الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وَلَا تعسر يَا كريم
الْحَمد لله مبدع الْعَالمين وناصر الْحق الْمُبين إِلَى يَوْم الدّين وَصلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله أَجْمَعِينَ
وَبعد فَإِن الْعلم أفضل مَا صرفت إِلَيْهِ الهمة وأجمعت عَلَيْهِ عُلَمَاء الْأمة وَقد استخرت الله تَعَالَى فِي اخْتِصَار شَيْء من الدُّرَر المضية من فتاوي شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية مِمَّا أَكْثَره فقه السَّائِل وَمَا عسر علمه على الْأَوَائِل
بَاب النِّيَّة
مَحل النِّيَّة الْقلب بانفاق الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم إِلَّا بعض الْمُتَأَخِّرين أوجب التَّلَفُّظ بهَا وَهُوَ مَسْبُوق بِالْإِجْمَاع وَلَكِن تنازعوا هَل يسْتَحبّ التَّلَفُّظ بهَا مَعَ انفاقهم على أَنه لَا يشرع الْجَهْر بهَا وَلَا تكرارها
فاستحب التَّلَفُّظ بهَا طَائِفَة من أَصْحَاب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَلم يستحبه آخَرُونَ وَغَيرهمَا وَهَذَا أقوى فَإِن ذَلِك بِدعَة لم يَفْعَلهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا أحد من الصَّحَابَة
وَأما مُقَارنَة النِّيَّة للتكبير فَفِيهَا قَولَانِ مشهوران
أَحدهمَا لَا يجب كَمَا هُوَ مَذْهَب أَحْمد وَغَيره
وَالثَّانِي يجب كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَغَيره
والمقارنة الْمَشْرُوطَة قد تفسر بِوُقُوع التَّكْبِير عقيب النِّيَّة وَهَذَا مُمكن لَا صعوبة فِيهِ بل عَامَّة النَّاس هَكَذَا يصلونَ بل هَذَا أَمر ضَرُورِيّ وَلَو كلفوا تَركه لعجزوا عَنهُ
وَقد تفسر بانبساط أَجزَاء النِّيَّة على أَجزَاء التَّكْبِير بِحَيْثُ يكون أَولهَا مَعَ أَوله وَآخِرهَا مَعَ آخِره وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عزوب النِّيَّة فِي أول الصَّلَاة وخلو أَولهَا عَن النِّيَّة الْوَاجِبَة
وَقد تفسر بِحُضُور جَمِيع النِّيَّة مَعَ جَمِيع أَجزَاء التَّكْبِير وَهَذَا قد نوزع فِي إِمْكَانه فَمنهمْ من قَالَ إِنَّه غير مُمكن وَلَا مَقْدُور للبشر فضلا عَن وُجُوبه وَلَو قيل بإمكانه فَهُوَ متعسر جدا فَيسْقط بالحرج
وَمِمَّا يبطل هَذَا وَالَّذِي قبله أَن المكبر يَنْبَغِي لَهُ أَن يتدبر التَّكْبِير ويتصوره فَيكون قلبه مَشْغُولًا بِمَعْنى التَّكْبِير لَا يشْغلهُ بِغَيْر ذَلِك من استحضار الْمَنوِي وَلِأَنَّهَا من الشُّرُوط والشروط تتقدم الْعِبَادَة وَيسْتَمر حكمهَا إِلَى آخرهَا كالطهارة وَغَيرهَا وَالله أعلم
والجهر بهَا وتكريرها منهى عَنهُ وفاعله مسيء وَإِن اعتقده دينا فقد خرج عَن إِجْمَاع الْمُسلمين يعرف ذَلِك فَإِن أصر قتل وَيجب تَعْرِيفه ذَلِك
وَلَو قَالَ كل يعْمل فِي دينه مَا يَشْتَهِي فَهِيَ كلمة عَظِيمَة يجب أَن يُسْتَتَاب مِنْهَا أَيْضا
فَإِن أصر على الْجَهْر بِالنِّيَّةِ عزّر وَإِن عزل عَن الْإِمَامَة إِذا لم ينْتَه كَانَ لعزله وَجه فقد عزل النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِمَامًا لأجل بزاقه فِي الْقبْلَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
فَإِن الإِمَام عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي كَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْسَ لَهُ أَن يقْتَصر على مَا يقْتَصر عَلَيْهِ الْمُنْفَرد بل ينْهَى عَن التَّطْوِيل وَالتَّقْصِير فَكيف إِذا صر على مَا ينْهَى عَنهُ الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَالْمُنْفَرد