يحيى بن عبيد الله فقال: تركه بعد ذلك وكان أهلاً لذلك. وقال أحمد: أحاديثه مناكير، وأبوه لا يعرف) وقد روي عن بعضهم أنه رأى هذا من لغو اليمين وقال: لا كفارة فيه إذا كان معصية كما تقدم عن سعيد بن جبير ومسروق بن الأجدع (4).

* * *

(1) في (ر): حنث.

(2)

في (ر): الثانية.

(3)

سقط من (ر).

(4)

انظر: "معالم السنن" للخطابي 4/ 49.

ص: 630