الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّاس وَإِلَّا فَلَمَّا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتْرك حكم الله وَلَا يبلغهُ لقَوْل عمر
وَقَول ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} المُرَاد بِهِ فِي حق من شكّ فِي خلَافَة أبي بكر وَصدق ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما فَإِنَّهَا رُؤْيا حق من شَاءَ الله فتْنَة
وَأما من أَرَادَ الله هداه فَذَلِك خير لمزيد اجْتِهَاده وموافقته الْحق
وَالله يبتلى بِمَا يَشَاء وَيهْدِي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم
فصل
مَا يذكر عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه أَنه لما مَاتَ ركب فَوق نَاقَة أَو دَابَّة وسيبت وَدفن حَيْثُ يتبرك بِهِ وَأَنه أوصى بذلك وَفعل بِهِ فَهَذَا كذب مختلق بِاتِّفَاق أهل الْعلم لم يوص على شَيْء من ذَلِك وَلَا فعل بِهِ شَيْء من ذَلِك وَلَا يحل أَن يفعل هَذَا بِأحد من موتى عوام الْمُسلمين فضلا عَن عَليّ وَلَا يحل لأحد أَن يُوصي بذلك وَهَذَا مثله بِالْمَيتِ
وَقد تنَازع الْعلمَاء فِي مَوضِع قَبره وَالْمَعْرُوف أَنه دفن بقصر الْإِمَارَة بِالْكُوفَةِ وعمى قَبره لِئَلَّا تنبشه الْخَوَارِج الدّين كَانُوا يكفرونه ويستحلون قَتله فَإِن الَّذِي قَتله هُوَ عبد الرَّحْمَن بن ملجم الرادى أَحْمد الْخَوَارِج وَكَانَ قد تعاهد هُوَ وآخران على قتل على وَمُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهم فَإِنَّهُم كَانُوا يكفرون هَؤُلَاءِ كلهم وكل من لم يوافقهم على أهوائهم وَقد تَوَاتَرَتْ النُّصُوص على قَتلهمْ رَوَاهَا مُسلم وَالْبُخَارِيّ من عشرَة أوجه وَاتفقَ الصَّحَابَة على قِتَالهمْ لَكِن الَّذِي بَاشر قَتلهمْ وَأمر بِهِ على رضي الله عنه كَمَا ثَبت ذَلِك فِي
الصَّحِيحَيْنِ وَكَانُوا اجْتَمعُوا فِي حروراء فَلذَلِك قيل لَهُم الْخَوَارِج والحرورية
وَمُعَاوِيَة أَرَادَ الآخر فجرحه فَاتخذ الْمَقْصُورَة
وَأما الَّذِي أَرَادَ قتل عَمْرو بن الْعَاصِ فَذهب إِلَى عَمْرو وانتظره فِي صَلَاة فَكَانَ عَمْرو قد اسْتخْلف ذَلِك الْيَوْم خَارِجَة فَظن الْخَارِجِي أَنه عَمْرو فَقتله فَلَمَّا تبين لَهُ قَالَ أردْت عمرا وَأَرَادَ الله خَارجه وَصَارَت مثلا
فَكَتَمُوهُ قبر على رضي الله عنه لذَلِك
وقبر مُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنه كَذَلِك بقصر الامارة خوفًا عَلَيْهِم من الْخَوَارِج ودفنوا مُعَاوِيَة دَاخل الْحَائِط القبلى من جَامع دمشق فِي قصر الْإِمَارَة الَّذِي كَانَ يُقَال لَهُ الخضراء وَهُوَ الَّذِي تسميه الْعَامَّة قبر هود وَهود عليه السلام لم يَجِيء إِلَى دمشق بل قَبره بِبِلَاد الْيمن وَقبل بِمَكَّة
وَأما المشهد الَّذِي بالنجف فَأهل الْمعرفَة مثقفون على أَنه لَيْسَ قبر عَليّ بل قيل إِنَّه قبر الْمُغيرَة بن شُعْبَة
وَإِنَّمَا قيل إِنَّه قبر عَليّ بعد وَفَاته بِأَكْثَرَ من ثَلَاثمِائَة سنة
وَأما أهل الْبَيْت وإركابهم على الْإِبِل حِين سيبوا بعد وقْعَة كربلا وَأَن الله خلق لَهَا سنامان هِيَ البخاتي فَهَذَا أَيْضا من أقبح الْكَذِب وأبينه وَهُوَ مِمَّا افتراه الزَّنَادِقَة المُنَافِقُونَ الَّذِي مقصودهم الطعْن فِي الْإِسْلَام
وَهَذَا مثل كذبهمْ فِي أَن عليا رضي الله عنه نصب يَده حَتَّى مر عَلَيْهَا الْجَيْش بِخَيْبَر فواطئته البغلة فَقَالَ لَهَا قطع الله نسلك
فَإِن كل عَاقل يعلم أَن البغلة لم يكن لَهَا نسل مُنْذُ خلقهَا الله مَعَ أَنهم لم يكن مَعَهم بِخَيْبَر بِغَلَبَة
وَأما الْحُسَيْن رضي الله عنه وَلعن من قَتله وَمن رضى بقتْله فالشمر حض على قَتله وسعى فِيهِ إِلَى نَائِب السلطنة على الْعرَاق عبيد الله بن زِيَاد فَأمر نَائِبه عمر بن سعد بن أبي وَقاص بقتاله فقاتلوه وقتلوه ظلما ثمَّ حملُوا ثقله وَأَهله إِلَى يزِيد بن مُعَاوِيَة بِدِمَشْق وَلم يكن أَمر بقتْله وَلَا ظهر مِنْهُ سرُور بذلك بل قَالَ كلَاما فِيهِ ذمّ لمن قَتله
قيل إِنَّه قَالَ لقد كنت أرْضى من طَاعَة أهل الْعرَاق بِدُونِ ذَلِك وَقَالَ لعن الله ابْن رَيْحَانَة عني عبد الله بن زِيَاد أما وَالله لَو كَانَ بَينه وَبَين الْحُسَيْن رحم لما قَتله
يعرض بالطعن فِي نسبه لِأَنَّهُ كَانَ ينْسب إِلَى أبي سُفْيَان بن حَرْب بن أُميَّة وَبَنُو أُميَّة وَبَنُو هَاشم هما بَنو عبد منَاف
وروى أَنه لما قدم عَلَيْهِ بِأَهْل الْحُسَيْن ظهر من دَاره الْبكاء والصراخ لَكِن مَعَ ذَلِك لم يقم حق الله من قَتله وَلَا اقْتصّ لَهُ بل قَتله أعوانه لإدامة ملكه
وَقد نقل عَنهُ أَنه كَانَ يتَمَثَّل بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ
…
لما بَدَت تِلْكَ الحمول
…
تِلْكَ الرؤس على ربى جيرون
…
نعق الْغُرَاب فَقلت نح أَو لَا تَنَح فقد قصيت على النَّبِي ديوني
…
وَهَذَا الشّعْر كفر وَمن النَّاس من يكفره وهم الرافضة حَتَّى يكفرون أَبَاهُ وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان رضي الله عنهم
وَمِنْهُم من يَجعله من أَئِمَّة الْهدى وَالْعدْل حَتَّى جعله بَعضهم نَبيا وَبَعْضهمْ صحابيا وَهَذَا كُله من أبين الْجَهْل والضلال
بل الْحق فِيهِ أَنه كَانَ ملكا من مُلُوك الْمُسلمين لَهُ حَسَنَات وَله سيئات
وَالْقَوْل فِيهِ كالقول فِي أَمْثَاله من الْمُلُوك لَا نحبه وَلَا نسبه
وَهُوَ أول من غزا قسطنطينية وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أول جَيش يغزوها يغْفر لَهُم
وَفعل من أهل الْمَدِينَة مَا فعل وَقد توعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من قتل فِيهَا قَتِيلا ولعنه
وَأما رَأس الْحُسَيْن رضي الله عنه فَإِن الْحُسَيْن قتل بكربلاء قَرِيبا من الْفُرَات وَدفن جسده حَيْثُ قتل وَحمل رَأسه إِلَى قُدَّام عبيد الله بن زِيَاد بِالْكُوفَةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ
وَأما حَملَة إِلَى الشَّام فَلم يثبت وَإِن كَانَ قد رُوِيَ
وَأما حمله إِلَى مصر فَالْعُلَمَاء متفقون على أَنه كذب
والمشهد الَّذِي بِمصْر بِالْقَاهِرَةِ بَاطِل لَيْسَ فِيهِ رَأس الْحُسَيْن وَلَا شَيْء مِنْهُ وَإِنَّمَا أحدث فِي دولة بني عبيد القداح فِي أثْنَاء الْمِائَة الْخَامِسَة نقل هَذَا المشهد الصَّالح بن رزيك من عسقلان وعقيب ذَلِك انقرضت دولة العبيدين الَّذين ابتدعوه على يَد صَلَاح الدّين الأيوبي
وَالَّذِي رَجحه أهل الْعلم أَن رَأس الْحُسَيْن حمل إِلَى الْمَدِينَة المنورة وَدفن بهَا وَهَذَا مقارب
وَمَا ذكر أَنه بعسقلان فَأبْطل الْبَاطِل لَا نقبله بل قد أحدث بعد السّبْعين والأربعمائة فَهُوَ يحدث بعد قتل الْحُسَيْن بِأَكْثَرَ من أَرْبَعمِائَة وَثَلَاثِينَ سنة ثمَّ زَعَمُوا أَنه نقل بعد ذَلِك إِلَى الْقَاهِرَة
وَكَذَلِكَ أحدث قبر نوح بِالْبَقَاءِ فِي أثْنَاء الْمِائَة السَّابِعَة
وَكَذَلِكَ مشْهد أبي بن كَعْب بِدِمَشْق كذب بالِاتِّفَاقِ
وَلم يثبت سوى قبر نَبينَا وَفِي الْخَلِيل نظر صلى الله عَلَيْهَا وَسلم