الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب المَريضِ يُؤْخَذُ مِنْ أَظْفارهِ وَعانَتِهِ
3112 -
حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حدثنا إِبْراهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنا ابن شِهابٍ، أَخْبَرَني عُمَرُ بْن جارِيَةَ الثَّقَفيُّ حَلِيفُ بَني زهْرَةَ -وَكانَ مِنْ أَصْحابِ أَبي هُرَيْرَةَ- عَنْ أَبي هُريرَةَ قال: ابْتاعَ بَنُو الحارِثِ بْنِ عامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا -وَكانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الحارِثَ بْنَ عامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ- فَلَبِثَ خبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا لِقَتْلِهِ فاسْتَعارَ مِنَ ابنةِ الحارِثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِها فَأَعارَتْهُ فَدَرَجَ بُنَى لَها وَهيَ غافِلَةٌ حَتَّى أَتَتْهُ فَوَجَدَتْهُ مُخْلِيًا وَهُوَ عَلَى فَخِذِهِ والمُوسَى بِيَدِهِ فَفَزِعَتْ فَزْعَةً عَرَفَها فِيها فَقال: أتخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ ما كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ.
قالَ أَبُو داوُدَ: رَوى هذِه القِصَّةَ شُعَيْبُ بْنُ أَبي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْريِّ قال: أَخْبَرَني عُبَيْدُ اللهِ بْن عِياضٍ أَنَّ ابنةَ الحارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا -يَعْني: لِقَتْلِهِ- اسْتَعارَ مِنْها مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِها فَأَعارَتْهُ (1).
* * *
باب المريض يتعاهد من أظفاره وعانته
[3112]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد) الزهري العوفي المدني أحد الأعلام الثقات (أخبرنا ابن شهاب، أخبرني عمر) بن أسيد بفتح الهمزة (ابن جارية) بالجيم والمثناة تحت (الثقفيُّ حليفُ بني زهرة) أسلم يوم الفتح (2)(وكان من أصحاب أبي هريرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ابتاع) اشترى (بنو الحارث بن عامر بن نوفل خُبَيبًا) بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الأولى مصغر، وهو ابن عدي من بني
(1) رواه البخاري (3045).
(2)
يعني جده: أسيد بن جارية.
عمرو بن عوف الأنصاري، شهد بدرا، وأُسِرَ في غزوة الرجيع سنة ثلاثٍ فانطلق به إلى مكة فاشتراه بنو الحارث (وكان خبيبٌ هو قتل الحارث بن عامر) بن نوفل بن عبد مناف القرشي والد عقبة بن الحارث (يوم بدر) كافراً.
وقال بعضهم: لم يكن خبيب قتله، كما قيل أيضا: إن السرية المتعرضين لم يكونوا بني لحيان، والصحيح ما ذكره المصنف والبخاري في "صحيحه"(1).
(فلبث [خبيب] عندهم أسيرًا، حتى أجمعوا لقتله) في بعض نسخ البخاري: أجمعوا. هكذا، وفي بعضها: اجتمعوا أي: على قتله. وعلى هذا فيكون (قتله) منصوبًا على حذف حرف الجر (فاستعار من بعض بنات الحارث)، أكثر النسخ (2): ابنة (موسى) جاز صرفه لأنه مُفعل من أوسيت، ومنع صرفه؛ لأن وزنه فعلى على اختلاف التصريفين (3)(يَستحِدُّ بها) فيه الاستعارة من الكفار، وفيه استنان (4) الاستحداد بأخذ شعر العانة والإبط وغيرها من قص الشارب والظفر ونحو ذلك لمن أسره الكفار ولمن يقتل وللمريض قبل الموت استعدادًا للقاء ربه على أكمل الحالات. وفيه التنظف لمن يخاف أن يُضَيَّعَ بعد القتل وتكشف عورته؛ لئلا يطلع منه على قبح عورته.
(1)(3045).
(2)
ليس في الأصل، والسياق يقتضيها.
(3)
انظر: "الصحاح" للجوهري 6/ 2534، "لسان العرب" 6/ 223.
(4)
في الأصل: (استسنان).
(فأعارته) الموسى (فدرج) أي: ذهب إليه (بنيٌّ لها) صغير (وهي غافلة) عنه حتى أتاه فوضعه على فخذه ففزعت على ولدها منه فجاءت (حتى أتته، فوجدته مُخْليًا) بضم الميم وإسكان الخاء، أي: خلى سبيله من الرباط الذي كان مربوطًا به ومن غيره قال الشاعر:
مالي أراك مُخَلِّيًا
…
أين السلاسل والقيود؟
أغلا الحديد بأرضكم
…
أم ليس يَضْبِطُكَ الحديدُ؟ (1)
ورواية البخاري في المغازي: فوجدته مجلسه على فخذه (2)(وهو على فخذه والموسى بيده! ففزعت فزعةً عرفَها) خبيب رضي الله عنه.
فيه التلطف بأولاد المشركين لأنهم على الفطرة، وأداء الأمانة إلى المشرك وغيره، وفيه التورع من قتل أولاد المشركين رجاء أن يكونوا مؤمنين.
(فيها، فقال: أتخشين) وتخشي بحذف النون لغير ناصب وجازم لغة فصيحة، رواية: أتحسبين (أن أقتله؟ ) والله (ما كنت لأفعل ذلكِ! ) بكسر الكاف.
(قال أبو داود: روى هذِه اللفظة) نسخة: القصة (شعيبُ بن أبي حمزة) دينار الحمصي مولى بني أمية أحد الثقات المشاهير، كان عنده عن الزهري نحو ألف وسبعمائة حديث (فقال الزهري: أخبرني عبيد الله)
(1) انظر: "الصحاح" 6/ 2332، و"لسان العرب" 14/ 237.
(2)
رواه مسلم (2877).
بالتصغير (بن عياض) من رجال البخاري (أن ابنة الحارث أخبرته، أنهم حين أجمعوا) وفي رواية: اجتمعوا (-يعني: لقتله- استعار منها موسى) فيه جواز الاستعارة من الكفار وجواز استعمال أوانيهم وآلاتهم وماعونهم والانتفاع بها من غير غسل.
(يستحدُّ بها) سمي استحدادًا لأن آلته حديد، وفي معناه: استعان إذا حلق عانته (فأعارته) فيه الإعارة من النساء الأجانب ومحادثتهم إن احتاج إلى ذلك.