الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد أنكر طَائِفَة من السّلف بعض حُرُوف من الْقُرْآن لعدم علمهمْ أَنَّهَا مِنْهُ فَلم يكفروا وعَلى هَذَا حمل الْمُحَقِّقُونَ حَدِيث الَّذِي قَالَ لأَهله إِذا أَنا مت فأحرقوني فَإِنَّهُ كَانَ جَاهِلا بقدرة الله عَلَيْهِ إِذا فعل ذَلِك وَلَيْسَ كل من جهل بعض مَا أخبر بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يكفر وَلِهَذَا قَالَ السّلف من قَالَ الْقُرْآن مخلوف فَهُوَ كَافِر وَمن قَالَ إِن الله لَا يرى فِي الْآخِرَة فَهُوَ كَافِر وَلَا يكفرون الْمعِين الَّذِي يَقُول ذَلِك لِأَن ثُبُوت حكم التَّكْفِير ف حَقه مُتَوَقف على تحقق شُرُوط وَانْتِفَاء مَوَانِع فَلَا يحكم بِكفْر شخص بَينه إِلَّا أَن يعلم أَنه مُنَافِق بِأَن قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة النَّبَوِيَّة الَّتِي يكفر من خَالِقهَا وَلم يقبلهَا لَكِن قَول هَؤُلَاءِ الْمُعْتَزلَة وأشباههم هُوَ بِلَا شكّ من الشّرك وَالْكفْر والضلال
فصل
وَمن قَالَ إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا حبوا وَيدخل الْجنَّة بعد الصَّحَابَة وَذكر أَن أَبَا بكر قَالَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْإِسْرَاء والمعراج رَأَيْت رَبِّي بعيني رَأْسِي وَقَالَ لعَائِشَة رضي الله عنها رَأَيْته بعيني قلبِي فَمن قَالَ إِن هَذِه أَحَادِيث صَحِيحَة فَهُوَ كَاذِب مفتر بِاتِّفَاق أهل الْعلم بذلك بل يسْتَحق الْعقُوبَة البليغة فَإِن القَوْل على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِغَيْر علم يُوجب تبوؤ المقعد فِي النَّار وَمن تعمد الْكَذِب عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَفِي كفره وَقَتله قَولَانِ فانه لم ينْقل أحد أَنه قَالَ رَأَيْت رَبِّي بعيني رَأْسِي لَا أَبُو بكر وَلَا غَيره وَلَا نقلت عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك شَيْئا بل اجتهدت فَقَالَت من قَالَ إِن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الْفِرْيَة واستدلت بقوله تَعَالَى {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ رَآهُ بفؤاده مرَّتَيْنِ وَكَذَلِكَ أَبُو ذَر فِي الصَّحِيح نور أَنِّي أرَاهُ
وَمن الْعلمَاء من جمع بَين قَول عَائِشَة وَقَول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم
وَمِنْهُم من جعلهَا مَسْأَلَة نزاع وَلم يثبت بِسَنَد صَحِيح عَن أحد من الصَّحَابَة أَنه قَالَ رَآهُ بعيني رَأسه بل يَقُول رَآهُ بفؤاده أَو يَقُول رَآهُ وَيُطلق وَكَذَلِكَ عَن أَحْمد وَلَكِن طَائِفَة من أَصْحَابه نقلوا عَنهُ إِثْبَات رُؤْيَة الْعين ونصروها كَمَا حكى ذَلِك طَائِفَة عَن ابْن عَبَّاس وَكِلَاهُمَا لم يثبت عَنْهُمَا نقل صَحِيح صَرِيح لَكِن بِأَلْفَاظ مُطلقَة وَقد اتّفق الْمُسلمُونَ على أَن غير النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم ير الله فِي الدُّنْيَا كَمَا اتَّفقُوا على أَنه يرى فِي الْآخِرَة بالأبصار وَإِن كَانَ من أهل الْبدع من يُنَازع فِي هَاتين الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِن السّلف متفقون على ذَلِك
والْحَدِيث الْمَذْكُور عَن عبد الرَّحْمَن رضي الله عنه بَاطِل رَوَاهُ أَبُو نعيم من طَرِيق رجل اتّفق أهل الْعلم رد أخباره بل هُوَ مُخَالف للنصوص وَإِجْمَاع السّلف وَالْأَئِمَّة فَإِنَّهُ من أهل الشورى الَّذين هم أفضل الْأمة بعد أبي بكر وَعمر وَأهل الشورى هم عُثْمَان وَعلي وَعبد الرَّحْمَن وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَسعد رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ فَهَؤُلَاءِ السِّتَّة جعل عمر رضي الله عنه الْخلَافَة فيهم وَأخْبر أَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم توفى وَهُوَ عَنْهُم رَاض ثمَّ إِن ثَلَاثَة قدمُوا ثَلَاثَة قدمُوا عُثْمَان وعليا وَعبد الرَّحْمَن ثمَّ إِنَّهُم جعلُوا عبد الرَّحْمَن يخْتَار للْأمة وَرَضوا بذلك فَمن هُوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة كَيفَ يتَأَخَّر دُخُوله الْجنَّة أَو يدْخل حبوا وَلَو دَخلهَا لغناه حبوا لدخلها سَائِر الصَّحَابَة الْأَغْنِيَاء حبوا كعثمان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد بن معَاذ وَسعد بن عبَادَة وَأسيد بن حضير بل فِي الْأَنْبِيَاء من هُوَ غنى كإبراهيم وَدَاوُد وَسليمَان ويوسف صلوَات الله وسلامة عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ