الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسناه فَفِيهِ الثَّوَاب أَيْضا فَإِن نسيانه من الذُّنُوب فَإِذا قصد أَدَاء الْوَاجِب من دوَام الْحِفْظ وَأَدَاء الْأَمر وَاجْتنَاب النَّهْي فقد قصد طَاعَة فَكيف لَا يُؤجر وَقَول الْقَائِل اللَّهُمَّ أمنا مكرك وَلَا تؤمنا مكرك لَهُ مَعْنيانِ
أَحدهمَا صَحِيح وَالْآخر فَاسد فَإِن أَرَادَ لَا تؤمنا مكرك أَي لَا تجعلنا نَأْمَنهُ بل اجْعَلْنَا نخافه فالمؤمن يخَاف مكر الله ومكر الله أَن يُعَاقِبهُ على سيئاته وَالْكَافِر لَا يخْشَى الله فَلَا يخَاف مكره ومكره أَن يُعَاقِبهُ على الذَّنب لَكِن من حَيْثُ لَا يشْعر
وَقَوله أمنا مكرك يُرِيد قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن} يَجْعَل لَهُ أَن يمكر بهم وَإِن كَانُوا خافون الْمَكْر فَيكون حَقِيقَة قَوْله أمنا مكرك أنجزني على حسناتي وَلَا تعاقبني بذنوب غَيْرِي فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضما
فَأَما الْمَعْنى الْفَاسِد فَأن يُرِيد اللَّهُمَّ أمنا من مكرك أَي لَا نخافك أَن تَمْكُر بِنَا وَقد يُرِيد لَا تؤمنا مكرك أَي لَا تجْعَل لنا أمنا من الْعَذَاب
فصل
قَول عَائِشَة رضي الله عنها مَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة إِلَى الصَّباح وَمَا صَامَ شهرا كَامِلا إِلَّا رَمَضَان
وَصَحَّ عَنْهَا رضي الله عنها أَنه كَانَ يَصُوم شعْبَان إِلَّا قَلِيلا بل كَانَ يَصُومهُ كُله وَأَنه كَانَ إِذا دخل الْعشْر شدّ المئرز وَأَحْيَا اللَّيْل كُله
فَجعل بَعضهم رِوَايَة الشَّك على رِوَايَة الحزم
وَكَذَلِكَ من صلى غَالب اللَّيْل فقد يُقَال إِنَّه أَحْيَاهُ أَو أَنَّهَا نفت الْقيام وأثبتت الْإِحْيَاء الَّذِي يكون بِقِيَام وإحياء وَقِرَاءَة وَذكر وَدُعَاء وَغير ذَلِك
والأوتار هَل هِيَ بِاعْتِبَار مَا مضى أَو بِاعْتِبَار مَا بَقِي فليله إِحْدَى وَعشْرين
وَثَلَاثَة وَخَمْسَة وَسَبْعَة وَتِسْعَة بِاعْتِبَار مَا مضى وَبِاعْتِبَار مَا بَقِي لتسْع بَقينَ وَسبع يَقِين وَنَحْو ذَلِك فَإِذا كَانَ الشَّهْر نَاقِصا فَقيل لتسْع كَانَت لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين فَيكون وتر الْمُسْتَقْبل والماضي وَإِن كَانَ الشَّهْر كَامِلا كَانَت الأوتار هِيَ الأشفاع بِاعْتِبَار الْمَاضِي كَمَا فسره أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه وَغَيره وَلِهَذَا كَانَت لَيْلَة الْقدر كثيرا مَا تكون لسبع مضين ولسبع يَقِين فَتكون لَيْلَة أَربع وَعشْرين وَهِي الَّتِي روى أَن الْقُرْآن نزل فِيهَا
فالتحقيق أَنَّهَا تكون فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي الأوثار لَكِن بالاعتبارين فَأَما لَيْلَة سبع عشرَة من رَمَضَان فَلَا ريب أَنَّهَا لَيْلَة سبع عشرَة من رَمَضَان فَلَا ريب أَنَّهَا لَيْلَة بدر يَوْمهَا هُوَ يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقي الْجَمْعَانِ وَلم يَجِيء حَدِيث يعْتَمد عَلَيْهِ أَنَّهَا لَيْلَة الْقدر وَإِن كَانَ قد قَالَه بعض الصَّحَابَة كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه من يقم الْحول يصبهَا وَبَعْضهمْ يعينلها لَيْلَة من الْعشْر الْأَوَاخِر
والصيحيح أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر تنْتَقل
فروى البُخَارِيّ لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان
وَالْأَحَادِيث المروية أَنَّهَا فِي أول لَيْلَة الْمحرم أَو لَيْلَة عَاشُورَاء أَو أول لَيْلَة من رَجَب أَو أول لَيْلَة جُمُعَة من رَجَب أَو لَيْلَة سبع وَعشْرين أَو لَيْلَة الْعِيدَيْنِ وَفِي الصَّلَاة الألفية لَيْلَة النّصْف كلهَا كذب مَوْضُوعَة وَلم يكن أحد يَأْمر بتخصيص هَذَا اللَّيَالِي بِقِيَام وَلَا صَلَاة أصلا
وَقَول أَحْمد إِذا جَاءَ التَّرْغِيب والترهيب تساهلنا فِي الْإِسْنَاد فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ إِذا كَانَ الْأَمر مَشْرُوعا أَو مَنْهِيّا عَنهُ بِأَصْل مُعْتَمد ثمَّ جَاءَ حَدِيث فِيهِ ترغيب فِي الْمَشْرُوع أَو ترهيب عَن المنهى عَنهُ لَا يعلم أَنه كذب وَمَا فِيهِ من الثَّوَاب وَالْعِقَاب قد يكون حَقًا وَلَو قدر أَنه لَيْسَ كَذَلِك فَلَا بُد فِيهِ من ثَوَاب وعقاب أما إِنَّه يرويهِ مَعَ علمه بِأَنَّهُ كذب فمعاذ الله لَا يجوز ذَلِك إِلَّا مَعَ بَيَان حَاله وَلَا يسْتَند إِلَيْهِ فِي ترغيب وَلَا غَيره