الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الاجارة
إِذا دلّس الْمُسْتَأْجر على الْمُؤَجّر مثل أَن يكون أخبرهُ أَن قيمَة الأَرْض فِي النَّاحِيَة الْفُلَانِيَّة كَذَا بِمَا ينقص عَن قيمتهَا وَلم يكن الْأَمر كَذَلِك فَأَجره بِمَال ثمَّ تبين لَهُ هَذَا التَّدْلِيس فَلهُ فسخ الْإِجَارَة
كَذَلِك إِن أُجْرَة موهما لَهُ أَنه لَيْسَ هُنَاكَ من يستأجرها وَكَانَ لَهَا طلاب أَو أخبرهُ أَن هَذَا سعرها وَلم يكن سعرها وأمثال ذَلِك
وَإِذا أجر الوصى بِدُونِ الْمثل كَانَ ضَامِنا لما فَوْقه على الْيَتِيم وَلَيْسَت الْإِجَارَة لَازِمَة فلليتيم فَسخهَا بعد رشده بل هِيَ ياطلة فِي أحد قولي الْعلمَاء وَفِي الآخر لَهُ أَن يفسخها ثمَّ إِن كَانَ الْمُسْتَأْجر غير عَالم بِتَحْرِيم مَا فعله الْوَصِيّ كَانَ لَهُ أَن يضمنهُ مالم يلْتَزم ضَمَانه فَإِن علم اسْتَقر الضَّمَان عَلَيْهِ بل إِذا أجره بِأُجْرَة الْمثل مُدَّة يعلم أَن الصَّبِي يبلغ فِي أَثْنَائِهَا فَأكْثر الْعلمَاء يجوزون للْيَتِيم الْفَسْخ
وصناعة التنجيم وَالِاسْتِدْلَال بهَا على الْحَوَادِث محرم بِإِجْمَاع الْمُسلمين وَأخذ الْأجر على ذَلِك سحت وَيمْنَعُونَ من الْجُلُوس فِي الحوانيت والطرقات وَيمْنَع النَّاس أَن يكرموهم وَالْقِيَام فِي مَنعهم عَن ذَلِك من أفضل الْجِهَاد فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَلَيْسَ لوَرَثَة الْمُؤَجّر فسخ الْإِجَارَة وتستوفى من تركته عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء لَكِن مِنْهُم من قَالَ قَالَ تحل الْأُجْرَة بِالْمَوْتِ وتستوفي من تركته فان لم يكن لَهُ تَرِكَة فسخ الْإِجَارَة
وَمِنْهُم من قَالَ لَا تحل رلا إِذا وَافق الْوَرَثَة وَهَذَا أظهر الْقَوْلَيْنِ لِأَحْمَد وَالله أعلم
وَمن أجر أرضه وساقاه على الشّجر ثمَّ قطع الْمُؤَجّر بعض الشّجر فقد نقص من الْعِوَض الْمُسْتَحق بِقدر مَا نقص من الْمَنْفَعَة وَهَذَا وَإِن كَانَ فِي اللَّفْظ إِجَارَة ومساقاة فَهِيَ عَليّ الْمَعْنى الْمَقْصُود عِنْد الْجَمِيع
وَقد تنَازع الْعلمَاء فِي صِحَة هَذَا العقد سَوَاء قيل بِصِحَّتِهِ أَو فَسَاده فَمَا ذهب من الشّجر ذهب مَا يُقَابله من الْعِوَض سَوَاء كَانَ بِقطع الْمَالِك أَو غير قطعه
وَجوز إِجَارَة أَرض مصر سَوَاء شملها مَاء الرى أَو لم يشملها إِذا كَانَت الأَرْض مِمَّا قد جرت الْعَادة بِأَن الرى يشملها كَمَا تكرى الأَرْض الَّتِي جرت عَادَتهَا أَن تشرب من المَاء قبل أَن ينزل الْمَطَر عَلَيْهَا وَهَذَا مَذْهَب أَئِمَّة الْمُسلمين مَالك وَأبي حنيفَة وَأحمد وَهُوَ إيضا مَذْهَب الشَّافِعِي الصَّحِيح عَنهُ
وَلَكِن بعض أَصْحَابه غلط فِي مَعْرفَته فَلم يفرق بَين الأَرْض الَّتِي ينالها المَاء غَالِبا وَالَّتِي لَا ينالها إِلَّا نَادرا كَالَّتِي تشرب فِي غَالب الْأَوْقَات
ثمَّ هَذِه الأَرْض الَّتِي صحت إِجَارَتهَا إِن شملها الرى وَأمكن مجئ الزَّرْع الْمُعْتَاد وَجَبت الْأُجْرَة وَإِن لم يرو مِنْهَا شئ فَلَيْسَ على الْمُسْتَأْجر شئ من الْأُجْرَة وَإِن روى بَعْضهَا وَجب من الْأُجْرَة بِقَدرِهِ وَمن ألزم الْمُسْتَأْجر بِالْأُجْرَةِ إِذا لم ترو الأَرْض فقد خَالف إِجْمَاع الْمُسلمين
وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا حَاجَة إِلَى قَوْله أجرتكها مقيلا أَو مراحا وَلَا فَائِدَة فِيهِ وَإِنَّمَا فعل ذَلِك من ظن أَنه لَا تجوز الْإِجَارَة قبل رى الأَرْض وَالَّذِي فَعَلُوهُ من إِجَارَتهَا مقيلا أَو مراحا بَاطِل بِإِجْمَاع الْمُسلمين من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَنَّهَا لَا تصلح مقيلا وَلَا مراحا لِأَن الْمَاشِيَة لَا تقبل إِلَّا بِأَرْض تقيم بهَا عَادَة بِقرب مَا ترعاه وتشرب من مَائه أما الأَرْض الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاء وَلَا زرع وَلَا عمَارَة فَلَا تصلح مقيلا وَلَا مراحا وَإِجَارَة الْعين لمَنْفَعَة لَيست فِيهَا بَاطِلَة
الثناي أَن هَذِه الْمَنْفَعَة إِذا كَانَت حَاصِلَة فَهِيَ غير مُتَقَومَة فِي مثل هَذِه الأَرْض بل الْبَريَّة كلهَا تشارك هَذِه الأَرْض فِي كَونهَا مقيلا ومراحا وَالْمَنْفَعَة الَّتِي لَا قيمَة لَهَا فِي الْعَادة بِمَنْزِلَة الْأَعْيَان الَّتِي لَا قيمَة لَهَا لَا يصلح أَن يرد عَلَيْهَا عقد