الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَول الْوَقْف على زيد ثمَّ على أَوْلَاده ثمَّ أَوْلَاد أَوْلَاده فَفِيهِ للفقهاء من أَصْحَاب أَحْمد وَغَيرهم عَن الْإِطْلَاق قَولَانِ
أَحدهمَا أَنه لترتيب الْجمع على الْجمع كالمشهور فِي قَوْله على زيد وَعمر ثمَّ على الْمَسَاكِين
وَالثَّانِي أَنه لترتيب الْأَفْرَاد على الْأَفْرَاد كَمَا قَوْله تَعَالَى {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم} أَي لَك وَاحِد نصف مَا تركت زَوجته وَكَذَا {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} إِذْ مُقَابلَة الْجمع بِالْجمعِ تَقْتَضِي توزيع الْأَفْرَاد نَحْو لَيْسَ النَّاس ثِيَابهمْ وَركب النَّاس دوابهم
وَيجب على نَاظر الْوَقْف أَن يجْتَهد فِي صرفه فَيقدم الأحق فالأحق وَإِذا اقْتَضَت الْمصلحَة الشَّرْعِيَّة صرفه إِلَى ثَلَاثَة مثل أَن لَا يكفيهم أقل من ذَلِك وَغَيرهم من الْفُقَرَاء يَكْفِي من غير هَذَا الْوَقْف أَو يساويهم فِيمَا يحصل من ريعه وهم أَحَق مِنْهُ عِنْد التزاحم وَنَحْو ذَلِك جَازَ ذَلِك وأقارب الْوَاقِف الْفُقَرَاء أولى من الْأَجَانِب مَعَ التَّسَاوِي فِي الْحَاجة وَيجوز أَن يصرف إِلَيْهِ كِفَايَته إِلَى أَن يُوجد أَحَق مِنْهُ وَإِن قدر وجود فَقير مُضْطَر كَانَ دفع ضَرُورَته وَاجِبا
وَإِن قدر تنقيص غَيره من غير ضَرُورَة تحصل لَهُ تعين ذَلِك وَالله أعلم
فصل
الشَّرْط فِي الْوَقْف كَعَدم الْجمع بَين الوظيفتين وَغَيرهمَا من مدرسة أُخْرَى إِنَّمَا يلْزم الْوَفَاء بِهِ إِذا لم يفض ذَلِك إِلَى الْإِخْلَاص بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيّ الَّذِي هُوَ وَاجِب أَو مُسْتَحبّ
فَأَما الْمُخَالفَة على بعض الشُّرُوط مَعَ فَوَات الْمَقْصُود الشَّرْعِيّ بِالشّرطِ فَلَا يجوز
فاشتراط عدم الْجمع بَاطِل مَعَ ذهَاب بعض أصل الْوَقْف وَعدم حُصُول الْكِفَايَة للمرتب بهَا لَا يجب الْتِزَامه وَلَا يجوز الْإِلْزَام بِهِ لوَجْهَيْنِ
أَحدهمَا أَن ذَلِك إِنَّمَا شَرط عَلَيْهِم مَعَ وجود ريع الْوَقْف سَوَاء كَانَ كَامِلا أَو نَاقِصا فَإِذا ذهب بعض أصل الْوَقْف لم تكن الشُّرُوط مَشْرُوطَة فِي هَذِه الْحَال وَفرق بَين نقص ربع الْوَقْف مَعَ وجود أَصله وَبَين ذهَاب بعض أَصله
الْوَجْه الثَّانِي أَن حُصُول الْكِفَايَة للمرتب بهَا أَمر لَا بُد مِنْهُ حَتَّى لَو قدر أَن الْوَاقِف صرح بِخِلَاف ذَلِك لَكَانَ شرطا بَاطِلا مثل أَن يَقُول إِن الْمُرَتّب بهَا لَا يرتزق من غَيرهَا وَلَو لم يحصل لَهُ كِفَايَة فَلَو صرح بِهَذَا لم يَصح لِأَنَّهُ مُخَالف لكتاب الله فَإِن حُصُول الْكِفَايَة لَا بُد مِنْهَا وتحصيلها للْمُسلمِ وَاجِب إِمَّا عَلَيْهِ وَإِمَّا على الْكِفَايَة من الْمُسلمين
وَالْوَقْف سَوَاء شبه بالجعل أَو بِالْأُجْرَةِ أَو بالرزق فَإِنَّمَا على الْعَامِل أَن يعْمل إِذا أوفى لَهُ بِمَا شَرط لَهُ
وَإِذا شَرط للنَّاظِر نَصِيبا مَعْلُوما فَلَيْسَ فِي شَرطه كَونه يقدم على غَيره بل هُوَ مَذْكُور بِالْوَاو الَّتِي مقتضاها التَّشْرِيك وَلَكِن إِذا كَانَ ثمَّ دَلِيل مُنْفَصِل يَقْتَضِي جَوَاز الِاخْتِصَاص والتقدم مثل كَونه حائزا أجره عمله مَعَ فقرة كولي الْيَتِيم عمل بذلك الدَّلِيل الْمُنْفَصِل الشَّرْعِيّ وَالْمَال الْمَشْرُوط للنَّاظِر مُسْتَحقّ على الْعَمَل الْمَشْرُوط عَلَيْهِ فَمن يَوْم عمل عَلَيْهِ يسْتَحقّهُ لَا من حِين تولى
وَلَا يجوز الْوَقْف على الْغناء وَإِن كَانَ الْغناء مُبَاحا وَكَذَا سَائِر الصِّفَات الْمُبَاحَة وَكَذَا لَو شَرط عَلَيْهِم الْتِزَام نوع خَاص من الْمطعم أَو الملبس أَو الْمسكن الَّذِي لَا تستحبه الشَّرِيعَة أَو ترك بعض الْأَعْمَال الَّتِي تسْتَحب الشَّرِيعَة عَملهَا
بَقِي الْكَلَام فِي تَحْقِيق هَذَا المناط فِي أَعْيَان الْمسَائِل فَإِنَّهُ قد يكون مُتَّفقا عَلَيْهِ وَقد يخْتَلف فِيهِ الِاجْتِهَاد
فَينْظر فِي الشَّرْط فَإِن لم يكن فِيهِ مَقْصُود شَرْعِي خَالص أَو رَاجِح كَانَ بَاطِلا
فَإِذا شَرط أَن لَا يرْزق فِي وَظِيفَة أُخْرَى نظر فِي ذَلِك كَمَا تقدم والواقف هُوَ من بَاب الرزق والمعاونة على الدّين بِمَنْزِلَة مَا ترزقه الْمُقَاتلَة وَالْعُلَمَاء من الْفَيْء لَيْسَ كالجعالة وَلَا الْإِجَارَة على عمل دُنْيَوِيّ
وَيجوز لوَلِيّ الْأَمر أَن ينصب ديوانا مُسْتَوْفيا لحساب الْأَمْوَال الْمَوْقُوفَة عِنْد الْمصلحَة كَمَا ينصب لحساب الْأَمْوَال السُّلْطَانِيَّة كالفيء وَغَيره وَله أَن يفْرض لَهُ على عمله مَا يسْتَحقّهُ مثله من كل مَال يعْمل فِيهِ بِقدر ذَلِك المَال وَالْعَمَل لقَوْله تَعَالَى {والعاملين عَلَيْهَا} وَقد اسْتعْمل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ابْن اللتبية وحاسبه
وَنصب الْمُسْتَوْفى فِي الْجَامِع للعمال وَصَرفه إِلَى المتفرقين هُوَ بِحَسب الْحَاجة فقد يكون وَاجِبا إِذا لم تتمّ مصلحَة قبض المَال وَصَرفه إِلَّا بِهِ وَكَذَا نصب الْحَاكِم قد يجب إِذا لم تصل الْحُقُوق إِلَى مستحقيها أَو لم يتم فعل الْوَاجِب وَترك الْمحرم إِلَّا بِهِ وَقد يسْتَغْنى عَنهُ إِذا بَاشر الإِمَام الحكم بِنَفسِهِ وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُبَاشر الحكم وَاسْتِيفَاء الْحساب بِنَفسِهِ فِي الْمَدِينَة وَفِيمَا بعد ولى من يقوم بِالْأَمر وَلما كثرت الرّعية على عهد الْخُلَفَاء استعملوا الْقُضَاة ودونوا الدَّوَاوِين
فَإِذا قَامَ الْمُسْتَوْفى بِمَا عَلَيْهِ بِمَا عَلَيْهِ وَجب لَهُ مَا فرض لَهُ وَإِذا عمل وَلم يُعْط جعله فَلهُ أَن يطْلب عَن الْعَمَل الْخَاص فَإِن مَا وَجب لَهُ بطرِيق الْمُعَامَلَة يجب
وَمن وقف وَقفا مُسْتقِلّا ثمَّ ظهر عَلَيْهِ دين فَأمكن وَفَاء الدّين من غير بيع الْوَقْف لم يجز بيع الْوَقْف وَإِن لم يُمكن وفاؤه إِلَّا بِبيع شَيْء من الْوَقْف وَهُوَ فِي مرض الْمَوْت بيع بِاتِّفَاق الْعلمَاء وَإِن كَانَ الْوَقْف فِي صِحَة فَهَل يُبَاع لوفاء الدّين فِيهِ خلاف فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره وَمنعه قَول قوي
وَأُجْرَة إِثْبَات الْوَقْف وَالسَّعْي فِي مَصَالِحه من تَرِكَة الْمَيِّت لَا من ريعه وَإِذا عين نَاظرا ثمَّ نَاظرا غَيره من غير عزل الأول يرجع فِيهِ إِلَى عرف مثل هَذَا الْوَاقِف وَعَادَة أَمْثَاله فَإِن كَانَ مثل هَذَا كَانَ رُجُوعا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ فِي لَفظه مَا يقتضى انْفِرَاد الثَّانِي وَإِلَّا فقد عرفت الْمَسْأَلَة فِيمَا إِذا أوصى بالمعين لشخص ثمَّ