الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُرِيد بِهِ سَائِر الِاحْتِمَالَات المرجوحة فَإِذا قَالَ إِن خرجت إِلَّا بإذني وَنوى خُرُوجًا وَاحِدًا نَفعه ذَلِك وحملت يَمِينه عَلَيْهِ وَلَو كَانَ السَّبَب يَقْتَضِي ذَلِك مثل أَن تطلب مِنْهُ الْخُرُوج إِلَى لِقَاء الْحجَّاج فَيَقُول إِن خرجت بِغَيْر اذني فَأَنت طَالِق فَهُوَ كَمَا لَو حلف لَا يتغذى إِذا دعى إِلَى غداء فَفِيهِ قَولَانِ هما وَجْهَان فِي مَذْهَب أَحْمد الصَّوَاب أَنه يقْتَصر على ذَلِك الْغَدَاء لِأَنَّهُ الْمَفْهُوم من كَلَام النَّاس عرفا وَالْفرق بَينه وَبَين أَلْفَاظ الشَّارِع أَن الْعبْرَة فِي كَلَام الشَّارِع بِعُمُوم لَفظه لَا بِخُصُوص سَببه ذَلِك أَن هُنَاكَ تعَارض قصد التَّخْصِيص وَقصد التأسيس بالحكم فيرجح التأسيس لِأَن كَلَام الشَّارِع مَنْصُوب لَهُ وَهُوَ مُوجب اللَّفْظ وَهنا لم يعرف أَن غَرَض الْحَالِف تأسيس الْمَنْع من الْفِعْل فَسلمت دلَالَة التَّخْصِيص عَن معَارض فَظهر أَن قَوْله إِن خرجت بِغَيْر إذني مثل قَوْله إِن خرجت إِلَّا أَن آذن لَك هَذَا خُرُوج مُقَيّد وَهَذَا خُرُوج مُطلق كَقَوْلِه لَا أتغذى أَو لَا أخرج وَمَعَ ذَلِك فان تطلق نكرَة وَهَذِه الْأَفْعَال كلهَا للْعُمُوم عِنْد الْإِطْلَاق لِأَنَّهَا نكرَة فِي سِيَاق غير مُوجب فَيحمل عَلَيْهِ إِذا نَوَاه وَكَانَ مَعَ السَّبَب للخصوص على أصح الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا ظَاهر فِي قُلُوب النَّاس
فصل
وَمن حلفه مخدومه أَنه مَتى رأى أحدا خانه يُعلمهُ فخانه أحد فَإِنَّهُ اطلع عَلَيْهِ استوفى حَقه مِنْهُ أَو عاقبه بِمَا يسْتَحق من غير عدوان وَجب على الَّذِي عرف بالقضية أَن يطلعه وينصحه وَلَو لم يحلفهُ فَكيف إِذا حلفه وبأثم إِذا سكت عَن هَذِه النَّصِيحَة
وَمن سحر فَبلغ بِهِ السحر أَن لَا يعلم مَا يَقُول فَلَا طَلَاق لَهُ
وَمن كَانَت عِنْده وَدِيعَة فتصرفت فِيهَا زَوجته فَطلب صَاحب الْوَدِيعَة
وديعته فَقَالَ لزوجته أعْطِيه الْوَدِيعَة فَقَالَت تصرفت فِيهَا فَحلف أَنه لَا بُد أَن يُعْطِيهِ الْوَدِيعَة وَإِلَّا كَانَت طَالقا وَلَا يروح إِلَّا بوديعته وَكَانَ قد رأى الْوَدِيعَة فِي الْبَيْت فعجزت الزَّوْجَة عَن إحضارها وَرَاح الرجل وَلم يَأْخُذ الْوَدِيعَة فَإِذا كَانَت الْوَدِيعَة مَعْدُومَة فَلَا حنث عَلَيْهِ لِأَن الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مُمْتَنع وَلَا يَحْنَث فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَلِأَنَّهُ اعْتقد وجودهَا فَتبين ضِدّه فَلَا يَحْنَث فِي مثل ذَلِك على الصَّحِيح
وَمن رأى معجنة طين فَقَالَ على الطَّلَاق مَا تَكْفِي فكفت فَلَا يعود إِلَى مثل هَذَا الْيَمين فَإِن فِيهَا خلافًا لَكِن الْأَظْهر أَنه لَا يَحْنَث
وَإِذا حلف على زَوجته لَا تفعل شَيْئا وَلم تعلم أَنه حلف أَو علمت ونسيت ففعلته فَلَا حنث عَلَيْهِ وَله أَن يصدقها إِن كَانَت صَادِقَة عِنْده
وَإِذا حلف لَا يفعل شَيْئا لسَبَب فَزَالَ السَّبَب أَو أكره فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ لم يَحْنَث وَإِن كَانَ السَّبَب بَاقِيا وَأَرَادَ فعل الْمَحْلُوف فخالع زَوجته خلعا صَحِيحا ثمَّ فعله بعد أَن بَانَتْ بِالْخلْعِ لم يَحْنَث وَإِن كَانَ الْخلْع لأجل الْيَمين فَفِيهِ نزاع مَشْهُور وَالصَّحِيح أَن خلع الْيَمين لَا يَصح كالمحلل لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُود بِهِ الْفرْقَة وَهل يَقع بخلع الْيَمين طَلْقَة رَجْعِيَّة أم لَا يَقع بِهِ شَيْء فِيهِ نزاع مَشْهُور وَالصَّحِيح أَنه لَا يَقع بِهِ شَيْء بِحَال لَكِن إِذا أفتاه مفت بِهِ وَفعله مُعْتَقدًا أَن النِّكَاح قد زَالَ وَأَنه لَا حنث عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يقْصد مُخَالفَة يَمِينه فَلَا حنث عَلَيْهِ وَأكْثر الْعلمَاء يَقُولُونَ إِن يَمِينه بَاقِيَة مِنْهُم مَالك وَأَبُو حنيفَة وَأحمد فِي الْمَشْهُور وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه وَفِي القَوْل الآخر أَن الْيَمين تنْحَل إِذا حصل بَينه وَبَين زَوجته بينونة وَيجوز للمستفتي أَن يستفتى فيمَ ثل هَذِه الْمسَائِل من يفته بِأَن لَا حنث عَلَيْهِ وَلَا يجب على أحد أَن يُطِيع أحد فِي كل مَا يَأْمر بِهِ وَينْهى عَنهُ إِلَّا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِذا أفتاه من يجوز
استفتاؤه جَازَ أَن يعْمل بفتواه وَلَو كَانَ ذَلِك القَوْل لَا يُوَافق الْمَذْهَب الَّذِي ينتسب هُوَ إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِلَازِم أَن يلزتم قَول إِمَام بِعَيْنِه فِي جَمِيع أيمانه
وَمن حلف بالحرام أَن لَا يخرج فُلَانَة من بَيته فَخرجت فمذهب أَحْمد أَنه لَا طَلَاق عَلَيْهِ وَإِن نوى الطَّلَاق بل تُجزئه كَفَّارَة يَمِين فِي قَول وَكَفَّارَة ظِهَار فِي آخر وَكَفَّارَة الْيَمين أظهر
وَإِذا اتهمَ زَوجته وَقَالَ أَنْت أخذت الْفضة فَحَلَفت أَنَّهَا مَا أَخَذتهَا فَقَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا ثمَّ وجد أَنَّهَا لم تكن أخذت شَيْئا فَذكر أَنه هُوَ أَخذهَا وَإِن كَانَ قد نوى أَنْت طَالِق إِن كنت أخذتيها فَلَا حنث عَلَيْهِ وَإِن اعْتقد أَنَّهَا أَخَذتهَا فَطلقهَا لأجل ذَلِك ثمَّ تبين أَنَّهَا لم تأخذها فَفِيهِ نزاع الْأَظْهر أَنه لَا يَقع
وَكَذَلِكَ لَو نقل عَنْهَا أَنَّهَا فعلت فَاحِشَة فَطلقهَا يَنْوِي أَنَّهَا طَالِق لأجل مَا فعلت فَبَان أَنَّهَا لم تفعل فَلَا حنث وَإِن كَانَ لم ينْو وَلَكِن السَّبَب ذَلِك فَفِيهِ نزاع فَلَا بُد من اعْتِبَار لفظ الْحَالِف وَنِيَّته وَسبب يَمِينه
وَإِذا كَانَ الْحَالِف يعْتَقد أَن الْمُخَاطب لَا يفعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ باعتقاده أَنه لَا يُخَالِفهُ إِذا حلف عَلَيْهِ وَلَا يحنثه لكَون الْحَالِف متزوجا بقريبته وَلَا يخْتَار تطليقها وَنَحْو ذَلِك من الْأَسْبَاب فَحلف عَلَيْهِ وَتبين أَنه كَانَ غالطا فِي اعْتِقَاده فِيهِ وَأَنه يخْتَار أَنه يطلقهَا وَلَا يُبَالِي بِهِ فَفِيهِ نزاع
إِذا اعْتقد فِي معِين صفة فَحلف لأجل تِلْكَ الصّفة ثمَّ تبين بِخِلَافِهِ فالأشبه أَنه لَا يَقع طَلَاق كَمَا لَو لَقِي امْرَأَة ظَنّهَا أَجْنَبِيَّة فَقَالَ أَنْت طَالِق ثمَّ تبين أَنَّهَا زَوجته فَفِيهِ نزاع وَالْأَظْهَر لَا طَلَاق عَلَيْهِ إِذْ الِاعْتِبَار بِمَا قَصده وَهُوَ إِنَّمَا قصد مَوْصُوفا لَيْسَ هُوَ هَذَا الْمعِين
وَإِذا طَلقهَا طَلْقَة بَائِنَة بِلَا عوض فَفِيهِ نزاع قيل يَقع وَاحِدَة بَائِنَة