الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأمر أَن يُؤْتى الْأزْوَاج مَا أَنْفقُوا على الْمَرْأَة الممتحنة الَّتِي لَا ترد وَالَّذِي أَنْفقُوا هُوَ الْمُسَمّى {واسألوا مَا أنفقتم} فشرع للْمُؤْمِنين أَن يسْأَلُوا الْكفَّار مَا أَنْفقُوا على النسْوَة اللَّاتِي ارتددن إِلَيْهِم وَأَن يسْأَل الْكفَّار مَا أَنْفقُوا على النِّسَاء الْمُهَاجِرَات فَلَمَّا حكم الله سبحانه وتعالى بذلك دلّ على أَن خُرُوج الْبضْع مُتَقَوّم وَأَنه بِالْمهْرِ الْمُسَمّى ودلت الْآيَة على أَن الْمَرْأَة إِذا أفسدت نِكَاحهَا رَجَعَ عَلَيْهَا زَوجهَا بِالْمهْرِ
فَإِذا حلف عَلَيْهَا فخالفته وَفعلت الْمَحْلُوف عَلَيْهِ كَانَت عاصية ظالمة متلفة للبضع عَلَيْهِ فَيجب عَلَيْهَا ضَمَانه إِمَّا بِالْمُسَمّى على أصح قولي للْعُلَمَاء وَإِمَّا بِمهْر الْمثل
يُؤَيّد ذَلِك مَا كَانَ من امْرَأَة قيس بن شماس حِين أبغضته وَقَالَت إِنِّي أكره الْكفْر بعد الْإِيمَان فَأمرهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن ترد عَلَيْهِ حديقته لِأَن الْفرْقَة جَاءَت من جِهَتهَا فَتبين أَنه يجوز فَتبين أَنه يجوز أَن يَأْخُذ أَن يَأْخُذ صَدَاقهَا إِذا كَانَ سَبَب الْفرْقَة من جِهَتهَا إِلَّا إِذا كَانَت من جِهَته وَهَذَا كُله يُقرر أَنه يجوز أَن يرجع إِلَيْهِ الصَدَاق إِذا فعل مَا يُوجب الضَّمَان مثل مَا إِذا أفسدته بِالْهِجْرَةِ أَو الرِّدَّة
فصل
وَإِذا حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث أَن أحدا من أَرْحَام الْمَرْأَة لَا يطلع إِلَى بَيته فطلع فِي غيبته فَإِن كَانَ يعْتَقد أَنه إِذا حلف عَلَيْهِم امْتَنعُوا من الصمود فَحلف ظنا أَنهم مِمَّن يطيعونه فَتبين الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك فَفِي حنثه نزاع بَين الْعلمَاء الْأَظْهر أَنه لَا يَحْنَث كمن رأى امْرَأَة ظَنّهَا أَجْنَبِيَّة فَقَالَ أَنْت طَالِق ثمَّ تبين أَنَّهَا امْرَأَته وَنَحْو ذَلِك من الْمسَائِل الَّتِي يتعارض فِيهَا تعْيين الظَّاهِر وَالْقَصْد فَإِن الصَّحِيح اعْتِبَار الْقَصْد
وَإِذا حلف بِالطَّلَاق الثَّلَاث لَا يسكن هَذِه الدَّار وَقَالَ إِن شَاءَ الله فَلَا حنث عَلَيْهِ إِذا سكن فِيهَا وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الْمَشْهُور من مذْهبه وَقَول فِي مَذْهَب مَالك إِذا قَالَ إِن شَاءَ الله على الْوَجْه الْمُعْتَبر
وَإِذا حلف فَقَالَ لَهُ رجل قل إِن شَاءَ الله فَقَالَ حَلَفت وَمضى فَقَالَ مرّة ثَانِيَة إِن شَاءَ الله فَقَالَهَا فَفِيهِ نزاع مَشْهُور فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره فِي الصَّحِيح مثل هَذَا الإستثناء مثل هَذَا الإستثناء كَمَا ثَبت فِي حَدِيث سُلَيْمَان عليه السلام أَنه قَالَ لأطوفن اللَّيْلَة على تسعين امْرَأَة كل أمْرَأَة تَأتي بِفَارِس يُجَاهد فِي سَبِيل الله فَقَالَ لَهُ صَاحبه قل إِن شَاءَ الله فَلم يقل فَلَو قَالَهَا لقاتلوا جَمِيعًا فِي سَبِيل الله فُرْسَانًا أَجْمَعِينَ وَكَذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدِينَة لَا يختلي خَلاهَا فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس إِلَّا الْإِذْخر فَقَالَ إِلَّا الْإِذْخر وَقَوله صلى الله عليه وسلم لَا يَنْقَلِبْنَ أحد إِلَّا بِضَرْب عنق فَقَالَ ابْن مَسْعُود إِلَّا سُهَيْل بن بَيْضَاء فَإِنِّي سمعته يذكر الْإِسْلَام قَالَ فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى خفت أَن الْحِجَارَة تنزل عَليّ من السَّمَاء ثمَّ قَالَ إِلَّا سُهَيْل بن بَيْضَاء وَقَالَ صلى الله عليه وسلم وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا وَالله لأغزون قُريْشًا ثمَّ سكت ثمَّ قَالَ إِن شَاءَ الله ثمَّ لم يغزهم وَفِي الْقُرْآن جمل قد بَين فصل أبعاضها بِكَلَام آخر كَقَوْلِه {وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْكتاب آمنُوا بِالَّذِي أنزل على الَّذين آمنُوا وَجه النَّهَار واكفروا آخِره لَعَلَّهُم يرجعُونَ وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} الْآيَة ففصل بَين الْكَلَام المحكى عَن أهل الْكتاب وَله نَظَائِر وَالله أعلم
وَإِذا حلف على يَمِين وَكَانَ من عَادَته أَن لَا يحلف إِلَّا وَيسْتَثْنى فَحلف يَمِينا وَشك بعد مُدَّة هَل جرى على عَادَته فِي الِاسْتِثْنَاء أم لَا فَالْأَظْهر من قَول الْعلمَاء إجراؤه على عَادَته وإلحاق الْفَرد بالأعم الْأَغْلَب
وَإِذا أكره على الْيَمين بِغَيْر حق مثل أَن يكون بَاعه إِلَى أجل ثمَّ بعد
لُزُوم العقد قَالَ لَهُ إِن لم يحلف لي أَنَّك تُعْطِينِي حَقي يَوْم كَذَا وَإِلَّا لزمك الطَّلَاق فَإِن لم تحلف أخذت السّلْعَة مِنْك وَذَلِكَ بعد إِذْ أدّى المُشْتَرِي الكلفة السُّلْطَانِيَّة فَإِن هَذِه الْيَمين لَا تَنْعَقِد وَلَا طَلَاق عَلَيْهِ إِذا لم يُعْط
وَلَو قَالَ كنت قد استثنيت فَقلت إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَقَالَ لم تقل شَيْئا فَالْقَوْل قَول الْحَالِف فِي هَذِه الْحَال أَنه اسْتثْنِي لِأَنَّهُ مظلوم والمظلوم لَهُ الِاسْتِثْنَاء وَله التَّعْرِيض وَالْقَوْل قَوْله فِي ذَلِك
وَلَو قَالَ إِن خرجت بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق فَهُوَ على كل مرّة لِأَن خرجت فعل وَالْفِعْل نكرَة وَهِي فِي سِيَاق الشَّرْط تعم نَحْو قَوْله تَعَالَى فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَكَذَا إِذا قَالَ إِن أَعْطَيْتنِي ألفا فَأَنت طَالِق يَقْتَضِي تَعْلِيق الْمُسَمّى على تحقق الشَّرْط فَهُوَ على كل مرّة تعطيه ألفا وَهَذَا الْمُسَمّى مَوْجُود فِي جَمِيع أَفْرَاده فَيَقَع الطَّلَاق بِهِ إِذا وجد فَلَو أَعطَتْهُ مَا ينقص ع ن ألف ثمَّ أَعطَتْهُ الْألف وَقع الطَّلَاق لَكِن الْعُمُوم تَارَة يكون على سَبِيل الْبَدَل وَهُوَ الْعُمُوم الْمُطلق وَهُوَ الَّذِي يُقَال فِيهِ تَعْلِيق الطَّلَاق لَا يَقْتَضِي التّكْرَار وَتارَة تكون على سَبِيل الْجمع وَهُوَ الْعُمُوم على سَبِيل الِاسْتِغْرَاق وَهُوَ يَقْتَضِي التّكْرَار تَعْلِيق الطَّلَاق هَذَا الْجَواب هُوَ الصَّوَاب
وَقيل إِنَّه إِذا أذن لَهَا فِي الْخُرُوج انْحَلَّت يَمِينه بِنَاء على القَوْل بِأَن النكرَة فِي سِيَاق النَّفْي لَا تعم إِلَّا إِذا أكدت ب من تَحْقِيقا أَو تَقْديرا نَحْو قَوْله تَعَالَى {وَمَا من إِلَه إِلَّا الله} محتجا بقول سيبيوه إِنَّه يجوز أَن تَقول مَا رَأَيْت رجلا بل رجلَيْنِ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فرق بَين الصيغتين فِي الْجَوَاز فَقَط فَإِن قَوْله مَا رَأَيْت من رجل إِنَّمَا هُوَ نَص فِي الْجِنْس لِأَن حرف من للْجِنْس وَأما نَحْو مَا رَأَيْت رجلا فَهُوَ ظَاهر فِي الْجِنْس يَقْتَضِي الْعُمُوم وَيجوز أَن يُرَاد بِهِ مَعَ القرنية نفي الْجِنْس الْوَاحِد فَيجوز للمتكلم أَن لَا يُرِيد بِكَلَامِهِ ذَلِك كَمَا