الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّحْقِيق أَن الفسوق أَعم من السباب والجدال الْمَكْرُوه الْمحرم هُوَ المُرَاد وَالْخُصُومَة من الْجِدَال لقَوْله صلى الله عليه وسلم من ترك المراء وَهُوَ محق نَبِي الله فِي أَعلَى الْجنَّة وَمن تَركه وَهُوَ مُبْطل نَبِي الله لَهُ بَيْتا فِي ربض الْجنَّة
وَقَالُوا فِي القَوْل الآخر حكم هَذِه الْقِرَاءَة حكم الأولى فِي أَن المُرَاد نهى الْمحرم عَن الرَّفَث والفسوق وَهِي الْمعاصِي كلهَا
وَبَين الله سُبْحَانَهُ بعد ذَلِك أَن الْحَج قد اتَّضَح أمره فَلَا جِدَال بِالْبَاطِلِ أَي لَا تجادلوا فِيهِ بِغَيْر حق فقد ظهر وَبَان
وَهَذَا القَوْل أصح لموافقته الحَدِيث الْمُتَقَدّم فَإِن فِيهِ من حج فَلم يرْفث وَلم يفسق فَقَط
وَبِكُل حَال فالحاج مَأْمُور بِالْبرِّ وَالتَّقوى
وَالْبر إطْعَام الطَّعَام وإفشاء السَّلَام كَذَا روى فِي الحَدِيث وَهُوَ يتَضَمَّن الْإِحْسَان إِلَى النَّاس بِالنَّفسِ وَالْمَال
وَإِذا حصل من الْحَاج المشاجرة وَالْخُصُومَة والسب فكفارته الاسْتِغْفَار وَفعل الْحَسَنَات المساحية إِلَى من جهل عَلَيْهِ وَغَيره فَيحسن إِلَيْهِ ويستغفر لَهُ وَيَدْعُو لَهُ ويداريه ويلاينه
وَإِن اغتاب غَائِبا وَهُوَ لم يعلم دَعَا لَهُ وَلَا يحْتَاج إِلَى إِعْلَامه فِي أصح قولي الْعلمَاء
فصل
مَا روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه تمتّع فَإِنَّهُ فسر التَّمَتُّع بِأَنَّهُ قرن بَين الْعمرَة وَالْحج وَهُوَ تمتّع يجب فِيهِ هدى التَّمَتُّع
وَمن روى أَنه إفرد الْحَج فَإِنَّهُ فسره بِأَنَّهُ لم يفعل غير أَعمال الْحَج وَلم يحل من إِحْرَامه كَمَا يحل الْمُتَمَتّع
وَهنا مَسْأَلَة
وَهِي أَن الْقَارِن هَل يطوف طوافين وَيسْعَى سعيين أم يَكْفِيهِ طواف وَاحِد وسعى وَاحِد
فمذهب أبي حنيفَة أَنه يطوف وَيسْعَى للْعُمْرَة أَولا ثمَّ يطوف وَيسْعَى لِلْحَجِّ ثَانِيًا وَإِذا فعل مَحْظُورًا فَعَلَيهِ فديتان وَقد روى عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود رضي الله عنهما
وَأما الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة فعندهم وَيسْعَى مرّة وَاحِدَة وَعمل الْعمرَة دخل فِي الْحَج كَمَا يدْخل الْوضُوء فِي الْغسْل لِأَن الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة تبين أَنه صلى الله عليه وسلم لم يطف وَلم يسع إِلَّا طَوافا وَاحِدًا وسعيا وَاحِدًا وَذَلِكَ كُله قبل التَّعْرِيف فَأَما بعد التَّعْرِيف فَإِنَّهُ يطوف طواف الْحَج وَهُوَ طواف الزِّيَارَة وَهُوَ طواف الْإِفَاضَة وَهُوَ ركن الْحَج الَّذِي بِهِ تَمَامه وَلَيْسَ عَلَيْهِ بعده سعي إِلَّا أَن يكون لم يسع مَعَ طواف الْقدوم
فَأَما الْمُتَمَتّع فَلَا بُد أَن يسْعَى قبل ذَلِك
وَهل عَلَيْهِ سعي ثَان فِيهِ رِوَايَتَانِ هما قَولَانِ للْعُلَمَاء
وَذَلِكَ لما روى أَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم تمَتَّعُوا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وَلم يسعوا بَين الصَّفَا والمروة إِلَّا مرّة وَاحِدَة مَعَ طواف الْقدوم
وَهَذَا بَيَان أَن عمْرَة الْمُتَمَتّع بعض حجه كَمَا أَن وضوء المغتسل بعض غسله فَيَقَع السَّعْي عَن جملَة النّسك كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم دخلت الْعمرَة فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالله أعلم
وَمن حج بِمَال حرَام لم يتَقَبَّل الله مِنْهُ حجَّة
وَهل عَلَيْهِ الْإِعَادَة على قَوْلَيْنِ للْعُلَمَاء