الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
إِذا أعْطى الدَّلال قماشا يَبِيعهُ ويختمه فَمَا وجد الختام فأودعه عِنْد شخص أَمِين عَادَتهم أَن يودعوا عِنْده فَعدم مِنْهُ شَيْء فَإِذا كَانَ عَادَتهم أَن يودعوا وَأَصْحَاب القماش يعلمُونَ ذَلِك ويقرونهم عَلَيْهِ فَلَا شَيْء على الدَّلال وَأما إِن كَانَ الدَّلال فرط فتصرف بِمَا لم يُؤذن لَهُ فِيهِ لَا لفظا وَلَا عرفا ضمن وَمن استودع وَدِيعَة فحفظها مَعَ مَاله فسرقت دون مَاله كَانَ ضَامِنا الْوَدِيعَة فِي أحد قولي الْعلمَاء هما رِوَايَتَانِ فَإِن عمر رضي الله عنه ضمن أنس بن مَالك رضي الله عنه وَدِيعَة ادعِي أَنَّهَا ذهبت دون مَاله وَأما إِن ادّعى أَنَّهَا ذهبت مَعَ مَاله ثمَّ ظهر أَن مَاله لم يذهب بل بَاعه أَو نَحوه فَهُنَا أوكد أَن يضمن
فَإِن ادّعى صَاحبهَا أَنه طلبَهَا من الْمُودع فَلم يُسَلِّمهَا أَو أَنه خَان فِيهِ كَانَ القَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه أقوي وآكد بل يسْتَحق الْمُودع التَّعْزِير على كذبه
وَإِن كَانَ من أهل الذِّمَّة فَشهد عَلَيْهِ من أهل دينه المقبولين عِنْدهم قبلت شَهَادَتهم فِي أحد قولي الْعلمَاء هما رِوَايَتَانِ وَقبُول شَهَادَتهم هُنَا أوكد فَإِنَّهُ يحكم بِيَمِين الْمُدَّعِي عَلَيْهِ لرجحان قَول الْمُدعى فِي قوليهم أَيْضا
وَأما من كَانَ من أهل الذِّمَّة يؤوى أهل الْحَرْب ويعاونهم على الْمُسلمين فقد انْتقض عَهده وَحل مَاله وَدَمه
ورذا أودع رجل شخصا مَالا ليوصله إِذا مَاتَ لأولاده فَمَاتَ وَترك غير أَوْلَاده وَرَثَة أخر فَإِذا كَانَ المَال الْمُودع وَجب أَن يُوصل إِلَى وَارِث حَقه سَوَاء خص بِهِ الْوَالِد الْأَوْلَاد أَولا وَلَيْسَ للمستودع أَن يخص بِهِ بعض الْوَرَثَة إِلَّا بِإِجَازَة البَاقِينَ وَلَو صرح لَهُ الْمَالِك بالتخصيص فَلَا يجوز ويحفظ نصيب هَؤُلَاءِ لصغار فَإِن كَانَ فِي الْبَلَد حَاكم عَالم عَادل قَادر يحفظ هَذَا المَال سلم إِلَيْهِ
وَإِن لم يجد من يحفظه أبقاه بِيَدِهِ يتجر فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالرِّبْح للْيَتِيم وأجره على الله تَعَالَى
وَيجوز صرف مَال الْأَسير فكاكه بِلَا إِذْنه
وَالْمَال الْمُوصى بِهِ فِي يَد النَّاظر أَمَانَة يجب عَلَيْهِ حفظه تحفظ الْأَمَانَات وَلَا يودعه لحَاجَة فَإِن أودعهُ عِنْد من يغلب على الظَّن حفظه فالحاكم الْعَادِل إِن وجد أَو غَيره بِحَيْثُ لَا يكون فِي إيداعه تفريطا فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ وَإِن أودعهُ لخائن أَو عَاجز مَعَ إِمْكَانه أَن لَا يفعل فَهُوَ مفرط
وَأما الْمُودع إِذا لم يعلم أَنه وَدِيعَة فَفِي تَضْمِينه قَولَانِ هما رِوَايَتَانِ أظهرهمَا لَا ضَمَان عَلَيْهِ
وَمَا حصل على التَّرِكَة بِسَبَب ظلم من المغارم فَهُوَ على المَال جَمِيعه
وَإِذا غضِبت الْوَدِيعَة فللناظر الْمُطَالبَة بهَا وللمودع أَيْضا فِي غيبته
وَإِذا مَاتَ الْمُودع وَلم يعلم حَال الْوَدِيعَة هَل أخذت أَو تلقت فَإِنَّهَا تكون دينا على تركته فِي أظهر قولي الْعلمَاء كَأبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَظَاهر نَص الشَّافِعِي تُؤْخَذ من مَاله
فَإِن لم يكن لَهُ مَال سوى الْوَقْف فَفِيهِ نزاع مَشْهُور فِي وقف الدّين الَّذِي أحَاط الدّين بِمَالِه وَكَذَلِكَ الْوَقْف الَّذِي لم يخرج عَن يَده حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يبطل فِي أحد قولي مَالك وَأحد الْقَوْلَيْنِ لِأَحْمَد وَأبي حنيفَة
وَإِن كَانَ الْوَقْف قد صَحَّ وَلزِمَ وَله مستحقون وَلم يكن صَاحب الدّين يتَنَاوَلهُ الْوَقْف لم يكن وَفَاء الدّين فِي ذَلِك لَكِن إِن كَانَ مِمَّن تنَاوله الْوَقْف مثل أَن يكون على الْفُقَرَاء وَصَاحب الدّين فَقير فَلَا ريب أَن الصّرْف إِلَى هَذَا الْفَقِير الَّذِي لَهُ دين على الْوَقْف أولى من الصّرْف إِلَى غَيره