الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالثَّوَاب الَّذِي هُوَ للشهرة هُوَ الثَّوَاب الَّذِي يقْصد بِهِ الِارْتفَاع عِنْد النَّاس وَإِظْهَار الترفع أَو التَّوَاضُع والزهد كَمَا جَاءَ أَن السّلف كَانُوا يكْرهُونَ الشهرتين من اللبَاس الْمُرْتَفع والمنخفض وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيث من لبس ثوب شهرة ألبسهُ الله ثوب مذلة فَإِنَّهُ عُوقِبَ بنقيض قَصده وَجَاء فِي الحَدِيث إِن لكل عَامل شَره وَلكُل شرة فَتْرَة فَإِن صَاحبهَا سدد وقارب فارجوه وَإِن أُشير إِلَيْهِ بالأصابع فَلَا تعدوه وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ رحمه الله إِذا دخلت السُّوق وَأَشَارَ النَّاس إِلَيْك بالأصابع فَقيل إِنَّه لم يرد هَذَا وَإِنَّمَا أَرَادَ المبتدع فِي النَّاس والفاجر فِي دينه أَي أَشَارَ إِلَيْهِ بِخُرُوجِهِ عَن الطَّرِيق الشَّرْعِيَّة
وَمن قَالَ إِن أحدا من أَوْلِيَاء الله يَقُول للشَّيْء كن فَيكون فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل فَإِنَّهُ لَا يقدر أحد على ذَلِك إِلَّا الله سبحانه وتعالى وَلَيْسَ كل مَا يُريدهُ أَن آدم يحصل لَهُ وَلَو كَانَ من كَانَ لَكِن فِي الْآخِرَة يحصل لَهُ كل مَا يُرِيد فَإِذا اشْتهى حصل لَهُ ذَلِك بقدرة الله تَعَالَى
فصل
أَعمال الْقُلُوب الَّتِي تسمى المقامات وَالْأَحْوَال وَهِي من أصُول الْإِيمَان وقواعد الدّين مثل محبَّة الله وَرَسُوله والتوكل على الله وإخلاص الدّين لَهُ وَالشُّكْر لَهُ وَالصَّبْر على حكمه وَالْخَوْف مِنْهُ والرجاء لَهُ وَمَا يتبع ذَلِك كل ذَلِك وَاجِب على جَمِيع الْخلق المأمورين بِأَصْل الدّين بِاتِّفَاق أَئِمَّة الدّين
وَالنَّاس فِيهَا على ثَلَاث دَرَجَات كَمَا هم فِي أَعمال الأبدال على ثَلَاث دَرَجَات أَيْضا ظَالِم لنَفسِهِ ومقتقصد وسابق بالخيرات
فالظالم العَاصِي بترك مأمورات وبفعل مَحْظُورَات والمقتصد الْمُؤَدِّي للواجبات والتارك للمحرمات وَالسَّابِق بالخيرات المتقرب بِمَا يقدر عَلَيْهِ من اواجب ومستحب والتارك للْمحرمِ وَالْمَكْرُوه وَإِن كَانَ كل من المقتصد وَالسَّابِق
قد يكون لَهُ ذنُوب تمحى عَنهُ إِمَّا التَّوْبَة وَالله يجب التوابين وَإِمَّا بحسنات ماحية وَإِمَّا بمصائب مكفرة وَإِمَّا بِغَيْر ذَلِك وكل من السَّابِقين والمقتصدين أَوْلِيَاء الله فَإِن أَوْلِيَاء الله تَعَالَى هم الَّذين قَالَ فيهم تَعَالَى {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} فحد أَوْلِيَاء الله هم الْمُؤْمِنُونَ المتقون وَأما الظَّالِم لنَفسِهِ فَهُوَ من أهل الْإِيمَان فمعه ولَايَة بِقدر إيمَانه وتقواه كَمَا مَعَه ولَايَة الشَّيْطَان بِقدر فجوره إِذْ الشَّخْص الْوَاحِد يجْتَمع فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات حَتَّى يُمكن أَن يُثَاب ويعاقب وَهَذَا قَول جَمِيع الصَّحَابَة وأئمة الْإِسْلَام وَأهل السّنة بِخِلَاف الْخَوَارِج والمعتزلة الْقَائِلين بِأَنَّهُ لَا يخرج من النَّار من دَخلهَا ن أهل الْقبْلَة وَأَنه لَا شَفَاعَة للرسول وَلَا لغيره فِي أهل الْكَبَائِر لَا قبل دُخُول النَّار وَلَا بعْدهَا فعندهم لَا يجْتَمع فِي شخص حَسَنَات وسيئات
وَدَلَائِل هَذَا الأَصْل مبسوطة فِي مَوضِع آخر
وأصل الدّين هُوَ الْأُمُور الظَّاهِرَة والباطنة من الْعُلُوم والأعمال فَإِن الْأَعْمَال الظَّاهِرَة لَا تَنْفَع بِدُونِ العقائد الصَّحِيحَة كَمَا فِي الحَدِيث إِن فِي الْجَسَد مُضْغَة إِذا صلحت صلح الْجَسَد كُله وَإِذا فَسدتْ فسد الْجَسَد كُله أَلا وَهِي وَالْقلب وَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ الْقلب ملك والأعضاء جُنُوده فَإِذا طَابَ الْملك طابت جُنُوده إِذا خبث خبثت جُنُوده
وَأما الْحزن فَلم يَأْمر الله بِهِ بل نهى عَنهُ فِي مَوَاضِع مثل قَوْله تَعَالَى {وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا} وَقَوله {لَا تحزن إِن الله مَعنا} وَقَوله {لكيلا تحزنوا} وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يجلب مَنْفَعَة وَلَا يدْفع مضرَّة فَلَا فَائِدَة فِيهِ ومالا فَائِدَة فِيهِ لَا يَأْمر الله بِهِ نعم وَلَا يَأْثَم صَاحبه إِذا لم يقْتَرن بحزنه محرم كَمَا يحزن على المصائب كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم إِن الله لَا يُؤْخَذ على دمع الْعين وَلَا على حزن الْقلب وَقد يقْتَرن بِالْقَلْبِ مَعَ الْحزن مَا يُثَاب صَاحبه عَلَيْهِ ويحمد عَلَيْهِ يكون مَحْمُودًا من تِلْكَ الْجِهَة لَا من جِهَة الْحزن كالمخزون
على مُصِيبَة فِي دينه وعَلى مصائب الْمُسلمين عُمُوما فَهَذَا يُثَاب على قدر مَا فِي قلبه من حب الْخَيْر وبغض الشَّرّ وتوابع ذَلِك وَلَكِن الْحزن إِذا أفْضى إِلَى ترك مَأْمُور من الصَّبْر وَالْجهَاد وجلب مَنْفَعَة وَدفع مضرَّة نهي عَنهُ وَإِلَّا كَانَ حَسبه رفع الْإِثْم عَنهُ من جِهَة الْحزن
وَأما إِذا أقضى إِلَى ضعف الْقلب ووهنه واشتغاله على فعل مَا أَمر الله بِهِ وَرَسُوله فانه يكون مذموما من تِلْكَ الْجِهَة وَإِن كَانَ مَحْمُودًا من جِهَة أُخْرَى
وَأما الْمحبَّة لله والتوكل عَلَيْهِ وَالْإِخْلَاص لَهُ فَهَذِهِ كلهَا خير مَحْض وَهِي حَسَنَة محبوبة فِي حق كل من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَلَا يخرج عَنْهَا مُؤمن قطّ وَهَذِه المقامات للخاصة خاصتها وللعامة عامتها
وَالْعِبَادَة هِيَ الْغَايَة الَّتِي خلق الله لَهَا الْعباد من جِهَة أَمر الله ومحبته وَرضَاهُ وَهُوَ اسْم يجمع كَمَال الْحبّ لَهُ ونهايته وَكَمَال الذل ونهايته وَالْحب الْخَالِي عَن الذل والذل الْخَالِي عَن الْحبّ لَا يكون عبَادَة وَإِنَّمَا الْعِبَادَة مَا جمع كَمَال الْأَمريْنِ وَلِهَذَا كَانَت الْعِبَادَة لَا تصلح إِلَّا لله وَهِي وَإِن كَانَت للْعَبد مَنْفَعَتهَا فان الله غَنِي عَن الْعَالمين فَهِيَ لَهُ من جِهَة أُخْرَى من جِهَة محبته لَهَا وَرضَاهُ بهَا وَلِهَذَا كَانَ الله أَشد فَرحا بتوبة عَبده من الفاقد لراحلته عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه فِي أَرض دوية مهلكة وَقد نَام آيسا مِنْهَا ثمَّ اسْتَيْقَظَ فَوَجَدَهَا فَإِنَّهُ أَشد فَرحا بتوبة عَبده من هَذَا براحلته وَهَذَا يتَعَلَّق بِهِ أمورا جليلة شرحناها فِي غير هَذَا الْموضع
وروى الطَّبَرَانِيّ فِي كتاب الدُّعَاء أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ يَقُول الله تَعَالَى يَا ابْن آدم إِنَّمَا هِيَ أَربع وَاحِدَة لي وَوَاحِدَة لَك وَوَاحِدَة بيني وَبَيْنك وَوَاحِدَة فعملك أجزيك بِهِ وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك وَبَين خلقي أما الَّتِي لي فتعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا وَأما الَّتِي هِيَ لَك فعملك أجزيك بِهِ وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك فمنك الدُّعَاء وَعلي الْإِجَابَة وَأما التبي بَيْنك وَبَين خلقي فَأَنت إِلَى النَّاس مَا تحب أَن يأتوه إِلَيْك
وَطلب الْعلم الْوَاجِب لكَونه معينا على كل أحد إِمَّا لكَونه مُحْتَاجا إِلَى جَوَاب مسَائِل فيأصوال دينه أَو فروعه وَلَا يجد فِي بَلَده من يجِيبه وَإِمَّا لكَونه فرضا